كأس العالم 2018

السعودية وروسيا.. حين تطلب من منافسك أن يقسو عليك

بينما نحتفل بانطلاق النسخة الـ21 من منافسات كأس العالم، كانت هناك لحظات شديدة القسوة على الجماهير العربية حين سقط المنتخب السعودي بخماسية نظيفة
4M8A9921 (1)

مشجعي المنتخب السعودي في المدرجات - التقطت الصورة بواسطة أيمن عارف

بعدما غاب الأخضر السعودي عن النسختين الماضيتين من كأس العالم، كانت هناك آمال أن ينافس بقوة على حجز إحدى البطاقات المؤهلة لدور الـ 16 وبخاصة أن القرعة أوقعته في مجموعة متوازنة تضم منتخبي مصر وأوروجواي إلى جوار روسيا.

بدأ الأخضر المباراة برغبة واضحة في الاستحواذ على الكرة وتناقلها بين أقدام لاعبيه. يملك المنتخب أكثر من لاعب قادر على الاحتفاظ بالكرة والمراوغة في منتصف الملعب مثل سلمان الفرج ويحيى الشهري، لكن هل كانت هذه الطريقة هي الأنسب أمام المنتخب الروسي؟

إعلان

أصحاب الأرض، لم يكترثوا بالاستحواذ على الكرة. ارتدوا قليًلا إلى الخلف وبدأوا دفاعهم من منتصف الملعب. وبينما يحاول السعوديون تناقل الكرة لبدء الهجمات كان المنتخب الروسي جاهزًا لإفساد أي محاولة في بداياتها، ثم الانقضاض بسرعة كبيرة على الدفاع السعودي.

بعد 12 دقيقة، جاء الهدف الروسي الأول من تمريرة عرضية حولّها يوري جازينسكي داخل الشباك. وفي الدقيقة 43 جاء الهدف الثاني عن طريق شيريشيف بعدما راوغ لاعبين؛ لكنّ الأزمة لم تكن فقط في اهتزاز الشباك الخضراء بثنائية في أول 45 دقيقة بل كانت أكبر من ذلك بكثير.

مع نهاية الشوط الأول كانت الإحصاءات تشير إلى أن استحواذ السعودية على الكرة بلغت نسبته 62% مقابل 38% فقط لروسيا. كما كان عدد تمريرات السعودية يقترب من ضعف عدد تمريرات الخصم. إذًا هناك استحواذ واضح لكن لماذا لا يترجم إلى أهداف، ولماذا استقبل المنتخب هدفين بتلك السهولة؟

الإجابة جاءت بين شوطي المباراة على لسان الفرنسي المخضرم آرسين فينجر المدير الفني السابق لآرسنال. قال أثناء تحليله المباراة إن أزمة الأخضر السعودي تتمثل في تحركات لاعبيه حين يفقدون الكرة. فهم "يتحركون بقدر كبير من السذاجة" على حد وصفه.

ظهيرا المنتخب السعودي على سبيل المثال كانا يتقدمان للأمام كثيرًا دون حذر. ويُخلّفان وراءهما فراغًا كبيرًا يتحرك فيه لاعبو روسيا بأريحية كبيرة.

الشوط الأول، كان بمثابة انتصارًا جديدًا للهجمة المرتدة المنظمة على محاولات الاستحواذ والاحتفاظ بالكرة. وانتصارًا للتنظيم الدفاعي الصلب الذي لجأ إليه المنتخب الروسي من منطقة متقدمة من الملعب، على الهشاشة الدفاعية وعدم القدرة على التمركز بشكل صحيح وبخاصة في الهجمات المرتدة.

إعلان

رغم ذلك كانت الفرصة لا تزال سانحة أمام المنتخب السعودي، بإمكانه إذا حاول اللعب بطريقة مباشرة على المرمى، وإذا ضغط لاعبوه على الخصم أن يزور الشباك.

لكنّ هناك خطرًا كبيرًا يظهر حين يسكن الشباك هدف أو أكثر ويطالب المدرب لاعبيه بالتقدم إلى الأمام لمحاولة تعديل النتيجة. يكمن ذلك الخطر في الفراغات التي تتواجد خلف المدافعين أو بين خطي الدفاع والوسط. وأمام منتخب يعتمد على الهجوم المرتد كالمنتخب الروسي تبدو تلك الفراغات مثالية للركض فيها ولتسجيل المزيد من الأهداف.

ورغك ذلك، تقدم الدفاع السعودي إلى الأمام قليلًا وكأنه يطالب روسيا بأن تجهز عليه وتسجل الهدف الثالث.

في الدقيقة 56 كانت هناك فرصة أولى للمنتخب من عرضية حاول السهلاوي إسكانها الشباك لكّن الكرة مرت إلى جوار المرمى.

دفع المدرب خوان انطونيو بيتزي بالمهاجم المتألق فهد المولد في الدقيقة 64 بدلًا من عبدالله عطيف في محاولة لزيادة الفاعلية الهجومية لكنّ روسيا ردت سريعًا بهدف عن طريق البديل ارتيم دزيوبا الذي استغل خطأ في الرقابة الفردية من دفاع السعودية ليسجل الهدف الثالث القاتل في الدقيقة 71.

عرف اليأس طريقه إلى لاعبي الأخضر. بعد هذا الهدف استسلم اللاعبون ولم يبذلوا محاولات جادة لتسجيل الأهداف وتقليل الفارق، لذا كان العقاب قاسيًا؛ هدفان في الوقت بدل الضائع لتنتهي المباراة بخماسية دون رد. وكأنها مباراة استعراضية وليست افتتاحًا لأقوى وأهم بطولة في كرة القدم.

مرة أخرى، نعود إلى إحصاءات المباراة التي تخبرنا أن الاستحواذ كان من نصيب المنتخب السعودي بنسبة 60% وأن لاعبيه مرروا الكرة 511 مرة مقابل 306 تمريرة فقط للفريق المنتصر؛ لكنها في الوقت نفسه تخبرنا أن الأخضر لم يسدد ولا كرة على المرمى.

إعلان

وهذه ليست المرة الأولى التي تفشل فيها السعودية في التسديد على المرمى خلال مشاركاتها بالمونديال التي بدأت في نسخة عام 1994، حيث سبق أن حدث ذلك ثلاث مرات.

لكنّ هذا ليس الرقم السلبي الوحيد للمنتخب السعودي هناك أرقام أخرى، فعلى سبيل المثال، بات الأخضر أكثر منتخب يتلقى أهدافًا من رأسيات منذ بداية مشاركاته بالمونديال، وسكنت شباكه 14 هدفًا بالرأس.

كمّا أن هزيمة اليوم هي ثاني أكبر هزيمة في تاريخ المباريات الافتتاحية لكأس العالم بعد مباراة إيطاليا وأمريكا في مونديال 1934 التي فاز بها الطليان بنتيجة (7-1).

مصر وأوروجواى

في المجموعة نفسها، هناك ممثل عربي آخر هو المنتخب المصري العائد للمونديال بعد غياب طويل دام 28 عامًا.

وتخوض مصر غدًا مباراتها الأولى أمام منتخب أوروجواى المرشح الأول للعبور من هذه المجموعة إلى دور الـ 16.

وتلقى الفراعنة نبأ سارًا على لسان مديرهم الفني الأرجنتيني هيكتور كوبر الذي قال إن محمد صلاح أبرز لاعبي المنتخب بات جاهزًا للمشاركة غدًا أمام المنتخب الأوروجوياني بنسبة 100%، ورغم ذلك رفض كوبر الجزم بوجود صلاح في التشكيل الأساسي للفراعنة في مباراتهم الأولى.

وكان صلاح تعرض لإصابة في الكتف خلال مشاركاته مع فريق ليفربول في نهائي دوري أبطال أوروبا أمام ريال مدريد، وأشارت كل التقارير الأولية إلى أنه لن يكون قادرًا على المشاركة أمام أوروجواى.

وعقّد الفوز الساحق لروسيا حسابات المجموعة قليًلا. فتلك الخماسية ستجعل كل الفرق عازمة على تسجيل العديد من الأهداف بحثًا عن الصدارة في نهاية المطاف، وهو ما سيشكل ضغطًا كبيرًا على المنتخب المصري في مباراة غدٍ أمام خط هجوم فتّاك يضم لويس سواريز وادينسون كافاني.

المجموعة الثانية

مغامرات العرب في ثاني أيام المونديال لن تنتهي بمواجهة مصر وأوروجواي، فهناك أيضًا المنتخب المغربي الذي سيخوض مواجهة سهلة نظريًا أمام المنتخب الإيراني في المجموعة الثانية.

ويعد أسود الأطلسي من أبرز المرشحين للقب "الحصان الأسود" للمونديال. إذ يتوقع كثيرون أن ينجح المنتخب في تخطي مرحلة المجموعات والعبور نحو الأدوار النهائية رغم قوة المجموعة التي تضم أيضًا منتخبي إسبانيا والبرتغال ويتواجهان في مباراة قوية غدًا أيضًا.

وتعاني إسبانيا من حالة عدم اتزان بعد إقالة مدربها جولين لوبيتيجي قبل انطلاق المونديال بساعات قليلة، بسبب إعلان ريال مدريد التعاقد مع المدرب عقب المونديال.