مصورة فوتوغرافية

pixabay

FYI.

This story is over 5 years old.

رأي

8 أشياء اكتشفتها عندما أصبحت مصورة فوتوغرافية

هل تعالج أسنانك عند طبيب العيون؟ لا؟ عظيم.. الأمر نفسه بالنسبة للتصوير

التصوير الفوتوغرافي حلم أتطلع إليه منذ طفولتي. أتذكر أني استوليت على كاميرا الأسرة ووثقت رحلة مصيفية كاملة لنا في سن العاشرة أو أقل، ولم يمنعني من مواصلة هذه الهواية إلا تكلفتها الكبيرة جدًّا عليَّ آنذاك. بعد عقدين من الزمن قررت ملاحقة حلمي، فعكفت لمدة عامين على دروس وكورسات التصوير، وخضت عشرات التدريبات وورش العمل، حتى أصبح التصوير مهنةً لي، أتقنها وأسيطر على أدواتها. خلال رحلة الاحتراف، اكتشفت أشياء بالغة الكوميدية والمأساوية، ومررت بمواقف مضحكة جدًّا جديرة بأن تُحكى لمن يظنون مهنة المصور أسهل شيء في العالم، ولا تتطلب أكثر من "ضغطة زر." تعالوا أخبركم كيف أصبحت حياتي بعد احتراف التصوير.

إعلان

1- أصور الجميع ولا أحد يصورني
هذه كارثة حقيقية، إذا احترفت التصوير فلن تقبل إلا صورة ممتازة، أو على الأقل تلتزم بالقواعد الأساسية للتكوين، وهنا ستفاجأ بأنك تصور الجميع صورًا رائعة، لكن كل صورك سيئة للغاية وبها جميع أنواع العيوب: مائلة، غير واضحة، مهزوزة. كل مناسباتي الهامة تُدمر بسبب انعدام خبرة الآخرين بالتصوير، أو محاولاتهم لـ"التجويد" التي تنتهي بشكل أكثر مأساوية، وحتى لو ضبطت لهم الكادر وقلت لهم أن يضغطوا الزر فحسب، فدائمًا ما أفاجئ بكارثة: ذراعي مقطوعة أو الخلفية سيئة أو الكادر مائل، وفي أفضل الأحوال: مغمضة العينين أو على وجهي أسخف تعبير ممكن. وتبلغ المأساة ذروتها عندما لا أجد أحدًا ليصورني ضمن المجموعة، فتخلو المناسبات من وجودي لأنني خلف العدسة، كما حدث في زفاف صديقتي المقربة. لهذا السبب أحب الترايبود -حامل الكاميرا- الخاص بي أكثر من الكاميرا نفسها، فهو يوفر عليَّ عناء الشرح، وارتباك الآخرين، واللمسات الغبية التي يظنونها رائعة، ويجعلني أصوِّر نفسي بنفسي ليرتاح دماغي.

2- خبر مهم: أنا لست متاحة دائمًا
مع ممارستي للتصوير، فوجئت بشيءٍ ظريف جدًّا هو افتراض الجميع أنني متفرغة في أي وقت، بعض الأصدقاء يتصلون بي ويطلبون حضوري لمكان ما خلال ساعة، هل أصابتكم مصيبة يا شباب؟ لا، لكن صديقًا لنا عنده مناسبة ونريد مفاجأته بإحضار مصور محترف. عظيم، المجاملة لطيفة ولكن ليس على حسابي. أما الصديقات فحدث بلا حرج، تتصل بي إحداهن وترجوني أن أحضر غدًا لتصوير زفافٍ ما، أو يرشحنني لمئة شخص لا يريد دفع أموال من أجل (مناسبة بسيطة جدًّا لن يرهقك تصويرها). أحب خدمة أصدقائي، ولكن الشعور بأنك شيء يتناقله الجميع ببساطة هكذا، مستفزٌ للغاية.

إعلان

3- المساومة أسلوب حياة
الشيء الأسوأ من أشخاص يطالبونك بالعمل مجانًا لأن ما يريدون إنجازه تافه، هو أشخاص يطالبونك بالعمل بأجرٍ بخسٍ. يتخيل الجميع أن مهنة المصور هي المرح كله، فنحن نتقاضى مبالغ مهولة مقابل "ضغطة زر،" ولكن الحقيقة تختلف. تعلم التصوير أمر مكلف جدًّا، بجانب تكلفة المعدات التي تمتلكها وتلك التي تضطر لاستئجارها لتقوم بمهمتك على أكمل وجه، بالتأكيد لن تقبل أي مساومة في أجرك بعد كل هذا العناء. توجد قاعدة أساسية في عالم المصورين المحترفين: الخدمات الرخيصة معناها مستوى سيئ أو ضعف إمكانيات؛ المصور المتمكن لا يهدر خبرته دون أجرٍ محترم، ويعمل بمعدات احترافية لها تكلفة كبيرة تستحق ثمنًا كبيرًا. من المستحيل أن تجد مصورًا محترفًا يقدم عمله بأجرٍ تافه، مستحيل. ومع هذا فأغلب العملاء يريدون خدمة احترافية مقابل لا شيء، ويتحججون بأن آخرين في السوق يعرضون خدمتهم بثمن أقل. إذن لم لا تتعاملون معهم؟ لأن مستواهم الفني سيئ. يا سلااااام.

4- لا أحد يفهم التخصص
أنا لاندسكيبر (مصورة طبيعة) بالدرجة الأولى، كما أحب البورتريه وتصوير الحياة اليومية للأشخاص، ومع هذا أتلقى طلبات كثيرة لتصوير حفلات الزفاف من معارفي. بالطبع أرفض بشدة، ليس لأن تصوير الزفاف هو أصعب أنواع التصوير فحسب، بل لأن تخصصي بعيد تمامًا عن هذه المنطقة، والمعدات التي أملكها لا تناسبه. لا يتفهم الناس أن لكل نوع من التصوير معداته، تصوير الديكور يقتضي معدات مختلفة تمامًا عن تصوير المنتجات، وتصوير الزفاف له عدسات لا يمكن أن تصور بها الزهور والحشرات، وهكذا. يتصور الآخرون أن أي كاميرا وعدسة كافية لأي مهمة، وإذا حدثتهم عن تخصصك فنظرات الاستخفاف أو الإلحاح الممل (ما تجربي الأول) هي الرد الوحيد. هل تعالج أسنانك عند طبيب العيون؟ لا؟ عظيم.. الأمر نفسه بالنسبة للتصوير.

إعلان
1528103417865-tree

تصوير: اية عبد الرحمن

5- أنا مطاردة طوال الوقت
التصوير الفوتوغرافي متعة عظيمة، لكنها مصحوبة بنقمة لا تطاق هي الإلحاح الممل. أين الصور؟ أين الصور؟ أين الصور؟ هذا هو السؤال الذي سيطاردك به الجميع طوال الوقت، في العمل والبيت والمواصلات وفي الكوابيس أيضًا. ستجد دومًا شخصًا مملًا لا يكف عن سؤالك عن صوره، لا يتفهم أن لديك ارتباطات وانشغالات عديدة، وقائمة من الأعمال يجب أن تنجز ووعود يجب أن توفَّى، ولا يتفهم أيضًا أن إلحاحه سيدفعك لحذف الصور دون أي تأنيب ضمير. بالنسبة له أنت مُسخَّر لإنتاج الصور بجودة جيدة، ثم -لاحقًا- أنت الشخص السيء الذي حرمه لحظاته السعيدة التي ينتظرها بفارغ الصبر. منذ فترة كنت أحضر مناسبة هامة وأخذت معداتي كاملة لألتقط لنفسي بعض الصور، خلال هذا أحاط بي العشرات ليلتقطوا معي صورًا، ثم طلبوا مني أن أصورهم، وكان هذا خطأ عمري، فعلى مدار شهرين تلقيت ألف رسالة يوميًّا تطالبني بالصور، في وقت كنت مطالبة فيه بالعمل عشر ساعات على الأقل، بجانب مسؤوليات عائلية وضغوط شخصية بلا نهاية. في البداية اعتذرت بلباقة لأني مشغولة، بعدها اضطررت لتجاهل الجميع دون توضيح، وحين فاض بي الكيل أخبرتهم أن صورهم فُقدت بلا رجعة، وهكذا استرحت من الشعور الثقيل بأني مديونة، خصوصًا أنني مديونة بشيء لم أعرضه أصلًا ولم أتطوع به.

6- أبناء المهنة أعدائي
كما يتخيل الجمهور أن التصوير أسهل شيء في العالم، يتخيل بعض الهواة الشيء نفسه، ويقررون أن يصبحوا مصورين في يوم وليلة. وهكذا يبتاعون كاميرا في حضيض سلم التطور الفوتوغرافي، ويحضرون كورسًا متوسط الكفاءة، ثم يفتتحون صفحة بعنوان "فلان فوتوغرافي" ويبيعون للعالم تلوثهم البصري.. هؤلاء المصورون هم ألد أعدائي في الحياة. قابلت أحد هؤلاء المصورين في مناسبة تهمني، كان مكلفًا بتغطية الحدث بكاميرا متواضعة جدًّا، وهذه ليست مشكلة لأن الخبرة الجيدة تغلب ضعف الإمكانيات، المشكلة أنه يستخدمها بأسوأ شكل ممكن، فيفتح الفلاش الداخلي في وجهي مباشرة -وهو خطأ فني شنيع- ويلتقط الصور من زوايا عجيبة بلا مبرر. نبهته لبعض أخطائه فنصحني بأن أصمت وأستسلم لعمل "المحترفين." لحسن الحظ كانت معداتي معي، فالتقطت بعض الصور المهمة، ثم ضبطت الكاميرا لتلتقط صورًا عشوائية لي. دسَّ المصور أنفه في شاشتي مؤكدًا أن صوري سيئة وغير واضحة، وظل يلح حتى طلبت منه أن يخرس. لديَّ عداء خاص مع هذه الفئة من المصورين، لا يفهمون التصوير ولا يلتزمون بقواعده ولا يتجنبون أخطاءه، ولا يقبلون نُصحًا ولا نقدًا، ويتبجحون جدًّا بمستواهم الرديء ويتهمونك بأنك تحقد عليهم، ولديهم جرأة مرعبة في بيع خدماتهم للجمهور غير الواعي، وهو أمر ينتهي بكارثة في المناسبات التي لا تعوض، مثل حفلات الزفاف، ومع هذا لا يتوقفون ليتعلموا، ويواصلون مسيرتهم في احتراف التظاهر بالاحتراف.

إعلان
1528104073301-aya3

تصوير: اية عبد الرحمن

7- توقع الكثير من الجلطات الدماغية
التصوير مهنة ضاغطة جدًّا، تعرضك لمواقف كفيلة بقتلك. تخيل معي أنك تغطي حدثًا مهمًا جدًّا، وقد وصل الوزير الذي تنتظره مع عشرات المصورين الآخرين، وفجأة يشدك أحدهم ويقول "تعال صوَّرني" تخيل أيضًا أنك اجتهدت في تغطية مناسبة هامة جدًّا، أو أنجزت جلسة تصوير Photo Session غاية في الجمال، وتريد وضع بعض صورها على صفحتك، لكن العميل يتصل بك ليقول "ماتنزلش صور" ليحرمك من أبسط حقوقك في عرض أعمالك والدعاية لعملك، رغم اتفاقكما على العكس مسبقًا. حاول ألا تصاب بالجلطة، حاول لأن المستقبل أمامك.

8-حقوق الملكية خط أحمر
معلومة: الصورة التي ألتقطها لك إكرامًا للمحبة أو على سبيل المجاملة، تأخذ من حياتي وقتًا في التقاطها ومعالجتها ثم إرسالها إليك، وأبسط حقوقي أن تترك عليها اللوجو الخاص بي، لتحفظ حقوق ملكيتي لها. هذا التصرف يضايقني جدًّا، أن أبذل جهدًا ووقتًا لأسعد شخصًا ما بصورة لطيفة، فأجده قد حذف توقيعي عليها دون مبرر منطقي. فيم يضايقك توقيعي؟ إنه يحتل مساحة صغيرة جدًّا من الصورة، ونصف شفاف، وهو دعاية غير مباشرة لعملي الذي أكسب منه قوت يومي، فما الداعي للسخافة؟

رغم كل هذا الجنون، ورغم آلام الظهر الناجمة عن الانتقال بمعدات ثقيلة جدًّا طوال الوقت، وكراهية الشارع عمومًا والأمن خصوصًا للمصورين، تبقى اللقطة الحلوة مصدر سعادتي، وتستحق أن أتحمل الكثير لأجلها.

1528104128236-aya2

تصوير: اية عبد الرحمن