سياسة

إخضاع لاجئين سوريين للتعذيب والاغتصاب إثر عودتهم إلى وطنهم

"لا توجد في سوريا أي منطقة آمنة لعودة اللاجئين"
ye-jinghan-T5roX1jajzU-unsplash
Photo by Ye Jinghan on Unsplash


"أخضعت قوات الأمن السورية مواطنين سوريين ممن عادوا إلى وطنهم بعد طلبهم اللجوء في الخارج للاعتقال والإخفاء والتعذيب، بما في ذلك أعمال العنف الجنسي،" حسب تقرير جديد لمنظمة العفو الدولية.

ووثقت المنظمة مجموعة من الانتهاكات التي ارتكبها ضباط مخابرات سوريين بحق 66 من العائدين، من بينهم 13 طفلاً، وذلك في تقريرها بعنوان: أنت ذاهب إلى الموت. من بين هذه الانتهاكات، خمس حالات لأشخاص لقوا حتفهم في الحجز إثر عودتهم إلى سوريا، في حين لا يزال مصير 17 ممن تم إخفاؤهم قسراً طي المجهول.

إعلان

وفي الوقت الذي تفرض فيه عدد من الدول – من بينها الدانمرك والسويد وتركيا– ضغوطاً على اللاجئين لحملهم على العودة إلى وطنهم، يشير التقرير إلى أنه لا توجد في سوريا أي منطقة آمنة لعودة اللاجئين. وقال بعض العائدين للمنظمة إن ضباط المخابرات استهدفوهم بسبب قرارهم بالخروج من سوريا، متهمين إياهم بعدم الولاء أو "الإرهاب."

وقالت ماري فورستيي، الباحثة المعنية بحقوق اللاجئين والمهاجرين في منظمة العفو الدولية: "قد تكون الأعمال العسكرية العدائية قد خفت حدتها في سوريا، ولكن نزوع الحكومة السورية لارتكاب انتهاكات بشعة لحقوق الإنسان مستمر؛ فأعمال التعذيب والإخفاء القسري والاعتقالات التعسفية أو غير القانونية، التي أجبرت الكثير من المواطنين السوريين على طلب اللجوء في الخارج، لا تزال متفشية في سوريا اليوم."

وحثت فورستيي الحكومات الأوروبية على منح صفة اللاجئ للأشخاص الذين رحلوا عن سوريا، والتوقف فوراً عن أي أفعال مباشرة أو غير مباشرة تجبر هؤلاء الأشخاص على العودة إلى سوريا.

ووثقت منظمة العفو الدولية 14 من حالات العنف الجنسي الذي ارتكبته قوات الأمن، من بينها سبع حالات اغتصاب شملت خمس نساء، وفتى مراهقاً، وطفلة في الخامسة من عمرها. ووقعت أعمال العنف الجنسي عند المعابر الحدودية أو في مراكز الاعتقال، أثناء استجواب الضحايا. نور (اسم مستعار) واحدة من اللاجئات السوريات التي عادت من لبنان، قالت للمنظمة أن أحد  ضباط الأمن على الحدود استوقفها وسألها: "لماذا رحلت عن سوريا؟ لأنك لا تحبين بشار الأسد ولا تحبين سوريا؟ أنت إرهابية… سوريا ليست فندقاً تغادرينه وتعودين إليه متى تريدين." ثم قام باغتصابها هي وابنتها البالغة من العمر خمس سنوات، في غرفة صغيرة تستخدم في التحقيق عند المعبر الحدودي.

إعلان

من بين الضحايا أيضاً ياسمين (اسم مستعار) التي عادت من لبنان مع ابنها المراهق وابنتها البالغة من العمر ثلاث سنوات؛ وتم احتجازهم في مركز اعتقال تابع للمخابرات السورية لمدة 29 ساعة؛ حيث قام ضباط المخابرات باغتصاب ياسمين، وأخذوا ابنها إلى غرفة أخرى حيث اغتصبوه هو الآخر بأداة ما. وقال لها ضابط المخابرات الذي اغتصبها: "هذا من باب الترحيب بعودتك إلى بلدك."

وقد فضلت بعض العائلات أن تعود النساء إلى سوريا قبل أزواجهن، ظناً منهم أنهن أقل عرضة للاعتقال من أزواجهن – ومن أسباب هذا الظن أن النساء لا يخضعن للخدمة العسكرية الإلزامية.

وفي 33 حالة أخرى، أخضع العائدون للتعذيب أو غيره من ضروب المعاملة السيئة أثناء الاعتقال أو التحقيق؛ ولجأ ضباط المخابرات إلى التعذيب لانتزاع الاعترافات من المعتقلين بارتكاب جرائم مزعومة، أو معاقبتهم على معارضتهم المزعومة للحكومة.

من بينهم هؤلاء إسماعيل (اسم مستعار) الذي احتُجز في أربعة فروع مختلفة للمخابرات السورية على مدى ثلاثة أشهر ونصف، ووصف التعذيب الذي تعرض له قائلاً: "صعقوني بالكهرباء بين عيني؛ شعرت وكأن دماغي كله يرتج، تمنيت الموت آنذاك؛ لم أكن أعرف إن كان الوقت في الصباح أم الليل؛ لم يعد بمقدوري الوقوف على قدمي."

علا (اسم مستعار)، التي عادت من لبنان مع أخيها عام 2019، إن قوات الأمن ألقت القبض على أخيها عند المعبر الحدودي. وبعد خمسة أشهر، أبلغت السلطات أسرة علا بأن أخاها توفي في الحجز.

ووثقت منظمة العفو الدولية 27 حالة من حالات العائدين الذين احتجزتهم السلطات من أجل ابتزاز عائلاتهم، حيث اضطرت العائلات لدفع مبالغ تتراوح في المتوسط بين ثلاثة ملايين وخمسة ملايين جنيه سوري (أي بين 1،200 و27،000 دولار أمريكي) من أجل الإفراج عن أقاربهم.

ويوثق تقرير منظمة العفو الدولية الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي ارتكبتها الحكومة السورية ضد اللاجئين العائدين إلى سوريا من لبنان ومخيم الركبان الحدودي (مخيم غير رسمي يقع على الحدود بين الأردن وسوريا)، وفرنسا، وألمانيا، وتركيا، والأردن، والإمارات العربية المتحدة، خلال الفترة بين منتصف 2017 وربيع 2021، استناداً لمقابلات أجرتها المنظمة مع 41 مواطناً سورياً، من بينهم بعض العائدين وأقاربهم وأصدقائهم، بالإضافة إلى محامين، وعاملين في المجال الإنساني، وخبراء متخصصين في الشأن السوري.

وبناء على النتائج التي تسوقها منظمة العفو الدولية في هذا التقرير، خلصت المنظمة إلى أنه لا مأمن للاجئين العائدين في أي مكان في سوريا وثمة خطراً حقيقياً في أن يتعرض اللاجئون للاضطهاد لدى عودتهم بسبب ما تنسبه السلطات إليهم من الآراء السياسية، أو بهدف معاقبتهم على تركهم البلاد.