17 يوليو، هو اليوم العالمي للإيموجي (World Emoji Day). قد لا نفكر بالموضوع كثيراً (لأن هناك أمور أهم لنفكر فيها من كورونا وانهيار وغيرها) إلا أن للإموجيز دور كبير في حياتنا اليومية. تخيل مثلاً أنك تخوض كل أحاديثك الشخصية من دون استخدام أي إيموجي ولا حتى قلب أحمر أو قبلة، قد يتم اتهامك مباشرة بالـ "نشافة" والـ"برودة" وهي صفات قد لا تعكس حقيقتك (حتى لو كنت من برج العقرب).أول ظهور للايموجي كان في عام 1999 ويعود الفضل للفنان الياباني شيغيتاكا كوريتا (Shigetaka Kurita) الذي صمم أول مجموعة إيموجيز لخدمة الإنترنت عبر الهاتف "i-mode" التي أطلقتها شركة الإتصالات اليابانية DoCoMo بوقتها. انتشرت الإيموجي أسرع من النار، وتسارعت شركات التكنولوجيا مثل جوجل وآبل على عرضها على أجهزتها، ولكن المشكلة كانت أن الإيموجي لم تكن موحّدة على كافة الأجهزة، وبالتالي، إذا أرسلت ايموجي من هاتف أندرويد الى هاتف آبل (أو العكس)، لم يمكن بإمكان المتلقّي من رؤية الإيموجي لأنها غير متوافقة مع جهازه. الحل أتى في عام 2010 عندما وافق مجمّع يونيكود Unicode Consortium (يعني هو مثل الأمم المتحدة، ولكن مهمته الحفاظ على معايير موحدة للنصوص على أجهزة الكمبيوتر، وليس على السلام بين الدول) على ضمّ الإيموجي إلى لائحة النصوص الموحّدة، لتصبح الإيموجي أخيراً موحدّة على كافة الأجهزة وفي كل اللغات. ياي.
في العودة الى أسوأ عام في التاريخ، 2020، أردت الأسبوع الماضي اختبار أثر وقف استخدام الإيموجيز في محادثاتي على واتساب، علماً انني استخدمها بشكل مكثف مع الأشخاص المقربين. تخيلت أن الأمر سيكون صعباً، فعلي كتابة جمل كاملة يمكم بالعادة اختصارها بعدد من الايموجيز. تخيل أن لا تستخدام ايموجي الوجه مع كمامة مثلاً، هذا أمر شبه مستحيل في زمن الكورونا، سواء كانت الرسالة لها علاقة بالفيروس أم لا. في الواقع، كنت أتوقع ردات فعل واستجوابات من صديقتي الحميمة والأصدقاء، أسئلة مثل: "انت منيح؟" بما أنني توقفت عن إرسال القلوب والقبلات والوجوه الضاحكة، فهذا يعني أنني لست على ما يرام.ولكن النتيجة كانت صادمة، لمدة أربعة أيام لم يلاحظ أحد أنني توقفت عن إرسال الإيموجي، الأمر أزعجني (لأنه كان عكس توقعاتي) حتى أنني طلبت من صديقي أن يقوم بالاختبار نفسه. وكانت النتيجة هي ذاتها، لم يلاحظ أحد. منذ بدء استخدام الإيموجي، ظننت أننا لا نستطيع العيش بدونهم، ليس ليوم ولا نص يوم. إلا أن اختباري أثبت العكس، "طلعت مثل قلّتها" كما نقول في لبنان.صديقي عالم النفس نيرسيس أرماني، 30 عاماً، شرح لي المنطق وراء شعبية الإيموجي: "المشكلة في الرسائل النصية هو غياب اللهجة أو أسلوب (الـ tone). عندما تقرأ كتاب مثلاً، يمكنك أن تتخيل أو أن تعرف اللهجة بسبب سياق القصة ومعرفتك للعلاقة التي تربط كل شخصية بالأخرى. الرسائل النصية قصيرة جداً مقارنةً بالكتب، وقد لا يتم فهم الكلمة بطريقة سلبية أو إيجابية في بعض الأحيان، وهنا يأتي دور الإيموجي التي تقوم بـ "تلوين" اللهجة وإعطاء نكهة للكلمة أو الجملة."نيرسيس قام بمقارنة الإيموجي بلغة الجسد وتعابير الوجه، معتبراً أنه يمكننا مقارنة الشخص الذي لا يعبّر من خلال لغّته الجسدية (وبالتالي يعتبر شخص "بارد") بالشخص الذي لا يستخدم الإيموجي ويضيف: "يعتمد الكثيرون على لغة الجسد وتعابير الوجه للتعبير عن أنفسهم ونقل مشاعرهم إلى الشخص الآخر، تماماً كما عند استخدامنا الإيموجي. ولذلك قد يرى البعض أن غياب الإيموجي هو دليل على برودة الشخص، مثلما غياب لغة الجسد تدل على البرودة أيضاً."ما يقوله نيرسيس أكد عليه استطلاع رأي من عام 2018 منشور على موقع Statista، حيث تم الطلب من 1،000 شخص في السويد اختيار صفات متعلقة بالسؤال التالي: "كيف ترى الشخص الذي لا يستخدم الإيموجي؟" الأكثرية (27%) اعتبرت أن هذا الشخص "ممل" فيما اعتبر 22% أنه "شخص جدّي" ونفس النسبة اعتبرت أن من لا يستخدم الإيموجي هو بالتأكيد شخص "ناشف."لقد أصبحت الإيموجي جزء من حياتنا، وأنا متأكد أنني لن أستطيع الإستمرار أكثر من أربعة أيام بدون استخدام أي إيموجي. ولكن يجب أن تكون حذراً، فالأمر يختلف في العالم المهني، اذ ان استخدام الإيموجي في رسائل البريد الإلكتروني في العمل يعتبر أمراً غير محبّذاً، وفقاً لدراسة ظهرت في مجلة علم النفس الاجتماعي وعلم الشخصية، فإن استخدام الإيموجي في الإيميل سيجعلك تبدو غير كفؤ. كما تشير الدراسة إلى أن الرسائل الإلكترونية التي لا تتضمن ايموجيز، يتم الرد عليها عادة بمعلومات وتفاصيل أكثر.بالنسبة لي، الأمر بسيط، أحب استخدام الإيموجي مع الأشخاص المقربين، فأنا اعتبرها جسر يصل لغة الجسد بالرسائل النصية، كما أشعر أنها "تلطًف" المحادثات، ولكن المشكلة الحقيقية هي أنه هناك 3,304 ايموجي لأختار من بينهم. ولكن ما ينقص هو وجود ايموجي للفساد يمكن للسياسيين استخدامه. (ايموجي وجه ساخر).