فيروس كورونا

مبادرات شبابية تطوعية لتقديم المساعدة في ظل أزمة كورونا

الجميع يفكرون في النجاة بأنفسهم فقط، لكن دائرة الخير لا تتوقف أبدًا
joel-muniz-A4Ax1ApccfA-unsplash
Photo by Joel Muniz on Unsplash


"الخير دايرة وبتلف، والنجاة جماعية" مبدأ آمن به عدد كبير من الشباب العرب، الذين قدموا مد يد العون والمساعدة لمجتمعاتهم خلال أزمة فيروس كورونا. وسط حالة الخوف التي انتابت العالم بأكمله بسبب جائحة كورونا التي فرضت حجرا صحيًا في أكثر دول العالم، أدركت الصحفية المصرية بسمة مصطفى، 30 عامًا، حاجة المصابين بالفيروس الماسة لغذاء صحي مناسب من أجل مساعدتهم على التعافي، خاصة في ظل دعوة وزارة الصحة المصرية بروتوكول العلاج المنزلي للمصابين ذوي الحالات البسيطة والمتوسطة.

إعلان

قامت بسمة بإطلاق مبادرة "وجبات صحية لمصابي كورونا المعزولين في المنزل" خلال شهر يونيو مع تزايد حالات العزل المنزلي لمصابي كورونا، وامتناع عدد كبير من المطاعم عن توصيل الوجبات إلى منازل المصابون بفيروس كورونا خوفًا من إصابة أطقمها بالعدوى، وسط تزايد حالات الخوف والنفور من المصابين بكورونا  والمتوفين بها داخل مصر.

"الطعام الصحي جزء من البروتوكول العلاجي للمصابين بالفيروس، ولهذا قررت تكريس حبي للطبخ  في مساعدة المرضى عبر تقديم وجبات صحية للمصابين الذين ليس لديهم المقدرة الصحية على إعداد الطعام لأنفسهم،" تخبرني بسمة خلال حديث هاتفي وتضيف: "القائمة التي أقدمها متنوعة وساعد بوضعها خبراء تغذية اختاروا عناصر ومكونات ترفع المناعة لدى المصابين."

تتكون الوجبة التي توزعها المبادرة من بروتين وفاكهة وخضروات ونشويات، ويتم توصيلها إلى منزل المصاب وتوضع أمام باب الشقة، ويتم التواصل معه من أجل استلامها دون تعامل مباشر مع المصابين. وقد تم توفير تأمين الاشتراطات الصحية والوقائية اللازمة للمتطوع الذي يقوم بمهمة توصيل الوجبات للمصابين.  بعد الإعلان عن المبادرة عبر بوست على فيسبوك، انهالت على بسمة عروض المشاركة والمساعدة وتوسعت المبادرة بسرعة متناهية، وتراوح عدد المرضى المستفيدين من خدمات المبادرة بين 3 و4 آلاف مصاب داخل محافظتي القاهرة والجيزة فقط، حيث قدمت المبادرة لهم قرابة 10 آلاف وجبة غذائية صحية. فيما بلغ حجم المتطوعين حاليًا 1،500 متطوعا ومتطوعة بعضهم يقوم بتحضير الطعام وآخرين يقومون بالتوصيل، وفريق ثالث يقوم بعملية التنسيق.

"بدأت من القاهرة ولكن توسعت المبادرة لتشمل مختلف محافظات مصر،" تقول بسمة وتضيف: "كل الناس كانت حابة تشارك باللي تقدر عليه. نجاحنا الأكبر كان إننا قدرنا نخلق حالة من الحب والدعم للمصابين، وقدرنا نقولهم إنكم مش لوحدكم، وقدرنا نقلل من حدة الوصمة المرتبطة بالمصابين." وتؤكد بسمة أنهم مستمرون في تقديم الدعم حتى انتهاء الوباء تماًما.

إعلان

ياسمين ياسر، 19 عامًا، طالبة بالمرحلة الثانوية كونت فريقًا مكون من 6 فتيات أواخر العام الماضي، تتراوح أعمارهن بين 15 و20 عامًا وأطلقت عليه "سكوتك مسموع" ويستهدف الفريق تعليم لغة الإشارة عن طريق عروض فنية ترفيهية، وتوفير مترجم إشارة في جميع المصالح والهيئات الحكومية والمستشفيات. بعد انتشار فيروس كورونا، أصبح من المهم توفير مترجم إشارة عند البيانات الحكومية الخاصة بحالات الإصابة وغيره من المعلومات الصحية، ولهذا قام الفريق بإنتاج الفريق عدد من الأغاني الترفيهية وأنشأوا قناة على "يوتيوب" للتوعية بإجراءات السلامة والوقاية الذاتية من فيروس كورونا المستجد.

تقول ياسمين خلال اتصال هاتفي معها: "كثير منا يدرس اللغات الأجنبية من أجل تيسير التواصل مع بعض الجهات الأجنبية، بينما ندرس نحن لغة الإشارة من أجل التواصل مع فئة داخل مجتمعنا، عانت من التهميش والتجاهل. لقد ارتفعت أهمية إنشاء الفريق بعد انتشار جائحة كورونا في ظل انعدام التوعية اللازمة المقدمة لفاقدي السمع، لهذا قدمنا لهم فيديوهات بها نصائح بشأن البقاء في المنزل وإجراءات الوقاية الشخصية."

سحر الشجاع، 27 عامًا، لاجئة يمنية تعيش في مصر منذ 7 سنوات، أطلقت مبادرة أخرى خلال هذا الأزمة وخاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها اللاجئون اليمنيون في مصر خاصة مع انتشار جائحة فيروس كورونا. وتقول تقديرات غير رسمية أن أعداد اليمنيين بمصر تبلغ مليون شخص بين نازح ومقيم، في حين سجل أقل من ستة آلاف يمني بياناتهم في مكتب مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة في مصر، ويحصلون بموجب بطاقة صفراء على امتيازات محددة.

تقول سحر أنها تطوعت قبل خمس سنوات مع رابطة سوريات وهي منظمة سورية تابعة للمنظمة العربية لحقوق الإنسان وتقدم خدماتها إلى جميع الجنسيات وتهدف بالأساس إلى توعية اللاجئات والتعريف بالحقوق والواجبات القانونية وتعزيز مشاركة المرأة. على الرغم من صعوبة الأوضاع بالنسبة للاجئين بشكل عام، إلا أن فيروس كورونا راذ من حجم المعاناة.

"نحن نقوم بتنظيم دورات تدريب مهني للاجئات كي يتمكن من تنفيذ مشروعات صغيرة، لكن مع بدء تفشي فيروس كورونا في مصر والإغلاق توقف الجميع عن العمل، وهذا إنعكس على الكثير من اللاجئين الذين لم يتمكنوا من توفير ابسط احتياجاتهم من غذاء أو دفع إيجار منازلهم، وطرد كثير منهم من منازلهم بالفعل. حاولت التواصل مع المنظمات الأممية لكن الجميع توقف عن العمل وأصبح خارج نطاق الخدمة. لهذا لجأت إلى رجال الأعمال والأثرياء من أبناء الجاليات ومجتمع اللاجئين الذين كونت علاقات معهم خلال سنوات عملي الخيري في مصر، وتمكنت بالتعاون مع بعض الزملاء أن نكون جسرًا بين مقدمي المساعدة ومحتاجيها."

مبادرة "تكافل" التي أطلقتها سحر بين أصدقائها ومعارفها استفاد منها ما يقارب 240 لاجًئا يمنًيا وسوريًا داخل مصر، حمت أكثرهم من الطرد من منازلهم، ووفرت الدواء والعلاج لآخرين. "كانت دموع بعض الناس تنهمر عندما نقدم لهم المساعدات، لم يتوقعوا أن يقدم لهم أي شخص مساعدة في ظل هذه الظروف الحرجة، فالجميع يفكرون في النجاة بأنفسهم فقط، لكن دائرة الخير لا تتوقف أبدًا،" تقول سحر.