فيروس كورونا

هل اقتربنا من معرفة مصدر فيروس كورونا؟

ليس بعد. معرفة المصدر يشبه البحث عن إبرة بين أكوام لا تعد ولا تحصى من القش
VZ
إعداد Viola Zhou
Coronavirus WHO origin source covid
جزيئات فيروس سارس كوف-2 تم زراعتها في معمل. الصورة: المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية / AFP

جاء تقرير منظمة الصحة العالمية حول أصول فيروس كورونا بمثابة خيبة أمل لأولئك الذين كانوا يتوقعون استنتاجًا بشأن مصدر الفيروس الذي أودى بحياة 2.8 مليون شخص في جميع أنحاء العالم.

بعد قضاء أسبوعين في ووهان مع العلماء الصينيين في فبراير، قال خبراء منظمة الصحة العالمية في الوثيقة المكونة من 120 صفحة، إنه من "المحتمل جدًا" أن الفيروس انتشر عبر مضيف حيواني وسيط إلى البشر." لكنهم لم يستبعدوا تمامًا فرضيات أخرى، بما في ذلك احتمال انتقال الفيروس من خلال منتجات غذائية مجمدة أو أن يكون نتيجة لتسريب من معمل.

إعلان

دعا رئيس منظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، إلى مزيد من الدراسات ومشاركة البيانات، بينما أعربت العديد من الحكومات، بما في ذلك واشنطن، عن مخاوفها بشأن الدراسة المتأخرة ونقص الشفافية، بما في ذلك رفض الصين الوصول إلى بعض البيانات والعينات الأصلية.

لكن العلماء يقولون إن رحلة منظمة الصحة العالمية كانت البداية فقط. غالبًا ما يستغرق تعقب مصدر فيروس جديد سنوات وجهودًا جماعية للباحثين حول العالم. في بعض الحالات، قد تظل الأصول الدقيقة للفيروسات لغزًا بعد عقود من ظهورها لأول مرة.

وتشير أنجيلا راسموسن، عالمة الفيروسات بجامعة جورج تاون لـ:VICE World News:  "تحقيقات الأصل والمنشأ تشبه البحث عن إبرة بين أكوام لا تعد ولا تحصى من القش والتي تحتوي أيضًا على الكثير من الإبر الأخرى." وقالت إن التعاون والدبلوماسية سيكونان مطلوبان بينما يواصل العلماء أبحاثهم حول أصل الفيروس: "هذا جهد طويل وربما غير مثمر إلى حد بعيد، ولكنه أمر ضروري، لفهم هذا الوباء والإستراتيجية الأفضل لكيفية منع الجائحة التالية."

إليكم الوقت الذي يستغرقه العلماء لتتبع بعض الفيروسات التي تسببت في أوبئة قاتلة في الماضي.

فيروس سارس كوف SARS-CoV: خمس سنوات وأكثر
حدث وباء السارس لأول مرة في مقاطعة قوانغدونغ بجنوب الصين في نوفمبر 2002. وفي مارس 2003، قامت ثلاثة فرق من العلماء في هونغ كونغ والولايات المتحدة وألمانيا بتحديد وعزل فيروس السارس.

في مايو من ذلك العام، حدد العلماء الصينيون أصل الفيروس في حيوان زباد النخيل المقنع palm civets وحيوانات أخرى. وفي الأشهر التالية، وجد أن بعض المرضى قد تعاملوا مع زباد النخيل المقنع في أحد المطاعم. تم الاستشهاد بهذا كدليل على أن الحيوان كان مضيفًا وسيطًا للفيروس.

إعلان

في عام 2005، حدد علماء من هونج كونج عدة فيروسات شبيهة بفيروس سارس  كوف في خفافيش حدوة الحصان horseshoe bats. في عام 2017، بعد خمس سنوات من بدء تفشي المرض، تعقب علماء من معهد ووهان لعلم الفيروسات أثر الفيروس حتى توصلوا إلى الخفافيش التي تعيش في كهف في مقاطعة يونان الجنوبية الغربية، بعد أخذ عينات من آلاف الخفافيش في عدة مواقع في جميع أنحاء البلاد. لكن بعض العلماء يقولون إن هناك حاجة إلى مزيد من الأدلة لإثبات كيف يمكن أن ينتقل الفيروس من الخفافيش إلى الزباد.

فيروس إيبولا: أربعة عقود وأكثر
تم الإبلاغ عن أول اندلاع لمرض فيروس الإيبولا في جمهورية الكونغو الديمقراطية في عام 1976. ومع ذلك، لا يزال العلماء لا يعرفون من أين جاء الفيروس، على الرغم من التحقيقات المكثفة، وفقًا للمركز الأمريكي لمكافحة الأمراض والوقاية منها.

ينتقل الفيروس إلى الأشخاص من الحيوانات المصابة، مثل خفافيش الفاكهة والشمبانزي والغوريلا والقرود وظباء الغابة أو النيص، وينتشر أيضًا عن طريق انتقال العدوى من إنسان إلى إنسان. بينما يعتقد العلماء أن الخفافيش هي المصدر الأكثر احتمالية للإصابة بفيروس إيبولا، إلا أنهم ما زالوا لا يملكون أدلة كافية للتوصل إلى نتيجة.

فيروس كورونا المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية: "MERS-CoV" العديد من السنوات
تم التعرف على متلازمة الشرق الأوسط التنفسية الناجمة عن فيروس كورونا الجديد لأول مرة في المملكة العربية السعودية في سبتمبر 2012. في عام 2013، وجد العلماء أن الخفافيش تحمل فيروسات كانت وثيقة الصلة وراثيًا بفيروس كورونا، على الرغم من أنهم لم يتمكنوا من العثور على علاقات مباشرة بين الخفافيش والبشر في الأماكن التي تنتشر فيها متلازمة الشرق الأوسط التنفسية.

إعلان

في نفس العام، تم العثور على الأجسام المضادة  لفيروس كورونا المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية  في الجِمال العربية، حيث قام الباحثون بفحص الحيوانات بما في ذلك الجٍمال والماشية والأغنام والماعز. وجدت المزيد من الأبحاث التي أجريت في عامي 2013 و 2014 أن الجٍمال كانت تحمل فيروسات MERS-CoV متطابقة تقريبًا للبشر، مما يشير إلى أن الجٍمال قد تنقل المرض إلى البشر.

ومع ذلك، لا تزال طرق الانتقال الدقيقة بين الخفافيش والجٍمال غير واضحة. تشير بعض الأبحاث إلى أن حيوانات أخرى مثل الألبكة alpacas يمكن أن تكون أيضًا بمثابة خزان للفيروس. اكتشفت دراسات استعادية أيضًا حالات سابقة لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية في الأردن، في أبريل 2012، وفقًا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة.

فيروس نقص المناعة البشرية HIV: أربعة عقود وأكثر
تم التعرف على متلازمة نقص المناعة المكتسبة (الإيدز) لأول مرة كمرض جديد في الولايات المتحدة في عام 1981. تم عزل فيروس HIV-1 (أحد الفيروسين اللذين يسببان الإيدز) وتم التعرف عليه لأول مرة في عام 1983 في معهد باستير في فرنسا.

في السنوات القليلة التالية، وجد الباحثون ما يسمى بفيروس نقص المناعة القردي (SIV) من قرود المكاك الأسيرة، والذي تسبب في أعراض مشابهة للإيدز لدى البشر. وجد باحثون آخرون في أمريكا لاحقًا في الشمبانزي البري نوعًا من فيروس SIV مشابهًا  لفيروس  HIV- وفيروس  HIV-2، وهو نوع نادر من فيروس نقص المناعة البشرية، مشابهًا للفيروس الموجود في قرد المنجابي، وهو قرد في غرب إفريقيا.

في عام 1998، تمكن العلماء في أمريكا من العثور على أول شخص مصاب بفيروس نقص المناعة البشرية - رجل يعيش في الكونغو البلجيكية في ذلك الوقت في عام 1959. يبدو أن فيروس نقص المناعة البشرية الذي يحمله هو أحد أسلاف لعدة أنواع فرعية من فيروس نقص المناعة البشرية التي انتشرت لاحقًا في جميع أنحاء العالم.

يقول العلماء إن هذه الفيروسات ربما قفزت من القرود والشمبانزي إلى البشر أثناء ذبح لحوم الطرائد أو الأدغال، لكن التفاصيل لا تزال مجهولة.