صحة نفسية

في الواقع، الجميع يفكرون فيك

نحن لسنا فقط في عقول الناس بشكل أكبر مما نتوقع، ولكن من المحتمل أيضًا أن تكون أفكار الناس عنّا أكثر إيجابية مما نتخيل
Shayla Love
إعداد Shayla Love
Two best friends telling secrets lying in the grass.
Westend61 for Getty.

في كتاب Big Magic للمؤلفة إليزابيث غيلبرت، عرضت امرأة في السبعينيات من عمرها أحد دروس الحياة في أحد فصول الكتاب والذي جاء بعنوان "لا أحد يفكر فيك." كتبت تقول: "مع تقدمنا ​​في السن، لا نتوقف فقط عن الاهتمام بما يفكر فيه الآخرون عنّا، ولكننا في النهاية "ندرك هذه الحقيقة - لا أحد يفكر فيك على الإطلاق. معظم الناس يفكرون في أنفسهم فقط. ليس لدى الناس الوقت للاهتمام بشأن ما تفعله، أو مدى جودة أدائك، لأنهم جميعًا محاصرون في مشاكلهم الخاصة."

إعلان

من المؤكد أن الناس منشغلون بشؤونهم الخاصة، ولكن هل صحيح أنهم لا يفكرون بنا كما نفكر بهم؟  الأمر لم يُثبت بشكل كامل بعد، ولكن وفقًا لدراسة جديدة نُشرت في نهاية أكتوبر في Journal of Experimental Psychology اتضح أن الناس بالفعل يفكرون فيك.

من خلال ثماني تجارب شارك فيها أكثر من 2100 شخص، وجد علماء النفس الاجتماعي جوس كوني وإريكا بوثبي وماريانا لي أننا نستهين باستمرار بمعدل تفكير الآخرين فينا. يفترض الناس أن العملية تكون من جانب واحد ولكن في الواقع؛ يفكر الآخرون فيهم أيضًا. أطلق الباحثون على هذه الفجوة بين مقدار ما يفكر فيه الآخرون بشأننا ومدى ضآلة ما نفترضه من مقدار تفكيرهم بنا اسم "فجوة التفكير" أو thought gap.

نقضي حوالي نصف حياتنا اليقظة في التواصل، غالبًا من خلال الحوارات والمحادثات. بعد أن نتحدث إلى أصدقائنا أو عائلتنا أو المعالجين أو الغرباء الذين نلتقي بهم، نفكر في تلك المحادثات لاحقًا. نعيد قراءة ما قيل، نفكر في النصيحة، أو نضحك ضحكة خفيفة على شيء وجدناه فكاهيًا، أو نتمعن في أي أفكار مهمة. تكشف فجوة التفكير كيف لا يدرك الناس عمومًا أن شركائهم في هذه الحوارات يفعلون نفس الشيء بالضبط.

لماذا لا ندرك أننا في أذهان الآخرين؟ يقول كوني إن التفسير الأكثر ترجيحًا هو أن أفكارنا متاحة بشكل أكبر. نحن نعرف أفكارنا أفضل من أفكار الآخرين. أفكار الآخرين هي سر محبوس في وعي شخص آخر.

عندما نتحدث إلى الآخرين، نحصل على اتصال مباشر معهم جنبًا إلى جنب مع الإشارات غير اللفظية حول ما يفكر فيه الشخص، مثل نبرة الصوت ولغة الجسد. ولكن بمجرد انتهاء الحديث مع شخص ما، يتم قطع كل هذه الإشارات ولا نعرف كيف يفكرون بنا عندما نفترق. وكتب المؤلفون: "يعد هذا تحولًا نفسيًا مهمًا، حيث ينتقل الناس من الارتباط الوثيق بأفكار شخص آخر خلال لقاء ما إلى كونهم وحدهم مع أفكارهم الخاصة." ثم "تتسع الفجوة" بين أفكارك وأفكار الآخرين.

إعلان

يمكن أن تؤثر الفروق الفردية على مقدار فجوة التفكير لدى الناس. يريد كوني القيام بمزيد من العمل حول كيفية عمل فجوة التفكير لدى الأشخاص الذين يعانون من القلق الاجتماعي أو بين الأشخاص الذين لديهم اختلافات في العمر أو العرق أو المهنة. لكن بشكل عام، تتشابك فجوة التفكير مع الأبحاث التي تشير إلى أن الناس أكثر وعيًا بأفكارهم. كتبت جوليانا شرودر، عالمة السلوك بجامعة كاليفورنيا في بيركلي: "على الرغم من أنه قد يكون من السهل جدًا التمعن في أفكار الآخرين أو مشاعرهم أو حالاتهم النفسية الأخرى، إلا أن التفكير المنسوب للآخرين قد يخلو بشكل منهجي من التعقيد والعمق والحدة، لأن عقول الأخرين، بطبيعتها، غير مرئية مقارنةً بعقل الفرد نفسه."

في أحد فصول الكتاب من عام 2014، عكست شرودر وزملاؤها كيف يمكن في الحياة الحديثة التغلب بسهولة على المسافة المادية من خلال السفر أو التكنولوجيا، ولكن "أعظم رحلة في الحياة الحديثة هي عدم الانتقال من مكان إلى آخر، بل القدرة على الانتقال من عقل إلى آخر." وأشاروا إلى أن البشر مؤهلون بشكل ملحوظ للقيام بذلك: لدينا "قدرة غير مسبوقة على التفكير في الآخرين. التفكير في معتقدات الآخرين ومواقفهم ونواياهم. ولكن حتى مع كل هذه المهارات، تتسلل التحيزات وتمنعنا من الإدراك بشكل صحيح تمامًا."

يبدو أننا إذا كنا واعين تمامًا فيما يخص شيء ما، فإننا نعتقد أن الآخرين يلاحظونه بشكل أكبر مما يفعلون بالواقع. لكن أثناء ممارسة حياتنا اليومية، نعتقد أن الآخرين يراقبوننا بشكل أقل مما نراقبهم. وكتب المؤلفون: "مع وجود القليل من الشواهد على أن الآخرين يراقبوننا، فقد نشعر بأننا غير منظورين نسبيًا، كما لو كنا الوحيدين الذين يلاحظون ويمعنون النظر في غيرهم في هذا العالم، ولا ندرك أننا أيضًا موضع اهتمام الآخرين."

إعلان

لماذا نحن متحيزون للاعتقاد بأن الآخرين لا يحبوننا كثيرًا؟ تمامًا مثل فجوة التفكير، من الصعب علينا معرفة ما يفكر فيه الآخرون - إيجابيًا أو سلبيًا. من السهل مقارنة التفاعل الاجتماعي ببعض النماذج الداخلية المثالية لأنفسنا وانتقادها.

ويقول آدم ماستروياني، باحث ما بعد الدكتوراه في كلية كولومبيا للأعمال الذي أنجز العمل على "فجوة الإعجاب" أننا قد نركز على عيوبنا الاجتماعية في محاولة لإصلاحها. ويضيف: "قد ينتابنا القلق بشأن المزحة التي ضحكنا عليها، الاسم الذي نسيناه، الشيء التافه الذي لا يجب أن نقوله، والشيء الذي يجعلنا أكثر مرحًا، وأكثر انتباهاً، وأكثر حذراً في المرة القادمة. نملأ رؤوسنا بأفكار سلبية عن أنفسنا، مما يدفعنا إلى افتراض الأسوأ بشأن ما يعتقده الآخرون عنا. ونعتقد أنهم لا يفكرون فينا على الإطلاق، وعندما يفعلون ذلك، فسيكون لسبب غير جيد."

يحدث عدم اليقين هذا في تفاعلات مهمة جدًا أيضًا. تساعدنا تفاعلاتنا الاجتماعية، وكيف يُقيّمنا الآخرون، على الانتماء إلى مجموعات مختلفة وتحقيق أنواع أخرى من النجاحات، سواء كانت عاطفية أو مهنية. وقد تكون هناك فائدة تطورية للتقليل من قدر تفكير الناس فينا أو إعجابهم بنا، لأنها يمكن أن تحفزنا على مواصلة الانخراط في السلوك الاجتماعي الإيجابي تجاه الآخرين. إذا كنا عرضة للمبالغة في التقدير، فقد يأتي بنتائج عكسية، يمكن أن تؤدي كل هذه التحيزات المتضاربة إلى التشاؤم بشأن ما يعتقده الآخرون عنا.

ويضيف كوني: "إن هذا التشاؤم يمكن أن يكون له عواقب. يمكن أن يؤثر ذلك على معتقداتنا حول مدى رغبتنا في التحدث إلى الغرباء، أو مدى استعدادنا لإجراء محادثات صادقة حول مواضيع صعبة."

قد تؤثر فجوة التفكير أيضًا على الشعور بالوحدة والعزلة الاجتماعية. ويضيف ماستروياني: "أحد الأفكار الشائعة المقلقة اجتماعيًا هي" لا أحد يهتم بي، لا أحد يلاحظني، لا أحد يعتقد أنني مهم."

يمكن أن تجعلنا هذه المفاهيم الخاطئة نعتقد أن الآخرين يفكرون بنا أقل وبالتالي يحبوننا أقل: "إذا كنت تقلل من شأن عدد المرات التي تدخل فيها رأس شخص ما، فقد لا تدرك مدى اهتمامه بك. ما يثير اهتمامي هو مجرد التفكير في عدد العلاقات التي تتعثر أو تفشل بسبب سوء التفاهم هذا."

يؤكد كوني أن أفكار الأشخاص في الدراسة كانت إيجابية. ووجد المشاركون أنه من المدهش أن يسمعوا أن الآخرين ما زالوا يفكرون بهم، تمامًا كما يفعلون هم. يضيف كوني: "في النهاية، الناس يحبوننا ويفكرون فينا أكثر مما نعتقد."

إذا كان يزعجك أن تدرك أنك في أذهان الآخرين، فإن التخيل بأن الآخرين يفكرون بك في الغالب أقل إرهاقًا للأعصاب. قد نفترض، أن أفكار الآخرين عنا سيئة. وهذا على الأرجح ليس صحيحًا. ويقول ماستروياني: "نحن لسنا فقط في عقول الناس بشكل أكبر مما نتوقع، ولكن من المحتمل أيضًا أن تكون أفكار الناس عنّا أكثر إيجابية مما قد نتخيل."