01_Vice_illustration
قصص رعب

قصص مرعبة من موظفي خدمة العملاء

بصق الرجل في وجهي وغادر المكان. لولا الأدوية المهدئة ما كنت استطعت الاستمرار

مؤخرًا شاع في أغلب السير الذاتية إقرار الشخص بأنه قادر على العمل تحت ضغط، ولكن أي الضغوط يقصد؟ 

لضغوط العمل أنواع كثيرة أولها الضغط المادي وفيه يكون المقابل سعر بخس يرتضي به البعض اتقاءً لشر البطالة، أما الضغط المعنوي فهو مُعلب بالإلحاح الشديد من قِبل رؤساء العمل ويزداد في حال التواصل مع العملاء ويبلغ ذروته حال التعامل المباشر مع الجمهور واستجداءهم للموظف لتخليص خدماتهم، وهناك الضغط الزمني بما يتضمنه من حجم أعمال كبيرة جدًا مطلوب إنجازها في وقت قليل جدًا، ويكون الرعب في أبهى صوره حينما يجتمع أنواع الضغوط الثلاث في مكان واحد، كما تؤكد هذه القصص.

إعلان

"حسبي الله ونعم الوكيل فيكي" أكثر ما اسمعه في العمل
"عملت في أحد مكاتب التأمينات الاجتماعية كتدريب مدفوع الأجر عقب تخرجي من كلية التجارة، جامعة الإسكندرية، وأول ما بدأت به هناك هو التعامل المباشر مع الجمهور وبالطبع أغلب هذا الجمهور من كبار السن، كنت منوطة بتسلم الأوراق الرسمية لإنجاز الخدمات المطلوبة، ولذلك كثيرًا ما كنت أجد أن الورق ناقص أو يتضمن بعض الأخطاء وأقوم بتوضيح ما يعيق إنجاز الخدمة للعميل فيكون الرد هو الدعاء علي "حسبي الله ونعم الوكيل" وفي بعض الأحيان يقوم أحدهم بسبي وقذفي. في البداية نصحني الجميع بالتحمل والصبر لأن كل شيء في بدايته صعب، ولأن العمل الحكومي فرصته لا تقدر بثمن.

ذات يوم تعطل سيستم الحاسب الآلي وبالتالي لم اتمكن من استكمال فحص الأوراق وكان الدور في الطابور على رجل ستيني عقب الانتظار لبضع دقائق وجدته ثائر ينعت كل من هو ممثل لطرف الحكومة بأبشع الألفاظ، وبعدها اتهمني بأنني استخدم عبارة -السيستم واقع- كواحدة من الألاعيب حتى لا أمارس عملي، ومع المزيد من الانتظار بصق الرجل في وجهي وغادر المكان، من المفاجئة لم يكن لي أي رد فعل، رد الفعل الحقيقي تجلى في اليوم التالي حيث قررت عدم الذهاب للعمل وتركته وسط رفض من جميع من حولي وهم مقتنعون تمامًا أن مجال العمل لا يخلو من الإهانة وعلينا التحمل." -هدير صبحي، 27 عامًا، موظفة

العميل يعاملني باعتباري أنا السارق
"في بداية عملي ضمن خدمة عملاء إحدى شركات المحمول الكبرى، كنت أشعر أن العملاء يتعاملون معي وكأنني أسرق منهم إذا حدثت أي مشكلة متعلقة برصيد العميل. يحملني العملاء مسؤولية أي مشكلة تقابلهم خاصةً فيما يتعلق بالماديات، لدرجة أنني حولت رصيد لعميل كان يشتكي من ضياع 5 جنيه من رصيده من مالي الخاص، أعتقد أن المدير لاحظ عندي هذا الأمر فصار يحملني مسؤولية أشياء بعيدة تمامًا عني، فقط لأنه أدرك أن لا طاقة عندي لشرح المواقف أو التبرير. خسرت الكثير في تلك الفترة وصار الشعور بالتقصير تجاه كل شيء يلازمني، تعرضت للاستغلال من قِبل العملاء والمدير وحتى الزملاء إلى أن قررت ترك المجال بكل ضغوطاته وقررت العمل في مجال التسويق عن بُعد." -أحمد حسن، 26 عامًا، موظف سابق-

لولا الأدوية المهدئة ما كنت استطعت الاستمرار
"عندما بدأت العمل في البنك أول كلمة قالها مديري هنا لا يوجد راحة، أنت تتعامل مع جمهور طوال الوقت مستعجل، الأمر يتطلب منك التواجد بشكل دائم على مكتبك. زميلي أرشدني إلى الطريقة المثالية من أجل بضع دقائق بريك وهي عدم الضغط على الرقم التالي في الأدوار فور إنهاء خدمة العميل الموجود لالتقاط الأنفاس، ومسؤول الأمن عندما رآني منهك تمامًا نصحني بنوع مهدأ يستخدمه أغلب العاملين في البنك. كلها نصائح أصبحت أنقلها دون دراية إلى الزملاء الجدد. والحقيقة هي أنه لولا الأدوية المهدئة ما كنت استطعت الاستمرار. أعتقد من المهم تضمين العلاج النفسي ضمن التأمين أو الخدمات العلاجية التي يغطيها العمل، ولكن الغالبية لا تربط من الأساس بين تعاملنا اليومي مع الجمهور من فئات مختلفة وبين حالتنا النفسية، فهذا الضغط يمكنه تحطيمنا إذا لم نتعامل معه بشكل صحيح." -مجدي أحمد، 33 عامًا، موظف

أيام صرف المعاشات هي أشبه بأيام الدورة الشهرية عندي
"أعمل في أحد مكاتب البريد، العمل هناك يشبه العمل في أي مكتب مصرفي، عدا الأيام الأولى من كل شهر، المشهد مرهق للغاية في تلك الأيام، بمجرد وصولي للمكتب أجد على الباب طوابير من البشر كبار السن أصحاب المعاشات، بعضهم يصلي الفجر ويأتي ليحجز محله في الطابور، وبالتالي يكون متحفز لنا على أي خطأ، الكثير من المشاجرات تشتعل في الطابور أمامي، أصوات عالية مختلطة، وبسبب ضغط العمل والأعداد الكبيرة المطلوب التصريف لها في وقت زمني محدود جدًا عادةً ما يطلب منا المدير الإبقاء في المكتب لوقت إضافي، يحدث التمديد دون استراحة دون أكل ولا شرب فقط شغل وتركيز. اتذكر أنني من شدة الإرهاق ذات يوم ارتكبت خطأ مالي تحملته بالكامل وقيمته كانت تساوي قيمة راتبي الشهري. يتكرر الشعور ذاته من كل شهر وكأنها أيام الدورة الشهرية، بحمل همها والهرمونات بتكون متلخبطة وبكون في أسوأ حالاتي النفسية. ويا ويلي إذا تقاطعت فترة صرف المعاشات مع الدورة الشهرية، يكون الجحيم بعينه." -رباب السيد، 28 عامًا، موظفة-

فحص جسمي بالنظرات وصمتي اتجاه ذلك كان جزء من الخدمات المقدمة للعميل
"مديري في قسم خدمة عملاء أحد البنوك الحكومية كان رجل مهذب لم اتلقى منه أي تصرف مزعج غير أنه كان لا يبالي بشكواي أن بعض العملاء الرجال يتفحصون جسمي ويتحرشون بي لفظًيا وتكرر الأمر لأكثر من مرة. كان رده الوحيد أنني اتوهم أو أني مكبرة الموضوع، والجملة التي كنت أعجز أمامًا أمامها -اشمعنى أنتِ؟- ولكن ما اكتشفته هو أنني لم أكن الوحيدة التي يحدث معها ذلك، ولكنه كان يحدث مع غيري من الموظفات. في أحد المرات رفضت استكمال العمل مع أحد العملاء بعد تحرشه بي بالكلمات بشكل صريح، فقال لي المدير أنه ليس من حقي الرفض لأنه يعتبر تضييع لوقت العميل -عليكي الصمت وارسال شكوى لي يُبت فيها لاحقًا والتزمي الصمت حاليًا لأن ذلك حق العميل- هذا ما قاله المدير، ولكن حتى الآن وبعد أن تركت المكان منذ شهور لا أعلم أين حقي أنا؟" -سهر عاصم، 27 عامًا، موظفة

أول مرة ادخل خناقة بالضرب في حياتي وكنت بضحك
"الموقف كان مركب، شعور بالخطر وبالضحك، اعمل في الشهر العقاري منذ سنوات وعملي مستقر تمامًا، المكان لا يخلو من المواقف الحادة مع الجمهور وكلها يمكن السيطرة عليها، لكن صباح يوم أتى لي رجل وأخبرني أنه من طرف شخص يُدعى حسن، فأخبرته -معرفهوش- فسريعًا كان رده بعبارات مختلطة من عينة -أنا كنت عارف أنكم هتنصبوا عليا- وانهال علي بالضرب فما كان مني غير أنني ضربته، لم يكن لدي خيار غير ذلك، فالأمن لم يأتي واستشعرت الخطر وأنني يجب أن ادافع عن نفسي، ولكن الغريب أنني كنت اضحك، ربما من أثر الصدمة. اتضح بعد ذلك أن أحد الأشخاص نصب بالفعل على هذا الرجل وفهمه أنني اتقاضى رشوة مقابل تسهيل بعض الأعمال في الشهر العقاري ووافق الرجل وأخذ منه الشخص المال، وبعدها اختفى، فأتي لي الرجل ليطلب الخدمة وحدث ما حدث." -صبحي، 43 عامًا، موظف

مكالمات كلها تحرش، وألفاظ خارجة، ملخص تجربتي المستمرة مع خدمة العملاء 
"لم يشفع لي عملي عن بعد في خدمة عملاء إحدى شركات الإنترنت الكبرى لتجنب ما يقابله موظفي خدمة العملاء المحتكون بالجمهور في المكاتب، بالنسبة لي خدمة العملاء من خلال الهاتف كانت الأكثر صعوبة على الإطلاق بما أنني خضتُ التجربتين، المكالمات كانت غنية بالتحرش اللفظي ما يدفعني أحيانًا للقيء، ولم تستطع عبارة -المكالمة قد تكون مسجلة- التي يسمعها المتصل على تخوفيه من التعدي على الموظف، أصبحت أخاف عند عدم إرضاء العميل من احتمالية سبه لي. في البداية كنت اعتقد أن الأمر متعلق بفترات العمل المسائية وأن بعض الناس تتصل بنا لتسلي وقتها، ولكن بعد تجربة الشيفت الصباحي اكتشفت أن الأمر لم يختلف كثيرًا، ففي الصباح أيضًا هناك تحرش وقلة أدب." -هالة، 29 عامًا موظفة