Rawpixel/Unsplash
بالنسبة لبعض الأشخاص، القيام بمسح أرضية المطبخ المبتلة قد يعطي شعوراً مريحاً أشبه ما يكون بالتأثيرات الناتجة عن تمارين التأمل. حتى منظر المنزل النظيف في نهاية يوم طويل مرهق - قد يعطي ولو بصورة مؤقتة، شعوراً لطيفاً وهادئاً. إذا كنت واحد من هؤلاء الأشخاص، فهناك أسباب علمية، لتخفيف شعورك بالتوتر عند القيام بالتنظيف. "بشكل عام، يمنح التنظيف شعوراً بالسيادة والقدرة على التحكم في البيئة المحيطة،" تقول داربي ساكسبي، الأستاذ المساعد في الطب النفسي بجامعة جنوب كاليفورنيا وتضيف: "الحياة مليئة بالشكوك وهناك الكثير من الأمور التي تحدث خارج سيطرتنا، ولكن على الأقل يمكننا فرض إرادتنا على غرفة المعيشة. أيضاً، يمكن للفوضى أن تشتتنا بصرياً، وتكون بمثابة تذكير مُزعج للمهام والأعمال المنزلية التي لم نقم بها وبالتالي ترفع مستوى التوتر."أيضاً، عندما تقوم بالتنظيف، فعادة ما تتحرك وتتصرف بطرق يمكنك التنبؤ بها وغالبًا ما تكون متكررة، هذا وحده، كما يقول لانغ "يمكن أن يكون آلية معرفية تساعد الناس على التعامل مع القلق والتوتر." في إحدى الدراسات، وجد لانغ أن الأشخاص الذين كانوا قلقين بشأن قيامهم بإلقاء خطاب أمام العامة تجد أنهم يقومون بتنظيف شيء أكثر من أولئك الذين لم يكونوا قلقين.على النقيض من ذلك، يمكن أن تكون علاقة الشخص بالتنظيف علامة على مشكلة أساسية أكثر إثارة للقلق والتوتر؛ فالخوف من الجراثيم أو التلوث أو الهوس بامتلاك أشياء متناسقة أو مرتبة بشكل مثالي، والتنظيف المُفرط، وترتيب أو إعداد الأشياء بطريقة محددة ودقيقة، على سبيل المثال، يمكن أن تكون جميعها علامات على اضطراب الوسواس القهري وذلك وفقا للمعهد الوطني للصحة النفسية. وفي الوقت نفسه، يشير بحث للمعهد الوطني للصحة النفسية إلى أن الأشخاص الذين يشعرون بالراحة التامة في العيش في ظروف مزرية، قد يكون لديهم نشاط أقل في القشرة الجزيرية للمخ واللوزة الدماغية.إذن، إذا كان ترتيب المكان يجعلك تشعر بالتحسن بعد يوم شاق، فلا ضير من القيام بذلك عندما يتعكر مزاجك.ظهر هذا المقال بالأصل على Tonic
من وجهة نظر عملية، الكثير يفضل التواجد في وسط نظيف ومرتب بحيث يكون من السهل عليهم الوصول إلى الأشياء التي يحتاجونها. "من المحبط أن تعيش في فضاء مزدحم حيث يصعب العثور على ما تحتاجه،" تقول ساكسبي مشيرة إلى أن عدد من أبحاثها تؤكد أن النساء اللواتي يجدن بيئاتهن المنزلية مرهِقة يكون مزاجهن متعكر ومكتئب خلال النهار، في حين أن اللواتي يعشن في بيئة متجددة ونظيفة؛ يكنّ أقل اكتئاباً.ليس كل شخص لديه نفس الانجذاب نحو التنظيف، وهي حقيقة قد تعرفها جيدًا إذا كنت قد تجادلت مع شخص آخر حول حالة حوض المطبخ لديه، وهذا له علاقة بالشخصية في جزء منه. بشكل عام، قد يكون الأشخاص الذين يحبون النظافة أكثر وعيًا بالتفاصيل بالدقيقة، كما تقول ساكسبي، في حين أن الأشخاص الذين لا يحبون التنظيف قد يكونون أكثر عشوائية وأقل تنظيماً.الجانب النفسي وراء تخفيف القلق والتوتر نتيجة للقيام ببعض المهام المنزلية والتنظيف يمكن أيضًا أن يكون له أساس تطوري، حيث يلجأ الناس أحيانًا إلى طقوس - بما في ذلك التنظيف - للحد من القلق والتوتر الناجم عن عدم القدرة على التحكم بتفاصيل أخرى من حياتهم، وفقا لما يقوله مارتن لانغ، عالم الأنثروبولوجيا التطوري في جامعة مازاريك في جمهورية التشيك، والذي يدرس طبيعة السلوك. "العقل البشري يحب التنبؤ بالأشياء.. ونود أن نعرف ما الذي سيحدث لأنه يسمح لنا بالصمود والبقاء وكذلك الاستفادة من الموارد في البيئة. عندما نفقد السيطرة - أو ندرك أن الأمور فوضوية وغير قابلة للتنبؤ بها، نشعر بالقلق والتوتر،" يضيف لانغ.ويستكمل لانغ كلامه قائلا: "من وجهة نظر تطورية، فمن المفترض أن يكون لهذا الأمر دوافع مفيدة .. إنه يدفعنا إلى اتخاذ الاحتياطات ومحاولة السيطرة على بيئتنا؛ لذلك لا يوجد شيء مفاجئ يمكن أن يلحق الضرر بنا. هناك عوامل أخرى تلعب دورا أيضًا، فإذا كان هناك نظام في داخل المنزل أو البيئة المحيطة، فنحن نشعر بالأمان مما قد يساعد في تفسير تأثير تخفيف الشعور بالقلق."
إعلان