انتحار


10 أسئلة

عشرة أسئلة لطالما أردت طرحها على عامل على الخط الساخن لمنع الانتحار

أوقات الذروة تكون عادةً خلال الأعياد- عندما تحتفل الناس بالأجواء الفرحة

كل 40 ثانية يموت شخص واحد حول العالم من الانتحار، ما يعني وفاة 2،160 شخص يومياً بحسب منظمة الصحة العالمية. والأصعب أن 79% من حالات الانتحار تقع في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط (من ضمنها العالم العربي). شخصياً، فكّرت بالانتحار أكثر من مرة ولكن لم أصل لحد التنفيذ. ولكن كان لدي دوماً الكثير من الأسئلة حول الانتحار، ولا يوجد شخص أفضل للإجابة على هذه الأسئلة أكثر من عامل هاتف على خط ساخن لمنع الانتحار. بمناسبة اليوم العالمي لمنع الانتحار، التقيت مع شيرين، 32 عاماً، في مقهى في بيروت للحديث عن عملها التطوعي لدى منظمة Embrace منذ عام ونصف والتي أسست أول خط ساخن لمنع الانتحار في لبنان (وربما العالم العربي)، وكان لديها الكثير لتقوله.

إعلان

VICE عربية: لماذا قررت التطوع مع منظمة Embrace؟ هل فكرت شخصياً بالانتحار سابقاً؟
شيرين: عملي في إحدى المستشفيات في لبنان في قسم الإعلام، جعلني أدرك أهمية الصحة النفسية والعقلية، إضافة إلى إيماني بأهمية محاربة وصمة (stigma) المتعلقة بمشاكل الصحة العقلية، وضرورة الحديث عنها. شخصياً، أعاني من القلق (anxiety) ولذلك أفهم تأثير المشاكل النفسية على حياة الشخص اليومية وتصرفاته ونمط حياته، وأفهم أهمية مساعدته والوقوف إلى جانبه، فكيف لو كان شخصاً يفكر بالانتحار؟

هل بامكان شخص كان لديه ميول انتحارية بأن يتطوع لهكذا منصب؟
تفكير الشخص بالانتحار لا علاقة له بمؤهلات الشخص وإمكانياته لممارسة مهنة معينة. نحن كمتطوعين نخضع لتدريبات مكثفة من أجل القيام بهذا العمل، كما نخضع للتقييم بشكل منتظم. يتم تقييم كل شخص بناءً على ادائه، بغض النظر عما إذا يعاني من أي مرض نفسي أم لا. كل ما يهمنا هو قدرة المتطوع على القيام بالخطوات الصحيحة. من المهم جداً أن يكون المجيب على خط الساخن قادر على تبسيط موضوع الانتحار وعدم القيام بأي ردات فعل قد تؤثر سلبياً على المتصل.

ألا تعتقدين أن هذا النوع من العمل يجب أن يمارس من قبل متخصصين في علم النفس؟
كلا، لا أظن ذلك ابداً، فانا لا اشخّص المتصل ولا أعطيه أي علاج. ما أفعله هو الاستماع الفعال (active listening) ومحاولة إيجاد الحلول بالتعاون مع المتصل. الهدف من تلقي الاتصالات هو مساعدة الشخص على إيجاد الحلول بنفسه، فأنا لا أقدم أي حلول ولا أعطي نصائح. السر هو الاستماع إلى المتصل ومساعدته بالتوصل إلى الحل من دون تدخلي المباشر… وكأنني أمسك يده إلى أن يصل إلى وجهته بنفسه.

ما هو عمر المتصلين بالخط الساخن بالعادة؟ وهل هناك أوقات ذروة للإتصالات؟
اتلقى شخصياً اتصالات من أشخاص من كل الأعمار، من 14 عاماً إلى 80 عاماً، ليس هناك فئة عمرية مهيمنة. لكل واحدة من هذه الفئات مشاكلها، فالاشخاص الكبار في السن لا يرون الهدف من العيش بعد الآن، والكثير منهم يعتبرون أنفسهم عبئاً على اولادهم لأسباب مختلفة. أما الشباب، فالكثير منهم يعانون من الحيرة حيال توجههم الجنسي مثلاً، حيث أتلقى الكثير من المكالمات من مثليي الجنس والمغايرين جنسياً، وهنا يجب التنويه إلى أهمية قبول الآخرين من قبل عامل الهاتف، مهما كانت ميولهم الجنسية إو مشاكلهم الشخصية أو معتقداتهم الدينية أو غيرها. أوقات الذروة تكون عادةً خلال الأعياد، أي عندما تحتفل الناس بالأجواء الفرحة. الفرح والبهجة قد تؤثر سلبياً على الأشخاص الذين يمرون بأوقات صعبة، مما قد يدفعهم الى التفكير بالانتحار خلال تلك الفترة أكثر من أي فترة أخرى على مدار السنة.

إعلان

ما هو أسوأ شيء يمكن أن تفعليه أثناء التحدث مع متصل، إن كان ذلك نصيحة أو ردة فعل معينة؟
أهم شيء هو عدم جعل المتصل يشعر بالذنب لأنه يفكر في الانتحار. مثلاً، لا يجب أن نقول للشخص الذي يفكر بالانتحار بأنه أناني، فهذه "العدائية" ستجعل الأمر أسوأ. نركز بالعادة على الايجابيات في حياته، كالنشاطات التي يحب ممارستها الأشخاص القادرين على مساعدته. الشخص الذي يفكر بالانتحار يكون متعب نفسياً، كما أنه على الأرجح يشعر بالذنب، فلا يجب أن نسمح لهذا الشعور بأن يتفاقم.

هل من سبب أو أسباب شائعة تدفع الناس الى التفكير بالانتحار؟
تختلف الاسباب طبعاً، ولكن من أبرزها المشاكل المالية، والتي تدفع البعض الى الظن بأن الانتحار هو الحل. وهناك المشاكل العائلية التي تتضمن العنف الأسري، فلم أكن أتخيل أن هناك هذا العدد من الأشخاص الذين تعرضوا للأذيّة من قبل الأم او الأب أو الأخوة -أذيّة جسدية أو عاطفية أو حتى إساءة لفظية. العنف الجنسي هو من أهم الأسباب كذلك للتفكير بالانتحار، أتلقى الكثير من الاتصالات من أشخاص قد تعرضوا للاغتصاب أو للعنف الجنسي. هذه المواضيع، وللأسف، من المحرمات في مجتمعنا واللوم يقع عادةً على الضحية، وبالتالي تفكر الضحية بالانتحار بدلاً من أن تجلب "العار." المثلية الجنسية تدفع البعض أيضاً للتفكير بإنهاء حياتهم، فالمثليين لا يشعرون بالأمان في مجتمعنا، خصوصاً عندما يكون جنس الشخص لا يعكس هويته.

ما هو أكثر اتصال ترك اثراً عليك؟ وهل حصل أن أصبح لديك علاقة صداقة أو رابطة خاصة مع أحد المتصلين؟
الإتصال الذي ترك أثراً كبيرا عّلي هو من من شابة مراهقة، وقد تعرضت للعنف الجنسي والاساءة اللفظية من قبل شريكها و كانت تفكر بالانتحار .حاولت دائماً أن أساعدها على توضيح وتعريف فكرة العلاقة الصحية بين شخصين و أشجعها على طلب المساعدة الأخصائية. كان ذلك من دون شك أكثر اتصال محزن بالنسبة إلي، فقد وجدت صعوبة في تصديق أن فتاة مراهقة قد تعرضت لكل هذه الأمور، وللأسف، ليس لديها أي شخص بإمكانه مساعدتها، بوجود أيضاً العنف داخل المنزل.

بخصوص الصداقات، هذا الأمر غير مسموح. نعاني من هذا الأمر كثيراً في الحقيقة، لأن الكثير من المتصلين يفضلون التحدث الى شخص معين، وافهمهم بعض الشيء، إعادة سرد نفس القصة إلى متطوع مختلف هو أمر متعب، خصوصاً وأنها قصص خصوصية جداً، ولكن نحاول دائماً ان نشرح لهم الخطأ في فكرة الاعتماد على شخص واحد.

لا شك أن هذه المكالمات لها تأثير نفسي عليك؟
بالتأكيد، ولكن يمكنني تخطي الأمر بفضل الدعم الذي أتلقاه من قبل المتطوعين الآخرين الذين يقدمون الدعم المعنوي، إضافة الى دعم المشرفين والمتخصصين في الاجتماعات التي نعقدها، حيث نتكلم بالتفصيل عن كل مكالمة تلقيناها وعن الصعوبات التي واجهناها مع المتصلين،، وبالتالي نخلق أجواء تساعدنا على التأقلم مع هذه المكالمات. عندما بدأت في هذا العمل التطوعي، كان الأمر مخيفاً بعض الشيء، فأنت لا تعلم أي شيء عن الشخص المتصل، ولا يمكنك أن تتوقع ماذا سيقول، ولكن تغير الوضع بمرور الوقت، ويمكنني القول إنني اعتدت على الأمر بفضل جهود كل المتطوعين في المنظمة.

هل تتلقين أي مكالمات بهدف المزاح (prank calls)؟
نعم، تلقيت 3 مكالمات كان هدفهم المزاح… حقيقة عليك ان تكون "بلا مخ" من أجل فعل ذلك. أفهم أن هناك أناس سيئون، ولكن أن تكون سيء لدرجة أنك قررت إستغلال خط ساخن لمنع الانتحار؟ للأسف، نتلقى الكثير من هذه الاتصالات، وبصراحة أظن أن هؤلاء الأشخاص بحاجة لعلاج نفسي.

الرقم الساخن هو 1564، ويتلقى الاتصالات من كل أنحاء لبنان بين الساعة 12:00 ظهراً و 2:00 بعد منتصف الليل بتوقيت بيروت، على أمل أن يصبح متوفراً 24/7 عند تأمين التمويل المطلوب لذلك.