رياضة

مقابلة مع سارة عصام المصرية الحاصلة على الحذاء الذهبي في الدوري الإنجليزي

زميلاتي في "ستوك سيتي" يطلقن عليَّ "مو سارة"، وأسعى لتغيير الصورة النمطية للاعبات كرة القدم باعتبارهن "مسترجلات"
Screen Shot 2019-07-09 at 2

"كان لدي حلم محدد وهو النجاح منذ وصولي لإنجلترا، كنت عايزة أعمل إنجاز حقيقي، مش مجرد سافرت وخلاص".. هكذا تلخص سارة عصام، المحترفة المصرية بصفوف نادي ستوك سيتي بالدوري الإنجليزي في مقابلتها مع "VICE عربية" رحلتها مع كرة القدم النسائية التي كللت مؤخرًا فوزها بجائزة الحذاء الذهبي لهذا الموسم..

سارة عصام (20عامًا) هي أول لاعبة مصرية وعربية تحترف في الدوري الإنجليزي لكرة القدم للسيدات، لكنها لم تكتف بذلك بل اقتناص الحذاء الذهبي، بعدما تصدرت قائمة هدافي الدوري الإنجليزي مع فريقها ستوك سيتي عقب تسجيلها 12 هدفًا خلال 12 مباراة هذا الموسم، لتحصل على الحذاء الذهبي لهداف الفريق الانجليزي.

إعلان

بدأت سارة عصام مشوارها الاحترافي كأول مصرية في الدوريات الأوروبية الكبرى قبل عامين (2017)، عندما انتقلت من نادي وادي دجلة المصري إلى ستوك سيتي الإنجليزي؛ لتنجح بموهبتها في إحراز عدة ألقاب بعد عام واحد من احترافها؛ حيث تم اختيار هدف "سارة " كأفضل هدف لستوك سيتي في شهر يناير 2018، كما تُوجت في ديسمبر الماضي بجائزة أفضل شخصية رياضية عربية لعام 2018 من مؤسسة لندن العربية.

شغف سارة بكرة القدم بدأ منذ كانت طفلة صغيرة تلعب من أخويها الذكور، حتى بدأت ممارسة كرة القدم في سن 13 عامًا، فانضمت إلى أكاديمية وادي دجلة ، ثم تم تصعيدها لفريق الناشئات ومنه للفريق الأول بنادي "وادي دجلة". شاركت "عصام" ضمن منتخب مصر للكرة النسائية منذ كانت في السادسة عشرة من عمرها ، كما شاركت في تصفيات كأس إفريقيا بجانب أكثر 25 مباراة دولية ، لتنطلق في مشوارها الاحترافي عام 2017 لنادي ستوك سيتي الإنجليزي.

Vice عربية: فلنبدأ بحصولك على جائزة الحذاء الذهبي لهذا الموسم.. ماذا تُمثل لك؟ وكيف كان طريق الوصول إليها؟
سارة: فخورة جدًا بهذه الجائزة، وفكرة احترافي كأول فتاة عربية وأفريقية في الدوري الإنجليزي وتمثيل مصر في نادي ستوك سيتي هو شرف ومسؤولية كبيرة جدًا، وإن شاء الله اللي جاي يكون أحسن. أما عن الطريق للوصول لهذه الجائزة فقد بدأ بحلم محدد، وهو النجاح منذ وصولي لإنجلترا. كنت عايزة أعمل إنجاز حقيقي، مش مجرد سافرت وخلاص. ركزت مجهودي وطاقتي وابتعدت عن كل مايُشتت ذهني للوصول لهذا الحلم، وأن تكون تجربتي وسيلة لتسهيل الطريق على فتيات أخريات في المستقبل. كم تمنيت وأنا صغيرة، العثور على لاعبة تحكي لنا كيف بدأت ممارسة كرة القدم وعن مشوارها وكيف وصلت للاحتراف، ربما كانت سهلت الطريق أمامي.

إعلان

إذًا الطريق للحصول على لقب "أول مصرية تحترف بالدوري الانجليزي" كان شاقًا؟
شاق جدًا وملىء بالمشكلات والتحديات؛ أبرزها غياب الدعم العائلي في البداية ومخاوفهم من إهمال دراستي. كانت أسرتي ترى ممارستي لكرة القدم "تضييع وقت" و"مش هتوصلي لحاجة"، في ظل نظرتهم لغياب الاهتمام بالكرة النسائية بشكل عام، ولكن رغم ذلك كان دعمي الوحيد هو "نفسي"، دائمًا كان هناك حوار داخلي أقوم فيه تشجيع ذاتي على المعاندة أكثر لإثبات نجاحي حتى أكسب ثقتهم ودعم عائلتي. على مستوى الكرة والتدريبات، اعتبر "مصر" مرحلة تحضير مهمة ساعدتني بقوة في الاحتراف، تعلمت خبرات جيدة من خلال انضمامي لنادي "وادي دجلة"، وكان النادي رقم (1) في الدوري، وشاركت معه في مباريات عديدة، حتى صعدت فريق أول ثم تأهلت للعب مع المنتخب. وصاحب لعبي في نادي "وادي دجلة" التزامي بواجب شخصي، يتناسب مع حلمي في الاحتراف، من خلال قيامي بالتدريب المكثف والشُغل على نفسي للوصول لمستوى معين يُمكننى من اللعب بالخارج، حتى نجحت في الانضمام بنادي ستوك سيتي الإنجليزى.

دائمًا يتم وصفك بأنك النسخة النسائية لمحمد صلاح في الدوري الإنجليزي.. مارأيك في هذه المقارنة ، وما هي حكاية " مو سارة" التي يُلقبك بها زميلاتك في الفريق؟
الموضوع جاء بالصدفة، كلانا كان يبدأ أولى سنواته في الدوري الإنجليزى؛ محمد صلاح مع "ليفربول"، وأنا مع "ستوك سيتي"، وكان صلاح يُحقق نتائج كبيرة بالتوازي مع نجاحي. كنت ظاهرة بشكل كويس في بدايتي، وزميلاتي كانوا يشجعوني ويضحكوا معي ويُغنوا لي "مو سارة" أثناء التمرين ويلقبونني بـ Egyptian queen، ومن هنا جاءت المقارنة، وهو شرف كبير لي، "صلاح" يحظى بشعبية كبيرة وجميع أعضاء فرقتي يحبونه جدًا.

إعلان

منحتك مؤسسة لندن لقب "أفضل رياضية عربية" لعام 2018 .. في رأيك لماذا تواجه الفتيات المصريات والعربيات بصفة عامة تحديات في ممارسة الرياضة وخاصة الرياضات التي تُصنف ذكورية مثل كرة القدم؟
اوًلا هذ اللقب من الجوائز المميزة التي حصلت عليها، وفخورة بها جدًا، لأنِ أول مصرية تحصل عليها فى مجال الرياضة، وأهديتها لأمي. أما عن صعوبة ممارسة الفتيات لكرة القدم يعود لاعتقاد البعض أنها رياضة عنيفة وتجعل الفتاة "مِسترجلة" وترتدي ملابس الرجال، وهذا تصور خاطيء، بلا شك كرة القدم تحتاج للقوة البدنية والعنف داخل الملعب فقط وليس خارجه.

وهل تعتقدين نجاحك العالمي سيساهم في تغيير هذه النظرة السلبية؟
أسعى لاستغلال هذا النجاح لتغيير هذه الصورة المأخوذة عن الفتيات التي تلعب كرة القدم، وسعيدة بالرسالة التي وصلت للأهالي في مصر. ومن ملاحظتي في الفترة الأخيرة، هذه الصورة بدأت تتغير عما كانت من قبل، والآن هناك عائلات تترك بناتها تشترك في أكاديميات لكرة القدم، وأصبح هناك تفهم أكثر لإمكانية جمع الفتاة بين الدراسة ورياضتها المُفضلة لها، وبدون مايكون شكلها مسترجل! واتمنى الاستمرار في توصيل هذه الرسالة لكل الأهالي في الوطن العربي، من خلال دراستى للهندسة بجانب كرة القدم، لأني عانيت من ذات المخاوف العائلية التي رفضت اتجاهي للرياضة في البداية، خوفًا من التقصير في دراستي.

كيف تُنظمين وقتك بين الدراسة لتخصص صعب كالهندسة وكرة القدم؟
اجتهد في التوفيق بينهم من خلال تنظيم الوقت ومواعيد الأكل والنوم، حتى يكون لدي طاقة كافية لاحتمال الضغط الذهني والجسدي للدراسة والرياضة، ولا أري مايحدث مستحيلًا أو لا يستحق بذل الجهد، بالعكس من يريد الوصول لهدف معين عليه التضحية من أجله، والاستغناء عن كل شيء ما يُشتته نحو تحقيق هدفه. أتمنى التخرج من كلية الهندسة ، والاستمرار في تحقيق التوازن والنجاح في كلا المجالين.

إعلان

ماذا عن مشاركتك ضمن فريق للتحليل النسائي في حفل افتتاح بطولة كأس الأمم الأفريقية .. كيف كانت التجربة لك ، وماهي الرسالة من وجود ستوديو تحليل نسائي لأول مرة بعد أن كانت حكرًا على الرجال فقط؟
فخورة وسعيدة جدًا بهذه المشاركة في الاستوديو التحليلي، وتبني شبكة إعلامية كبرى مثل (بي بي سي) لهذه التجربة، واختياري كلاعبة كرة قدم مصرية مع مجموعة من اللاعبات من دول أفريقية، لتحليل مباراة الافتتاح لبطولة هامة كالأمم الأفريقية، والتعليق على مباراة لفريق كرة قدم رجال. هذه خطوة كبيرة ستقفز بالكرة النسائية في العالم، خاصة وأنها تحدث في توقيت ممتاز يتزامن مع كأس العالم للسيدات، وهو مايسلط الضوء بقوة على كرة القدم للسيدات، ويُغير نظرة المجتمعات العربية تجاه ممارسة الفتيات لهذه الرياضة والتأكيد على أن الفتيات قادرات على ممارسة أدوار مختلفة في هذه الرياضة بين اللعب والتحليل الُكروي، وأنه ليس هناك حدود للبنت المصرية".

على ذكر كأس العالم للسيدات، لماذا غابت جميع المنتخبات العربية عن هذه البطولة؟
سأتحدث عن مصر، لم يُشارك المنتخب لغياب التخطيط للكرة النسائية في مصر، بالرغم من وجود مواهب جيدة جدًا، فلايوجد اهتمام كاف ولا إيمان بكرة القدم للسيدات. هناك حالة من الاستهتار عشان إحنا "كرة ستات" ولسنا "كرة رجال". المنتخب النسائي لم يشارك في معسكرات أو مباريات تصفيات تحضيرية منذ عام تقريبًا، لذا أتمنى أن يكون هناك خطط وتنظيم أكثر خلال الفترة القادمة، والاهتمام بالأجهزة الفنية حتى تُقدم تمارين على أعلى مستوى لللاعبات اللاتي يتمتعن بموهبة كبيرة، وأن يُصبح لنا منتخب ونصعد به كأس العالم ، وهو مايضع الكرة النسائية المصرية على الخريطة الدولية.

وبنظره عامة عن كأس العالم للسيدات.. كيف شاهدت البطولة هذا العام من حيث مستوى اللاعبات ومهارتهن؟
هي أفضل كأس عالم لكرة السيدات شاهدته، من حيث مستوى الأداء العالي للمنتخبات المختلفة، وهو ما يؤكد على مدى التطور والاحترافية التي وصلت لها الكرة النسائية في كل بلاد العالم، بل واهتمام الدول بها من حيث الإنفاق والدعم. فمثًلا رئيس جمهورية الصين أصدر قرار بإلزام أي فريق دوري ممتاز رجال أن يكون له فرقة كرة قدم نسائية، وهو قرار محترم جدًا. فأصبحت كل الدول تنفق بسخاء على منتخبات كرة القدم للسيدات، بعدما أثبتت اللاعبات كفاءتهن وتطورهن من الناحية الفنية والبدنية. ومن خلال متابعتي للبطولة وماشهدته من إقبال جماهيري وحضور المباريات والاهتمام الإعلامي من التصوير والكتابة عنها؛ لدي تفاؤل كبير بمستقبل كرة القدم النسائية وصعود أسهُمها بقوة ومن المحال عودتها للخلف. كرة القدم للسيدات أصبحت رياضة تحظى باهتمام الناس ومتابعتها، بقينا محترفين مثل الرجال بالظبط، وعقبال منتخبنا النسائي المصري ليصعد لكأس العالم " هذه أمنية حياتي .

وما المنتخب الأقرب لاقتناص كأس العالم في رأيك؟
المنافسة ستكون بين أمريكا، إنجلترا وفرنسا.

أخيرًا.. ما النادي الذي ترغبين في اللعب له مستقبلًا؟
لا يشغلني ذلك الآن، ولكن أُفُكر فقط في الخطوة الحالية ؛ وهي تحقيق النجاح وترك بصمة في نادي ستوك سيتي، والله أعلم هيحصل إيه بعد كده.