أصحاب الوسامة والجاذبية ليسوا مثل البقية مِنّا، بحكم طبيعتهم كأشخاص لديهم مظهر جميل، فإن الناس يعاملونهم بشكل مختلف، ووفقًا لعقود من أبحاث علم النفس، يمكن أن يشكل ذلك جوانب كثيرة من حياتهم؛ من وظائفهم، إلى شخصياتهم، وحتى كيفية رؤيتهم للعالم.
أولاً، قد يكون من المفيد تحديد معنى "جذّاب"، هناك بعض الأشياء المُرتبطة عالميًا بالجاذبية والوسامة، مثل تناسق شكل الوجه، والبشرة الصافية النضرة؛ لأن المعنى ربما يتطور ليصبح اختزالًا لصحة شريك محتمل، كما تظهر الدراسات أيضًا أن الوجوه ذات المظهر العادي تعتبر عادة أكثر جاذبية.
لا ترتكز الجاذبية على القدرة على رؤية الجمال فقط، ولكن أيضًا على اكتشاف النواقص والعيوب. تقول كريستين دونيلي، طالبة الدكتوراه في علم النفس التجريبي بجامعة كاليفورنيا، بسان دييغو: إنه كلما قل عدد العيوب، كلما بدا الشخص أكثر جاذبية.
يمكن أن تكون العناصر الأخرى للجاذبية، مثل شكل الجسم والوزن ولون البشرة، أكثر ذاتية وغير موضوعية وتأثرًا بالثقافة، كما أن هناك أشياء غير ملموسة يمكن أن تجعل الشخص يبدو جذابًا أيضًا، مثل ثقة الشخص أو رائحته أو صوته.
بالنسبة للتجارب النفسية، يُظهر الباحثون في بعض الأحيان للمشاركين عددًا من الوجوه لوضع خط أساس لما يعتبرونه جذابًا؛ في أوقات أخرى، يستخدمون الوجوه المُصنفة مسبقًا من قواعد البيانات، مثل قاعدة بيانات شيكاغو للوجه (وخاصة HotOrNot، ولكنها قائمة للمجال العلمي).
ظل الباحثون يبحثون في آثار الجاذبية لعقود، وتشير النتائج إلى أن اعتبارك جذابًا بشكل عام يعني أن الآخرين يعاملونك بشكل أفضل، ويقول لورين هيومان، أستاذ مساعد في علم النفس بجامعة مكغيل: "نفترض أن الأشخاص الجذابين لديهم صفات إيجابية ليس لها علاقة بجاذبيتهم الطبيعية"، وهذا ما يسمى أحيانًا بـ"تأثير الهالة".
ويضيف: الأشخاص أصحاب الجاذبية، يُفترض أن يكونوا بشكل عام أكثر ذكاءً وجديرين بالثقة ولديهم مهارات اجتماعية أفضل. نحن نجدهم أكثر إثارة للاهتمام، ونولي مزيدًا من الاهتمام للأشخاص الجذابين، لذلك نميل إلى الحصول على شعور أفضل في التعامل معهم كأفراد. الأشخاص حسنوا المظهر أكثر نجاحًا - حيث يحصلون على رواتب أكبر في العمل ويتم ترقيتهم بسرعة أكبر. إنهم في كثير من الأحيان أكثر سعادة أيضًا. حتى الآباء والأمهات يعاملون الأطفال الرضع ذوي المظهر الجميل بشكل أفضل من الأطفال الأقل جمالًا. يقول هيومان: إن الأمر لا يتعلق بالنظر إلى الأشخاص غير الجذابين بشكل أكثر سلبية، إنما فقط لا ينظر إليهم نظرة إيجابية مثل نظرائهم الأكثر جمالًا.
غالبًا ما نستشهد بهذه الصفات في الأشخاص الجذابين، استنادًا إلى معرفة قليلة جدًا بشخصياتهم؛ لذلك غالبًا ما يكون الأمر غير صحيح. لكن في بعض الأحيان، يمكن أن تصبح هذه الافتراضات تنبؤات تحقق نفسها بنفسها.
يقول دونيلي "إذا كنت شخصًا جذابًا يعيش في العالم وترى الجميع يفتحون لك الأبواب، ويشترون لك المشروبات، وأنت المُفضل لدى رئيسك، والمُفضل لدى والديك، فتذهب إلى فكرة أن العالم هو المكان الأفضل"، ويضيف: ربما تكون أكثر لطفًا وأكثر انفتاحًا للتواصل والتحاور مع الناس، على أي حال.
يمكن أن يكون هناك سلبيات لكونك جذابًا ووسيمًا جدًا. فالأشخاص المثيرين يمكن في بعض الأحيان أن يكون لهم الكثير من الخيارات بالنسبة لشريك حياتهم، مما قد يجعل الأشخاص أقل سعادة في علاقاتهم العاطفية أو حتى لديهم عمر زواج قصير.
الأشخاص الذين يصبحون أقل جاذبية مع تقدمهم في العمر، يمكن أن يكون لديهم تشكك في وجهة نظرهم حوال العالم، أو أن يصبحوا مهووسين في التعلق بالجمال بطريقة يمكن أن تسبب اضطرابًا نفسيًا.
يقول دونيلي: "إذا كنت قد قضيت كل حياتك مع هذا الشكل من المِنح، فالجميع يخبرك باستمرار أنك جذاب وأن الكثير من قيمتك الشخصية مرتبط بمظهرك، فقد يكون ذلك شيئًا خطيرًا".
وليس كل الأشخاص العاديين يعاملون الجذابين بشكل أفضل. قد يفترض الأشخاص الأقل جاذبية، الشعور بعدم الأمان أو الخوف من الرفض، وربما يفترضوا أن الأشخاص أصحاب الوسامة أغبياء (على الرغم من أن الدراسات تظهر أن العديد من الأشخاص الأكثر جاذبية هم في الواقع أكثر ذكاءًا). أظهرت دراسة أجريت عام 2010 أن هذا يمكن ألا يفيدك حقًا عند التقديم للوظائف – عندما يكون الرئيس في العمل جميلًا جدًا، بصرف النظر عن النوع، فهم يفترضون أن الشخص غير الجذاب، غير مؤهل.
يقول هيومان: "يبدو بشكل عام أن الصورة النمطية (عن الأشخاص الجذابين) إيجابية، لكنني أعتقد أنه يمكننا جميعًا التفكير في الأوقات التي لا يكون فيها هذا هو الحال".
بشكل عام، التحيزات هي شيء نريد التخلص منه، أليس كذلك؟ لكن افتراض أن الأشخاص الإيجابيين لديهم صفات جيدة قد يجعل العالم مكانًا أفضل بالفعل، ويقول هيومان: "إلى الحد الذي نتوقع أن يكون الناس فيه جيدين، يمكن أن تؤدي هذه التحيزات إلى ظهور أشياء جيدة، وبالتالي ليس بالضرورة أن يكون التحيز أمرًا سيئًا".
ويضيف هيومان: يصبح الأمر خطير جدًا إذا افترضت أن شخصًا ما غير مثير للاهتمام أو يستحق التحدث إليه بسبب مظهره، مشيرًا إلى أنه سيكون من المفيد التغلب على الافتراضات الأقل إيجابية حول الأشخاص الأقل جاذبية، ولكن ومع ذلك.. كيف يمكن أن نفعل هذا الأمر؟ هذا هو السؤال المختلف، والذي لم يحصل على إجابة عليه بعد.
يقترح دونيلي أننا قد نحاول توسيع تعريف ما يُعتبر جميلًا، وهو تحول شاق بدأ بالفعل يحدث بفضل المدافعين عن إيجابية الجسم ويدفعه بشكل أكبر عرض أشخاص من مختلف الألوان والأحجام في وسائل الإعلام.
في بعض الأحيان قد يكون من الصعب دراسة الجاذبية. يقول هيومان: "إحدى الصعوبات هي أنها تركيبة غير محددة المعالم- فالكثير من الأشياء تتداخل فيها؛ لذلك يتعين على الباحثين اتخاذ قرارات بشأن كيفية قياسها".
وعلى الرغم من أن العلماء قد قاموا بطي الكثير من هذه الأسئلة، إلا أن هناك بعض جوانب هذا المجال التي لم يتم استكشافها بعد. وأحدها هو كيفية نظر الناس الجذابة إلى أنفسهم وإلى الآخرين.
ينوي هيومان إجراء مزيد من التحقيق الدقيق، يتناول سؤال لماذا يرى الآخرون الأشخاص الأكثر جاذبية بصورة أدق من نظرائهم الأقل جاذبية.
ولجميع الأشخاص غير الجذابين، لا تقلق. لا تزال هناك أشياء يمكنك القيام بها لتبدو أكثر جاذبية وتجني بعض الفوائد. خذ النتائج التي توصلت إليها إحدى الدراسات التي أجراها هيومان في عام 2012: الأشخاص الذين قيل لهم أن يحاولوا ترك انطباع جيد كانوا أكثر ثقة وتم النظر إليهم بشكل أكثر إيجابية، بصرف النظر عن مدى جاذبيتهم.
الجمال، وكل الأشياء الإيجابية التي تأتي معه، قد تكون – وبالرغم من ذلك- أكثر من مجرد جمالًا سطحيًا.
نُشر هذا المقال في الأصل على VICE US.