FYI.

This story is over 5 years old.

مجتمع

أحب جسمي وأخجل منه في نفس الوقت

شباب عرب يحدثونا عن علاقتهم مع جسدهم وتأثير نظرة المجمتع عليهم
مجتمع

منال. تصوير جنى قزاز

متى آخر مرة نظرت إلى نفسك في المرآة ولم تجد عيباً واحداً؟ لا شك أن الاهتمام بالمظهر يزداد رواجاً مع انتشار مواقع التواصل الاجتماعي التي تعج بصور لناس يخلون من أية عيوب، وفي خضم انتشار استخدام هذه القنوات في الترويج للمنتجات من خلال الأشخاص، يصبح صعباً التمييز بين ما هو حقيقي وما هو مزيّف، وتصبح ردة الفعل الطبيعية أن يقارن المرء نفسه وشكله الخارجي بما يراه على تلك المواقع أو في الأفلام والإعلانات. هل يؤدي كل هذا إلى انعدام رضا الناس عن مظهرهم؟ وإن حصل ذلك، ما هو مستقبل الفردية والتميَز والاختلاف؟ تحدثنا مع عدد من الشباب العرب حول علاقتهم بجسمهم وتأثير المجتمع عليهم.

إعلان

لا أملك "معالم الأنوثة" التي يمجدّها الجميع
"أعاني مما يعرف ب"Body Dysmorphia" يراني الآخرون نحيلة أما أنا فلا أرى ذلك. عادة لكي أتمكن من رؤية جسمي على ما هو عليه ألتقط صوراً لنفسي في المرآة أو أنظر إلى جسمي ثم أنظر إليه من خلال الكاميرا لأرى كيف يبدو حقاً. لم أكن هكذا دائماً. كان جسمي طبيعياً لكني مررت بمرحلة عانيت فيها من أرق شديد فوُصفت لي أدوية للنوم وعلى ما يبدو كانت فاتحة للشهية، زاد وزني بعدها كثيراً وأصبحت عرضة لتعليقات الناس وتنمرهم ثم شعرت أن لا خيار أمامي إلا أن أحرم نفسي من الطعام، كنت أمضي اليوم بكمية قليلة جداً من الطعام أو بلا طعام أبداً، وحين كنت آكل ولو قليلاً كنت أشعر بالذنب وأجبر نفسي على التقيؤ. وصلت بعد عناء إلى وزني السابق لكني لم أتوقف هناك، ظل هذا الهوس معي وازداد سوءاً إلى أن أُدخلت إلى المشفى في يوم من الأيام بعد أن غبت عن الوعي. أُدخلت إلى المشفى أكثر من مرة في السنتين الماضيتين، أدخل إلى المشفى ويضعون لي أنبوبا للتغذية، وأحاول تخمين عدد السعرات الحرارية التي تدخل جسمي وأفقد صوابي. بعد أن أخرج أحاول أن أخسر الوزن الذي كسبته، ثم أدخل إلى المشفى مجدداً بعد أن أفقد الوعي، وهكذا. لا أظن أني سأكتفي أبداً، سيكون هنالك المزيد من الوزن لفقدانه دائماً. كما كنت أتعرض للمضايقات بسبب وزني الزائد سابقاً، أتعرض الآن للمضايقات بسبب جسمي النحيل. وعندما أرى الناس يمجدون نوعاً الأجسام الممتلئة (sexy) أشعر أني قبيحة جداً، كوني لا أملك أي "معالم أنوثة" التي يمجّدها الجميع، أجد في ذلك تفاهة ومع ذلك أكره نفسي بسبب هذه القناعات. لا أظن أنني سأشفى من هذا التناقض الذي بداخلي في أي وقت قريب." - منال، 19، طالبة

إعلان
1542262273531-Manal-2

منال.

لست طويلاً بما يكفي لرجل
"لطالما كان جسمي عادياً، لست نحيلاً ولست سميناً، لكني منذ مراهقتي بدأت أعاني من قصر القامة إلى حد ما، أذكر أنني كنت أتعرض للمضايقات بشكل متكرر لأني لم أكن طويلاً بما يكفي. لا زلت أتعرض للتعليقات كل حين وآخر، كوني رجلاً يُتوقع مني أن أكون أطول من أي فتاة أرتبط بها، مما يصعب الأمر نوعاً ما. المعايير التي يفرضها المجتمع على الرجل لا توازي في قسوتها تلك المفروضة على المرأة وأنا واعٍ بذلك تماماً، لكني في نفس الوقت أعاني من توقعات المجتمع والمرأة للرجل خصوصًا فيما يتعلق بطول القامة والعضلات المشدودة وما إلى ذلك. تقبلت منذ مدة وجيزة أن طولي سيبقى كما هو مهما حاولت تغييره، وكنت قد حاولت بالفعل أن أكتسب الطول، بحثت عن طرق وطبقت بعضها، لكن سرعان ما شعرت أني أضع ضغطاً لا داعي له على نفسي." -سيف، 21، طالب

1542262349110-Saif

سيف.

كفتاةً رياضية، يتوقع معظم الناس أن يكون جسمي خالياً من أي عيوب
"أحب جسمي أحياناً وأحياناً لا أطيق النظر إليه، خاصة عندما أذهب للسباحة. أذكر أني كنت أكره أنفي كثيراً خلال مراهقتي وأردت تغييره لكني الآن لا أمانعه، الآن أصبحت أهتم بحقن البوتوكس والفيلرز حتى لا تبدو على وجهي علامات التقدم في السن، لا أحب أن يبدو على وجهي أن عمري 30 عاماً. أما بالنسبة لجسمي فدائما أشعر أن علي التخلص من بطني البارز بعض الشيء والترهلات في تلك المنطقة. أحب الرياضة كثيراً وأمارسها بشكل شبه يومي منذ حوالي أربع سنوات. كفتاةً رياضية، يتوقع معظم الناس أن يكون جسمي خالياً من أي عيوب وكون جسمي لا يرضي هذه التوقعات، أتعرض لكثير من المضايقات والتعليقات حول بطني حتى أن بعض الأشخاص يعطوني نصائح حول كيفية التخلص منه. أثرت بي هذه التعليقات لفترة لا بأس بها ثم بدأت شيئاً بعد شيء أتعلم كيف لا أكترث بتلك التعليقات. كنت أخجل أن أرتدي ملابس تكشف بطني أحياناً لكني تجاوزت ذلك لأني لا أمارس الرياضة لكي أرضي أحداً، أمارسها من أجلي ومن أجل صحتي. أعتقد أن مواقع التواصل الاجتماعي تضع ضغطاً هائلاً علينا، وعلى النساء تحديداً، أصبح لدى الجميع هوساً في أن يبدو مثل الـ "fitness gurus" على انستغرام وأظن أن انتشار الصور المزيفة والمعدّلة يزيد من خطورة هذه الصور لأنها تولد معايير غير واقعية ومستحيلة. أنا واعية لهذا التأثير الخطر وأحاول تذكره عند تصفحي لمواقع التواصل الاجتماعي، وأحرص على أن أتجنب دخول انستغرام وأنا في مزاج سيء لأنه يحبطني." -ليان، 30، مديرة تسويق

إعلان
1542262401286-Layan

ليان. الصورة مقدمة منها.

لا أذكر أنني كنت في يوم من الأيام مرتاحاً بجسمي
"بشكل عام، أستطيع القول أني لست مرتاحاً تماماً بجسمي، ولا أذكر أني كنت في يومٍ من الأيام مرتاحاً مع جسمي خاصة بعد فترة المراهقة، لكني لم أشعر أن تلك مشكلة لأنني لست في علاقة مع أحد، ليس في حياتي أحد لديه توقعات حول مظهري ويتوقع مني أن أبدو بصورة ما، لذا أقنعت نفسي أن لا ضرورة لأن أقلق في هذا الشأن. أشعر أن علي فقدان الوزن مؤخراً، ولا أعتقد أن هذا الشعور يأتي من داخلي، ولكنه أيضاً مرتبط برغبتي في أن يرى الآخرون جسمي دون التعليق عليه أو مضايقتي بشأنه. نادراً ما يكون الدافع لتغيير شكلي شخصياً تمامًا، عادة يكون نابعاً من القلق حول مظهري في أعين الآخرين."
- كمال، 22، صحفي مستقل

كنت أخجل من لون جسمي
"أحب جسمي وأخجل منه في نفس الوقت. أشعر أنني لا أعطيه اهتماماً كافياً، أقول دائماً أني سأبدأ بالاعتناء به بشكل أفضل وأتخلى أن الأطعمة والمشروبات التي تزيد من الدهون في منطقة بطني، لكني دائماً أنسى الأمر وأعود في اليوم التالي لأخبئ بطني دون تغيير أي شيء في حميتي. كنت وأنا صغيرة أخجل من لون جسمي، لأن الفتاة لا يمكنها أن تكون جميلة إن كانت بشرتها داكنة. أحياناً كنت أتلقى تعليقات مثل "يا عبدة" وأنا أمشي في الشارع، كان ذلك يؤذيني ويخجلني ولم أكن أعلم كيف أتدارك الموضوع، ما هو رد الفعل المناسب؟ هل أضحك أم أشتم من قالها أم أتظاهر بأني لم أسمع؟ وكنت في العادة أتظاهر أني لم أسمع. حاولت إخفاء لوني بمستحضرات التجميل وكان يبدو شكلي مضحكاً حين كنت أفعل ذلك وحاولت تغيير لوني باستخدام كريمات التفتيح المليئة بالمواد المضرة وكان بعضها غير مرخص حتى، وأدى استخدامي لهذه المنتجات إلى ظهور بقع على جسمي كالبهاق، لكني كنت مستعدة لتجربة أي شيء إن كان يحمل ولو أملاً كاذباً، أي شيء لأشعر أني جميلة، أو ليشعروا هم أنني جميلة، لكن لم ينفع أي شيء، اتضح لي أن لا مفر من لوني. حاولت تغيير شعري، حتى أني لا أعلم ما هي طبيعة شعري ولا نوعه ولا أعرف كيف أتعامل معه أو أسرحه. حين كنت في الثامنة عشر بدأت أخيطه بوصلات شعر ناعم وأحاول أن أخبئه بأي طريقة ممكنة لأن الفكر السائد كان أن الشعر الناعم الطويل هو الشعر الذي يجب على كل امرأة امتلاكه وإلا فلا تُعتبر جميلة.

إعلان

بدأت أتقبل جسمي شيئاً فشيء عندما بلغت التاسعة عشر من عمري بعد أن استوعب أن هذا جسدي، جسدي أنا، وهو باقٍ معي طيلة ما حييت. تطور حبي لذاتي، وأرى أن ما خضته ولا زلت أخوضه يزيد من حبي لذاتي ولجسمي ويقوي علاقتي به، أرى أن جمالي يكمن في كوني حاربت من أجل نفسي، ما مررت به جعلني أقدر لوني وشعري كما لم أقدّرهما من قبل، أقدّر اختلافي وأرى فيه جمالاً، سواء وافقني المجتمع في ذلك أم لا." -زين، 22، طالبة

1542262820311-Zayn-1

زين.

الضرر متجذر لدرجة أنه أصبح جزءاً مني
"لطالما كنت أشعر أن علي فقدان الوزن خصوصاً في منطقة البطن، لكنني بعد أنهيت المدرسة شعرت أني أقبح من أي وقت مضى. بدأت أفقد الوزن بسرعة، خسرت كثيراً من الوزن لكن لم أشعر يوماً أن علي التوقف، وبعد سنة بدأ الناس يعلقون على ضعفي الشديد. أظن أن معظم التعليقات لم تكن من باب الحرص على صحتي بل من باب أن الجسم النحيل إلى هذه الدرجة ليس جذاباً أو جميلاً. كنت في سنتي الأولى من الجامعة حينها، ومن ذلك الوقت وحتى تخرجي كنت أحاول باستمرار كسب الوزن، وحين نجحت في ذلك، كنت لا أزال لا أعتبر جذابة أو جميلة لأني كنت أزداد جحماً في "الأماكن الخاطئة" وكأن علي أن أعطي توجيهات لجسمي أن يتغير في الأماكن التي أريد.

أدركت بعدها أننا كائنات متناقضة ومستحيلة الإرضاء وأن الحياة أقصر من أن أقلق حيال أمور كهذه، لأنك إن فكرت في الموضوع، لماذا يحاول أي منا أن يبدو جذاباً؟ أليس ذلك لإرضاء العيون؟ ثم حين تفكرين بالسبب يكون عادة أنك تحبين أن تشعري أنك مرغوبة، تريدين أن يكون جسمك قابلاً للاستهلاك. بالنسبة لنا كنساء، نحن نتعلم بطريقة ضمنية ومنذ الصغر أن قيمتنا كأشخاص تأتي من مظهرنا ومن قدرتنا على إرضاء الرجل بصرياً وجسدياً. عندما تحررين نفسك من كل هذه الضغوطات، تعرفين نوعاً من الحرية لا يعرفه كثيرون. لا أقول أنني تحررت بل لا زلت أشعر أن قيوداً أو بقايا قيود، لا زالت في داخلي وتقول لي ماذا أرتدي وماذا أتناول من طعام وإن كان مظهري جيد بما فيه الكفاية أم لا، الضرر متجذر لدرجة أنه أصبح جزءاً مني، وأحيانا أشعر أني أقسى على نفسي من أي أحد آخر. " - ياسمين، 22، خريجة جامعية

إعلان
1542262494373-Yasmeen

ياسمين.

لن أحاول فقدان الوزن لإرضاء أحد مرة أخرى
"عندما كنت في السابعة من عمري، انتقلنا من الإمارات إلى الأردن. تركت أصدقائي وزملائي في الإمارات، ولم أكن أعرف أحداً في الأردن، وكان التغير الكبير في البيئة والمجتمع صادماً بالنسبة لي، وُضعت في مدرسة حكومية غير مختلطة، وكان ذلك غريباً بالنسبة لي فكنت معتاداً على مدرستي المختلطة. وجود ذلك الفراغ في حياتي جعل الطعام يبدو كالحل، فوجدت فيه ملاذاً، وبدأت أكسب الوزن. لم أهتم كثيراً أن وزني قد زاد حتى خلال فترة المراهقة لأنني كنت في مدرسة غير مختلطة، لذا لم يكن هناك ضغط لأن أُعجب أحد أو ألفت نظر أحد. كنت عرضة للتعليقات والتنمر غير المباشر، حتى من قبل أصدقائي، وأظن أن ذلك زاد من حجم مشكلتي وخلق لدي حلقة مفرغة فكانت تلك التعليقات تؤثر بي، فألجأ إلى الطعام مرة أخرى فأزداد وزناً وتزداد التعليقات وهكذا.

قبل أن أتخرج من المدرسة بدأت أشعر بالقلق حيال المرحلة القادمة إذ كنت مقبلاً على حياة جديدة ومجتمع وبيئة جديدين، لذا شعرت أن علي أن أفقد الوزن. أظن أن رغبتي في فقدان الوزن كانت نابعة من حاجتي للانتماء ولإرضاء المجتمع، وأظن أن ذلك كان سبباً أساسياً في عدم قدرتي على فقدان الوزن حتى عندما حاولت جاهداً. بعد أن جربت الحياة الجامعية وجربت العمل في مجال المبيعات بدأت أنضج شيئاً فشيئا ًونضجت نظرتي لذاتي، فبعد احتكاكي وتعاملي مع عدد هائل من الناس بسبب الجامعة والعمل، أدركت أن معظم الناس لا يرون جسماً فحسب عندما ينظرون إلي، ولا أحد يأبه بمظهري، بل إن معظم اهتمام الشخص الآخر يكون منصباً في طريقة تعاملي معه وفي اهتماماتي وشخصيتي- في معظم الحالات على الأقل. ومنذ ذلك الحين قررت أني لن أحاول فقدان الوزن لإرضاء أحد مرة أخرى لأن ذلك ليس منطلقاً سليمًا، قراري بفقدان الوزن سيكون من باب حرصي على صحتي وحسب." -فراس، 23، مهندس برمجيات

الجسم المثالي هو الجسم الصحي المتين
"أعتقد أن علاقتي مع جسمي تكون في أفضل حالاتها عندما أتبع نظاماً رياضاً بشكل منتظم وأشعر أنني قادرة على تقبله مهما كان لأنني أكون مقتنعة أني أفعل ما علي وأعطيه الاهتمام الكافي. لكن عندما أتوقف عن ممارسة الرياضة بشكل منتظم تبدأ المشاعر السلبية تجاهه بالظهور. بالنسبة لي، الجسم "المثالي" هو الجسم الصحي المتين والذي يعينك على ممارسة النشاطات اليومية دون إجهاد. لم أشعر في يوم من الأيام أن مواقع التواصل الاجتماعي تؤثر علي سلباً، أعتقد أن ذلك يحدث حين يكون المرء لا يحب جسمه أساساً. بالنسبة لي، حين أرى صور الأشخاص الذين يمارسون الرياضة وأرى أجسامهم يعطيني ذلك دافعاً وحافزاً لأعود إلى ممارسة الرياضة بشكل منتظم" -هبة، 23، طالبة

1542262609594-Hiba

هبة.

جميع الصور من تصوير جنى قزاز.