taliban-fighters
مقاتلو طالبان على ظهر سيارة في كابول، أفغانستان. استولت جماعة طالبان على العاصمة كابول في 15 أغسطس. استقال الرئيس أشرف غني من منصبه وهرب إلى الخارج. الصورة: STRINGER / SPUTNIK من خلال AP
مجتمع

"أنا أبكي بلا توقف"-الشابات الأفغانيات مرعوبات من العيش في ظل حكم طالبان

النساء الشابات اللواتي لم يسبق لهن تجربة نظام الجماعة الإسلامية خائفات بشكل خاص مما هن على وشك خسارته

كانت آينا تبلغ من العمر 8 سنوات عندما شاهدت التلفزيون لأول مرة. كانت مفتونة بالعروض، والمغنيين، وفوق كل شيء، النساء الجميلات اللواتي سُمح لهن فجأة بالظهور على الشاشة. كان ذلك في عام 2001، العام الذي سقط فيه نظام طالبان. وتقول الشابة البالغة من العمر 26 عامًا لـ VICE World News "كنت طفلة، كان كل شيء جديدًا."

يصبح صوتها أكثر حماسة بينما تتذكر شيئا آخر: "مشاهير المطربين ظهروا في ذلك الوقت وأقام بعضهم حفلات في المدن الكبرى. حتى في مدينتنا غزنة، وذلك لأول مرة. كنت مع إخوتي وعائلتي وأعمامي. كان الجميع سعداء للغاية لأنه تم تحرير الناس من نظام طالبان. وكان هناك نوعًا من الفرح لن أنساه أبدًا. كان الجميع يرقصون ويصفقون."

إعلان

تمهلت قليلاً ثم قالت: "كنت صغيرة جدًا. أتذكر ذلك ... لقد كان الأمر مذهلاً للغاية، ولن أنساه أبداً."

لكن هناك ذكرى أخرى حدثت لها في وقت سابق، عندما كانت في الخامسة من عمرها فقط. هذه حادثة محفورة بعمق في ذاكرتها، عندما كانت طالبان لا تزال في السلطة. استقلت آينا الحافلة مع والدتها ومجموعة من النساء للذهاب للتسوق من أجل حفل زفاف. تمت رؤيتهن من قبل جماعة طالبان وهن يسرن وليس معهن رجل، وكان بعض النساء يرتدين أحذية الكعب العالي. قالت: "لقد ضربوهن، ومن بينهن أمي.. ضربوهن وجلدوهن على أرجلهن تحت الركبة."

وتقول بهدوء هذه المرة: "لن أنسى ذلك أبدًا.. أنا أخاف من حدوث ذلك مرة أخرى."

آينا هي واحدة من العديد من النساء الشابات في أفغانستان اللواتي لديهن ذكريات عن حكم طالبان في مرحلة الطفولة، واللواتي مررن بتغيرات هائلة في حياتهن على مدار العشرين عامًا الماضية منذ أن أطاحت الحكومة الأفغانية المدعومة من الولايات المتحدة بطالبان.

solo-fighter.jpeg

مقاتل من طالبان يظهر في شارع في كابول، أفغانستان. الصورة STRINGER / SPUTNIK من خلال AP

عندما كانت طفلة، تقول آنيا إنها تتذكر الذهاب إلى المدرسة الابتدائية - سمحت طالبان للفتيات بالحصول على التعليم فقط حتى سن العاشرة - ولكن بعد الغزو الأمريكي، التحقت بالمدرسة الثانوية حتى وصلت إلى الجامعة. أثناء الدراسة، كانت تعمل بدوام جزئي وتعلمت فنون الدفاع عن النفس. بعد التخرج، ذهبت مباشرة إلى العمل، وعاشت بمفردها، واستأجرت مكانًا في كابول.

لقد حصلت على امتيازات لم يكن والداها يتخيلان أبدًا أن ابنتهما ستحصل عليها، أحلام ورفاهيات لم يكن بإمكانهما سوى تخيلها، تم إحراز تقدم سريع على مدى العقدين اللذين كانت فيهما الحكومة الأفغانية في السلطة.

إعلان

ولكن بنفس السرعة، يبدو أنه قد تم سلب وانتزاع ذلك التقدم. 

وتقول في يوم الثلاثاء، بعد يومين فقط من انهيار الحكومة الأفغانية مع وصول طالبان إلى العاصمة الأفغانية "لم أكن أتوقع أن تتغير الأمور بهذه السرعة. أصابنا الذعر. لقد صُدمنا. لا أستطيع إيقاف دموعي.. لقد بكيت .. أنا أبكي بلا توقف."

وصلت طالبان إلى السلطة في عام 1996، عندما كانت آينا في الثالثة من عمرها فقط. خلال نظام الجماعة الإسلامية الأصولية الذي استمر خمس سنوات، مُنعت الفتيات من المدرسة أو تم اقتصار التعليم على سنوات قليلة من عمرهن، ولم يكن بإمكانهن العمل. حتى عندما سُمح لهن بالذهاب إلى المدرسة، فإن هؤلاء الفتيات ما زلن يواجهن مخاطر مثل التحرش الجنسي والاعتداء عليهن ورش ماء النار على وجوههن.

حظرت طالبان صالونات التجميل والمستحضرات التجميلية، ومنعت مشاركة النساء في الألعاب الرياضية، ولم تسمح للنساء بالخروج في الأماكن العامة إلا برفقة رجال. كما كان يجب تغطيتهن من الرأس إلى أخمص القدمين بالبرقع، وفي بعض الأحيان كن يعاقبن بسبب كاحل مكشوف أو طلاء أظافر على أطراف أصابعهن. التلفزيون والموسيقى والأفلام كانت محظورة أيضًا.

كل ذلك تغير في عام 2001.

في العقدين الماضيين، حصلت الأفغانيات على التعليم العالي. على الرغم من الهجمات المستمرة والقاتلة في كثير من الأحيان على المدارس من قبل الجماعات المسلحة، فإن الفتيات الأفغانيات اليوم لديهن طموحات مهنية. في مايو، أعلنت جامعة هيرات أن أكثر من 50٪ من طلابها من النساء.

في عام 2004، بعد نهاية نظام طالبان، مثلت النساء الرياضيات لأول مرة أفغانستان في الألعاب الأولمبية. منذ ذلك الحين، تمكنت النساء الأفغانيات من التنافس في فرق رياضية مثل كرة اليد والكرة الطائرة والتدريب على رياضات مثل التايكوندو ورفع الأثقال. هذا العام، كانت العداءة كاميا يوسفي هي المرأة الوحيدة من بين الرياضيين الخمسة الذين أرسلتهم أفغانستان إلى الألعاب الأولمبية. كانت أيضًا حاملة العلم في حفل الافتتاح.

إعلان

كما لم يعد يُطلب من النساء الأفغانيات ارتداء النقاب في التجمعات العلنية والمناسبات العامة، ويُسمح لهن بالسفر بحرية بمفردهن. على وسائل التواصل الاجتماعي، يمكن رؤية المؤثرات الأفغانيات الشابات بقصات شعر رياضية عصرية، ومكياج جريء، ومزيج من الملابس التقليدية وملابس ذات الطابع الغربي. يغنون موسيقى البوب ​​ويذهبون للرقص ويستمتعون بالحفلات والكافيهات العصرية في شوارع كابول.

لكن هذا كان الأسبوع الماضي.

intl-womens-day.jpeg

نساء أفغانيات يحضرن مناسبة للاحتفال باليوم العالمي للمرأة في كابول، أفغانستان، الأحد، 7 مارس 2021. الصورة: AP / RAHMAT GUL

بعد أن استولت طالبان على السلطة بسرعة البرق في الفترة التي سبقت الانسحاب الكامل للقوات الأمريكية بعد 20 عامًا من الحرب، تغير كل ذلك. منذ يوم الأحد، كانت النساء يختبئن في المنزل، غير واثقات مما يمكنهن عمله ومما لا يستطعن ​​فعله، ينتظرن لمعرفة ما إذا كان نظام طالبان الجديد هذا سيعيد نظام التسعينيات. تم إغلاق مكان عمل آينا منذ يوم الإثنين، وهي تخشى الخروج بمفردها، مثل النساء الأخريات، حتى مع وجود موقف أكثر اعتدالًا لدى طالبان، حيث تزعم أن النساء يمكنهن الاستمرار في عيش حياتهن بشكل طبيعي.

في مقابلة مع بي بي سي بعد السيطرة على السلطة، حاول المتحدث باسم طالبان سهيل شاهين طمأنة النساء أنه ليس لديهن ما يمكن أن يخفن منه وأن "بإمكانهن عيش حياتهن بشكل طبيعي." وقال: "لا ينبغي أن يخفن. وقال إن حقهن في التعليم والعمل مضمون.. لدينا التزام بذلك." في صباح الثلاثاء، بدا أن طالبان تدعم هذا الادعاء، عندما وافق ممثل طالبان البارز، عبد الحق حماد، على إجراء مقابلة على أكبر قناة إخبارية في البلاد، من قبل الصحفية بهستا أرغاند - وهو مشهد لم يكن من الممكن تصوره منذ عقدين من الزمن.

ولكن لا يزال من السابق لأوانه معرفة ذلك. وفي مجالات أخرى، تشير تقارير عن القيام بإرسال نساء من العمل إلى منزلهن إلى أن حقوق المرأة لا تزال في خطر. ولا تزال الجامعات والمدارس مغلقة بينما تنتظر طالبان انتقالًا رسميًا للسلطة من حكومة فرت.

إعلان

بالنسبة للنساء مثل آينا، فإن حالة عدم الثقة مخيفة، والعودة إلى الحياة السابقة لا تطاق.

قالت: "أخشى العودة إلى الظلام، إلى الأيام التي لم تكن فيها المرأة قادرة على الوصول إلى التعليم والعمل" مضيفة أن إجبارها على البقاء في المنزل، حتى في اليومين الماضيين، كان "أمرًا بشًعا." وقالت: "لا أستطيع أن أتخيل كيف سأعيش أو كيف سأتعامل معهم. هذا صعب للغاية بالنسبة لي.. ليس من الواضح ما هي قواعدهم وقوانينهم المتعلقة بالمرأة."

وبينما هن ينتظرن، بدأت العديد من النساء بالفعل في إجراء تغييرات لحماية أنفسهن. تم إلغاء تنشيط حسابات وسائل التواصل الاجتماعي للشابات الأفغانيات اللواتي أحبن مشاركة ملابسهن الجديدة، وأسفارهن، وصورهن الذاتية، وتم محو الصور. قامت إحدى المؤثرات التي اشتهرت بأسلوبها وفنها العصري، ولديها أكثر من 50 ألف متابع على انستغرام، بإزالة صورة ملفها الشخصي ومحو منشوراتها، قبل إلغاء تنشيط حسابها نهائيًا.

وعنذ ذلك تقول لـ  VICE World News: "أنا حقًا بحاجة إلى مغادرة البلاد، فأنا معرضة للخطر. إذا علمت طالبان عني، فسأكون في خطر شديد. نحن جميعًا في خطر شديد للغاية." وتضيف: "في الوقت الحالي، أعيش أنا وعائلتي في حالة كاملة من الذعر والخوف وبعيدين تمامًا عن العالم الخارجي والمجتمع. لقد تلقيت العديد من التهديدات وإذا أمسكت بي طالبان، يمكنهم بسهولة معرفة عملي وسأكون في خطر مباشر."

مؤثرة أخرى، وهي إحدى صديقات آينا، لديها 300 ألف متابع على انستجرام. ألغت حسابها أيضًا بسبب الخوف، غير واثقة من قواعد وقوانين طالبان بخصوص وسائل التواصل الاجتماعي.

إعلان

تستمر الشابات الأخريات، وهن مواطنات من الجيل الرقمي، في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي للتعبير عن مخاوفهن وحزنهن من فقدان تقدمهن.

تاها التي لا تتذكر شيئًا عن حكم طالبان كان عمرها عامين فقط عندما سقط النظام، لجأت إلى تويتر للتعبير عن رغبتها في إنهاء شهادتها الجامعية وخوفها من الاضطرار إلى إجبارها على ارتداء النقاب. وأضافت: "أنا في حالة إنكار."

على إنستغرام، نشرت لاعبة رياضية في العشرينات من عمرها صورًا لها عندما بدأت ممارسة الرياضة لأول مرة في عام 2013، ثم تنافسها في الخارج في عام 2018، قبل إضافة رمز تعبيري حزين إلى تعليق بسيط وهو: "اليوم." في منشور آخر، كتبت :"وداعًا لعلَمي الجميل" جنبًا إلى جنب مع صورة تمثل علم البلد. وأضافت:"لا يمكنني أن أرفعه بعد الآن."

في جميع أنحاء كابول ومقاطعات أخرى في البلاد، حل علم طالبان الأبيض محل العلم الأخضر والأسود والأحمر الذي كان يرفرف فوق المباني الحكومية. يثبت الاستيلاء السريع على السلطة من طالبان أنه بعد 20 عامًا من سقوطهم، أصبحوا أقوى مما كانوا عليه في أي وقت مضى.

لكن النساء الأفغانيات كذلك أصبحن أكثر قوة.

taliban-flag.jpeg

علم طالبان يرفرف فوق منزل حاكم محافظة غزنة، جنوب شرق أفغانستان، الأحد، أغسطس. 15، 2021. الصورة: AP / GULABUDDIN AMIRI

في استطلاع على المستوى الوطني أجرته مؤسسة آسيا في الفترة من سبتمبر 2020 إلى فبراير 2021 وشارك فيه أكثر من 12 ألف مشارك، قال أكثر من 80 في المئة إنه من المهم جدًا حماية حقوق المرأة في اتفاقية سلام.

إنه شعور يتشاركه الكثيرون مثل آينا، شعور بالتحدي بالرغم من الخوف، ينتشر في بعض الأماكن وفي المحادثات الخافتة الهادئة. وتضيف: "لن أكون قادرة على التنفس إذا لم يسمحوا لي بالخروج.. لا يمكنني أن أكون محبوسة بأي شكل من الأشكال."

إعلان

تقول آينا، التي لا ترتدي الحجاب خلال حياتها اليومية، إنها لا تستطيع تغيير ملابسها، وأن صديقة أخرى تحدثت معها قالت إنها هي أيضًا سترفض النقاب.

أصرت تاها أيضًا على أنها ليست مستعدة لترك الحياة التي تعرفها: "أنا أبلغ من العمر 22 عامًا، أريد حرية التعبير والتعليم المجاني وحرية الذهاب إلى أي مكان أريده."

يبدو أن هذا التمرد الصغير يفسح المجال لشيء قوي: الأمل.

وتضيف تاها:"أشعر وكأنني في نفق. ليس مظلمًا حقًا، لكن لا يمكنني رؤية أي ضوء أيضًا. لا أعرف كم يبلغ طول النفق..لكن دعونا لا نفقد الأمل."

تم تغيير أسماء النساء لحماية هويتهن.

مع تقارير من بالافي بوندير وكوه إيوي.