انفوبايتس

ما بعد روبوتات الدردشة: كيف يغير الذكاء الصناعي تفاعلنا مع التكنولوجيا

ساهم الذكاء الصناعي تحديدًا في نقل روبوتات الدردشة التفاعلية  إلى مستوى مختلف، حتى صارت بعضها اليوم تقوم بتنفيذ تحويلات مالية وتحليل طلبات الزبائن، وحجز تذاكر السفر
1387142582000-jump-2HER
إيمي آدامز وخواكين فينيكس في فيلم "Her"- المصدر: وارنر برذرز

لم يفز فيلم "هي" Her الشهير، حول حالة الحب بين "ثيودور" (الممثل خواكين فينيكس) ونظام تشغيل جديد، بالعديد من الجوائز العالمية باعتباره فيلم خيال علمي فقط؛ فحبكة السيناريو المُحكم تتناول واحدة من أبرز سمات الحاضر والمستقبل: التواصل والتفاعل البشري مع الروبوت. ولكن هل بمقدور الذكاء الصناعي أن يتطور إلى حد اكتساب السلوك الإنساني؟

ترتبط الإجابة على هذا السؤال الإشكالي بالسياق المطروح فيه، فنحن نعلم أننا نستطيع الإعتماد على روبوتات الدردشة Chatbots في المجال الذي تم تطويرها من أجله. بمعنى أخر، إذا سألت روبوت دردشة مخصص لمتابعة طلبات الطعام عن أسعار النفط، فيمكنك أن تتوقع إجابات مريعة وأحيانا مضحكة.

إعلان

ولكن قبل أن نخوض في سمات روبوتات الدردشة بواسطة الذكاء الصناعي Chatbots AI، لا بدّ من الإضاءة على تاريخ تطور روبوتات الدردشة عمومًا.

تاريخ تطور روبوتات الدردشة
في العام 1966، أبصرت Eliza النور في مختبرات MIT للذكاء الصناعي. Eliza كانت برنامجًا حاسوبيًا ينفذ الأوامر الُمدخلة له عبر لوحة المفاتيح Keyboard.  روبوت الدردشة اللاحق كان Parry الذي طوره طبيب نفسي في جامعة "ستانفورد" بهدف محاكاة مصاب بالسيكوزوفرينيا.

استمرت المحاولات في التسعينات ومطلع الألفية الثانية، حتى قامت "تلغرام" telegram  بفتح تطبيق محادثتها أمام المبرمجين، فشهد سوق تطوير الـ Bots تنافسًا بعد أن اقتحمته فايسبوك أيضًا في العام 2016. وشهد مسار تطوير روبوتات الدردشة ثورة حقيقية مع نجاح شركة "آبل" Apple في إطلاق المساعد الصوتي Siri، ثم تبعتها "غوغل" بمساعدها الصوتي الخاص بأجهزة "أندرويد" وأطلقت "مايكروسوفت" مساعدها "كورتانا" Cortana.

ساهم الذكاء الصناعي تحديدًا في نقل روبوتات الدردشة التفاعلية  إلى مستوى مختلف، حتى صارت بعضها اليوم تقوم بتنفيذ تحويلات مالية وتحليل طلبات الزبائن، وحجز تذاكر السفر وتعزز حملات التسويق وغيرها الكثير من المهام، بعد أن كانت تقتصر استخداماتها على تقديم إجابات مسجلة مسبقا على الأسئلة الأكثر شيوعاً للمستخدمين.

ومع التطور في برمجتها، شهدت روبوتات الدردشة بواسطة الذكاء الصناعي تحسينات كبيرة في عناصر واجهة المستخدم UI، كما باتت أكثر قدرة على تحليل المشاعر الإنسانية إن صحّ التعبير وفهم المقصود من اللغة ومعاني الكلمات بما فيها تلك التي تحوي أخطاء إملائية.

إعلان

بمقدور أي مستخدم للإنترنت في أيامنا هذه بناء روبوت دردشة من دون حيازة أي خبرة تقنية، بفضل منصات رائدة، مثل Chatfuel،  وBotsify، وغيرها، ولكن تطوير روبوتات دردشة متقدمة يتطلب معرفة بتعلم الآلة Machine Learning، وبمعالجة اللغة Natural Language Processing، وبتقنيات التعرف على الكلام Speech recognition.

الذكاء الصناعي وروبوتات المحادثة 
يُتيح الذكاء الاصطناعي  لروبوتات الدردشة أن "تُدرك" الفروقات الصغيرة في المعاني والكلمات، بما في ذلك المفردات الشعبية والنحوية والعامية. نحن هنا نتحدث عن اللغة الانجليزية بالدرجة الأولى بطبيعة الحال. علاوة على ذلك، بمقدور الذكاء الصناعي فهم نوع مشاعر المستخدم والاستجابة وفقاً للموقف.

إذا يمكننا القول إن روبوتات الدردشة المدعومة بالذكاء الصناعي "تفهم" سياق المحادثة ونية المستخدم وتنخرط في حوار ديناميكي معه. والأهم أنه بدلاً من النقر على خيارات أمامك، بمقدورك التحدث إلى هذه الروبوتات "الذكية" باستخدام صوتك أو بالكتابة، من دون أن تلتزم بأوامر محددة.

واليوم باتت قطاعات الأعمال تتجه أكثر نحو استخدام روبوتات المحادثة المدعومة بالذكاء الصناعي بدلا من تلك التقليدية، لما توفر من مرونة وتفاعل أكبر مع الزبائن والمستخدمين. وتلعب روبوتات الدردشة بواسطة الذكاء الصناعي دورًا رائدا في تزويد الشركات وأصحاب الخدمات بالبيانات اللازمة للأبحاث عن السوق. بمعنى آخر، ستتعلم الشركات باستمرار من التعلم الآلي الذي تستخدمه.

في المدى المنظور، يتوقع الخبراء أن تكون حاسة "النظر" سمة إضافية من سمات روبوتات الدردشة بواسطة الذكاء الصناعي، بحيث تقدر هذه الروبوتات على أن تحدد هوية ما تراه وتصنيفه وتتفاعل معه. ولن يقتصر الأمر على تحديد عطل في منتج معين، بل سيتعداه إلى تحديد مشاعر الزبائن وتحليل سلوكهم بهدف تقديم أجوبة تراعي كل حالة وفق ظروفها.

إعلان

ويعكف الباحثون حالياً على محاولة سد الفجوة ما بين الدردشة مع روبوت الذكاء الصناعي وتنفيذ الأمر. فعلى سبيل المثال، نحن نطرح أسئلة صوتية على مساعد Google أو Siri اللذين يعرضان علينا نتائج ما فهماه على شاشة الهاتف أو الحاسوب، ما يضطرنا مجدداً إلى إعطاء أمر جديد للمتابعة. وبالتالي فإن التوصل إلى روبوت بإدراك أعلى – إن صحّ التعبير – وقدرات أكبر يتطلب معالجة الفجوة البرمجية في المثال السابق.

مسألة إشكالية أخرى تكمن في الدمج ما بين روبوتات الدردشة الذكية بغض النظر عن الشركات المطورة لها. تخيلوا عالمًا يتواصل فيه روبوت دردشة على "فايسبوك مسنجر" مع جهازAlexa  أو مع تلفازك مباشرة.

استراتيجيات تطوير روبوتات دردشة بواسطة الذكاء الصناعي
على الشركات والمنظمات الأخذ بعين الاعتبار مجموعة معايير قبل تطوير روبوت دردشة بواسطة الذكاء الصناعي:

  1. نوع روبوت الدردشة: هل الحاجة تفرض روبوت دردشة للمحادثة الصوتية أم النصية؟ هل هو مخصص للويب فقط أم أنه سيتوفر أيضًا على أجهزة مختلفة؟
  2. حجم التعلم: روبوت الدردشة الناجح هو ذلك الذي يعتمد في ذاكرته على بيانات جمّة من النشاطات أو التفاعلات ما بين الزبائن والشركة التي يمثل. يجب تحديد حجم هذه البيانات وما إذا كانت كافية ليتم برمجة روبوت الدردشة مع مراعاة هذه البيانات والناقص منها.
  3. مدى فهم اللغة: يجب أن يفهم الذكاء الاصطناعي عند الدردشة الجمل المعقدة في الكلام بنفس الطريقة التي يفهمها البشر، بغض النظر عن الأخطاء الإملائية وثغرات التعبير الأخرى. تقويم هذه المسألة مرتبط مباشرة بتقنية اللغة الطبيعية. ما هي الحدود التقنية التي تسعى إليها الشركة أو المنظمة والمرتبطة بفهم اللغة؟
  4. الصلاحيات الممنوحة: دمج روبوت دردشة بواسطة الذكاء الاصطناعي  في منصة أي شركة يعني أنه يمثّل التفاعلات مع المستخدمين، كما أنه يدير التعاملات وينفذ الأوامر. تحديد دور روبوت الدردشة مسألة بالغة الأهمية لرسم حدود الصلاحيات الممنوحة له بدقة، والحرص على عدم وقوع أخطاء.