Fatima

صحة نفسية

قصص شباب عرب مع التنمر خلال فترة المدرسة والجامعة

عشت حياتي وأنا أسمع أسوء أنواع التعليقات على مظهري، والتي تتنوع من "شو يا طنط" إلى "اعطتك الماما المصروف اليوم"

لم يكن من السهل إيجاد أشخاص ليسردوا لي قصصهم مع التنمر، فما زال كثيرون يخجلون من الحديث عن تجربتهم أو حتى الإفصاح عنها لأي شخص حتى لو كان من أقرب المقربين، لأنهم يعتبرونها ضعفاً وتسبب إحراجاً لهم. فعلى الرغم من مرور العديد من السنوات لتعرضهم للتنمر في طفولتهم إلا أنه ما زال هنالك اثر لا يمحوه الزمان مهما كبروا.

الأشخاص الذين قمت بمقابلتهم لهذا المقال تواصلوا معي بعد كتابتي منشور على فيسبوك وطلبت من أصدقائي نشره عن رغبتي بالحديث إلى أشخاص تعرضوا للتنمر. لا أحد من أصدقائي شاركني قصته، ولكن هذه قصص من أشخاص لدي معارف معهم ولا أعرفهم شخصياً. معظمهم أخبروني أنها المرة الاولى التي يتكلموا بها عن مواقفهم مع التنمر من سنين.

إعلان

بحسب اليونيسيف التنمر هو أحد أشكال العنف الذي يمارسه طفل أو مجموعة من الأطفال ضد طفل أخر أو إزعاجه بطريقة متعمدة ومتكررة وقد يأخذ التنمر أشكالًا متعددة كنشر الإشاعات، أو التهديد، أو مهاجمة الطفل المُتنمَّر عليه بدنيًا أو لفظيًا، أو عزل طفلٍ ما بقصد الإيذاء أو حركات وأفعال أخرى تحدث بشكل غير ملحوظ. وتشير دراسات إلى أن 45٪ من الشباب تحت سن 18 يعانون من التنمر، وأن 36٪ من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 8 و 22 عامًا قلقون من التعرض للتنمر في المدرسة أو الكلية أو الجامعة. إليكم قصص هؤلاء الأشخاص مع التنمر.

ربى، 26 عاماً، معلمة، لبنان

"قصتي مع التنمر بدأت عندما انتقلت إلى مدرسة جديدة في الصف الثامن. كنت طفلة بريئة وضعيفة الشخصية، لهذا السبب تعرضت للتنمر فقد كنت فريسة كان من السهل الانقضاض عليها. كان هناك ستة فتيات يكرهوني كرهاً شديداً بدون سبب مفهوم -أتمنى لو تجرين معهم مقابلة لتسأليهم عن سبب هذا الكره. أذكر في يوم من الأيام، أجبرت المعلمة واحدة منهم للجلوس بجانبي، فما كان منها إلا أن وضعت المسطرة ورسمت خطاً بقلم الرصاص على الدُرج لكي لا يحدث أي تصادم بيني وبينها. أما وقت الفرصة أو الاستراحة فقد كان كابوساً، لم يكن لي أي أصدقاء، وكنت أقضي الوقت وحيدة، في يوم اضطررت للجلوس بجانب واحدة من هؤلاء الفتيات، فقامت بإلقاء كيس الشيبس الذي كانت تأكل منه عَلي. كرهت المدرسة وكرهت فيروز لأن سائق الباص كان يسمعنا إياها كل صباح ونحن في طريقنا إلى المدرسة التي كنت أتمنى أن لا أصل إليها."

خالد، 19 عاماً، طالب فنون جميلة، فلسطين

"أصبح التنمر جزءاَ من حياتي لدرجة إن مشيت بالشارع أو الجامعة ولم أسمع كلمة مزعجة أتعجب. لا أعرف ما هي مشكلة الجميع معي؟ هل ملابسي تستفزهم مثلاً؟ هل لأنني لا التزم بالصورة النمطية التي يتبعها الشباب بطريقة لبسهم الاعتيادية كلبس القميص والبنطلون القماش، وأنا عادة ما أرتدي الجينز الممزق؟ أو أنه بسبب نبرة صوتي الناعمة فإن لم يكن صوتك جهورياً ومخيفاً فأنت لست "زلمة." لقد عشت حياتي وأنا أسمع أسوء أنواع التعليقات على مظهري، والتي تتنوع من "شو يا طنط" إلى "اعطتك الماما المصروف اليوم" "مليتوا البلد الله يحرقكم" وغيرها من العبارات التي اتصبح واتمسى فيها خلال تواجدي في الحرم الجامعي. كان هناك طالب كنت كلما أصادفه يسمعني "ايش يا ناعم" أو "ايش يا بنوتي" اعتقدت أنني إذا لم أعره أي اهتمام، سيتوقف، ولكن على العكس، فلم يكتف بالأذى المعنوي، بل وصل الأمر للأذى الجسدي، حيث دفعني في مرة لأسقط في نافورة بنصف الحرم الجامعي أمام جميع طلاب الجامعة. خرجت من البركة بملابسي المبلولة ودخلت الحمام وبكيت بحرقة. قررت بعدها الذهاب لأحد الاساتذة في الكلية لاشتكي الطالب إلا أن ما فاجئني هو كلام الاستاذ نفسه: "الحق عليك، كون زلمة وشد براغيك عندها لا يتعرض إليك أحد."

نورهان، 21 عاماً، طالبة هندسة، مصر

"ترعرعت فتاة وحيدة مع أخواني الستة، ربما هذا ما ساعد في أن تكون شخصيتي مائلة أكثر للرجولية سواء من خلال طريقة لبسي وتسريحة شعري وحتى هواياتي، فقد كانت تختلف عن الفتيات اللواتي بعمري فأنا أفضل قضاء وقتي على البلاي ستيشن عن الوقوف أمام المرآة لوضع المكياج. لسوء حظي ذهبت إلى مدرسة للإناث فقط، وتعرضت منذ البداية لكل أشكال التنمر سبب مظهري، فكل من كان يمر بجانبي كان ينظر الي ليتأكد إن كنت شاباً أم فتاة. كانت الفتيات بالمدرسة يلقبونني بـ "حسن صبي" أو "المسترجلة" وأذكر أنني كنت أخشى دخول الحمام لأنني أذا صادفت أحد الفتيات فكان علي أن أسمع استهزائهن "عليكي بدخول حمام الرجال." في يوم دخلت الحمام وكان هنالك مجموعة من الفتيات تجمعوا حولي وسحبوا حقيبتي المدرسية من على كتفي بالقوة لكي يفتشوها ليتأكدوا إن كنت أحمل "فوط نسائية" لتكون لهم بمثابة دليل على أنني أنثى."

لبنى، 25 عاماً، مترجمة، سوريا

"تبقى النظرة العنصرية والمتنمرة لأصحاب الوزن الزائد في المجتمع العربي موجودة وتتزايد من سنة لأخرى. عانيت من وزن زائد منذ الطفولة، وبسبب ذلك تعرضت للتنمر من طلاب المدرسة الذين كانوا ينادوني بألفاظ قاسية واستهزاء بأن كل شيء ألمسه سيخرب "لا تركبي المرجيحة لكي لا تعلق فيكِ وتخربيها." لم يكن طلاب المدرسة هم الوحيدون، كنت أسمع عبارات مشابهة في المنزل من أخوتي مثل "يا دبة" "يا بقرة" أو من الأقارب "يا بطة" -لطالما كرهت هذه العبارة لأنها قد تبدو لطيفة ولكنها أيضاً تقلل مني. أخذني الكثير من الوقت كي أفهم أن ما حصل معي كانت تنمراً، وأن المشكلة بهم بالمتنمرين، وليست بي."

مهدي، 26 عاماً، صحفي، الأردن

"لا يزال هناك تمييز يتهلق بلون البشرة، فمن يولد ببشرة بيضاء وعيون ملونة تكون أمه داعيتله، أما من مثلي صاحب بشرة سمراء داكنة مثلي فهم أقل حظاً في المجتمع. لقد تعرضت لعدة مواقف سيئة في طفولتي وخاصة في المدرسة. ما زلت أتذكر كل تلك التعليقات السيئة من الطلاب مثل "زنجي" "الولد الاسود" "العبد" "ضوي الضو لنشوفك" "لا تسبح معنا لكي لا يحل لون البركة." كبرت واعتقدت أن تنمر الأولاد في المدرسة سيختفي عند الالتحاق بالجامعة، ولكن التنمر استمر، من قبل الشباب والشابات. كثيراً ما تعرضت للرفض من قبل فتيات بسبب لون بشرتي وليس أي شيء آخر، وكان جوابهن قاسياً: "أنا اصاحبك انتى؟ أو "استحالة اهلي يوافقوا" أو كان الرد يأتي على سبيل الدعابة أو النكتة مثل "كيف نتزوج عشان أخلف اولاد مثل راس العبد."

آلاء ، 27 عاماً، السعودية

"ولدت وترعرعت في مدينة في الرياض لوالدين فلسطينيين. في السعودية، يجب على كل الفتيات والنساء ارتداء الحجاب أو العباية. لبستها لأنها مفروضة علي، ولكن حصل مرة خلال المرحلة الإعدادية وخطر ببالي أن أسأل المعلمة عن خلع الحجاب هل هو مسموح أم لا؟ لم أعلم أن سخط الدنيا حيسقط علي بعد هذا السؤال. بعدها بدأت الطالبات يَنظرن إلي بنظرة احتقار واشمئزاز، ومن يومها لم أسلم من لسانهم، وبدأت أسمع عبارات كثيرة مثل "الكافرة" "الملحدة" "حتدخلين النار." نظرة الاختلاف التي كانت تنظر إلي من خلال الطالبات بأنني الكافرة وهن المؤمنات جعلتني شخصاً غير محبوباً في المدرسة وتعرضت للتنمر اللفظي لمدة سنتين قبل انتقالي لمدرسة أخرى."