FYI.

This story is over 5 years old.

ماذا بعد؟

ماذا يحدث بعد أن نموت؟

بعد الحديث مع عدد من الموتى، لديَّ بعض النظريات حول ما يحدث بعد أن نموت

لا أستطيع القول إنني على يقين بما يحدث بعد أن نموت، لكن لديّ فكرة جيدة لأنني اتحدث بصورة منتظمة إلى موتى. أنا وسيطة روحانية، مما يعني أنني أستطيع سماع ورؤية والشعور بالميت، ولكن الأمر ليس مُخيفًا. قد يبدو هذا المفهوم بأكمله غريباً بالنسبة لك، ولكنه مجرد يوم آخر في الحياة بالنسبة لي.

في الأسبوع الماضي، كنت أتحدث إلى رجل ميت جاء لتقديم نصيحة حول الموضة لصديقتي ساهار. كان من المقرر أن تتحدث ساهار في حفل تأبين لهذا الرجل الميت في أوكلاند، وكانت ترتدي حذاءً أنيقاً ولكنه غير مريح، وعاتبها الرجل لارتداءها هذا الحذاء، (تحدث أيضًا عن الكثير من الأمور الأخرى، لكن الحذاء كان الشيء الذي ركز عليه لأنه كان يتحدث معها عنه عندما كان على قيد الحياة).

إعلان

بغض النظر عما يقوله أي شخص، هناك طريقة واحدة فقط لمعرفة ما يحدث بعد أن نموت: وهي أننا نموت. أي شخص يخبرك عن الموت بأي طريقة مختلفة، فهو مغرور وعلى قيد الحياة بلا شك. لا تسيئوا فهمي، لدي قناعات عميقة حول ما سيحدث لاحقاً، لكن لا أستطع أن أقول إنني أعرف علي الأكيد، ما يمكنني قوله هو أنه ليس هناك شيء يُدعى (الموت). أعني، بالطبع سنموت، فقد يحدث للجسد اضطراب كبير؛ ويتوقف عن العمل. هذا يعني أن الروح/ النفس – وهو الجزء الأساسي بداخلك - لن تتمكن من العيش في هذا الجسد. هذا موجود بالتأكيد، ولكن من وجهة نظري، فإن روحنا لا تسكن في الجسد، إنه الجسد الذي يعيش في الروح، لهذا عندما ينتهي الجسد، فأن أرواحنا تستمر في التنقل. من السهل أن ننغمس في بعض من الأفكار البشرية عندما نحاول اكتشاف ماذا سيحدث لاحقاً، لذا سأقولها على حد تعبير جيرترود ستاين: "لا يوجد هناك شيء."

وظيفتي كوسيطة روحانية ليست تعقب الموتى لأسألهم عما يفعلونه "هناك" إنما مجرد التحدث إليهم، أو محاولة مساعدتهم، أو تسهيل الحوار بينهم وبين الأحياء. أحياناً، أتحدث معهم عن لحظة موتهم، أو كيف قضوا أوقاتهم السعيدة في حياتهم. الحديث مع الموتى أمر أكثر دنيوية مما تظنون، في بعض الأحيان يكون الأمر مبهجاً، وأحيانًا يكون عميقًا جدًا. إنه حديث عادي، ولكنك تتحدث الى أشخاص لا تستطيع رؤيتهم، أشخاص بدون أجسام. أفضل طريقة أستطيع أن أشرح بها هي أنني أرى واستمع بنفسي كلها بدلاً من أن يكون ذلك فقط من خلال عيني وأذني.

ذات مرة، في أيام عملي الأولى كوسيطة روحانية، جاءت إمرأة من أجل قراءة الطالع، وقالت إنها شعرت بروح في منزلها وكانت مقتنعة بأن جدتها تحاول إرسال رسالة لها. نظرت الى "ثيلما" (تم تغيير اسم المرأة لحماية الخصوصية بالطبع)، وشعرت أن هذا الأمر صحيح، كانت جدتها (دعنا نسميها لويز) في المنزل. وكانت شديدة الإصرار على إرسال رسالة إلى حفيدتها، وما قالته صدمني، فقد أخبرتني أن أخبر حفيدتها بالتالي: "استولي على نقود زوجك.. ابدأي في نهب أمواله.. افعلي ذلك الآن."

إعلان

للحظة، فكرت لا أخبر ثيلما ما سمعته، لأن لديها هذا الحب العميق لجدتها التي قامت بتربيتها، وكانت تأمل في الحصول على رسالة نابعة من القلب من جدتها. لكن ليس من شأني إعادة صياغة رسائل الموتى، لذلك أخبرتها، وبدأت ثيلما تضحك من قلبها، فقد كانت جدتها مهووسة بالمال، وفي السنوات الأخيرة من زواجها، غامر جدها بمدخراتهم، لم تستطع الجدة لويز تجاوز هذا الأمر، وهي الآن تأتي من الموت؛ لتخبر حفيدتها أن تسرق أموال زوجها. بعد الموت، تبقى قيمنا وعواطفنا وسخافاتنا معنا، وتذهب إلى حيث نذهب وتستمر معنا.

إذا كان اسمك "دين" فسوف تظل "دين" بعد الموت. وإذا كنت تشعر بالذنب بالحياة، سيظل الشعور بالذنب معك، مثل كل التجارب الضخمة والجوهرية في حياتك، فالموت يمكن أن يجلب معه التطهير أو الشفاء، لكنه أمر ليس مؤكدًا. إن فكرة الجنة والجحيم كأماكن فعلية مع وجود ثواب وعقاب محسوس هي مجرد مفاهيم يسهل على الناس الإيمان بها. ولكن على حد علمي، لا يوجد مكان عندما لا يكون هناك شكل مادي لهذا المكان. فنحن لا نذهب من الناحية النظرية إلى مكان ما، بل ما يحدث هو أن الزمن يأخذ بعدا آخر أقل قابلية للقياس. الأمر ليس رومانسياً، وليس دائمًا جميل أو مخيف، وليس شيء من السهل وصفه، تمامًا مثل الحياة.

لأن الموت هو أيضاً حياة، ولكنه تجربة مختلفة من الحياة، من الصعب أن نتحدث عن هذه الأشياء لأننا ككائنات مادية، لدينا لغة وسياق فهم مادي للواقع، اللغة نفسها هي شيء مادي. ولكن إذا فقدتك للموت، فيجب أن أتشبث بعالم ما بعد الموت أكثر، يا أصدقائي: نحن أكبر بكثير من أجسادنا. لقد تحدثت إلى عدد لا يحصى من الأموات؛ الذين كشفوا عن رسالاتهم لإرضاء الآخرين وكانوا يشعرون بالأسف حيال ما فعلوه في حياتهم. المغزى الحقيقي من ذلك هو أننا يجب أن نتوقف عن محاولة أن نكون غير أنفسنا، يجب أن نقوم بما جئنا إلى الحياة للقيام به.

لكي تتأقلم مع شيء ليس له زمن، عليك أن تفكّر فيه بنفس طريقة تفكيرك بالحلم. يمكنك النوم لمدة 15 دقيقة والاستيقاظ كما لو كانت ساعات، أو يمكنك الحصول على ثماني ساعات نوم كاملة والاستيقاظ كما لو كنت نمت مجرد دقائق. عندما لا تكون الروح في الجسد،، يكون الوقت مختلفًا؛ لأن الوقت شيء مادي. ليس عليك أن تثق بي في هذا، اسأل الخنفساء أو الكلب، انهم يعيشون حياة مختلفة جداً عن بعضهما البعض أو عن الانسان؛ لذا لا تتعلّق بالمدة التي يمكثها الشخص في هذا الفضاء لأنه لا يوجد وقت يدعو للقلق بشأنه.

بمجرد أن تترك الروح الجسد، تبقى متأثرة بشخصيتها، في كثير من الأحيان تبقى الناس بجوار ما تركوه وراءهم بسبب الحب أو الانتماء، لكن لا يمكنني الوصول إلى مسار رحلتهم وخبراتهم. كوسيطة روحانية أنا أشكل ممر للرسائل، اعتبرني وسيط لاسلكي، لكنني أعلم أنه في مرحلة معينة، سوف تمتلأ النفس بحالة من الكمال، وتتضاءل مثل شخصياتهم، وتمتلئ بنور كائنها الأساسي، وهي رائعة بشكل مثير للدهشة.

إن التحدث إلى شخص عندما يتحول إلى ما هو أبعد من شخصيته أمر جميل، الأمر يبدو وكأنهم أكثر بعداً وقرباً في نفس الوقت. لا أرى الأرواح كضوء بالطريقة التي نراها في الأفلام، حيث يصبح الشخص مثل الكرة العظيمة من الضوء الأبيض، ولكن الطاقة التي نصبح عليها بعد الموت أشبه بالضوء أكثر من أي شيء يمكن مقارنته به، إنه أمر جميل أن نعرف أن الحياة لا تنتهي، إنها تستمر ولكن بشكل مختلف.

نشر هذا المقال بالأصل على Broadly.