تجمّع كبير احتضنته الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية مطلع هذا الشهر، عندما تم الاعلان عن انطلاق بطولة لعبة البلوت الأولى على كأس الهيئة العامة للرياضة، والتي نقلت هذه اللعبة الشعبية لدى الشباب السعودي من مجالسهم اليومية إلى صالات كبرى علقت على جدرانها تحدٍ بجوائز ضخمة تصل لأكثر من مليون ريال سعودي.
عندما دخلت مركز الملك عبدالله للدراسات والبحوث البترولية والذي احتضنت صالاته الكبرى هذه البطولة، رأيت الحماس الكبير في عيون الشباب من لاعبين وحكام ومنظمين ومسئولين.. ولكن مالفت انتباهي أكثر هو صوت العصا الذي يطرق أرض ساحة منافسات "البلوت" ويحمل على عاتقه رجل يبلغ الخامسة والثمانين من عمره، يتجه نحو صالة اللعب ليسجل تواجده بصحبة ابنه الشاب كفريق متحدٍ في هذه البطولة.
لم يدر في خلد أبو صالح بعد ستين عاماً من لعب البلوت أن يتواجد في منافسة رسمية يثبت فيها للجميع أن العمر مجرد رقم والدعوة لمن يجد في نفسه الكفاءة لهزيمته.تحدثت مع أبو صالح عن نيته الاشتراك رغم عمره الكبير ألا أنه أجاب بكل ثقه.. "عندما قال لي ابني ان هناك بطولة للبلوت طلبت منه أن نشارك دون أي تردد" .. ولعل الحظ بدأ يبتسم له باختياره من بين أكثر من ٨٠ الف متقدم للمشاركة في البطولة .أبو صالح قال أيضاً ان مشاركته بجانب الشباب في البطولة رغم عدم تخطيه المرحلة الثانية منها، أعاد له روح الشباب.. ولعل كلمات ابنه صالح عنه جعلته في قمة سعادته عندما قال " أنا فخور بوالدي وباستقبال الناس له واهتمامهم الكبير فيه.. حتى أن البعض أصبح يطلب مني تصويره أثناء ممارسته للعبة البلوت خارج البطولة".
في اليوم الأخير للبطولة.. ٨ متنافسين مابين متوتر وغارق في التفكير وآخرون عينهم على جائزة النصف مليون ريال للمركز الأول.. يلتف حولهم العديد من المصورين والاعلاميين، ويقف على طاولتهم حكم يطبق القوانين الخاصة بالبطولة والتي تلقى قبل انطلاقتها دورة مكثفة لقيادة المنافسات فيها.
"اخترت أن أكون حكماً على أن اشارك كلاعب في البطولة".. بهذه الكلمات بدأ الحكم نواف حديثه معي في حوار جانبي، وعندما سألته عن السبب قال "أنا بطبيعتي عصبي ولا أتحمل الخسارة، لذلك ولكي لا أفقد أعصابي أثناء اللعب اخترت أن أتحكم بأعصاب المنافسين بالتحكيم لهم".المتعارف عليه بين أوساط اللاعبين في حياتهم خارج البطولة الحماس الكبير اثناء اللعب وإظهاره لدرجة كسر قلم أو رمي أوراق التسجيل غضباً من تأثيرخسارة إحدى الجولات أو "الصكة" وهو الاسم الشعبي لها .في الساعة الأخيرة وقبل الإعلان عن ختام البطولة.. كان هناك أبناء عم يشكلان فريقاً تخطى جميع مراحل البطولة متفوقين على ١٢ ألف لاعباً.. يخوضان النزال النهائي قبل إعلان تتويجهما بالفوز بلقب البطولة.. ولعل الهدوء الذي يتسمان به قادهما لذلك.
شاهدت صرخات فرح في بعض مراحل البطولة لكن عندما أُعلن عن بطل البطولة غلبت اصوات تصفيق الحضور على فرحة الابطال مهنئين لهم.
التقيت ماجد أبو حيمد الذي حقق اللقب رفقة ابن عمه بدر، وكان يحمل الجوائز الثقيلة "نصف مليون وكأس ذهبي ومفتاح سيارة فاخرة" قال في تلكاللحظة " لم اكن أتوقع أبداً أن أصل لهذه المرحلة و أحقق اللقب.. ببساطة أدعو الجميع للمشاركة، قد يحالف أحدهم الحظ ليكون مكاني في البطولة القادمة".