بدأت العمل على هذه السلسة بعد قراءتي لـ In Praise of Shadow أو "مديح الظل" للروائي الياباني جونيشيرو تانيزاكي. وهو مقال جمالي يلقي الضوء على ما يُعتبر جمالًا في اليابان، ولكن جونيشيرو لا يعني الجمال المتفق عليه، وليس الجمال البراق والصاخب، بل أنه يلفت الانتباه إلى جمال الأشياء البسيطة، وغير المكتملة، والمتواضعة والقديمة.
لطالما اهتممت بالتفاصيل، وقراءتي لهذا الكتاب جعلتني أكثر تركيزاً على كل تلك الأشياء التي يتم بالعادة تجاهلها ورميها والتقليل من جماليتها. لم أستطع سوى رؤية التشابه والعلاقة بين ما قرأته عن اليابان وما شعرت به في بلدي تونس وفي بلاد أخرى قمت بزيارتها. وقررت أن أقوم بالتقاط ونقل تلك التفاصيل والخصوصيات في هذه السلسلة بعنوان "مديح الظل."
هذه السلسة تضم صوراً من رحلاتي المتنوعة، من تونس والمغرب والجزائر، حيث قمت باستكشاف المساحات الشاسعة والآفاق اللامتناهية للمدن المغربية وشواطئ البحار التونسية وتجولت أيضًا في شوارع الجزائر العاصمة وقابلت أهلها. لم أرد أن أضع شرحاً للصور، أردت أن أترك المشاهد ليرى الجمال بدون ربطه بمكان أو ببلد.
اخترت نقل التفاصيل التي تبقى في "الظل" المجازي وعرض هذا الجمال الأقل وضوحًا، ورؤية الجمال والانسجام في الأشياء الغير مستوية، والأرضيات المتصدعة، والحيطان القديمة، والعمارات والبيوت التي لا تزال تنشر الغسيل على الشرفات ولاقطات الستالايت، وزواريب البلدات القديمة.
تتناوب في سلسلة "مديح الظل" لحظات التأمل والتواصل، سواء بيني كمصور مع البيئة التي أقوم بتصويرها، وبيني وبين موضوع الصورة. شعرت أنني أتطور في الطريقة التي نظرت بها إلى الأشياء، لم تعد مجردة، أصبحت زمناً حسيًاً، بقدر ما كان من السهل بالنسبة لي أن ألاحظ كل التفاصيل الدقيقة، تمكنت، على ما أعتقد، من تشكيل مجموعة متماسكة على الرغم من تنوع الصور.
بدأت التصوير بالكاميرا القديمة لوالدي. ولأكون صريحًا، أقوم بالتصوير مع والدي منذ أن كنت طفلاً صغيراً. بالنسبة لي هذا شيء عاطفي. بعد ذلك، جربت الكاميرا الرقمية لكنني لم أجد نفسي من خلالها. شعرت وكأنني متعلق بالشاشة. أفضل العلاقة مع الوقت التي يوفرها لي التصوير باستخدام كاميرا الفيلم. كما أنني أستمتع حقاً عندما أقوم بطباعة الصور، واستمتع بمشاهدة كيف تظهر التفاصيل النهائية بشكل رائع.
صفوان بن سلامة هو مصور وفنان فرنسي تونسي يعيش ويعمل في باريس، عُرضت أعماله في شهر الصور في باريس، وفي صالون دي مونتروج في بينالي سانت إتيان الدولي للتصميم. تم تقديم سلسلة الصور الفوتوغرافية هذه في عرض منفرد للقيمة إلسا ديلاج لصالح La Boite للفن المعاصر في تونس.