تمارا قدومي: الموسيقى هي نجاتي

تختلف كل أغنية تقدمها تمارا قدومي، 29 عاماً، عن الأخرى، ولا يمكن حصرها في قالب موسيقي واحد فهي تمزج القليل من كل شيء فيما تقدّم. ربما هذا ما يميزها عن غيرها من الفنانين، عدا عن صوتها المختلف والقوي وكلمات أغانيها المليئة بالتشابيه والصور، والتي تأخذنا إلى عالمها الخاص وتتركنا متشوقين للمزيد.

نشأت تمارا في الكويت لأم اسكتلندية لبنانية وأب من أصول فلسطينية، وأكملت دراستها الجامعية في لندن، فرع الفنون المسرحية، قبل أن تقرر التركيز على الغناء. أطلقت تمارا ألبومها الأول Dust Bathing عام 2018 وهو يتضمن 3 أغاني باللغة الإنجليزية وأغنية "قطر الندى" باللغة العربية. تستعد تمارا، التي تقيم في لبنان حالياً، لإصدار ألبومها الثاني Soft Glitch  في نهاية شهر يناير. أجريت مقابلة هاتفية ممتعة مع تمارا، التي وتحدثنا عن بداياتها ومشاريعها القادمة.

VICE عربية: هاي تمارا، كيف بدأت علاقتك مع الموسيقى والغناء؟
تمارا قدومي: تقول لي أمي أنني كنت أغني وادندن قبل كلمتي الأولى حتى. كانت تشغل لي الموسيقى منذ أن كنت في رحمها ولم يتوقف الأمر منذ ذلك. دائماً ما كنت محاطة بالموسيقى والأغاني. كانت طريقتي الأولى في التواصل.  بدأت ممارسة الرقص في عمر الرابعة ومن بعدها كنت أتلقى دروساً على آلة البيانو ودروساً احترافية في التزلج على الجليد. كان تركيزي بشكل رئيسي على التزلج، بالكاد ذهبت إلى المدرسة لأنني كنت أتمرّن للمشاركة في الألعاب الأولمبية. كنت أوّل راقصة على الجليد في الكويت. عندما بلغت 14 عاماً، فزعت أمي وفضلّت عدم رحيلي ومشاركتي بالألعاب الأولمبية كي لا أترك عائلتي. توقفت عن ممارسة تلك الرياضة ولكن استمرّيت في المجال الموسيقي من دروسٍ في الغناء والعزف إلى انضمامي في جوقة المدرسة. تخصّصت في فرع الفنون المسرحية في الجامعة، والموسيقى كانت جزءاً من دراستي الجامعية.

متى كانت نقطة التحوّل من ممارسة الموسيقى كهواية إلى ممارستها احترافياً؟
خلال دراستي الجامعية في لندن، التقيت بـ بويل آرتشر، منتج موسيقي رائع وكان يعمل مع إحدى شركات الإنتاج حينها. عملنا معاً على أغنية من ألبومه الأول تحت اسم  Bruised وصوّرنا فيديو كليب. كنت أعلم أنني أغني بشكل جيد ولكن لم يكن لدي أي  خبرة أو معرفة بأمور الإنتاج. ولكن بعد تجربتي مع ويل، قررّت أن هذا ما أريد أن أفعله طوال الوقت.

أطلقت ألبومي الأول Dust Bathing منذ عامين، ولكنني كنت أحاول إيجاد ستايلي الموسيقي الخاص بي وإيجاد الأشخاص المناسبين لأعمل معهم.  في ألبومي الثاني Soft Glitch الذي سيصدر في نهاية هذا الشهر، تعاونت مع أنطونيو حاج، منتج وموسيقي موهوب جداً. أنطونيو يفهمني ويفهم رؤيتي الفنية. واحد من أغاني الألبوم الجديد هي To See You التي قمنا بإصدارها على شكل فيديو كليب في مطلع العام، من إخراج جنا يونس. كمغنيّة، آلتي الموسيقية الأهم هي صوتي. الموسيقى هي ما يهدئني ويبقيني sane. الموسيقى هي نجاتي.

كيف يختلف ألبومك الثاني عن الأول؟
أعتقد أن الألبوم الثاني يمكن اعتباره انطوائياً لحد ما. خلال فترة عملي على الألبوم، كان عليّ أن أنظر إلى داخلي، أن أفهم ما كنت أشعر وأفكر. أظن أن جميعنا مررنا بتلك المرحلة خلال فنرة الحجر الصحيّ حيث كان علينا أن نجلس مع أنفسنا طيلة الوقت. اخترت اسم الألبوم Soft Glitch والذي يعني أي خلل في العقل أو القلب، للتعبير عن تلك اللحظات التي تخرج بها الأمور عن مسارها. أحاول التمسك بهذه اللحظات عندما نفقد السيطرة لأنها تلهمني في الكتابة. من ناحية كتابة الأغاني فقد كانت ٢٠٢٠ رائعة بهذه الجزئية فقط، شعرت وكأنني كنت أتعرف على نفسي من أول وجديد. أظن أن قلقنا الأكبر هو أن يصبح كل شيء مبتذل وقديم، ولكن في الحياة هنالك لحظات للانطوائية وأخرى للانفتاح، تماماً كالموج.

كيف ذلك؟
خلال دراستي في مدرسة الموسيقى، كنت محاطة بكثير من الأطفال الموهوبين موسيقياً ولكن لم أشعر أبداً بالإلهام. بدأت بالكتابة وكنت صغيرة جدًاً حينها، لم تكن الكتابة من نقاط قوتي كما هي الآن. كنت أبدأ بالكتابة ومن بعدها يأتي اللحن. تعلّمت أن أثق بمجرى الأحداث كما هو. لم يكن لديّ أدنى فكرة حين كتبت أغنية To See You أننا مشرفين على جائحة كورونا، ولكن الأمر مثير للاهتمام أن كلمات الأغنية مع الفيديو كليب تروي قصة شخصين في علاقة حب عذرية يعيشان على كوكب ما، ويحاولان التواصل بطرق مختلفة. يبدو أنني توقعت أو تخيلت ما تحمله لنا ٢٠٢٠، فمدن العالم لا تزال بمعظمها تحت الإغلاق، وهناك أشخاص لم يحظوا بأي اتصال بشري جسدي منذ فترة طويلة. 

بالحديث عن فيديوكليب To See You، لماذا اخترت ثيمة الخيال العلمي؟
العمل على الجانب البصري من الأغاني هو الجزء الأكثر امتاعًا بالنسبة لي. الأمر أشبه بأن يكون لديك شقة فارغة وتقوم بتصميم الديكور كما ترغب. عملت مع جنا يونس على الفيديو كليب الجديد. أعتقد أننا أردنا أن نبتعد عن كوكب الأرض وأظن أن الجميع شعر بهذه الحاجة. التقيت بجنا يوم انفجار مرفأ بيروت، اجتمعنا لنناقش الفيديو كليب. بعد ساعة من انتهاء الاجتماع، حصل الانفجار. بعد أسابيع من الحداد، لم أستطع تحمل قراءة أنباء وقصص الانفجار ومشاهدتها في كل مكان. تواصلت مع جنا وباشرنا العمل. أردنا أن نبتعد عن بيروت في هذا العمل، أن يكون الموقع الذي صوّرنا فيه لا صلة له ببيروت. ما يحصل عادة في وقت الأزمات، أن الجميع يحاول استغلال الموقف لصالحهم. يمكنك أن تخلق الكثير من الأعمال من دون أن يكون لها صلة بمكان جغرافي معين. لا أحتاج أن أريك موقع القصة لتفهمها أو تشعر بها. المغزى من مشاهدة الأفلام والاستماع إلى الموسيقى هو أنّها مهرب من الواقع ولو لفترة قصيرة.

للتعرف على أخبار تمارا يمكنكم زيارة موقعها