كأس العالم ٢٠٢٢

كأس العالم في قطر، ما لك وما عليك

لا خلاف على أن الغرب منافق. ولكن هذا لا يعني أن قطر ضحية
pexels-israel-frança-2101030

انطلق كأس العالم هذا الأسبوع من قطر، وفي حين أن البطل الرئيسي هو كرة القدم، يبدو أن الخطاب المرافق لهذا الحدث هو بأهمية المباريات وربما أكثر منها قليلاً. ⁠بدأ الجدل منذ حصول قطر على حق استضافة كأس العالم. تحدثت منظمات حقوق الإنسان عن معاملة العمال المهاجرين الذين يعملون في البنية التحتية لكأس العالم في البلاد.

إعلان

العلاقات المثلية مُجرَّمة أيضًا في قطر، كما هناك مزاعم الرشوة والفساد على عملية تقديم العطاءات التي أدت إلى فوز قطر بكأس العالم. وهناك نقاش حول تكلفة استضافة مونديال قطر والتي بلغت نحو 220 مليار دولار (أغلى تكلفة في تاريخ كأس العالم) لبناء ملاعب بمواصفات كرة القدم العالمية، قد لا تستفيد منها بعد انتهاء المونديال.

إقامة البطولة في قطر التي لديها سجل سيء بحقوق الإنسان أدى لنقاشات كبيرة حول أخلاقية المشاركة والمقاطعة، الازدواجية والنفاق الغربي، العنصرية الاستشراقية والإسلاموفوبيا. كل رأي له ما يدعمه من الأدلة والنظريات، مما يجعل من الصعب تحديد موقف واضح وغير منحاز لكأس العالم الذي يقام لأول مرة في بلد عربي ومسلم.

سنحاول هنا إيجاد بعض الأرضية المشتركة حول الأسئلة التي تحيط بكأس العالم قطر 2022.

مقاطعة كأس العالم
هناك من قرر من المشجعين مقاطعة البطولة، سواء بعدم الذهاب لقطر أو بعدم متابعة المباريات على الشاشة، حتى أن بعض المدن والنوادي في فرنسا قررت عدم بث البطولة. ولكن لا يوجد أي تنظيم أو مبادرة عالمية دعت لمقاطعة كأس العالم لأسباب إنسانية - كما حصل مع روسيا مثلاً بعد الحرب على أوكرانيا. 

مقاطعة كأس العالم من عدمه هو خيار شخصي تماماً. يمكنك بشكل شخصي تقديم الدعم المعنوي أو التبرع لمنظمات تدعم حقوق العمال وحقوق مجتمع الميم في دولتك. 

انتقاد قطر
كان هناك الكثير من النقاشات والخطابات حول انتقاد سجل قطر بحقوق الإنسان وأنه لا يحق للدول الغربية إعطاء دروس أخلاقية لقطر، كان بطل هذا الحوار جياني إنفانتينو، رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم الذي اعتبر أن "الأوروبيون يجب أن يعتذروا عن الثلاثة آلاف عامًا المقبلة قبل أن يبدأوا في إعطاء دروس في الأخلاق للشعوب."

لا خلاف على أن الغرب منافق، وأن الكثير من الشركات الغربية مستفيدة مالياً من مشاركتها بالمونديال. ولكن هذا لا يعني أن قطر ضحية، فهي جزء من هذا النظام العالمي وتتحرك ضمنه. 

إعلان

انتقاد السجل الحقوقي لأي بلد هو حق، واستخدام "ماذا عن" whataboutism لتعويم الانتقاد والتركيز على الاتهام المضاد هي استراتيجية سيئة. يمكنك انتقاد قطر كعربي وبنفس الوقت انتقاد ازدواجية الدول الغربية وشركاتها، ومصالحها. يمكنك كذلك دعم قطر، وبنفس الوقت دعم المنظمات التي تكشف الانتهاكات ضد العمال ومجتمع الميم والفئات المهمشة في قطر.

اسلاموفوبيا
هناك نقاش مكرر على أن انتقاد أي بلد عربي، قطر في هذه الحالة واستضافتها لكأس العالم مصدره العنصرية والخوف من الإسلام. البلدان الغربية لديها تاريخ استعماري طويل بنُى على النظرة العنصرية للبلدان التي قامت باحتلالها ولا تزال بعض الدول تؤمن "بوهم التفوق الغربي."

قطر ليست الوحيدة التي تعرضت للانتقاد لتنظيمها كأس العالم كونها بلد مُسلم. هيومن رايتس ووتش وصفت تنظيم كأس العالم بروسيا، بـ "كأس العالم الدموي" وتحدثت التقارير عن انتهاكات حقوق العمال، والقيود المفروضة على الحريات الأساسية، والقمع المستمر ضد الحقوقيين ودورها المباشر في دعم النظام في سوريا عسكرياً ودبلوماسياً. لم يكن الانتقاد كافياً هذا.. أمر مفتوح للنقاش.

يمكن أن يكون هذا المونديال فرصة للغرب للتعرف على بلد عربي مسلم عن قرب، يجب أن يكون كذلك فرصة للعرب للتعرف على الآخر كذلك بعيداً عن الأحكام الجاهزة.  والرد الأفضل "سيكون بتحسين واقع حقوق الإنسان في منطقتنا، لا التعامي عنها وإنكارها." 

السياسة والرياضة
الأمر الأساسي في تغطية كأس العالم في قطر هو التوقف عن ترديد كذبة "فصل السياسة عن الرياضة" لأن الأحداث الأخيرة أثبتت أن الرياضة لا تنفصل عن السياسة. رأينا ذلك بعد الحرب على أوكرانيا في فبراير، وقيام الفيفا بإخراج روسيا وفرقها من جميع المسابقات ومنعتها من التأهل لكأس العالم 2022. في المقابل، لم يعترض أحد على تنظيم إسرائيل كدولة احتلال للأغنية الأوروبية لعام 2019. ولا يبدو أن الرياضيين الأوروبيين يهتمون كثيراً بسياسات الهجرة في دولهم والتي تتسبب في مقتل الآلاف من اللاجئين والمهاجرين في البحر الأبيض المتوسط سنويًا.

مواقف الفرق الأوروبية من حقوق الإنسان ودعم مجتمع الميم ورفضهم لما اعتبر سياسة "تكميم الأفواه" يؤكد أن فصل السياسة عن الرياضة ليس مبدأ أخلاقي خالص، بل استراتيجية تستخدم حسب الطلب وعند الحاجة. كما يبدو، لا يمكن فصل السياسة عن الرياضة، ولا يجدر بنا ذلك أصلاً.