تلفزيون

ماذا تقول قراراتنا عنا؟

سترغب في مشاهدة Bandersnatch الكثير من المرات لمعرفة الجواب
نيتفلكس

الصورة من نيتفلكس

لابد أنك تفكر الآن بكيفية قضاء عطلة السنة الجديدة، العائلة، الهدايا، وما إلى ذلك. ولكن هناك شيء أهم من كل ذلك وهو مشاهدة الحلقة الجديدة من سلسلة Black Mirror أو المرآة السوداء. هذه الحقلة الجديدة على نيتفلكس ستذكرك بأن الأشياء ليست كما تبدو وأن هناك جهاز آيفون مدسوس تحت وسادتك مستعد لقتلك أثناء النوم. هذه المرة لم يمنحنا كاتب سلسلة "المرآة السوداء" شارلي بروكر موسمًا كاملاً، بل حلقة واحدة بعنوان "Bandersnatch" يسمح هذا للمشاهدين باختيار مسار القصة في نقاط معينة مثل ألعاب الفيديو، حيث يتم منحك خيارًا من بين خيارين منفردين في نموذج بطريقة سلسلة كتب Choose your own adventure. بحبكة درامية متزنة يتابع الفيلم حياة مبرمج شاب اسمه ستيفان بتلر (يقوم بدوره الممثل فيون وايتهيد) والذي يصبح مهووساً بفكرة انعدام قدرته على التحكم والسيطرة على حياته وخياراته، وأنت كمتفرج لديك القدرة على تحديد خياراته بدلاً منه في كل مرحلة حرجة. الخيار في الغالب لك، أنت. بعد مشاهدتي الفيلم، تكونت لدي بعض الانطباعات التي أود مشاركتها معكم، ولكن انتبهوا اذا لم تحضروا الحلقة، لا تكملوا القراءة، لأنني سأكشف بعض تفاصيل حبكة الفيلم.

إعلان

Frosted Flakes مقابل Sugar Puffs
في المشاهد الأولى من هذا الفيلم، يتم وضعنا بين خيارين، ماذا سيختار ستيفان على الفطور؟ اى نوع من رقائق الذرة سيختار؟ Frosted Flakes مقابل Sugar Puffs. هذا هو القرار الأول والأكثر أهمية وقد يتحدد عليه باقي تفاصيل القصة. ماذا كان ليحدث لو لم نختر Frosted Flakes ؟ تلك القرارات الصغيرة المتعددة المتناثرة في جميع أنحاء هذه القصة، تجعلك تتساءل عما إذا كان السبب في النهايات الدرامية في حلقات Black Mirror لها علاقة بحب المخرج أو الكاتب لنوع معين من رقائق الذرة؟

عدم وجود وقت تشغيل في الفيديو أمر غريب ولكنه فعال
أغرب شيء سيحصل معك عند مشاهدة "Bandersnatch" (اسم لعبة الفيديو التي يقوم بتصميمها ستيفان) هو عدم وجود وسط ونهاية للفيلم. لقد كنا متلهفين جداً للاستمتاع بخدمة الفيديو حسب الطلب، لأنه أصبح من الممكن أن نعرف مكاننا في أي قصة (يمكننا وقف الفيلم، وإعادة مشهد معين) ولكن في Bandersnatch هذا الخيار غير موجود، لا يمكنك معرفة كم مضى على الفيلم ومتى سينتهي. في مرحلة معينة، لن تعرف ما إذا مضت 40 دقيقة، 60 دقيقة أو ربما مضى أكثر من ساعتين. القصة التفاعلية للفيلم ستسرق الوقت منك بدون أن تشعر بذلك.

ستشاهده أكثر من مرة
بالحديث عن النقطة أعلاه، أخمن أنني قضيت حوالي 80 دقيقة بمشاهدة "Bandersnatch" وقد صادفت ثلاث نهايات للقصة يمكن أن تكون نتجت عن ستة قرارات مختلفة، وهذه هي أكبر قوة في أي قصة تفاعلية. الأمر المزعج أنه ليس لديك خطة واضحة لذلك تستمر بمحاولة اكتشاف أفضل خيار، فالحلقة لا تسير أبدًا بشكل متسلسل - من نقطة A إلى نقطة B. نصف المتعة في مشاهدة الفيلم هي باكتشاف جميع الملاحظات التي فاتتك، والتفكير بالخيارات الأخرى. أتساءل، كم عدد الأفلام، التي يمكنك تحديد خيارات شخصياتها؟

إعلان
1546253880549-netflix2

الصورة من نيتفلكس

ستشعرك أنك في لعبة فيديو ولكن بتقنيات أفضل
في الماضي، كان لدينا هذا الشيء الذي يسمى ألعاب الفيديو FMV (فيديو كامل الحركة)، حيث كنت تشاهد ألعاباً مع ممثلين حقيقيين، وفي لحظة ما، سوف يتم اعطائك خيار معين (مثلاً سلسلة The Wing Commander). فكرة طريقة صنع القرار الذي تستخدمه نيتفلكس تجعلك تشعر بنفس الشعور، ولكن بتقنيات أفضل. من المثير للاهتمام أيضًا أنه لا يمكنك مشاهدة الفيلم مع الماوس أو جهاز التحكم (لم يعمل مع Apple TV) مما يجعل أوجه التشابه أكثر وضوحًا. لا يزال هناك شيء ما حول هذا الفيلم يجعلك تشعر أنه عمل يستحق المشاهدة ويجب أن يتم التعلم من هذه التجرية. أعتقد إنه إذا استطاعت الاستوديوهات أن تجمع بين القصص العظيمة والتفاعل المناسب، فإن هذا يمكن أن يكون خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح.

وهم الاختيار
الفيلم لا يزال يحمل الأفكار المعروفة في سلسة المرآة السوداء، البؤس وعدم الانتماء والبارانويا والخوف من تطور التكنولوجيا. في هذا الفيلم، هناك الطفل المعقد اجتماعياً ستيفان بتلر الذي يعيش مع والده الوحيد، والذي لديه هدف واحد أن يكون أعظم مصمم لعبة فيديو. طوال الفيلم، كان هناك إشارات إلى الحلقات السابقة من السلسة المعروفة، مثل Nosedive" و"Metalhead" و"San Junipero" واحدة تلو الأخرى وكأنها رسائل حب. ثم هناك الشرح المتعلق بوهم قدرتنا على الاختيار، والإرادة الحرة. من خلال السماح للمشاهد بالتفاعل واختيار تصرفات ستيفان، يبدو وكأننا قد قمنا بهذا الخيار بالفعل. ولكن هل هذا ما حصل حقاً؟

القصص التفاعلية ليست جديدة
لقد مررنا من هذا الطريق من قبل، قبل 50 عامًا، عندما تم عرض الفيلم التفاعلي لأول مرة بعنوان Kinoautomat، وهو فيلم تفاعلي للمصور السينمائي التشيكي Radúz Činčera الذي طلب من الجماهير إبداء رأيهم في قرارات محددة للشخصيات. وفي الآونة الأخيرة، جربت نتفليكس ذلك في أفلامها مثل Buddy Thunderstruck: The Maybe Pile و Puss in Boots: Trapped in a Epic Tale. شركة الأفلام التفاعلية HelloEko تقوم بذلك أيضاً من خلال لعبة الفيديو Telltale Games. ولكن هذه هي القضية، عندما يتم إعطاء الاختيار بين قتل شخص ما أو الاستمرار مع سرد ممل، سوف يذهب أغلب الجماهير إلى خيار القتل؛ إنها نقطة المتعة الفورية. أين المتعة في الترفيه التفاعلي الذي يخلو من صراع أو خلاف؟ مع "Bandersnatch" كل مسار يشجعك على القيام بشيء مجنون (بما يشمل القتل)، شخصية ستيفان بتلر الفاقدة للسيطرة تجعل ذلك سهلاً، ويمكن قول الشيء نفسه عن الأشخاص المحيطين به. إن جمال "Bandersnatch" يأتي في خياراته، مع الاعتراف بالحماقة كجزء من سؤال أعمق: ماذا تقول قراراتنا عنا؟ وما مقدار السيطرة التي نملكها فعلاً على تلك القرارات؟

1546254251704-netflix3

فكر في كل تلك النقاشات التي حدثت حول تلك الحلقة "The Red Wedding" من مسلسل Game of Thrones على وسائل الإعلام الاجتماعي. فكر بكل تلك الاختلافات ومحاولات اثبات وجهة النظر لكل طرف. لقد قضيت 10 دقائق في قراءة بعض التغريدات حول Bandersnatch" وفوجئت بأشخاص يقترحون نهايات أكثر جنوناً مما قد تتخيل. نحن هنا لا نتحدث عن المنتديات الخاصة بمحبي ألعاب الفيديو بل عن برنامج تلفزيوني يتم مشاهدته من قبل أشخاص لم يلعبوا أي لعبة فيديو حديثة، يوجد شيء مميز في كل ذلك.

ظهر هذا المقال بالأصل على VICE كندا.