متحف الفن الخليجي الرقمي: تجربة فنيّة جديدة مع فريق نسائي شاب

في تجربة خاصة ومميزة تجمع كلّ فناني الخليج العربي الموهوبين، أصبح متحف الفن الخليجي أول متحف رقمي خليجي يضمّ العديد من الأعمال الفنية لأكثر من 35 فناناً وفنانة. أُسس المتحف من قبل الأختين الإماراتيين منار وشريفة الهنائي، ويعد أوّل متحف رقمي يعرض ويروّج لأعمال الفنانين والمصورين من دول الخليج العربي من خلال استضافة المعارض الفنية بشكل منتظم.

أسست منار وشريفة منصّة ومجلة سكة في عام ٢٠١٧. وهنّ كاتبات ومهتمات بمجال الثقافة والفن في العالم العربي وفي منطقة الخليج بشكل خاص. منار كاتبة ومؤلفة وصحفية ومستشارة للإعلام والتسويق والهوية التجارية. تخرّجت منار من جامعة ليدز في بريطانيا وهي أول عربية تحمل شهادة ماجستير في إدارة التنوع. أما شريفة فهي خريجة جامعة أكسفورد وكاتبة وصحفية. وقد حصلن الأختين على جائزة المرأة العربية في عام ٢٠٢٠ عن فئة الإعلام.

من خلال عملهنّ مع الشبّان والشابات المبدعين ضمن مجلة ومنصة سكة المهتمة بالثقافة والفنون، سمعت الأختان العديد من القصص واكتشفن مدى الصعوبات التي يُواجهُها الفنانين الصاعدين في المنطقة لعرض أعمالهم الفنية في المتاحف وصالات الفنون في المنطقة ومن هنا ظهرت فكرة تأسيس المتحف. 

 "سمعنا عن تحديات الفنانين الناشئين لعرض أعمالهم الفنية في المتاحف وصالات الفنون في المنطقة، وحين اندلعت أزمة كوفيد العام الماضي وتوجهت الكثير من الفعاليات والأحداث لشبكة الإنترنت، رأينا أن إطلاق متحف رقمي يحتفي بالإبداع من المنطقة ويروج لأعمال الفنانين، هو الحل الأنسب. خاصة وأنّ قطاع الفن من أكثر القطاعات تأثراً بالأزمة،" تقول الأختان: "بالإضافة إلى ذلك، فإن متحفنا الرقمي أيضًا هو عبارة عن سجل وتوثيق للحركة الفنية كما تحدث في المنطقة، نشاركه مع زوارنا من حول العالم، المعارض الرقمية والافتراضية وصالات العرض لدينا مجانية للتجربة، وذلك نابع من إيماننا الراسخ بأن المعرفة والفنون يجب أن تكون في متناول الجميع."

بحسب الأختين الهنائي، فإن قطاع الفن حول العالم يعاني من عدم تمثيل النساء بشكل كافي، وما يميّز متحف الفن الخليجي أنه أسس ويدار بشكل كامل من قبل فريق نسائي خليجي شبابي: "نفتخر بأنّ كل شيء من هويتنا إلى متحفنا الرقمي يُدار من قبل فريق نسائي خليجي شبابي. نحرص أيضاً على تمثيل النساء بشكل متساوٍ مع الفنانين الرجال وعرض أعمالهن في معارضنا بشكل متكافئ قدر الإمكان."

تضيف منار أنّ المتحف نجح في تقديم أعمال الفنانات الخليجيات ومشاركتها مع العالم: "نفتخر بأن منطقة الخليج منطقة تضخ بالإبداع والفن، ويسعدنا أن نساهم بنشر الوعي والترويج للأعمال الإبداعية في المنطقة، في عالم الفنون والذي يمثل فيه الذكور نسبة عالية سواء على صعيد الأعمال المعروضة أو العاملين في قطاع الفن، من خلال فريق نسائي عربي خليجي أسس وبنى وعمل على تنظيم المعارض وصالات العرض المختلفة."

مرّ المتحف بالعديد من التحديات، تخبرني شريفة بأن أكبرها كان يتمثل في "بناء المتحف الرقمي، والاتفاق على تصميم يوفر تجربة انسيابية للمستخدم من خلال الهاتف الذكي، خاصة وأن أكثر الزوار يزورون المتحف من خلال هواتفهم المحمولة."

يعرض المتحف جميع أشكال الفنون سواء كانت لوحات زيتية أو فيديو أو رقمية وتختلف شروط المساهمة على حسب محور المعرض الفني والقضية، وتتناول الأعمال الفنية العديد من القضايا متنوعة. تقول منار: "منذ إطلاق المتحف قمنا بتنظيم ٤ معارض فنية رقمية و٣ معارض فردية كان محور المعارض الفنية هو: خليجيون في زمن كورونا، رمضان في العزل، ثم أطلقنا معرض (الفن من أجل التغيير) والذي جسّد من خلاله كل فنانة وفنان التغيير الذي يودون رؤيته في العالم. بعدها أطلقنا صالتي عرض خاصة للفنانة السعودية الراحلة زكية الدبيخي والتي كانت المرأة الخليجية وحياتها محور جميع أعمالها، ومن ثم أطلقنا المعرض الخاص والمعرض الرقمي الأول خارج عُمان لصاحبة السمو السيدة ميان بنت شهد آل سعيد تحت عنوان (انعكاسات)، عُرضت فيه مجموعة متنوعة من أعمالها الرقمية والسريالية. أما صالة العرض الفردية الأخيرة فكانت للفنان السعودي فيصل الخريجي تحت عنوان (الثقافة بشكل مختلف) حيث شارك الفنان ثقافته السعودية الغنية بأسلوب مبتكر."

يعد معرض "خليجيون في زمن كورونا" الذي أطلق مايو الماضي، في بدايات أزمة كوفيد الأكثر إقبالاً لرغبة الزوار برؤية الأزمة من وجه نظر الفنانين. يحتوي المتحف على معارض أخرى مثل "كفاية يعني كفاية" والذي شارك فيه ١٢ فنانة وفنان خليجية. عرضوا إبداعاتهم الفنية في محاولة لزيادة الوعي حول الأشكال المتنوعة للتحرش والاعتداء الجنسي وتسليط الضوء على الأضرار المدمرة التي تسببها لضحاياها، والتأكيد على الحاجة إلى وضع حد عاجل لها في جميع أنحاء العالم.

 في فبراير، تعاون متحف الفن الخليجي مع "دبي فيستفال سيتي" وذلك لتنظيم عروض فنية رقمية مختلفة لعرض أعمال المتحف على أكبر شاشة عرض رقمية دائمة في العالم (على ارتفاع ٣٦ طابق). ويُعرض فيها حالياً "رمضان في ظل أزمة كوفيد-١٩" وهو معرض يتألف من عدّة أعمال لستة فنانين خليجيين. وسيطلق المعرض القادم في مايو هذا الشهر لمدة أسبوعين ويتمحور حول العيد في أزمة كوفيد بمشاركة ٦ فنانين خليجيين.

"نتعلم كل يوم شيئاً جديد من الفنانين والفنانات في المنطقة ونرى أن المستقبل مشرق للكثير منهم، ونأمل أن نرى مؤسسات أكثر تقوم بدعم وترويج أعمالهم،" تقول شريفة في النهاية.