"القدس عاصمة إسرائيل" هذا الحلم الذي يحلم به الاحتلال الإسرائيلي منذ عشرات السنوات، تحقق بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نقل سفارة بلاده إلى مدينة القدس المحتلة، مما يعطي الحق لإسرائيل السيطرة على المدينة المقدسة والتوسع لبناء عاصمتها كما تشاء.
الاعتراف بالقدس عاصمة إسرائيل يعني تجاهل كل القرارات الدولية الخاصة بالتعامل مع القدس كمدينة محتلة عسكرياً منذ العام 1967 وفقاً لقرارات الأمم المتحدة، وبالتالي إلغاء فرصة إقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية حسب ما نصت عليه اتفاقية أوسلو للسلام التي تم تأسيس السلطة الفلسطينية على أساسها. بعد هذا القرار، ما هي الخيارات الفلسطينية الآن. سألنا عدد من الخبراء الفلسطينيين عن السيناريوهات المتوقعة حالياً في الوقت الذي فقد الشعب الفلسطيني والسلطة بشكل أو بآخر إيمانه بأن عملية السلام ستقدم لهم أي شيء حقيقي على الأرض.
السيناريو الأول: بقاء الأمور على ما هي عليه
أكرم عطا الله: أعتقد أن الأمور لن تتغير على المستوى السياسي، شعبياً، سيكون تظاهرات واحتجاجات في كافة المدن الفلسطينية احتجاجاً على عدم التراجع عنه. إسرائيل من جهتها، ستلتزم الصمت وترد ردوداً مؤقتة كإطلاق النار وقنابل الغاز على المتظاهرين كما يحصل هذه الأيام. على الأرض، ستقوم إسرائيل بوضع المزيد من القيود على زيارة الفلسطينيين للأماكن المقدسة في المدينة، بذريعة الحفاظ على أمن "العاصمة" والتي تمثل أمن واستقرار الدولة الإسرائيلية، بالإضافة إلى تهجير عدد كبير من المقدسيين لتوفير مساحة لبناء السفارة الأمريكية وقواعد عسكرية إسرائيلية بالمدينة.
السيناريو الثاني: انتفاضة ثالثة، وحرب على غزة
حسام الدجني: لا شك أن البيئة مواتية لتصعيد الانتفاضة لمواجهة اعتراف أمريكا بأن القدس عاصمة إسرائيل، لذلك نحن أمام سيناريو تصاعد الهبة الجماهيرية بشكل كبير ومتصاعد بوجه الاحتلال الإسرائيلي، ولكن هناك عدة عوامل وهو القرار السياسي كون أي حراك بحاجة لقرار سياسي ضد الاحتلال، فإذا تم الإجماع على قرار موحد فإن الانتفاضة سوف تنجح وتستمر، ولكن إن عملت القيادة الفلسطينية على استيعاب الصدمة والرضوخ إلى الضغوط الأمريكية والإسرائيلية والإقليمية فإن الانتفاضة قد تخمد وتقل قوة تأثيرها. أعتقد أن إسرائيل تخشى تطور الأمور إلى حرب شاملة، وبذلك هي لا تقدر على مواجهتها، ولكنها تسعى الذهاب الى مواجهة محدودة لتنحرف البوصلة عن قضية القدس إلى غزة وأن يبقى تحت السيطرة، وأيضاً المقاومة الفلسطينية غير معنية في التصعيد والدخول بحرب مع الاحتلال الإسرائيلي خشية من انحراف الموقف الدولي والإعلام عن القدس إلى الحرب، وبالتالي ويبقى الخيار الأقوى الآن، هو حل الدولتين ومواجهة الاحتلال وترسيم الحدود على حدود 67 والاعتراف بالقدس من قبل عدد من الدول العربية.
السيناريو الثالث: حل السلطة الفلسطينية
د. أحمد رفيق عوض: أعتقد أنه لن يتم حل السلطة ولكن سيتغير وضعها. عمر السلطة الفلسطينية (25 عاماً) ولها مراكز سياسية وقانونية، ولا يمكن حلها بهذه السهولة، لأن ذلك سيحل بفوضى عارمة وتشريد لكثير من الموظفين والكوادر الفلسطينية وهذا يكون تلبية لرغبة الاحتلال، ولكن هناك وظائف أخرى من الممكن أن تتجه إليها السلطة وهى تغيير علاقتها مع الاحتلال، وبدلاً من أن تكون العلاقة بينهما علاقة أمنية واقتصادية، تصبح علاقة مادية متكافئة، وتكون السلطة سلطة مقاومة ضد الاحتلال بدلاً من أن تكون متعاونة أمنياً. وأتوقع تشكيل شبكة أمان مالي من قبل الدول العربية، لأن الاحتلال الإسرائيلي وأمريكا سيفرضان عقوبات مالية على السلطة الحالي ، لوضعها في مأزق مالي كبير بعد الإقدام على هذه الخطوة. كما أتوقع أن تتجه السلطة إلى تعزيز المصالحة مع حركة حماس لتقوية موقفها وتعميق المقاومة الشعبية، وأن تصبح العلاقة بينهما علاقة تنسيق لتقوية الأوراق في مواجهة قرار ترامب.
السيناريو الرابع: انتهاء فكرة الدولتين والتركيز على حل الدولة الواحدة
طلال عوكل: لم يعد أمام الشعب الفلسطيني مجالاً للمشروع الوطني الذي يتحدث عن دولة على حدود الرابع من حزيران عام 1967، فأتوقع أن تذهب السلطة الفلسطينية باتجاه حالة صراع مع الاحتلال الإسرائيلي على كل الأرض والحدود الفلسطينية التاريخية وإعلان دولة واحدة لشعبين، هذا ما أنتجه القرار الأمريكي بإعلان القدس عاصمة لإسرائيل. والإعلان عن دولة واحدة لشعبين هو الخيار الأقوى، لأن دولة تحت الاحتلال تعيد حرب الـ67 التي تقضي بضياع القدس من الفلسطينيين، وفقدان غور الأردن، والاستمرار في بناء المستوطنات بحيث لا تبقى دولة أصلاً، في حين أن دولة واحدة لشعبين يفتح الأفق لاستعادة الأرض بأكملها. دولة لشعبين أي دولة ديمقراطية لشعبين بمعنى المساواة في الحقوق كاملة داخل حدود دولة ديمقراطية، لكن لا أعتقد أن توافق إسرائيل أبداً على حل دولة لشعبين وسوف تعمل المستحيل كي تبقى الكتل السكانية الفلسطينية معزولة عن بعضها البعض.