صحة نفسية

السعادة ليست مفيدة للاقتصاد وأسباب أخرى للاستمرار بالحياة

إن كنت تجد تكلفاً في كتب تحسين الذات مثلي، فقد يعجبك كتاب Reasons to Stay Alive
Reasons_to_stay_alive

شترستوك/ مريم علي العميرة

ازداد الاهتمام بالصحة النفسية في السنوات الأخيرة لأسباب عديدة. وبصفتي مهتمة بهذا الموضوع، أحرص على قراءة مصادر وكتب تتحدث عن الصحة النفسية وما يؤثر عليها. أحد الكتب التي قرأتها حول هذا الموضوع كان كتاب "أسباب للاستمرار بالحياة - Reasons to Stay Alive" والذي يتحدث فيه مات هايغ عن تجربته مع مرض الاكتئاب وما يصاحبه من قلق. مات هايغ ناشط في مجال الصحة النفسية ولديه كتب أخرى مثيرة للاهتمام، مثل "كيف توقف الوقت - How to Stop Time".

إعلان

ومع أن كتاب مات الجديد يتحدث عن تجربة شخصية وخاصة جدًا، إلا أني رأيت كثيرًا من نفسي في عدة أجزاء منه، فمثلاً، يشير هايغ في أجزاء كثيرة إلى أهمية الحديث عن مشاعرنا والتعبير عنها مع أشخاص نثق بهم، ويوضح مات أن التواصل مع الأشخاص القريبين منه والحديث عن مشاعره ساعده في النهوض عدة مرات. كما تحدث عن قسوة العالم الحديث والشعور الذي يحكمنا ويؤثر على مجرى حياتنا أن علينا التنافس مع الجميع لنكون الأكثر نجاحاً وجمالاً وسعادةً، وكأن هناك وصفة جاهزة لكل هذه المفاهيم تصلح للجميع – الكتاب بطرحه للأفكار هذه جعلني أدرك أنني لست غريبة الأطوار كما كنت أظن، وذكّرني أن هنالك كثيرون يعانون من هذه الأفكار التي أعاني منها.

يتطرق الكتاب أيضًا إلى مواضيع مهمة مثل أثر الثقافة الاستهلاكية على صحتنا النفسية، فيقول هايغ: "العالم مُصمّم ليجعلنا مكتئبين. السعادة ليست مفيدة جدًا للاقتصاد. إن كنا سعداء بما لدينا، لمَ نحتاج للمزيد؟ كيف تبيع مرطب يقاوم التجاعيد؟ بأن تخيف الناس من معالم الشيخوخة. كيف تجعل شخصًا ما يصوت لحزب سياسي ما؟ تجعله يقلق من الهجرة. كيف تجعل الناس يشتركون بالتأمين؟ بأن تجعلهم قلقين تجاه كل شيء. كيف تجعلهم يلجأون للعمليات التجميلية؟ بأن تبرز عيوبهم الجسدية. كيف تجعلهم يشاهدون مسلسلاً ما؟ تجعلهم قلقين أن يفوّتوا أي شيء. كيف تجعلهم يشترون هاتف ذكي جديد؟ بأن تجعلهم يشعرون أن عليهم المواكبة. الهدوء يصبح تصرفًا ثوريًا. أن تكون راضيًا بوجودك غير المٌحدّث. أن نتصالح مع أنفسنا بكل فوضويتها وإنسانيتها، لن يكون أمراً مفيداً للسوق."

ما جعلني أحب هذا الكتاب وأفضّله على غيره من كتب تحسين الذات هو أن الكاتب لا يتحدث من برجه العاجي ويفرض أفكار معينة على القرّاء، بل يتحدث من تجربة شخصية بتفاصيل معبّرة وبناء عليها يعطي نصائح قد يتّعظ منها الآخرون. فإن كنت مثلي تجد مبالغةً وتكلفاً في كتب تحسين الذات، قد يعجبك هذا الكتاب فهو بالنسبة لي أعاد تعريف مفهوم كتب تحسين الذات. لقد جمعت لكم بعضًا من الاقتباسات التي أعجبتني في الكتاب:

  • "الحياة ستنتظرك. قد تظل عالقاً هنا لبعض الوقت، لكن العالم لن يذهب الى أي مكان. تمسك جيدًا إن أمكنك. الحياة دائمًا تستحق الانتظار."
  • "لا يوجد معيار واحد لما هو طبيعي. الطبيعي يختلف من شخص إلى آخر. هناك 7 مليارات من الأمثلة المختلفة لما هو طبيعي."
  • "الحل هو في تقبل أفكارك، كلها، حتى السيء منها. على سبيل المثال، كن واعيًا أن الأفكار الحزينة لا تعني بالضرورة أنك شخص حزين. تستطيع أن تمشي في وسط عاصفة وأن تشعر بالرياح لكنك تعلم أنك لست الرياح."
  • "الاكتئاب أصغر منك، حتى عندما يبدو ضخماً جدًا. هو يسكن بداخلك، لكنك لا تسكن بداخله. يمكننا أن نعتبره كغيمة سوداء عابرة، لكن إن كنا سنأخذ هذا المجاز، فبذلك ستكون أنت السماء، وأنت موجود قبل الغيمة. لا يمكن للغيمة أن تكون موجودة لولا السماء، لكن السماء تستطيع الوجود دون الغيمة."
  • "أريد الحياة، أريد أن أقرأها وأكتبها وأن أشعر بها وأن أعيشها. أريد خلال وقتي القصير في هذا الوجود، أن أشعر بكل ما يمكن أن أشعر به."
  • "بمجرد أن تنتهي العاصفة، لن تتذكر كيف عبرتها، أو كيف استطعت النجاة منها. قد تكون غير متأكد إن كانت العاصفة قد انتهت حقاً. لكن هناك أمر واحد مؤكد، وهو أنك عندما تخرج منها لن تكون نفس الشخص الذي عبر خلالها. وهذا كل ما يهم."
  • "هناك نظرة نمطية تجاه الأشخاص الذين يحبون القراءة أنهم غالبًا يشعرون بالوحدة، لكن بالنسبة لي، القراءة كانت مخرجي من الوحدة. بالنسبة لي، ليس هناك ما يبعث شعور الوحدة بداخلك أكثر من أن تكون محاطًا بأشخاص بعيدين عنك فكريًا."
  • "عندما تكون مكتئبًا ووحيدًا، قد تشعر أن لا أحد يمر ما تمر به أنت. لهذا تبقي كل مشاعرك في داخلك، خوفاً من أن تشعر أنك غريب، تخفي ذلك الجزء من نفسك ولا تتحدث عنه. ولكن هذه خسارة كبيرة، التحدث عن نفسك يساعدك برؤية الأمور بشكل أوضح ويشعر الآخرين بأنهم ليسوا لوحدهم.
  • الكتب كانت بحد ذاتها أسبابًا لأبقى على قيد الحياة. كل كتاب كُتب هو نتاج عقل بشري ما في حالة ما. اجمع كل تلك الكتب وستحصل على المجموع النهائي للبشرية. كل كتاب قرأته كان يُشعرني أنني أقرأ خريطة للعثور على كنز ما، والكنز الذي وجدته كان بالحقيقة أنا."