vlcsnap-2019-02-19-19h21m04s86
أحد مشاهد الفيلم - جميع الصور من المخرج رامز يوسف
سينما

"الشُغلة".. فيلم مصري يقتحم عالم الراقصات الشعبيات

المخرج رامز يوسف: قدمت شخصياتي "كبني آدمين" دون اتخاذ موقف سلبي أو إيجابي

رامز يوسف (44 عامًا) مواليد مدينة الإسكندرية، تخرج من كلية الآداب قسم المسرح، التحق بورشة الإخراج السينمائي بمركز الجيزويت الثقافي، أخرج فيلمين قصيرين؛ لعبة الشايب (2005) وكلام عيال (2008) ومؤخرًا الفيلم الوثائقي الطويل "الشُغلة" الذي شارك في مهرجان شرم الشيخ الدولي للسينما الأسيوية مارس الماضي.

"الُشغلة" فيلم يرصد عالم الأفراح الشعبية من خلال حياة ثلاث راقصات شعبيات؛ "منى، وتمرحنة، ورينا"، ومتعهدي الأفراح المسؤولين عن تشغيل الراقصات، بدون تنظير أو أحكام، بل يقترب من حياة هؤلاء الراقصات وقصصهن الإنسانية، معانتهن في الحياة و أحلامهن، بعيدًا عن هذه المساحيق وبدل الرقص، خشبة المسرح والموسيقى الصاخبة. يتحدث المخرج رامز يوسف المقيم حاليًا بالولايات المتحدة، في مقابلة مع "VICE عربية" عن ظروف إنتاج فيلمه، وما رصده في عالم الأفراح الشعبية من قصص للراقصات و"الموضباتية".

إعلان

VICE عربية: ما الذي جذبك في عالم راقصات الأفراح الشعبية لتنقله على الشاشة؟
رامز يوسف: الفكرة بدأت من"بوسى"، وهي امرأة خمسينية تعمل متسولة ويعرفها معظم سكان إسكندرية تقريبًا، يميز "بوسي" مكياجها الكثيف وعباءتها السوداء التي ترتدي فوقها جاكت أحيانًا، بالإضافة إلى طريقتها الغريبة في التسول، إذ أنها تغني للناس رغم صوتها السيء وتطلب منهم سجائر، والجميع كان يحبها وسعداء بطريقتها الفكاهية. جذبتني هذه الشخصية وقررت التعرف على قصتها بالجلوس معها أكثر من مرة، وعرفت إنها كانت تعمل في شبابها مونولوجست وراقصة ومغنية في الأفراح الشعبية والمسارح الصغيرة التي كانت على البحر. حَكت لي بوسي أنها كانت مشهورة، ولها "نِمرة" يومية في هذه المسارح "فقرة يومية"، إلى أن تدهور بها الحال بعد زواجها الذى نصب عليها وسرق فلوسها، لتصبح متسولة وتعيش مع أحد أقاربها.

كانت قصة إنسانية جدًا، وحاولت بدء تصوير الفيلم من حكايتها، الإ إنها ماتت بعد فترة، ولكن لم يمت اهتمامي بالحكاية والشغف لمعرفة المزيد عن عالم الراقصات الشعبيات، وبدأ بمشاهدة بعض فيديوهات للأفراح البلدى(الشعبي) على اليوتيوب ومنه لرحلة الفيلم.

كيف عثرت على شخصيات فيلمك وأقنعتهم بالظهور؟
سافرت للقاهرة وبدأت رحلة البحث عن متعهدين الأفراح الشعبية، حتى وصلت إلى شارع محمد علي، وبعد فترة عثرت على عم "عربي كرافته" وهناك عرفت مسمى آخر للمتعهد وهو الموضباتي (الشخص الذي يقوم بتشغيل الراقصات). تميز عم عربي بالتعاون والترحيب الشديد للتصوير معه وأن يحكي قصته بصراحة بالفيلم، كان يأخذني معه للأفراح الشعبية، وعرفني على راقصات منهن "منى" والتي ظهرت بالفيلم ، وأيضًا راقصات كبار في السن، اعتَزلن، هؤلاء رفضوا التصوير خوفًا من معرفة أولادهن أو أحفادهن هذه المرحلة من حياتهن، بعد أن أصبحت ماضي لا يرَغبن في الحديث عنه. بدأت التصوير مع عربي، ثم عثرت على الراقصة "تمر حنة" التي اقترحت التصوير مع زوجها سعيد (الموضباتي) وكلاهما وافق على التصوير، وهذه المرحلة كلها كانت مجهود ذاتي، حيث اقترضت كاميرا من صديق، إلى أن بدأت مرحلة البحث عن تمويل للفيلم، وكان يٌتابع خطوات الفيلم الأولى المنتج محمد رشاد الذي أوصلني بشركة "حصالة" للإنتاج، ثم نجحنا في الحصول على تمويل من صندوق حكومي لدعم السينما.

إعلان

كيف تجولت بكاميرتك في الأفراح الشعبية؟
لم يكن الأمر سهًلا، استخدمت في البداية كاميرا صغيرة لا تلفت انتباه حضور الفرح (الزفاف)، حتى وصلت إلى "عربي كرافته"، وساعدني جدًا وسَهل مُهمتي في التصوير بدون مخاطر، لأنه كان شخص محبوب ومعروف من أصحاب هذه الأفراح. وكنت متفهم قلق الناس وخوفهم من الكاميرا وهم يشربوا المخدرات كالحشيش والبانجو في الفرح، طبيعى أن يشعروا بالتوجس من هذا الغريب الذي يصورهم، لذا "عربى" كان دليل هام لإنجاز المُهمة بأمان. ولكن موت "عم عربي" أثناء تصوير الفيلم، وضعنا في أزمة للبحث مجددًا عن متعهد، ليِؤَمن تصويرنا بالأفراح وعثرنا على "فريد" موضباتي أيضًا، ولكنه لم يكن مُسيطرًا و مشهورًا مثل عربي الذي كان يَحُبه ويَثق فيه الجميع.

1555329999039-vlcsnap-2019-02-19-19h20m30s5

مشهد من الفيلم يوثق لطقوس تعاطي المخدرات في الأفراح الشعبية

هل تعرضت لمخاطر اثناء نزولك للتصوير بمفردك؟
نعم، أن أثناء نزولي مع المساعد أحمد رحال للتصوير مع راقصات في شارع محمد على، تَعرضنا لمشاجرة كبيرة من الجيران، وخرجوا يصرخوا " بتعلموا ايه وبتصوروا ايه ؟! عايزين تشوهوا سمعة البيت بأنه للدعارة! كادت المعركة تُفقدنا الكاميرا ونجونا بأعجوبة.

الفيلم رصد حياة ثلاث راقصات .. حدثني عن نظرتهن للمهنة، أحلامهن؟
جميع الراقصات التي قابلته،ا ماعدا"رينا"، رافضات للمهنة ، يشعروا بالاحتقار من المُجتمع والنظرة غير المحترمة التي تُلاحقهن، كلهن يرغبن في ترك الرقص لو توفرت فرصة عمل بديلة، وإحِداهُن قالت إنها جربت العمل بمهنة أخري ولكن عائدها المادي الضعيف اضطرها للعودة إلى الرقص مرة أخرى. أما عن أحلامهن؛ فتتلخص أحلام وطموحات "تمر حنة"، على سبيل المثال، في "شقة وفلوس في البوسطة (ادخار مالي يؤمن شيخوختها).

كم تبلغ أجور الراقصات بالفرح الشعبي؟
تترواح من 200 إلى 300 جنيه في الفرح، والراقصة تعمل في 5 أفراح شهريًا، لأن الموضباتي يعمل معه أكثر من راقصة ، الأجر لا يقترب منه الموضباتي بينما النُقطة (أموال يدفعها المعازيم في الأفراح الشعبية والراقصة على المسرح) تكون بالمناصفة بينهم.

إعلان
1555330032254-vlcsnap-2019-02-19-19h36m35s187

راقصتين في أحد الأفرح الشعبية وسط أعضاء الفرقة الموسيقية

ولكن هذه الأجور قليلة مقابل عملهن في بيئة عمل صعبة؟
من خلال مقابلاتي العديدة والحديث مع الراقصات، أظن هناك جانب نفسي لاستمرارهن، رغم ضعف الأجر، ولكنه سيظل سبب غير مُعلن، راقصة وحيدة فقط صرحت به ولكن خارج التصوير، قالت "بحب أوي أكون على المسرح والناس بتنظر لي، أشعر بأنوثتي فقط على المسرح"، وهذا السبب خلفه حكاية عن زوج عجوز مريض يعمل طيلة اليوم، ولا يُلبي احتياجتها كزوجة، ومن ثم المسرح هو وسيلتها لتشعر بأنها نِجمة العيون تُلاحقها كأنثى مرغوبة من الجميع بدلا من كونها امرأة متوسطة الجمال غير مميزة.

ولكن الراقصة "رينا" بالفيلم تحدثت بصراحة وثقة عن احترامها لذاتها وللمهنة؟
وهذا كان مقصود، العثور على شخصية راقصة مختلفة، قررت العمل فى الرقص بإرادتها لأنه تحبه، وقادرة على الدفاع بقوة عن اختيارها لهذه المهنة، عكس معظم الراقصات إما هاربة من أهلها أو زوجها، أي الظروف هي من أجبرتهن على هذا العمل.

بينما "رينا " شخصية اختارت معظم ظروفها، قررت أن تُصبح راقصة ثم ممثلة ثم مؤخرًا مخرجة، حُرة تعمل بدون "موضباتي"، ترقص في صالات وملاهي ليلية، ورفضت الرقص بالأفراح الشعبية، لذا أحببت جدًا أن يكون بالفيلم شخصية مستقلة في هذا العالم، لكن معظم الراقصات الشعبيات مُنقادات من آخرين؛ إما الموضباتي الذي غالبًا يكون زوجها ويُجبرها على الشُغلة أو زوجها الذي يجلس بالمنزل وتعمل هي بدًلا منه لتربية الأطفال.

كيف كانت علاقة الراقصات والموضباتية بأولادهم؟
كلاهما يرفض عمل أولادهم بالمهنة، الراقصات يَشُعرن بخجل تجاه أولادهن وقالت إحداهن "في المستقبل محدش هيرضى يتجوز بنتك أما يسألوا أمها كانت شغالة إيه؟. أيضًا الموضباتي/ عربي وسعيد كانوا رافضين أن يكون لهم امتداد في الشغلانة، هم يعلموا أن جزء من الشُغلة سمعة وفلوس، وبالتالي لا يفضلون أن يرث أبنائهم سمعة الشُغلة السيئة.

إعلان

"مراتي الأولى ست مستقيمة في البيت" هكذا قال سعيد الموضباتي بالفيلم، في إشارة لاحتقاره مهنته رغم أن زوجته الثانية "تمر حنة" راقصة ويعمل بجوارها في الأفراح؟
هذا حقيقي جدًا، ويُعبر عن قانون هذا العالم وواقعه، هم يعملون في المهنة ولكنهم يحتقرونها ويرفضونها، بلا شك أن المرأة هي الحلقة الأضعف في هذا العالم، ويتم استغلالها بعنف، بدءًا من الموضباتي الذي يتزوج 4 أو 5 راقصات، ويُجبرهم على الشغل. وسألت "عربي جرافته"، لماذا لا تعمل الراقصات بدون موضباتي؟!

وماذا أجابك؟
إجابته تُعبر عن قانون هذا العالم وهي" أن الراقصة لو نزلت شارع محمد على لوحدها من غير ماتكون متزوجة أو رجل في ضهرها الناس سيأكلونها" ! لم أفهم بدقة، ماذا يقصد عربي، هل الاعتداء سيكون ماديًا، ولا على حقوقها ولا جنسيًا، ولكن المؤكد أن العُرف في هذا الكار (المهنة) أن تكون الراقصة متزوجة من موضباتي أو أي رجل آخر، حتى لو كان ذلك صوريًا. وهو ما يُحيلنا لازدواجية المجتمع، الذي يعطي حماية واحترام أكثر للمرأة الُمتزوجة حتى لو كانت تنفق عليه، أما لو كانت عزباء أو مطلقة تًصبح مطمع من الجميع.

1556435893208-vlcsnap-2019-02-19-18h43m23s9

أحد مشاهد الفيلم

بمناسبة الازدواجية.. بوستر الفيلم وذلك الطبال بعلامة الصلاة البارزة على وجهه بجوار الراقصة، ونغمة موبايل سعيد الموضباتي بالدعاء الديني، هل قصدت معاني من كلا اللقطتين؟
لم يكن مقصودًا ولكن هو الواقع. سعيد الموضباتي وغيره في هذه مهنة، لا يحبها ولكن الظروف أجبرته عليها، بل يواجهوا رفض المجتمع وحكمه القاسي عليهم. إذًا الحل هو محاولة إرضاء المجتمع ومجاراة طلباته، وتنفيذ الشكل الذي يحبه المجتمع وهو صورة الرجل المتدين، سواء بعلامة الصلاة أونغمة الأدعية الدينية، وهنا أنهى سعيد وغيره صراعه مع المجتمع وأيضًا صراعه الداخلي الدائم مع نفسه بأنه شخص "صالح وكويس". واكتشفت مفارقة غريبة أثناء الفيلم، أن معظم الطبَالين العاملين بالأفراح الشعبية يكونون في مواسم كاملة بلا عمل، مثل شهر رمضان الذي لا تقام فيه الحفلات أو الأفراح (حفلات الزفاف)، فيلجأون للعمل في دق الطبول بالحضرة في الحسين ؟! هم لاينظرون للأمر بازدواجية ولكن كـ"شُغلة" يؤدونها.

إعلان

هل يعود اختيارك لاسم الفيلم "الشُغلة" لهذا السبب؟
بالظبط، هناك حالة إنكار من كل العاملين بالمهنة لطبيعة عملهم، فهم "لايرغبوا في تسميتها باسمها الحقيقي"، عربي يقول الشُغلة، الرقاصة تقول الشغُلانة، كلهم رافضين يفصحوا عن مهنتهم، ودائمًا يحاولوا إنكارها وإخفاء وجودها تحت اسم "الشغلة".

ماذا عن العنف الجنسي التي تتعرض له الراقصات في الأفراح؟
"عربى كرافته" حكى لي عن واقعة لراقصة تم خطفها بعد الفرح من مجموعة شباب في سيارة وتناوبوا عليها الاغتصاب. وذكرت "تمر حنة" بالفيلم أن "العريس" في أحد الأفراح اقتحم عليها الغرفة أثناء خلع ملابسها، وحاول تقبيلها بالقوة. وهذا يحدث من منطلق النظرة السلبية للراقصة وإنها سلعة للتسلية وفتيات سيئات السمعة. ولكن من المؤكد أن 80 بل 100% من الراقصات في الأفراح الشعبية تعرضن للتحرش الجنسي، سواء من المعازيم أو العاملين في التنظيم أو غيرهم، ونادًرا من أعضاء الفرقة، لأن هذا عملهم ويوميًا مع الراقصة.

ومن خلال ملاحظاتي أثناء ذهابي للأفراح، الراقصات يأتون بمفردهن في التاكسي، ويرتدون عباءات سوداء، ولكن من المستحيل أن يُغادَرن الفرح بمُفردهن بعد انتهاء"نمرتهن"، لأنه وجُوههن أصبحت معروفة، لذا يخرن في حماية الموضباتي أو الفرقة، خاصة أن الناس فاقدة الوعي لكثرة شرب البيرة والمخدرات.

وماذا عن الملاهي الليلية، هل تتعرض "رينا" لنفس الخطر؟
لم تحكِ عن ذلك، ولكن المخاطر تتوقف على مستوى الملهي الليلي، ولكن تبقى الراقصات بالأفراح الشعبية أكثر تعرضًا للعنف الجنسي والخطر من الراقصات في الملاهي، عملها يتأخر للرابعة فجرًا، وتكون الأفراح في مناطق بعيدة وعلى أطراف المدن، بينما الملاهي يحميها حرس خاص "جاردات"، وتعامل نُزلائها مع الراقصات له ضوابط أكثر، عكس الجماهير الغفيرة في أفراح الشوارع.

عرف المصريون الرقص منذ الآف السنين على جدران المعابد. في رأيك، ما الذي حدث لتتغير نظرة المجتمع للرقص سلبًا؟
المجتمع المصري أصبح Judgmental طول الوقت أو "يحاكم الآخر"، لذا قصدت أن تكون اللقطة الأخيرة بالفيلم تُركز على كل الناس وهي تَرقُص، الراقصات على المسرح، الناس في الملاهي الليلية و بالأفراح الشعبية، رجالاً ونساءًا. كان هدفي تأكيد المعنى وهو" كلنا بنحب نرقص". ولكن فكرة الحُكم الأخلاقي والتصنيف هي التي أفسدت نظرتنا للرقص؛ فالمجتمع يرفض الراقصات ويحتقرهن، ولكنه يُرحب بذات الوقت رقص الفتاة المحجبة في الفرح مع أهلها في الشارع، وسط تصفيق من أقاربها وأصدقائها، ولكن لو نُشرت صورة هذه الفتاة على السوشيال ميديا، يبدأ المجتمع يُحاكمها مجددًا لتصبح غير محترمة و"إزاى ترقص كده وهي محجبة؟".

هل المجتمع المصري مازال متمسكًا بالأفكار الوهابية الذي ضربته منذ السبعينات؟
اعتقد ذلك . في الأربعينات حتى الستينات، مصركانت بلد تحتضن جنسيات مختلفة وخاصة الإسكندرية، تلك المدينة الكوزموبوليتانية المُنفتحه على العالم؛ فيها الطليان، الفرنسيين، اليونانيين، بعادات وتقاليد مختلفة، والناس كانت تحب بعض ومتعايشه ولا يحكم أحدًا نهائيًا على الآخر. فيما بعد تحولت نظرة المجتمع إلى أبيض وأسود، يضع كود للفتاة المحترمة بأن تكون محجبة ومن دون الحجاب هي سيئة؟! ومن ثم النظرة للفنون وخاصة الرقص، تُصبح الراقصات سيئات السمعة، عكس تقدير واحترام المجتمع في الماضي لسامية جمال، تحية كاريوكا التي امتلأت أفلامنا العربية القديمة برقصاتهم، فالمجتمع تغير، وهو ليس مجتمع متدين أو محافظ، وإنما هو محافظ ومتدين في المظاهر فقط.

ما هي أصعب قصة من الراقصات أو الموضباتية توقفت أمامها؟
الراقصة "منى" أكثر شخصية شعرت أنها مغلوبة على أمرها داخل الفيلم، حياتها شديدة الصعوبة. قبل وبعد الماكياج؛ شخصيتها تختفي تمامًا، منكسرة، لم تختار شيئا في حياتها، الظروف فقط حكمت عليها لتُصبح زوجة وأم ومجبرة على العمل بهذه المهنة التي لاتحبها لمرض زوجها العاطل. أما "عربي كرافته"، عندما زرته بالمستشفى قبل وفاته فقد لمست حزنه وهو يقول "مفيش حد بيسأل علىَ". كانت نهايته أشبه بقصة "بوسي" التي ألهمتني فكرة الفيلم، بعد حياته المليئة بالسهر والأفراح والزحام، فجأة أصبح مريض بمفرده في المستشفى. شىء قاسي أن يمر إنسان بهذه التجربة .

بعد 3 سنوات عمل، أمضيتها في عالم الأفراح وتفاصيله لتصوير الفيلم.. ما الذي تركته التجربة عليك؟
لا تحُكم على أحد. وهذه هي الحكاية، كل شخص لديه قصة إنسانية وحياة مليئة بالتفاصيل والظروف التي تؤدي به لمسار أو نتائج معينة، أتذكر أحد تعليقات المشاهدين على الفيلم قائًلا "مش حابب أسمع عن القوادين"، إشارة للموضباتي، ربما يراهم البعض بهذه الصورة، ولكن لا أحد يعرف كيف كانت حياتهم، ليس من حق أحد أن يُرخص إنسان أو يمنحه صك الشرف والاحترام من عدمه! قدمت شخصياتي "كبني آدمين"، دون حكم عليهم أو احتقار لهم، اعرف جيدًا أن سعيد وعربي استغلوا النساء، ولكن تركت عربي يتحدث عن ذلك بخجل وهو يحكي زيجاته المتعددة من الراقصات أمام زوجته، وهو يضع يده على رأسه وينظر في الأرض، فى حالة ندم شديدة على هذا الماضي. كل شخص يختار طريقه بإرادته وهذه رسالتي التي قصدتها من الفيلم .