نغم النزوح6

لقطة من فيلم "نغم النزوح." الصور مقدمة من المخرج.

نادي الأفلام

المخرج اليمني ماهر المقطري يتحدث عن فيلمه "نغم النزوح" وصوت الأغاني من قلب المخيم

 "اصنع لنفسك الفرح مهما كنت وفي أي وضع"

وفقاً لأحدث البيانات الصادرة من مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، هناك تقريباً أربعة ملايين نازحين داخلياً في اليمن، وهذا الرقم الذي يصعب تخيله هو تقريباً نفس حجم السكان الذين يعيشون في جورجيا أو الكويت. الحرب المستمرة في اليمن منذ أكثر من سبع سنوات تسببت بـ "أزمة إنسانية تعتبر الأسوأ في العالم" حيث قتل في النزاع عشرات آلاف الأشخاص معظمهم من المدنيين، ويعيش الملايين في مخيمات مكتظة، تعاني من الإهمال ونقص الغذاء والماء ويعتمدون على المساعدات الإنسانية.

إعلان

على الرغم من بشاعة الحرب وتفاصيلها المؤلمة، إلا أن هناك جانب آخر بعيد قليلاً عن كل الدمار والقتل والفقدان. في فيلمه الوثائقي "نغم النزوح" يقدم المخرج اليمني ماهر المقطري، 24 عاماً، زاوية جديدة ومختلفة إلى السرد المتكرر عن اليمن واليمنيين. في هذا الفيلم، يلتقي ماهر بأطفال من مخيم القحفة الحمراء للنازحين، غربي مدينة تعز في اليمن، والذين يتمتعون بمواهب غنائية رائعة. هذا الفيلم هو مشروع تخرج لماهر ضمن دراسته للإعلام وإذاعة وتلفزيون من جامعة تعز في اليمن، وهو التخصص الذي وجده الأكثر قرباً لصناعة الأفلام، في ظل عدم وجود أي أكاديمية متخصصة بصناعة الأفلام في اليمن.

اسئلة سريعة لماهر

موسيقاك المفضلة: الكلاسيكي الهادئ
مخرجك المفضل: محمد دياب. أحب أفلامه: اشتباك، ٦٧٨، أميرة
الفيلم الأخير الذي حضرته: "لما بيروت كانت بيروت" للمخرجة أليساندرا الشنطي.

VICE عربية: مرحبا ماهر، لماذا أردت صناعة هذا الفيلم؟
ماهر المقطري:
خلال العام الماضي كنت أتردد على قرى عديدة في مدينة تعز لتوثيق عدد من الأعمال الإنسانية التي كانت تُنفذ في تلك القرى. خلال أحد الزيارات التقيت بمحمد وكريم خلال غنائهم في باحة إحدى المدارس، وعلمت أنهما يعيشان في مخيم القحفة الحمراء للنازحين وهو قريب من المدرسة، أعجبت كثيراً بأصواتهم، انبهرت في الحقيقة، وقررت في تلك الفترة إخراج فيلم عنهم، فقد كنت في صدد التحضير لمشروع التخرج. بالنسبة لي، أردت من خلال فيلم "نغم النزوح" تسليط الضوء أولاً على هذه المواهب الرائعة، وثانياً إيصال فكرة إن الدمار والحزن الذي أصبح مرتبطاً باليمن له وجه أو في هذه الحالة صوت آخر، أكثر جمالاً، وبعيد عن صوت القنابل.

إعلان

أخبرنا أكثر عن المخيم، كيف هي الحياة هناك؟
المخيم مثل أي مخيم آخر في عالم النزوح، يعيش أهالي المخيم مأساة لا يمكن تخيلها، من انعدام المياه والغذاء، وخيام لا تقيهم برد الشتاء ولا حرارة الصيف، لكنهم يحاولون كل جهدهم التأقلم مع هذا الوضع والأمل بنهاية الحرب. 

نغم النزوح4.png

لقطة من فيلم "نغم النزوح."

ما هي التحديات التي واجهتك أثناء تصوير الفيلم؟
التحديات التي واجهتني تتعلق بالمسافة، المخيم بعيد جداً عن مركز مدينة تعز، وكان على الذهاب هناك لمدة أسبوع أثناء التصوير، ثانياً هناك تحدي خاص كون أبطال القصة هم أطفال، فكان من الصعب أن أحضر الأسئلة وأتوقع ردوداً مباشرة ومركزة. كان الأمر يحتاج تدريباً وشرحاً عند التصوير للحصول على إجابات وافية.

تُظهر معظم الأفلام جانبًا قاتماً للحياة في مخيمات اللاجئين. لماذا اخترت أن تأخذ زاوية مختلفة في فيلمك؟
شخصياً، أنجذب للأشياء المختلفة، كصانع أفلام لا أرى التفاصيل بأعين الناس، ولكن أبحث عن ما هو أعمق من ذلك، أبحث عن التفاصيل التي غالباً ما يتم تجاهلها أو غض الطرف عنها. في المخيمات مثلاً، هناك الكثير من القصص التي يمكن الحديث عنها، طبعاً هناك كل تلك التفاصيل التي تتعلق بالوضع الإنساني والأمني ولكن هناك جانب آخر كذلك، مثلاً كيف ينظمون حفلات الزفاف، ماذا يفعلون عن وفاة أحدهم. أنا أريد صناعة أفلام تتعمق في تفاصيل حياة اللاجئين والنازحين والفئات المهمشة اجتماعياً. 

هل هناك تجاهل من قبل الإعلام العربي والعالمي لما يحدث في اليمن؟
أكيد، هناك تجاهل كبير من قبل الإعلام، ما يحدث في بلدي مأساوي وكارثي جداً، وما يظهر على السطح الإعلامي ما هو إلا ١٠٪ من الذي يحصل خلال هذه الحرب المستمرة والدامية في اليمن كل يوم. الذي يحصل باليمن ما يتصدق، ما يتصدق أبداً أبداً. لقد شفت اللي يخلينا لا ننام بالليل.

هل لا يزال هؤلاء الأطفال في المخيم، هل تأمل أن تتغير حياتهم للأفضل بسبب فيلمك؟
نعم، الأطفال لا يزالون في المخيم حتى اللحظة. آمل من كل قلبي أن تتغير حياتهم للأفضل بسبب فيلمي انشالله، أتمنى أن تقوم جهات لها علاقة بالفن بتمويل تعليم هؤلاء الأطفال والاستثمار بمواهبهم، لأن أصواتهم مميزة حقاً.

ماذا تريد أن يبقى مع المشاهد بعد مشاهدة هذا الوثائقي؟
أريد للمشاهد أن يفكر أنه في أكثر اللحظات سوداوية هناك ضوء ما، وهؤلاء الأطفال هم مثال بسيط على ذلك. عايشين نزوح، عايشين جوع وفقر، إلا انهم عايشين بسلام داخلي. الفن والغناء هو وسيلتهم نحو هذا السلام في أكثر الظروف مأساوية. اللي أريده يبقى مع المشاهد بعد مشاهدة الفيلم هو: اصنع لنفسك الفرح مهما كنت وفي أي وضع.