vice 2-01p
مجتمع

سألنا شباب عرب ماذا تعلموا من أسوأ غلطات حياتهم

الوقوع بالحب. رفض التعامل مع مشاكلي النفسية. الاعتراف بميولي الجنسية لأختي
Raw
رسم Raw

هل حقًا نتعلم من أخطائنا؟ أم أننا نستمر بتلقي اللدغات من نفس الجحر دون أي تغيير استراتيجي؟ نحن نعيش في عالم ينبذ الأخطاء ويمجدها في نفس الوقت. فمن جهة، نحن نصادف مقولات ملهمة كل يوم تحثنا على النهوض بعد الوقوع والاستفادة من زلاتنا لتعلم أشياء جديدة، ومن جهة أخرى يعاقبنا المجتمع بطرق مباشرة أو غير مباشرة على كل ما قد يصدر منّا من أخطاء. وحتى أساعدكم على حسم الأمر، فإن الدراسات العلمية في مجملها تقولها بصريح العبارة: الأخطاء مهمة، فهي التي تضمن تقدمنا، بل إنها الأسباب المباشرة وراء أهم الإنجازات الإنسانية.

جميعنا عرضة للوقوع في الخطأ مرات عديدة. وهناك أشياء نقوم بها، أو تفرضها علينا مجريات الحياة، تدفعنا للانحراف عن المسار الآمن الذي رسمناه لأنفسنا. قد نجد أنفسنا نهدر وقتنا أو طاقتنا أو أموالنا على أشخاص أو وضعيات قذفتنا بين براثن الحسرة وتأنيب الضمير على تعديل بسيط كان سيجنبنا الكثير من اللوم. قد يكون الأوان قد فات على التغيير في بعض الأحيان، لكن الدروس التي تلقنها لنا هذه المطبات قد تبقى في أذهاننا وقد نتعلم منها.

إعلان

سألنا مجموعة من الشباب العرب على أسوأ الأخطاء التي قاموا بها وأهم الدروس التي تعلموها منها.

رفض التعامل مع مشاكلي النفسية
"
قضيت سنوات شبابي وأنا أعاني من الاكتئاب الشديد والأفكار الانتحارية، ورفضت الاعتراف بذلك لنفسي والتعامل مع مشاكلي النفسية. حاولت عائلتي وأصدقائي دفعي للحصول على مساعدة طبية ولكني كنت أشعر بالخوف وأن ينظر إلي وكأنني مجنونة. ضاعت كل تلك السنوات التي كان من المفترض أن أعيشها كشابة من دراسة وعلاقات وسفر وعمل، وشعور بالتحقق قضيتها في غرفتي وحيدة بسبب عنادي وتمسكي بفكرة غبية. تغيرت حياتي عندما أصبحت أذهب لطبيب نفسي، وأشعر اليوم أنني حية، بعد ما قضيت سنوات كشخص ميت. ما تعلمته هو أن العلاج النفسي هو ضرورة وليس رفاهية، والإصرار على عدم طلب المساعدة لا يؤذي أي أحد سوى نفسك. اطلب المساعدة عندما تحتاجها." -غنى، ٣٣ عاماً، فلسطين

الاعتراف بميولي الجنسية لأختي
"
انتقلت إلى القاهرة من البادية مباشرة بعد حصولي على الشهادة الثانوية. أكملت فيها دراستي الجامعية وحصلت على عمل جيد. بعدها تعرفت على فتاة وأصبحنا نتواعد لفترة وانتقلنا للعيش معاً. كنت سعيدة بحياتي والاستقرارين العاطفي والمادي. كان جميع من بالحي وعائلتي يظنون أننا مجرد صديقات مقربات، ولأنني أتيت من بيئة جد محافظة، فإنني لم أجرؤ يومًا على الاعتراف بميولي الجنسية لأحد. الأمور تغيرت بعد أن حصلت أختي الصغرى على شهادتها الثانوية وأرسلها والدي للعيش معي من أجل الالتحاق بالجامعة. وهنا بدأت سلسلة مشاكلي التي لا زلت إلى اليوم ألطم حظي العاثر على إيقاعي فيها. فقد لاحظت أختي أن علاقتي بحبيبتي تتجاوز الصداقة، فقررت الاعتراف لها بالحقيقة. في أحد المرات اكتشفت أنها أصبحت تدخن السجائر، فأخبرتها أنها إن لم تتوقف فإنني سأخبر والديّ بالأمر، وهنا كشرت عن أنيابها وهددتني بفضح حكايتي العاطفية أمامهما إن فعلت ذلك. نعلم كلانا أن أبي يمكن أن يقتلني إن علم بذلك، لهذا فهي تستغل ذلك للقيام بكل ما يحلو له. لا زلت إلى يومنا هذا أعاني من تبعات أسوأ خطأ قمت به في حياتي، وأقسمت ألّا أثق في أي كان، خصوصًا إذا كان من العائلة." -هبة*، ٣١ عامًا، مصر

إعلان

الوقوع في الحب
"تزوجت مبكراً، ولم تكن علاقة حب بل منطق. أسوأ قرارتي كان الوقوع في الحب، حب امرأة أخرى غير زوجتي، كانت خيانة بالرسائل الصوتية والصور وغيرها، واعتقدت أنها حب حياتي وقررت ترك زوجتي وابتني الوحيدة لأجلها، واعتقدت أنني كنت أفعل الشيء الصحيح. ولكني اكتشفت لاحقاً، أن العلاقة كانت من جانب واحد، وأنها لم تكن تبحث عن زوج أو علاقة دائمة. في النهاية، تركتني وتركتني زوجتي وابنتي تكرهني، وأنا الآن وحيد والندم يرافقني فقط. تعلمت متأخراً أن العائلة هي أفضل ما يمكن أن يحصل عليه الإنسان، فهي تمثل الأمان والحب غير المشروط وأن الخيانة نتيجتها فقط الخسارة." -مدحت، ٣٥ عاماً، الأردن

الرجوع لبلدي الأم
"
بعد حصولي على شهادة البكالوريوس، التحقت بإحدى الجامعات بلندن من أجل دراسة الماجستير. أنا شخص متعلق جدًا بجذوره وعائلته ولا أفوت أبدًا فرصة التباهي بأصولي المغربية وكان ينتابني دائمًا خوف من المجهول ومن مصيري بعد انتهاء دراستي. بين تعلقي الشديد بعائلتي وموطني ومستقبلي المهني في بلد جديد لا أعرف عنه شيئًا، كان الاختيار واضحًا بالنسبة لي. مباشرة بعد مناقشة أطروحتي، عدت ركضًا إلى حضن العائلة دون التفكير فيما سأفعله لاحقًا. عند عودتي إلى الوطن واحتكاكي بالواقع الصعب الذي يعيشه الموظف في الوطن العربي بصفة عامة وما يرافقه من هضم للحقوق وتجاوز في استخدام السلطة، تأكدت أنني أقدمت على أكبر غلطة في حياتي بعد رجوعي إلى هنا. وتعلمت أن العاطفة والحنين للوطن لا يجب أن تتحكم بخياراتي المهنية." -أميمة، ٢٨ عامًا، المغرب

وضع الأصدقاء في أعلى قائمة الأولويات
"
لعل أكبر خطأ أندم عليه كلما رجعت بي الذاكرة للوراء، هو الوقت والطاقة اللذين أضعتهما على علاقاتي مع الناس بدل التفكير في نفسي أولًا. لم تكن لا كلمة موجودة في قاموسي، وكنت متوفرة لكل من يطلب مني أي شيء ولو على حساب مالي وراحتي. كنت أقوم بكل هذا بقلب صافٍ دون انتظار أي مقابل من أي أحد، لأنني كنت متأكدة ذلك الوقت أن نفس هؤلاء الأشخاص لن يتوانوا لثانية للقيام بالمثل من أجلي. لكن للأسف كنت مخطئة طوال هذا الوقت وتعرضت للاستغلال من أقرب صديقاتي. تعلمت في النهاية رسم حدود واضحة في جميع علاقاتي والابتعاد ما أمكن عن الأشخاص السامّين، تحت شعار I don’t give a fuck." - مريم، ٢٦ عامًا، سلطنة عُمان

تحقيق أحلام والدي
"
كلا والدي يعملان في قطاع التعليم، وقد ربيانا أنا وإخوتي على نظام صارم ومخطط له من قبل. كانا يدرسان كل خطوة نقوم بها في مساراتنا الدراسية وحتى الشخصية، ولم نكن نستطع الاعتراض أو إبداء رأينا الشخصي. عندما حصلت على شهادتي الثانوية، كانت اختياراتي الجامعية محدودة: تعليم أو طب أو هندسة. أنا كنت أعشق التكنولوجيا والبرمجة، وكنت أتمنى من كل قلبي الالتحاق بهذه الشعبة، لكن والدي رفضا الأمر تمامًا بحجة أن هذا التخصص غير آمن ومستقبله مجهول. هكذا وجدت نفسي أدرس الهندسة المعمارية، وأسير على الخط الذي رسماه والدي لي بكل طاعة وخنوع. أنا الآن أشتغل في مكتب حكومي تمامًا كما تمنى والدي وأذهب كل يوم إلى المكتب فقط حتى أقوم بواجبي لا غير. أعلم أنهما يريدان مصلحتي وهدفهما كان فقط تأمين استقراري، لكنهما لا يعلمان أنني حققت حلمهما فقط بدل حلمي أنا. لقد وعدت نفسي ألّا أقوم بنفس الخطأ مع أبنائي وأن أتركهم يختاروا حياتهم." - أحمد*، ٢٩ عامًا، تونس

الثقة العمياء في الحسابات الوهمية
"
قصتي بإمكانها أن تكون فيلمًا هوليوديًا شيقًا. بدأ كل شيء عندما سئمت من ضغط والدتي للزواج. كنت أمام خيارين، إما إيجاد فتاة أحلامي التي تفهمني، أو ترك الأمر بين يدي والدتي لتدبير لقاءات صالونات. طبعًا فضلت الخيار الأول لأنني أؤمن بمبدأ الحب قبل الزواج وقررت الالتجاء للحل الرقمي. أنشأت حسابات في مجموعة من مواقع التعارف. وتعرفت على فتاة بدأت أتعلق بها يومًا بعد يوم، وأصبحت أحاديثنا واتصالاتنا الصوتية تدوم لساعات. قررت أخيرًا طلب يدها للزواج بشكل رسمي، لأنني كنت متأكدًا أنها الشخص الذي أريد إكمال حياتي معه. عندما حانت لحظة اللقاء، وجدت نفسي أمام شاب يبتسم لي ويناديني باسمي ويقول لي أنا فلانة. نفس صوتها الذي أسرني لشهور. لم أصدق ما كان يحدث وتمنيت لو أن الأرض انشقت وبلعتني. فهمت بعد ذلك أنه يقطن في نفس المدينة، وأنه رآني في إحدى السهرات وسأل عني وقام بكل هذا من أجل التقرب مني. شرحت له أنني لست مثليًا وأنني أبحث عن فتاة للزواج وأغلقت جميع حساباتي الرقمية. أصبحت لا أثق أبدًا في العالم الأزرق. من اليوم فصاعدًا، لا يوجد إلًا ما هو واقعي وملموس." -هشام*، ٣٠ عامًا، المغرب

*اختار البعض أسماء مستعارة، والبعض الآخر فضل عدم ذكر اسم العائلة.

Tagged:شباب