FYI.

This story is over 5 years old.

مرأة

لاعبة كرة القدم السعودية سجى كمال لا تعتبر نفسها ناشطة نسوية

معظم صديقاتي لم يحصلن إلا على القليل من دروس الرياضة والكثير من دروس الطهي والخياطة
Outdoor photos (Kilimanjaro)_ Dana Rösiger1

تصوير: دانا روسير

وسط كل هذا الزخم من التغييرات الجوهرية العديدة التي تحدث في المملكة العربية السعودية في الوقت الحالي، قد يتم التغاضي عن التحديات والصعوبات التي واجهها أولئك الذين انتظروا هذه التغييرات بفارغ الصبر. من بين التغييرات الهامة التي حدثت خلال الفترة الماضية وتتعلق بالنساء، هو السماح لهن بدخول ملاعب كرة القدم ومشاهدة المباريات وفتح دور السينما، وقريباً سيتم السماح لهن بقيادة السيارات. ومع بدء مباريات كأس العالم الذي يقام حالياً في روسيا بمشاركة أربعة فرق عربية من بينها السعودية.

إعلان

كرة قدم، مونديال، السعودية؟ ليس هناك أفضل من مقابلة لاعبة كرة القدم السعودية الأشهر سجى كمال، 28 عاماً، للحديث عن كل هذا وعن تغير مشهد كرة القدم النسائية في المملكة العربية السعودية. لعبت سجى كرة القدم منذ أن كانت في الرابعة من عمرها، وقد شاركت في عدد من فرق كرة القدم النسائية في الإمارات والبحرين، ومدرسة أرسنال للإناث في البحرين ولندن، كما مثلت المملكة العربية السعودية في ما لا يقل 12 دولة مختلفة، وحققت رقما قياسياً عالمياً في موسوعة جينيس للأرقام القياسية، من خلال مشاركتها في أعلى مباراة كرة قدم أقيمت على قمم جبال كليمنجارو .

1559033310662-photo-by-sara3-copy

تصوير: سارة زقزوق

في محاولة للهروب من حرارة الصيف في دبي، قررنا اللقاء داخل عالم دبي للرياضة، عند دخولي قاعة التدريب، كان من الصعب أن تجاهل سجى بشعرها القصير الذي يظهر بظلال زرقاء لافتة للنظر. لكن كيف تسعى فتاة ترعرعت في السعودية لتحقيق أحلامها لتصبح لاعبة كرة قدم محترفة؟ "بالنسبة لي شخصياً، كان الأمر بسيطاً، كان لدي الرغبة بلعب كرة القدم منذ الطفولة، لم أقم بربط ذلك بجنسيتي أو جنسي، كل ما أردته فعلاً هو أن أحصل على هذه الفرصة وأن أكون قادرة على لعب هذه الرياضة،" تقول سجى، مشيرة الى أن والدها من عشاق كرة القدم، ولهذا أصبحت مرتبطة بهذه الرياضة في سن مبكرة. وتتابع: "قررت أن أحب الرياضة من أجل نفسي، لذا استمريت بها بشغف مستوحى من لاعبي ونجوم كرة قدم أمثال مارادونا ورونالدينيو وألفيس وروبن."

1529497776327-Saja7

سجى كمال خلال مشاركتها في مبارة كرة على قمة جبال كليمنجارو- تصوير: دانا روسير

تشير سجى إلى أنها كانت مهووسة بالنجم السعودي ماجد عبد الله، المهاجم السابق لنادي النصر والمنتخب السعودي. سجى ليس لها فريق مفضل، ولكن لاعبين مفضلين، وهي تحب أن ترى اللاعبين من الفرق المتنافسة يجتمعون للعب في فريق واحد بكأس العالم. "إذا كنت تشجع فريق واحد فقط، فإنه ذلك يأخذك بعيداً عن تقدير موهبة اللاعبين الفردية، وبطريقة ما يبعدك عن رؤية جمال كرة القدم كرياضة،" تقول سجى. طبعاً، لم يكن من مفر من سؤالها عن فريقها المفضل في كأس العالم؟ "لقد كنت دائماً من محبي البرازيل وألمانيا والأرجنتين، وأعتقد حقاً أن ألمانيا والبرازيل ستصلان معاً إلى المباراة النهائية في هذه المرة،" تقول سجى بتفاؤل على الرغم من خسارة ألمانيا أمام المكسيك وتعادل البرازيل أمام سويسرا. ماذا عن المنتخب السعودي وخاصة بعد الهزيمة أمام روسيا 5-0 في المباراة الأولى؟ سجى ترى أن النتيجة كانت متوقعًة إلى حد ما، ولكن لماذا كانت هذه الهزيمة متوقعة؟ "حسنا، بشكل فردي هم لاعبون ماهرون جداً ولكنهم على مستوى اللعب الجماعي فإن الأمور لا تسير بشكل جيد،" تشرح سجى، وهي تذكر تعليق تركي آل الشيخ، رئيس مجلس إدارة الهيئة السعودية العامة للرياضة على هزيمة المنتخب السعودي أمام روسيا، والذي أشار في تعليقه على الخسارة "الى أننا لا نستطيع أن نتوقع المزيد من الفريق في هذه المرحلة لأن هذا هو المستوى الذي هم عليه حالياً." تؤكد سجى على أهمية الاستثمار وتأهيل هؤلاء اللاعبين للتنافس على مستوى عالمي وتقول: "نحن نحتاج إلى تأسيس بنية تحتية وثقافة رياضية في سن مبكرة، ويجب أن يتم بناؤها من الأسفل إلى الأعلى."

إعلان
1529497832934-saja1

تصوير: سارة زقزوق

سجى كانت محظوظة بما يكفي للوصول إلى ملاعب كرة القدم وهي صغيرة حيث كانت تعيش في مجمع سكني خاص فيه نوادي رياضية للفتيات وهو أمر غير شائع بالنسبة للأسر السعودية، فمعظم صديقاتها لم يحصلن إلا على القليل من دروس الرياضة لأن مدارس البنات الحكومية لم تتضمن التعليم الرياضي في مناهجها الدراسية، وبدلاً من ذلك حصلن على دروسًا في الطهي والخياطة. وتقول سجى: "الفتيات الذين معي في المدرسة، لم يكن لديهن دروس خاصة بالتربية الرياضية، ولم يكن لديهن فرق لكرة قدم، ولم يتمكن من منافسة المدارس الأخرى على الصعيد الوطني، أو حتى نفكر في التنافس على المستوى الدولي." وعلى الرغم من أن سجى غمرت نفسها بحب كرة القدم، إلا أنها لم تستطع الوصول به إلى مستوى معترف به رسميًا كامرأة سعودية، وهي تتحدث عن المواهب المهدرة، والأحلام التي لم يتم تحقيقها، والفروق الهائلة بين الجنسين، وهذا ما يدفعها للضغط من أجل الحصول على حقوق متساوية للفتيات داخل وخارج الملعب. تعمل سجى حاليًا كمستشار حكومي، مما يمنحها الفرصة للمساعدة والتأثير في مجال كرة قدم النسائية في القطاع الرياضي السعودي من خلال تنفيذ استراتيجية مع المؤسسات السعودية الرسمية المناسبة، مثل الهيئة العامة للرياضة والاتحاد السعودي لكرة القدم.

قد تلقيت تهديدات بالقتل، وكانت تتم ملاحقتي، وقام أشخاص بمضايقتي والتحرش بي لفظيًا، ولكن أكثر هذه المضايقات كانت اونلاين

وبعد أن بدأت كلاعبة كرة قدم، وأتقنت الجانب الفني من هذه الرياضة، انتقل دور سجى في عام 2016 إلى عالم الاستراتيجية والتخطيط، وبذلك أصبحت تمثل دائرة كاملة في موقعها وأصبحت قادرة على التأثير وخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي حيث تقوم بالتواصل مع الجمهور المعني، وتلقي الرسائل من الفتيات اللاتي يحتجن للمساعدة، ويسألن عن الفرق التي يمكن لهن الانضمام إليها، والكيفية التي يتمكنّ بها من ممارسة هذه الرياضة. "أريد للسعوديات أن يحصلنّ على اعتراف رسمي بهن، لكي يؤتي عملنا الشاق ثماره."

إعلان

مع أكثر من 33 مليون على انستغرام وضعت سجى نفسها تحت أعين جمهورها مما يسمح للناس بالدخول بكل حرية إلى عالمها. وتتحدث سجى عن هذا الانفتاح مع الجمهور قائلة: "لقد تلقيت تهديدات بالقتل، وكانت تتم ملاحقتي، وقام أشخاص بمضايقتي والتحرش بي لفظيًا، ولكن أكثر هذه المضايقات كانت اونلاين." هذه التهديدات والمضايقات لم تنجح في جعل سجى تبتعد عن متابعينها، فهي لديها هدف أكبر: "الفكرة بالنسبة لي هي أنني أتعامل مع هذا الأمر حتى أتمكن من تطبيع شيء ما في ثقافتنا السعودية لم يكن متواجداً من قبل، فكلما زاد عدد النساء السعوديات الموجودات تحت مجهر الرأي العام، كلما أصبح الأمر طبيعياً ومقبولاً."

قد يكون التغيير قد جاء متأخراً بالنسبة لـ سجى، لكنه يحدث على الأرض الآن، من خلال السماح للنساء بالدخول إلى الملاعب والعمل مع وزارة التعليم لجلب التربية الرياضية إلى مدارس البنات. قد تبدو هذه أمور صغيرة بالنسبة لمعظمنا، ولكن هذه هي تطورات مهمة للنساء في المملكة العربية السعودية، "العالم يتغير والسعوديون يتغيرون، والعقلية القديمة تتغير."

لا أحب أن أصنف على أنني ناشطة نسوية، لأنني لا أعتقد أنني كذلك، أنا مجرد فتاة عادية تريد أن تلعب رياضة عالمية مشتركة

1529497937136-saja2

تصوير: سارة زقزوق

ننتقل إلى موضوع النسوية، وتؤكد سجى إنها لا تدخل ضمن هذا التصنيف، على الرغم من أنها تعتبر نفسها ليبرالية وليست ما يمكن أن تتوقعه من امرأة سعودية (لكن ذلك يعتمد كليًا على توقعاتك) وتقول: "أنا لا أمثل المرأة السعودية حقاً ولا أحب أن أصنف على أنني ناشطة نسوية سعودية، لأنني لا أعتقد أنني كذلك، أنا مجرد فتاة عادية تريد أن تلعب رياضة عالمية مشتركة." ومن أجل لعب هذه الرياضة العالمية المشتركة والتحدث عنها للجماهير، وضعت سجى نفسها في دائرة الضوء، أو خط النار – بحسب ما ترى، فكثيراً ما يتم وصفها بأنها ناشطة أو نسوية.

أنا متفائلة جداً بشأن المستقبل

ناشطة أم لا، تؤمن سجى أن الأمور تجري بالطريق الصحيح، وتشير الى قرار قيادة النساء للسيارة والذي ترى أن له تأثير اقتصادي كبير من خلال تخفيف الاعتماد على القوى العاملة الوافدة من السائقين الذكور لنقل النساء من مكان لآخر، ناهيك عن التأثير المجتمعي. "هذا القرار سيكون جيداً جداً على الاقتصاد لأن الكثير من الرواتب، والأموال التي اعتادت على الخروج من البلاد على مدى العقود الثلاثة الماضية سوف يتم إعادة تدويرها الآن في اقتصادنا ويمكننا البناء على ذلك،" تقول سجى: "كما أن حرية التنقل هذه تساعد النساء على أن يصبحن أعضاءً أكثر كفاءة وإنتاجية في المجتمع." وهذا الأمر ينطبق على المشهد الرياضي النسائي السعودي كما تقول سجى: "نحن بحاجة إلى البدء من الصفر، لكن الحمد لله أنا متفائلة جداً بشأن المستقبل." ستواصل سجى العمل الذي تقوم به منذ سنوات عديدة؛ وطموحها هو رؤية الرياضيات السعوديات معترف بهن رسميًا، حتى يتمكنّ من اللعب والحصول على رواتب رياضية كمحترفات، كما يتمثل الهدف النهائي في إنشاء فريق وطني للسعوديات، وبناء شيء يمكن أن تكون سجى جزءًا منه، حتى ولو كان جزءا بسيطاً.