film movie rape
لقطة من الفيلم.

FYI.

This story is over 5 years old.

فيلم

بطلة ومخرجة "الجميلة والكلاب" يتحدثان عن الفيلم الذي يعالج قصة اغتصاب فتاة تونسية

معاملة ضحايا الاغتصاب على أنهن مذنبات هو للأسف مفهوم سائد

من وحي حادثة اغتصاب حقيقية لطالبة جامعية تونسية من قبل رجلي أمن في خريف 2012 استلهمت المخرجة التونسية كوثر بن هنية فيلمها المثير للجدل "على كف عفريت" أو "Beauty and the Dogs" وجسدت الدور الممثلة التونسية الشابة مريم الفرجاني. ويعالج الفيلم تفاصيل اغتصاب الشابة مريم من قبل رجلي أمن، إثر خروجها للسهر برفقة صديقاتها، لتجد نفسها ضحية ابتزاز من قبل رجال الأمن، ثم توجه لها تهمة المجاهرة بما ينفي الحياء بسبب وجودها مع صديق لها لتتحول من مجني عليها إلى جانية.

إعلان

وكانت الضحية الحقيقية، والتي نسبت لنفسها اسماً مستعاراً "مريم بن محمد" قد وثقت تجربتها الأليمة مع رجال الأمن في تونس، في كتاب تحت عنوان "مذنبة بأنني اغتُصبت" وصدر باللغة الفرنسية سنة 2013، وهو المصدر الرئيسي الذي اشتغلت عليه المخرجة التونسية كوثر بن هنية في صياغة سيناريو فيلمها. تحدثنا مع مخرجة الفيلم كوثر بن هنية وبطلته المقيمة في إيطاليا مريم الفرجاني، للحديث عن هذا العمل السينمائي الذي عُرض في مهرجان دبي السينمائي الدولي مؤخراً وشارك في مهرجان كان السينمائي ضمن قسم "نظرة ما" وحاز الفيلم على عدد من الجوائز الدولية آخرها جائزة أفضل سيناريو من مهرجان مالمو للسينما العربية.

1514106178527-ciaspx

كوثر بن هنية في مهرجان كان السينمائي. جيتي اميجيس/تصوير: فاليري هاش

VICE عربية: مالذي دفعك لتحويل حادثة اغتصاب لفتاة تونسية إلى فيلم سينمائي؟ وهل تحدثت إلى الشابة التونسية ضحية الاغتصاب؟
كوثر بن هنية: ما حفزني هو شجاعة الضحية مريم، التي رغم وضعيتها الحرجة، ونظرة المجتمع لها كمتهمة لا كضحية، وقفت لتحارب جهاز أمني وسلطة بأكملها كي تأخذ حقها بشكل قانوني ودون استسلام. نعم تحدثت مع الشابة قبل تصوير العمل، واطلعت أكثر على تفاصيل ماحدث لها ليلة الاغتصاب، لكني ركزت أكثر على كتابها. لكني إحقاقا للحق لم أكن أمينة في نقل قصتها في الفيلم، بل أخذت حيز كبير من الحرية في التصرف بأحداث الفيلم، وطبعا بعد أخذ موافقتها، ومن دون المساس بجوهر القضية.

لا شك أن كان هناك مشاهد في الفيلم أرهقتك خلال عملية التصوير؟
أغلب المشاهد أخذت مني مجهودات جبارة، نظرا لأني اخترت تصوير الفيلم بتقنية "اللقطة الواحدة" والتي تتطلب تركيز شديد سواء من فريق الإخراج أو من الممثلين ذاتهم فضلا على أن الإطار الزمني للقصة تدور أغلبها في مشاهد ليلية، لكن أصعب مشهد بالنسبة لي هو المشهد الأخير وقبل الأخير الذي أعدت تصويره أكثر من 53 مرة واستغرق التصوير أكثر من 3 أيام.

إعلان

لماذا اخترت مريم الفرجاني، ممثلة مبتدئة لتمثيل هذا الدور؟
اخترت مريم الفرجاني وأنا مقتنعة بها قبل تصوير العمل وبعده، نظرا لإحساسها العالي في الأداء والذي أظهرته في الفيلم، وفي تجسيد شخصية مريم الضحية، والتي تتطلب إظهار حس عالي نظرا لوضعها النفسي والجسدي المتأزم والمهزوز، وفيما يتعلق بغياب التجربة السينمائية لديها مرت علي خلال عملية الكاستينغ ممثلات تونسيات لهن من التجربة السينمائية ما يكفي لكنهن لم يقنعنني في الأداء، وفي تقمص شخصية البطلة والدور المركب والصعب، وحتى لو عدت للوراء سأختار مجددا مريم الفرجاني كبطلة لعملي.

1514106267819-LA-BELLE-ET-LA-MEUTE-AALA-KAFF-IFRIT_Photo-03

لقطة من فيلم "على كفت عفريت"

هل تجسيدك لحادثة الاغتصاب تحمل رسالة ما لرجل الأمن في تونس؟
الفيلم يحمل في طياته رسالة عامة، ليس فقط لرجال الأمن في تونس بل لمجتمع بأكمله يشهد تغييرات جذرية بعد الثورة التي أطاحت بالرئيس السابق بن علي ومنظومة حكمه، وأنا نقلت ما يريده التونسيون بعد الثورة من أمن جمهوري غير موالي لسلطة، أو لرئيس بل في خدمة الشعب.

هل كان من الممكن صُنع هذا الفيلم قبل الثورة؟
أكيد لا، في ظل مناخ الاستبداد والخوف الذي كان سائدا في عهد بن علي وبوليس بن علي الذي كان بمثابة العصا الغليظة ضد الشعب التونسي.

الجميع يتحدث عن تونس بصفتها الدولة العربية الوحيدة التي نجحت فيها الثورة، هل ترين أن الأمور تغيرت على أرض الواقع؟
الأمور لم تتغير نحو الأفضل بتلك السرعة التي نظنها، ولكن هذا لا يمنعنا من التفاؤل، ولا ننكر أن هناك أشياء ملموسة تحققت بعد الثورة، من أهمها حرية التعبير، وهذا في حد ذاته أمر عظيم.

هل يمكن حدوث حالات اغتصاب مماثلة لحالة مريم في تونس اليوم؟
لايمكن التكهن بذلك، لكن ما أراه أن المرأة في تونس يحق لها أن تقدم شكوى قضائية ضد مغتصبها، يبقى بعد ذلك سير القضاء أمر لا أستطيع التكهن بنتائجه.

إعلان
1514106356191-Mariem-2

مريم الفرجاني. تصوير: صبري بن ملوكة

مريم الفرجاني، هي ممثلة تونسية شابة، درست الطب في تونس، ثم دفعها حبها للسينما والمسرح لترك مقاعد الدراسة الجامعية في السنة الرابعة، والسفر إلى إيطاليا، وتلقت هناك تكوينا أكاديميا محترفا في معهد السينما، وتخصصت في الإخراج ، كما كانت لها تجارب سينمائية متنوعة مع مخرجين تونسيين على غرار المخرج علاء الدين سليم والمخرجة ليلى بوزيد، وحظيت بدور البطولة المطلقة في فيلم "على كف عفريت" والذي تعتبره بمثابة النقلة النوعية لها في مجال العمل السينمائي.

VICE عربية: في الفيلم، لم يقف أحد مع الضحية (سوى صديقها) حتى الممرضة والشرطية جميعهم كان لهم نظرة ضد الضحية، كيف ينظر المجتمع التونسي للمغتصبة؟
مريم الفرجاني: معاملة ضحايا الاغتصاب على أنهن مذنبات هو للأسف مفهوم سائد وليس حكراً على المجتمع التونسي، يلتمس غالبا في ردود الفعل المبتذلة كالنظرة إلى الضحية كشخص ساهم في ما حصل له سواء بكونها في المكان الخطأ في الوقت الخطأ، أو مع الشخص الخطأ، أو بارتداء لباس "مستفز" أو "مثير." وكأن على الضحية أن تتنبأ بنوايا المذنب وتقوم بتعديل تصرفاتها وتواجدها وهندامها حسب نوايا المذنب التي هي نوايا تجهلها في الحقيقة، وهو ما يجعلني أصف طريقة تعامل المجتمع مع الموضوع بالعبثية.

كيف تفاعلت مع غياب مشهد الاغتصاب في الفيلم؟
غياب مشهد الاغتصاب، هو اختيار احترمته جدا في هذا الفيلم باعتباره مستوحى من قصة حقيقية، جعلني أتفاعل معه بطريقة دفينة، أي أن كل مشاعر الرعب والقلق والبشاعة هي نتاج مخيلتي فمنها وإليها تعود. بعد قراءة السيناريو أحسست أني أريد حتما لقاء مريم ولكن بعد الفيلم، و ذلك نظرا لرغبتي في بناء شخصية مريم حسب متطلبات الفيلم التي تختلف في بعض النقاط عن القصة الحقيقية.

إعلان

هل أثر تقمصك لشخصية دور مريم المغتصبة نفسياً؟
أظن أن مهنة التمثيل تقتضي وعياً كبيراً بمسافة الأمان التي يجب أن تتركها بينك وبين شخصيتك، فمن وجهة نظر عملية، هذه المسافة تسمح لك بمراقبة شخصيتك من الخارج وبالتالي من إدراك التعديلات المطلوبة عليها. انصهار الشخص والشخصية وارد، ولكنه اختيار مجازف ولا يضمن على سبيل المثال عدم إيذاء الشخص أو عدم طمر الشخصية.

هل تغير الوضع وسلطة رجال الأمن في تونس الآن؟
لا أعتقد أنه بإمكاننا القول أن وضع رجال الأمن تغير تماما فالتجاوزات كثيرة متكررة ومتواصلة، وتأخذ بعدا سرياليا أحيانا عندما يجد المواطن نفسه مثلا متهماً من قبل مؤسسة الأمن بممارسة حقه الطبيعي في المواطنة.

1514106441534-LA-BELLE-ET-LA-MEUTE-AALA-KAFF-IFRIT_Photo-07

لقطة من الفيلم

هناك انتقادات طالت أدائك كيف تردين عليها؟
عندما تصادفني الانتقادات حول أدائي، أذكر فكرة أحبها لأرسطو ألا وهي أن "الفن محاكاة جميلة لأي موضوع حتى لو كان مؤلما أو رديئا". في السياق التاريخي الحالي أظن أن المحاكاة فعل ضروري، كما هو الفن، بغض النظر عن الجمال والألم والرداءة التي تبقى مفاهيم نسبية تختلف من شخص إلى آخر في نهاية الأمر، ومن البديهي أن يكون هناك اختلاف على هذه المفاهيم.

صرحت أن فيلم على كف عفريت لم يكن ليرى النور في عهد بن علي، لماذا؟
أعتقد أن قصة مريم سيكون مآلها الدفن السريع لو حدثت في عهد بن علي، وبأن الرقابة التي كانت مسلطة على كل أشكال التعبير لم تكن لتسمح لفيلم مثل "على كف عفريت" بانتقاد المؤسسة الأمنية التي لطالما حظيت بنوع من القدسية في عهد بن علي.

الصور مقدمة من مخرجة الفيلم.