ما الذي تتعرض له النساء العربيات خلال التجول بمفردهن ليلاً

الليل ليس صديق المرأة بل في كثير من الأحيان قد يكون عدوها، هناك العديد من القصص عن نساء تعرضن لموقف أو أكثر خلال المشي ليلاً بدون مرافق من التعليقات المزعجة حول طريقة لبسهن إلى أسئلة حول سبب تأخرهم بالليل، إلى محاولات التحرش اللفظي والجسدي. السؤال هو كيف تتعامل النساء من مختلف البلدان العربية مع التحرش في الشوارع وما هي الأمور التي يحاولن القيام بها ليشعرن بالأمان ليلاً؟ التقينا مع نساء من عدد من المدن العربية وسألناهن عن ما يخيفهن عند التجوال ليلاً.

VICE عربية: هل تشعرين بالأمان خلال تجوالك في الليل بتونس؟
غادة: بشكل عام، احب الاستمتاع بالحياة الليلية في تونس، وحتى الآن لم أشعر أبداً بالخطر خلال المشي ليلاً، ولكن هناك بعض الأحياء التي سأكون مجنونة إذا فكرت بالذهاب إليها لوحدي في الليل. في الحقيقة لقد كنت محظوظة حتى الآن، فلم أتعرض لمواقف مخيفة، أتمنى أن لا ينتهي حظي في أي وقت قريب. ما هي هذه المناطق التي تتجنبين الذهاب إليها خلال الليل؟
اتجنب الذهاب الى الأحياء التي حول وسط المدينة، فهناك العديد من الحانات الرخيصة والمقاهي التي لا ترى فيها أي فتاة بعد الساعة 11 مساءا. ولكن هناك بعض الأماكن الأخرى في تونس العاصمة التي يمكنك المشي بها بشكل مريح حتى الثانية صباحاً، لأن هناك الكثير من الحركة والناس من حولك.

ماذا تفعلين لتشعري بالأمان؟
أحاول دائما ان أكون برفقة شخص آخر. ولكن إذا اضطررت للمشي لوحدي في الليل وشعرت بوجود شخص يراقبني أو يتبعني، فسأقوم ببعض الأحيان بالادعاء بأنني أتحدث على الهاتف مع أمي أو أبي، أعلم أن هذا الأمر لن ينقذني إذا كان هناك خطر حقيقي، ولكن صوتهم يساعد على طمأنتي قليلا.

هل تعرضت أو إحدى صديقاتك للتحرش في أماكن معينة؟ كيف تَصرفت؟
حصل موقف معي قبل سنتين، في العادة لا أستخدم وسائل النقل العام وخاصة في ساعات الذروة، ولكن كان علي أن أستقل المترو. كانت الساعة حوالي 8 مساءا وكان المترو مزدحما جداً حتى يمكنك بالكاد التنفس، لاحظت وجود رجل ورائي وشعرت بيده تلمس ظهري، أحسست بالرعب والقرف وحاولت الابتعاد ولكن لم يكن هناك مساحة للتحرك بعيدا عنه، شعرت بالإهانة وأردت أن أضربه ولكني تجمدت في مكاني. كنت أشعر بالإحباط والغضب ولكني لم أرد أن يتطور الموضوع لفضيحة، كنت أتعرض للتحرش وكل ما فكرت فيه هو الفضيحة، أعلم، ولكن هذا ما حدث. نزلت في المحطة التالية ولم أنظر خلفي، لم أرد أن أرى وجهه، برأيي، وسائل النقل العام هي الأسوأ بالنسبة للتحرش.

VICE عربية: كيف تصفين شوارع دمشق في الليل؟
هالة: في مرحلة ما خلال الحرب كان الخروج في الليل في دمشق أكثر أماناً للجميع من الخروج في الصباح لأن الليل كان الوقت الوحيد الذي تتوقف فيه قذائف الهاون عن السقوط، فكما تعلمين سقوط قذائف الهاون كان أكبر المخاوف بالنسبة لنا خلال السنوات الماضية، وأعتقد أننا لا نزال نعيش في قواعد الحرب لا القواعد الاجتماعية الطبيعية فيما يتعلق بالليل. ولكن بشكل عام لم يكن الخروج في وقت متأخر أمراً مستحباً بالنسبة للفتيات خلال تلك الفترة، اليوم هدأت الأمور قليلاً وأصبح من الطبيعي أن ترى حركة في الليل، شباب وشابات، وخاصة في المناطق التي تعتبر آمنة أو بعيدة عن الاشتباكات المباشرة.

طبعاً قذائف الهاون أولاً ولكن ما الذي يزعجك أيضاً عند المشي لوحدك ليلاً؟
لا أستطيع أن أتذكر أي حادث معين حدث معي في الليل باستثناء التعليقات والنظرات من قبل الرجال والتي قد تبدو طبيعية بطريقة أو بأخرى ولكن يمكن أيضا أن تُشعرك بالذعر إذا زادت عن حدها، وعندها يبدأ الخوف بالتسلل إلي وتبدأ الوعود بيني وبين نفسي بأن لا أضع نفسي في هذا الموقف مجدداً، إلا إذا كانت هناك ضرورة ماسة.

هل من احتياطات تتبعينها خلال المشي ليلا بمفردك؟
أحاول تجنب الأزقة المعتمة أو الفارغة ودائما ما أختار المشي في الطرق المزدحمة أو الواسعة. أجد نفسي أحيانا وأنا أضع خطة كاملة في رأسي حول كيفية الهرب، أقرب مخرج، طريقة الهجوم التي علي اتباعها في حال حصول مضايقات. من الاحتياطات الأخرى التي أتبعها هي أنني أخبر أصدقائي وعائلتي عن المكان الذي سأتوجه إليه والوقت الذي خرجت فيه والطريق التي سلكتها في حالة حدوث أي شيء. قد أرسل لهم أيضا بعض التحديثات عن موقعي الحالي عن طريق رسالة أو واتساب. ولكن معظم الأوقات أفضل طريقة وأكثرها راحة هو وجود صديق معي خلال تجوالي بالليل.

VICE عربية: ما هي المناطق التي تتجنبين الذهاب إليها لوحدك خلال الليل؟
سلمى: أحاول قدر المستطاع أن أتجنب الخروج لوحدي ليلا، فأحياء الرباط مخيفة وليست آمنة بتاتا في الليل سواء كانت شعبية أم راقية. إذا حدث وتأخرت أحيانا بحكم عملي، أحرص حينها أن أكون برفقة أحد زملائي الرجال حتى أحسّ بنوع من الحماية، أقصد الحماية من التحرش اللفظي أو الجسدي، وأيضا من اعتداء اللصوص. هل تعرض لك أو لصديقاتك أحد خلال تجوالكن ليلاً؟
شخصيا، لم أمرّ بأي تجربة مماثلة، لكنني كثيرا ما أسمع عن فتيات تعرضن لمواقف سيئة، سواء كانت مضايقات أقلّها لفظية، اعتداءات أو اعتراض سبيل إحداهن، كما حصل مع قريبتي والتي كانت ضحية اعتداء إجرامي بغرض السرقة من طرف ثلاثة قاصرين، أثناء وجودها في منطقة غير بعيدة عن محطة القطار بحي أكدال. إنّه أمر يبعث على القلق بالطبع. ما الطرق الأكثر آماناٍ برأيك للوصول إلى البيت؟
الحل الأفضل هو السياقة، فخطر المشي ليلاً ليس قائما بذات الحدة لدى الفتيات اللاتي يملكن سيارة خاصة ويبقى الخيار الآمن، فضلا عن سيارات الأجرة التي تكون حلا بديلا آمنا إلى حدّ ما.

VICE عربية: ما الذي يقلقك عند التجول ليلا في شوارع بيروت؟
ليلى: هناك عدّة مناطق وشوارع لا أشعر بالأمان فيها في بيروت وخاصة تلك الشوارع الفارغة التي تنعدم فيها الحركة بوقتٍ متأخّر، بشكل عام أحاول أن أتجنب المشي في شارع لا يوجد فيه حركة ناس ومحلات أو حركة مرور خفيفة جدا للسيارات. هل تعرضت لحادثة معينة خلال المشي ليلاً؟
لم يحصل أيّ شيء معي بشكلٍ مباشر، لكن إحدى صديقاتي المقرّبات، وهي في طريق العودة إلى المنزل تبعتها سيّارة مليئة بالشباب في محاولةً لإعتراض طريقها قبل وصولها إلى مدخل البيت، حوالي السّاعة الثامنة (الوقت لم يكن متأخّر جداً). ذلك بالإضافة إلى الأخبار الّتي نسمعها بشكلٍ متكرر عن حوادث تحرش تحصل مع فتيات في أماكن مختلفة من المدينة. ما هي الاحتياطات التي تتبعينها حين تمشين لوحدك في الليل؟
لا يمكننا أن نتوقّف عن السير لوحدنا في المساء أو في الليل في شوارع بيروت، ولهذا هناك عدّة احتياطات أتبعها أنا وغيري من الفتيات منها السير بشكلٍ سريع وعدم التلفت إلى الناس والسيارات كثيراً، بالإضافة إلى ترك رذاذ الفلفل (Pepper Spray) في حقيبتنا طوال الوقت في حال اضطررنا للدفاع عن النفس. الوسيلة الأضمن والأفضل للعودة إلى البيت في الليل هي التاكسي. إلّا أنّ التاكسي يعتبر مكلف جداَ، خصوصاً في حالة الاستخدام اليومي، لذا أفضل استخدام "السرفيس" الّذي لا يكون، في أغلب الأحيان، الحلّ الأفضل.

VICE عربية: بشكل عام هل تشعرين بالأمان خلال الليل في الرياض؟
جوهرة: أشعر بأمان أكثر في الليل في الرياض أكثر من المشي ليلاً في لندن أو بيروت أو باريس. ولكني في العادة أتحرك بالسيارة، سواء كانت سيارة أوبر أو سائقي الخاص، ولم أواجه حتى الآن أي عقبات في محاولة للوصول إلى المنزل، أو أي مكان آخر في الليل. الرياض مدينة كبيرة جداً، وقد تحدث حوادث هنا أو هناك. يمكن أن تواجه بعض السيدات شكل من أشكال التحرش اللفظي من الباعة أو الشباب في الشارع، ولكني لم أسمع عن أي حوادث خطيرة.

VICE عربية: كيف ترين حياة الليل في دبي بالنسبة لفتاة تمشي لوحدها؟
بشكل عام الإمارات العربية هي دولة يسودها الأمان، أحب حياة الليل في دبي، ولم أشعر يوماً بالقلق من المشي (إذا ما سمح الطقس بذلك) والسياقة إلى أماكن معينة، ولم أعد أفكر بالملابس التي علي ارتدائها في كل مرة أخرج فيها بالليل لكي لا أتعرض للتحرش أو أسمع كلمات مزعجة كما الحال في الكثير من المدن العربية والغربية أحيانا. من المريح أن تعيش في مدينة لا تراك كأنِِثى فقط.

VICE عربية: ما المشاكل التي يمكن أن تواجهك خلال تنقلك كفتاة في الليل في القاهرة؟
مي: عندما بدأت بالعمل ليلاً، كانت ساعات الدوام من الساعة 6 إلى 12 ليلاً، اعتقدت انني سأتعرض إلى الكثير من المشاكل والتحرش وأن "كلاب السكك هتنهش بجثتي" ولكن حتى الآن لم أتعرض لأي مشاكل في طريقي للعمل حيث عادة ما أركب الميكروباص من وسط البلد في ميدان رمسيس إلى مكان عملي في المهندسين -المسافة ليست بعيدة.

هل تعرضت لأي محاولات تحرش لفظي أو جسدي؟
لا يخلو الأمر من سماعي تعليقات لفظية خلال عودتي من العمل أكثرها تتعلق بسبب تأخري بالليل من نوع "إيه مأخرك كدة" "لا حول ولا قوة إلا بالله" "هي الدنيا جرالها إيه" هذا النوع من التعليقات التي عادة ما أسمعها عند ركوبي وخروجي من الميكروباص، ولكن من تجربتي الشخصية لم يحاول أحد أن يسرقني أو يتحرش بي جسدياً، ولكن ما يحصل هو أنني أحيانا أضطر إلى أخذ تاكسي للبيت، وفي كثير من الأحيان يستغل السائق الموضوع مادياً خاصة لأنني فتاة لوحدي ويرفض تشغيل العداد ويطلب سعراً أعلى ومبرره "مش كفاية هوصلك للبيت من غير ما حد يعملك حاجة." كيف تردين على هذه التعليقات؟
في العادة يتوقع الشبان الذين يعلقون على تأخري في الليل أن أسمع تعليقاتهم وأسكت، وأكثر ما يفاجئهم هو عندما أرد عليهم بنفس الطريقة بالقول و"انتى مالك" أو "وانتى ايه اللي مأخرك لحد دلوقتي."

VICE عربية: هل هناك منطقة معينة في الأردن لا تحبين الذهاب إليها في الليل؟
دانة: بشكل عام عمان هي مدينة آمنة ولكن بنفس الوقت ليست سهلة للمشي، فأنا أستخدم سيارتي كثيرا خلال روتيني اليومي. في الليل، أفضل مرافقة أشخاص آخرين لأنني أشعر بعدم الأمان، فلا يخلو الأمر من تعليقات وتحرشات لفظية، ولكن بشكل محدود وفقاً لتجربتي الشخصية. هل تقومين بالانتباه أو تغيير طريقة لبسك عند ذهابك لأماكن معينة في الليل؟
يعتمد الأمر على المكان والطريقة التي سأصل فيها إلى المكان، في بعض الإحيان أقوم بالانتباه إلى الملابس التي يجب أن أرتديها وأختار ارتداء قمصان طويلة بأكمام طويلة.

VICE عربية: بشكل عام هل تشعرين بالأمان خلال الليل في شوارع القدس؟
رنين: أشعر بالأمان النسبي نوعًا ما في مدينة القدس وتحديدًا في الأحياء الفلسطينيّة، لا أمانع الخروج وحدي قبل منتصف الليل، ولكن أفضل أن أكون برفقة أحد من الأقارب أو الأصدقاء. خصوصية القدس تكمن بالتواجد العسكري الإسرائيلي المكثف وتحديدًا في البلدة القديمة، ووجود المستوطنين وتداخلهم في الأحياء المقدسية، والذي يشعرني أن مدينتي دائمًا في على شفا حرب.

هل هناك شوارع ومناطق معينة في القدس تتجنبين المشي أو الذهاب إليها خلال الليل؟
نعم، الأحياء التي يتواجد فيها المستوطنون، والبلدة القديمة في القدس التي يتواجد فيها عدد كبير من الجنود والمستوطنين، إضافة إلى المرافق الحيوية في القدس كالمستشفيات والتي تحيط بها المستوطنات، مثل منطقة رأس العامود، فالأمان بالنسبة لي مفقود حتى في هذه الإماكن لأنني أضطر قبل وصولها للمرور بطرق تحيط بها المستوطنات. أفكر أحيانا ما الذي من الممكن أن يحصل في حال تعطلت سيارتي مثًلا وسط تلك الطرق مع عدم توفر تغطية في هاتفي لشبكة الاتصالات الفلسطينية التي أستخدمها.

هل تعرضت أو إحدى صديقاتك للتحرش؟
في فلسطين عمومًا تتعرض الفتيات للتحرش اللفظي في مختلف المناطق، وتكون ردة الفعل عادة هي التجاهل. نستمع أحيانا للمضايقات اللفظية أو النظرات الغير مريحة في شوارع المدن مثل القدس ورام الله، وأحيانا تواجه بعض الفتيات التحرش اللفظي من الجنود أنفسهم على الحواجز ونقاط التفتيش.

*هذه الشهادات تعبر عن تجربة هؤلاء النساء فقط، والصور مقدمة منهم.

@BadarSalem