مجتمع

لأن السيقان فتنة! ارتداء البرمودا ممنوع في العراق

هذا أمر غريب وعجيب
biceps-brawny-brick-wall-1842868

صورة Matt Hardy من Pexels

قرارات وإجراءات غريبة اتخذتها السلطات العراقية خلال الفترات الأخيرة، تتعلق جميعها بالشباب. من إلغاء الحفلات التنكرية في الإحتفالات الجامعية الخاصة بالتخرج، إلى قرار مجلس النواب العراقي بمنع لعبة ببجي. آخر القرارات وأغربها، ذلك الذي صدر من السلطات المحلية في محافظة كركوك، شمالي العراق، وهي واحدة من المناطق المتنازع عليها بين الحكومة الإتحادية وحكومة إقليم كردستان العراق. كان القرار الذي أصدرته السلطات هناك يتعلق بـ"شورت البرمودا" الذي منعت الشباب من ارتدائه في شهر رمضان.

إعلان

البرمودا ممنوعة
في الثامن والعشرين من أبريل الماضي، صدرت وثيقة في محافظة كركوك وقعها قائد الشرطة العميد علي كمال عبد الرزاق تتحدث عن "منع ارتداء الملابس غير اللائقة من قبل الشباب في الأماكن العامة (برمودا) خلال شهر رمضان. لكن هذا القرار لاقى سخرية كبيرة من العراقيين، تحديداً من شباب محافظة كركوك الذين اعتبروه "تقييداً" للحريات وقام بعض الشباب بالتقاط صوراً لأنفسهم وهم يرتدون جلباباً ليخفوا تحته البرمودا.

يتحدث عبد الله العبيدي، 25 عاماً، أحد النشطاء في المجتمع المدني بمحافظة كركوك عن صدمته بقرار البرمودا: "استقبلنا القرار بتعجب كبير، لأن كركوك محافظة ليست ذات طابع ديني متشدد. استغرب من هذا القرار الذي يتعرض للحريات الشخصية ويتدخل بشؤون الشباب دون أن يكون هناك أي أذى من هذه الملابس على الذوق العام، هذا أمر غريب وعجيب."

وعلى إثر هذا القرار اندفعت مجموعات من الشباب إلى ارتداء البرمودا عناداً في الأماكن "العامة" التي حددتها ومنعتها السلطات، إلا إنها إعتقلت العشرات منهم قبل أن تطلق سراحهم بعد توقيعهم على تعهدات بعدم المخالفة مجدداً - ونعني بالمخالفة - عدم اظهار سيقانهم على الملأ.

الحفلات التنكرية في الجامعات
وفي قرار غريب آخر، أصدرت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي قرارات غير معلنة لإدارات الجامعات بضرورة إلغاء الحفلات التنكرية في حفلات التخرج، والسبب يعود إلى "وجود إساءة في بعض الحفلات للذوق العام" وتترك الوزارة الأمر إلى إدارات الجامعات لتقرر ذلك من عدمه. الحفلات التنكرية في العراق تشهد إنتقاداً كبيراً خلال الأعوام الأخيرة، نتيجة "المبالغة في بعض السلوكيات" إلا إن هناك من الطلبة من يقيمها خارج الجامعات وبالتالي لا يتعرض للمحاسبة.

إعلان

"منع الحفلات التنكرية يقلل من الحرية الشخصية للطلبة. بعض المسؤولين الحكوميين والجامعيين ضد الحفلات التنكرية، لذا يُريدون إلغائها حسب هواهم، لكننا بحاجة لهذه الحفلات وهذه النشاطات،" تقول فاطمة قاسم، 22 عاماً، طالبة في جامعة بابل جنوبي العراق. وتضيف في حديثها مع VICE عربية: "في العامين الأخيرين عندما منعت الحفلات التنكرية ذهب طلبة الكلية إلى قاعات خارج الكليات وأقاموا حفلاتهم هناك. لا أعرف كيف سيكون الوضع خلال السنوات المقبلة، لكن الأمر فيه تقييد كبير للحريات وإلغاء غير مبرر، خاصة وأن الحفلات ليس فيها ما يتعارض مع الحريات العامة والخاصة."

منع ببجي
وفي أبريل قرر مجلس النواب العراقي حظر لعبة الببجي الشهيرة. وذكر نص القرار أن الحظر جاء "لما تشكله بعض الألعاب الإلكترونية من آثار سلبية على صحة وثقافة وأمن المجتمع العراقي، ومن ضمنها التهديد الاجتماعي والأخلاقي على فئات الأطفال والشباب." وقد اعترض كثيرون على مواقع التواصل الاجتماعي في العراق على هذا القرار، مشيرين الى أن هناك أمور أهم يجب التركيز عليها من لعبة.

ويعلق إبراهيم مرتضى، 22 عاماً، طالب من محافظة البصرة جنوبي العراق على هذا القرار بالقول: "استقبلنا قرار البرلمان بحظر لعبة الببجي بالاستهزاء، لأننا مجتمع يعيش واقع الببجي وحظرها بحجة تهديد الأمن الاجتماعي هو أمر مضحك، لكن ألا تهدد المليشيات والاحزاب والمسلحين والعشائر والفصائل المسلحة الخارجة عن القانون وغيرهم الأمن المجتمعي؟"

ويرى إبراهيم هذه اللعبة من منظور آخر: "الشباب العاطلون عن العمل ينشغلون باللعبة أفضل من الإنشغال بالمخدرات وغيرها، فهم يحاولون ملء أوقات فراغهم ولو كان لديهم أعمال ووظائف لما أمضوا أوقاتاً طويلة في لعبها. ربما أن هذه الألعاب أسهمت بإيجاد علاقات إيجابية بين الشباب العراق وقللت من حدة الاحتقان الطائفي، ولم تُحرض على العنف مثلما تعتقد الحكومة."

حظر الموقع الأزرق
وفي مارس أصدر مجلس النواب العراقي قراراً بحجب المواقع الإباحية في العراق، وفعلاً، حُجب موقع XNXX، لكن بقية المواقع بقية متاحة. لكن النائب في البرلمان العراقي عن إئتلاف النصر حسين العقابي يسعى اليوم إلى إيجاد قانون لحظر جميع المواقع الإباحية.

ويعلل العقابي ذلك بالقول أن "هناك تحديا آخر لا يقل خطورة عن تحدي البطالة وهو تعرض المنظومة القيمية والأخلاقية للتهديد بسبب الانفتاح التكنولوجي المفاجئ وغياب التقنين والتنظيم للتكنولوجيا الوافدة، فنشهد ارتياد الكثير من الشباب للمواقع الاباحية غير الأخلاقية والتي تزعزع الاستقرار الروحي لدى هذه الشريحة الحيوية وتقتل روح العمل والإبداع لديها."

الكثيرين رفضوا هذا القرار سواء من منطلقات حرية شخصية، أو منطلق عَملي، فحجب هذه المواقع ليس سهلاً ومُكلف وأثبت فشله في عدة دول. كما انتقد الشباب مجدداً عدم اهتمام الحكومة بتلبية المطالب المهمة للشعب من توفير وظائف والقضاء على الفساد. ويعلق عباس الكوخي، 24 عاماً طالب في المعهد التقني في محافظة واسط جنوبي شرق العراق قائلاً: "هذه بدعة سياسية لتصبح مادة اعلامية يتم ترويجها بحجة أن السياسيين يتمتعون بقدر كبير من الأخلاق. هذا قرار خاطئ، يستثمره الشباب للسخرية من السياسيين، هذه كلها قرارات متخبطة وحبر على ورق لا أكثر."