mykali

تصوير تمارا عبد الهادي

هوية

كيف ظهرتْ أول مجلة كويرية في الأردن؟

نتحدث مع خالد عبد الهادي عن بدايات وتحديات تأسيس "ماي كالي"

أسس خالد عبد الهادي مجلة ماي كالي (My.Kali) عندما كان في السابعة عشر من عمره. كرجل عربي مسلم مثلي الجنس احتاج عبد الهادي إلى متنفس للتعبير عن ذاته. خلال ذلك الوقت كان لعبد الهادي مفكرة يدون فيها مشاعره وما يجول في خاطره، غير أن عائلته وزملائه كانوا دائماً ما يسترقون النظر إليها، فلم يكن يستطع الكتابة والتعبير عن نفسه بحرية.

كان عبد الهادي يرغب في أكثر من مفكرة. في عام 2007، قرر عبد الهادي مع بعض الأصدقاء تأسيس منصة تشبههم، ويقول: "في ذلك الوقت، كان عليّ أن أغوص في الإنترنت بحثاً عن قصص عن الجنسانية والتوجهات الجنسية، نحن نتحدث عن أكثر من عشر سنوات مضت، لم يكن الأمر سهلاً كما هو الحال اليوم. لقد جاء تأسيس مجلة ماي كالي بدافع الحاجة، لا لمجرد الرغبة -الحاجة إلى التعبير عن الذات." تأسيس المجلة لم يكن قراراً متسرعاً، على العكس، فقد كان عبد الهادي كان شغوفاً بالمجلات منذ طفولته، وحاولَ الكتابة لعدد من المنشورات المحلية؛ ولكن عادة ما كان يتم رُفضه بذريعة أنه كان "معروفاً بهويته الجنسية أكثر مما ينبغي" وفق قوله. من تلك الخلفية، انطلقت مجلة ماي كالي كفكرة وكحقيقة من قلب العاصمة الأردنية عَمان لتصبح بذلك أول مجلة مطبوعة (ولاحقاً الكترونية) باللغة الإنجليزية (في البداية) تستهدف مجتمع المثليين والمثليات ومزدوجي (ثنائيي) التوجهات و العابرين\رابرات جنسياً و جندرياً والمتسائلين (الكوير) واللامنجذبين جنسياً ومزدوجي (أو ثنائيي) الجنس (مجتمع الميم+) في العالم العربي.

إعلان

ظهر عبد الهادي عاري الصدر على غلاف العدد الأول من المجلة في 2007، وما هي إلا أيام حتى تهافتت وسائل الإعلام الأردنية على تغطية "هذا الحدث." أخفتْ كثير من وسائل الإعلام وجه عبد الهادي، وغطى بعضها الآخر صورته كاملة بحجة أنها كانت إباحية. "كانت الانتخابات البرلمانية الأردنية في ذلك الوقت لم تنته بعد، غير أن أخبار أول مجلة عربية تعنى بشؤون مجتمع الميم طغتْ على ما سواها من أخبار. لقد جن جنون الناس حتى خِلتُ أني سأسجن أو أقتل،" يتذكر عبد الهادي.

1558959528562-mykali1

في ذلك الوقت لم يفهم عبد الهادي خطورة توصيف مجلته "كأول منشور عربي بالمثليين والمثليات وثنائيي الجنس العابرين\ات جندرياً وجنسياً،" وهو توصيف فرضته عليه وسائل الإعلام وفق زعمه، ويقول: "لم أكن أعي فكرة وجوب وجود هوية وهيكلية للمجلة، فقد كنت شاباً، لم أفكر كثيراً في العواقب." وتُعدّ الأردن إحدى دول العالم العربي القليلة في عدم تجريمها النشاط الجنسي المثلي، إلا أن كون الشخص مثلياً يزال من المحرمات مجتمعياً.

في بداية الأمر، لم يتجاوز عدد قراء المجلة بضع مئات، ولكن مع تزايد الاهتمام العالمي بالمجلة، كما يخبرني عبد الهادي ولكن سرعان ما وصل عددهم أربعة آلاف قارئ يومياً، وبعض المقالات وصل عدد قراءها الى خمسين ألف، حيث أراد الناس أن يتعرفوا ويقرأوا عن تجارب غيرهم من المثليين العرب، وعن قصص بوحهم بحقيقة توجهاتهم الجنسية، هذا بالإضافة الى مقالات عن ثقافة موسيقى البوب والفن البديل في المنطقة.

وحينها، بدأت الرسائل تنهال على بريد عبد الهادي من جميع أنحاء المنطقة. واحدة من الرسائل التي يتذكرها عبد الهادي أكثر من غيرها، كانت من رجل مِثلي كان يفكر في الإانتحار قبل أن يجد عزائه في "ماي كالي" فقد ساعدت المجلة العديد من الأشخاص الذين ظنوا "أنهم وحيدون في توجهاتهم الجنسية."

إعلان

يقول عبد الهادي أن الأمور كانت لتكون أسهل لو كان هناك منشورات تشبه "مالي كالي" خلال مراهقته واكتشافه لنفسه. ويضيف: "كان الأمر ليصبح أفضل حالاً من مشاهدة برنامج Will & Grace في القنوات الأمريكية أو قراءة ما بين سطور في الأفلام العربية. لهذا السبب كان من الضروري أن تصبح هذه المجلة واقعاً."

إطلاق مجلة "ماي كالي" كان دافعاً لآخرين أيضاً، فقد انطلقت في السنوات من 2012 و2015 الكثير من المنشورات التي تُعنى بقضايا الهوية والتوجهات الجنسية والجنسانية مثل الموالح في سوريا، وإحنا في مصر، و Gayday في تونس، وأصوات في المغرب، وبرا في لبنان -بعضهم تم إغلاقهم لاحقاً بسبب اضطرابات سياسية أو تهديدات بالقتل أو قيام الحكومات بحظر مواقعهم وصفحات التواصل الاجتماعي الخاصة بهم.

1558959552363-mykali2

في عام 2016، أصدرت المجلة عدداً ثنائي اللغة بمقالات باللغتين الإنجليزية والعربية، وتمكنت من الوصول إلى جمهور أوسع بكثير منه في إصداراتها السابقة بالإنجليزية وحدها. وقد استرعت نسخةُ المجلةِ العربيةُ انتباهَ النخب المحافظة في الأردن مرة أخرى، فتم حجب موقعها الإلكتروني. "كنا على علم بأن النسخة العربية كانت خطوة محفوفة بالمخاطر،" يقول عبد الهادي. ولهذا نقل القائمون على المجلة محتوياتها إلى موقع Medium بغية إنشاء نسخة احتياطية على شبكة الإنترنت، ثم استعانوا بمنظمة Access Now وهي منظمة تأييد غير ربحية تنادي بإنترنت مفتوح ومجاني، في سبيل استعادة موقع الويب الخاص بها بعد بضعة أشهر، ولكن دون جدوى.

على الرغم من كل التحديات، تمكنت "ماي كالي" من الإستمرار باللغتين، وأصبحت من المنشورات القليلة في العالم العربي المتخصصة بمواضيع كويرية جنسانية ونسوية تقاطعية، في مجتمع عربي رافض، وهذا ما يلقي على كاهل القائمين على المجلة مسؤولية كبيرة فيما يتعلق بمواصلة إيصال أصوات هذا المجتمع في العالم العربي. لهذا السبب قام عبد الهادي بإضافة زوايا جديدة في المجلة يستطيع من خلالها تسليط الضوء على الموسيقى والفن والأزياء والسياسة على نحو عميق ومستفيض؛ كما يقول: "جذور المجلة موجودة في الأردن، إلا أن مجلتنا مجلة إقليمية تسعى لجذب أشخاص من جميع الأجناس والتوجهات والهويات الجندرية والجنسيات." قد يكون حال المثليين والعابرين جندرياً وجنسياً وغيرهم في العالم العربي اليوم أفضل مما كان عليه قبل أكثر من عشر سنوات، غير أن معركة إيصال أصواتهم والاعتراف بهم ما تزال مستمرة.

يمكنكم متابعة ماي كالي على تويتر أو إنستغرام

ظهرت هذه المقابلة أيضاً على VICE Magazine