بعد السماح بالقيادة، سعوديات يفضلن الانتظار

FYI.

This story is over 5 years old.

مجتمع

بعد السماح بالقيادة، سعوديات يفضلن الانتظار

أبسط شيء مكان عملي إلى الآن ما خصص لنا مواقف، نحن حوالي خمسين امرأة موظفة، أين سأركن السيارة مثلاً؟

لا شك أن 26 سبتمبر 2017 هو تاريخ ستتذكره كل إمرأة سعودية، فقد أعلنت المملكة العربية السعودية بأنها ستسمح للنساء بالقيادة، مما ينهي سياسة طويلة (منذ تأسيس المملكة عام 1932) لم تتمكن خلالها المرأة من القيادة. وقد تم الإعلان عن هذا التغيير الذي سيبدأ تنفيذه يونيو 2018 من خلال مرسوم ملكي مقروء على الهواء مباشرة على شاشة التلفزيون الرسمي. في هذا اليوم تحقق فيه الحلم الذي لطالما تغنت به عدد من النساء الناشطات لقيادة المرأة. أنا شخصياً، تفاجأت. لم أكن أعتقد أنني سأرى هذا الأمر يتحقق في المملكة. الخبر كان غير متوقع مفاجئ للأشخاص من حولي وعائلتي. ولا أخفي أن بداخلي شعرت بأن المملكة تتغير. ولكن على الرغم من الفرحة الكبيرة بهذا القرار، إلا أنني لا أعتقد أن الشوارع في المملكة ستكون مليئة بالسائقات النساء هذا الصيف. لن أقود السيارة على الفور ولكن سأنتظر، هو رأي عدد من الفتيات السعوديات اللواتي تحدثت إليهن. وهذا الرأي إن كان سائدا فهو يعني بأن العديد من النساء في السعودية لن يقدن السيارة خلال الأشهر الأولى من بداية السماح لهن بالقيادة. الفضول دفعني إلى التحدث مع عدد من النساء لمعرفة ما إذا كان هذا الرأي هو ما تفكر فيه الغالبية. وأيضا للتقصي عن الآراء الأخرى المغايرة. لخمسة أيام عكفت أبحث هنا وهناك، أنزل للشارع تارة وأتصل تارة أخرى على عدد من النساء من مختلف الأعمار، قابلت بعضهن في أماكن عامة وتحدثت مع البعض الآخر هاتفياً. الآراء حول قيادة المرأة منقسمة، حول من يرى أنه أمر يستحق الاحتفال به، ومن تعود على شكل الحياة بدون قيادة وما بين من يفضلن الانتظار قليلاً.

إعلان

عالية شايف، 40 عاماً، تعمل في القطاع المصرفي، هي واحدة من السعوديات التي لا تنوي القيادة في يونيو. على الرغم من تأييدها وسعادتها بهذا القرار إلا أنها تفضل أن تنتظر لحين يعتاد المجتمع على قيادة النساء للسيارات. "في أول سنة لن تفكر الكثير من النساء بقيادة السيارات، "أول شهر أنا أقولك بيكون كارثة،" أي شيء في البداية صعب،" تقول عالية وتضيف: "أبسط شيء مكان عملي إلى الآن ما خصص لنا مواقف، نحن حوالي خمسين امرأة موظفة، أين سأركن السيارة مثلاً؟ عندما يتم ضبط كل هذه الأمور والتفاصيل سأفكر بقيادة السيارة."

على الجانب الآخر، تقول هيفاء عسيري، 30 عاماً التي تعمل في مجال الاستشارات، أنها ستقود سيارتها "من أول يوم." "لما سمعت الخبر بكيت من الفرحة. بصراحة قرار القيادة من أسعد خمسة أخبار سمعتها في حياتي،" تقول هيفاء التي لديها رخصة صادرة من الولايات المتحدة حصلت عليها في عام 2014. وقد بدأت النساء في المملكة يطالبن بحقهن لقيادة السيارة في عام 1990، كما ذكرت الكاتبة والصحفية الإسترالية جيرالدين بروكس والتي اشارت في كتابها "تسعة أجزاء من الرغبة" بأن في هذا العام أيضا بدأت تنشط الكتابات عن قيادة المرأة السعودية في الصحافة المحلية، حيث قامت نساء سعوديات بقيادة السيارات في شوارع العاصمة الرياض. عادت القضية مرة أخرى إلى الرأي العام في عام 2011 وكانت من خلال فيديو تظهر فيه الناشطة منال الشريف وهي تقود في مدينة الخبر، ومن ثم في 2014 قامت فيه الناشطة لجين الهذلول بقيادة سيارتها الخاصة على الحدود السعودية من دولة الإمارات مما تسبب بتوقيفها وإحالتها للقضاء.

قرار القيادة يعتبر غريب علينا، وبصراحة كثرة الحوادث والزحام تجعلني أفكر ملياً بعدم القيادة في الوقت الحالي

إعلان

ولكن على الرغم من "التضحيات" التي لا ترى رغد سليمان، 21 عاماً، طالبة جامعية أن المجتمع السعودي جاهز بعد لقيادة المرأة: "أنا طبعاً أؤيد قرار قيادة المرأة. جداً انبسطت بالقرار، والصراحة ما توقعت. ولكن قيادة المرأة يعتبر شيء جديد في مجتمعنا والأنظار موجهة علينا في البداية. أفضل أن أقود السيارة بعد سنة أو سنتين، عندما يصبح الوضع طبيعي ويعتاد المجتمع على قيادة المرأة." بالنسبة لرغد، أفضل ما في القرار هو حرية الاختيار. "ليس لدي رخصة حالياً، من الممكن أن أتقدم للحصول عليها في الفترة القادمة ولكن سأقود السيارة لاحقاً. المهم، هو أن يكون لدينا الإمكانية أن نقود السيارة في أي وقت، "وإنك أنتي بتعملي شيء موجود في النظام وغير مخالف فهذه الفكرة لوحدها تريح البال."

نور باسنان، 21 عاماً، طالبة جامعية، هي ربما من القليلات اللواتي لم يجدن في قرار السماح للنساء بالقيادة أي أمر مشجع. عندما سألتها عن ردة فعلها عندما سمعت الخبر كان ردها "عادي." نور تقول أن لديها مبرراتها، فهي ترى أن لا حاجة لقيادة المرأة في ظل وجود كريم وأوبر. "تعودت عليهم" تقول وتشرح سبب عدم حماستها للقرار: "لأن البلد بتصير زحمة ومشاكل وما أعتقد إننا مستعدين لهذا الأمر. صاحباتي عاجبهم الوضع، لكن أنا لا." ولكن نور لا تنفي أنها قد تفكر بالقيادة بعد سنة أو سنتين. سارة المنديل، 22 عاماً طالبة جامعية، تتفق مع نور من حيث تقبل المجتمع للأمر. "أنا بالبداية كنت غير متأكدة ما بين مؤيدة ومعارضة للقرار. ولكن الآن أنا أؤيد قيادة المرأة، وأعتقد أن المجتمع سيتقبل الأمر في النهاية، المرأة لم يكن لها مجال في التعليم في السابق ولكن مع الوقت تقبل المجتمع فكرة تعليم المرأة. "أتوقع نفس الشيء بيصير مع قيادة المرأة. لا تخافوا، الناس بتتعود."

وقد أقيمت مؤخراً في السعودية أول فعالية تثقيفية للقيادة النسائية بجامعة الأعمال والتكنولوجيا بجدة وبمشاركة 1،000 شاب وفتاة، بهدف نشر مفاهيم ثقافة وتعلم قيادة السيارة. ونوه رئيس الجامعة الدكتور عبد الله دحلان بأهمية رفع معدلات الثقافة لدى المجتمع في ما يتعلق بقيادة المرأة للسيارة مع اقتراب تنفيذ القرار، وأكد أن المرأة السعودية قوية ومهيأة مثل أي امرأة في العالم لتولي قيادة مركبة "ولتحقيق هدف وطني يدعو إلى ضرورة ممارسة الحياة العامة والانخراط فيها." كما أقيم في جدة أول معرض للسيارات مخصص للنساء وسيتم تنفيذ مثل هذه الاحداث في العديد من مناطق المملكة قبيل تنفيذ القرار.

انتشار مثل هذه الفعاليات قد يعزز فكرة قيادة المرأة لدى النساء والمجتمع عموماً، إلا أن أسماء سعيد، 28 عاماً والتي تعمل في مجال المبيعات، تقول بأنها لا تفكر بالقيادة "نهائياً،" مع التشديد على نهائياً، وتقول: "قرار القيادة يعتبر غريب علينا، وبصراحة كثرة الحوادث والزحام تجعلني أفكر ملياً بعدم القيادة في الوقت الحالي." في الواقع، عدد لا بأس به من النساء يتفقن مع أسماء وعَبرن عن قلقهم المتزايد حول حوادث الطرق. وتسجل المملكة 526 ألف حادث سنوياً مع ما يصل إلى 17 حالة وفاة يومياً، بحسب تقرير صادر عن اللجنة الدولية للصليب الأحمر. كما تحتل السعودية المرتبة 23 على قائمة الدول التي تشهد أعلى معدلات الوفيات في حوادث الطرق في العالم، وهي الثانية بين الدول العربية من حيث وفيات الطرق.

أما زينب مكاوي، 26 عاماً والتي تعمل أيضاً في مجال المبيعات فتقول أنها "انبسطت جداً" بالقرار ولكنها لا تفكر بالقيادة في يونيو: "دائما البدايات فيها مشاكل، ممكن بعد أربعة شهور من تنفيذ القرار سأفكر بالقيادة. ولكني أتوقع أن تزيد الزحمة وأيضا ممكن أن يسبب الشباب لنا مشاكل على الطريق، لكن إن شاء الله تكون القوانين مع بداية قيادة المرأة رادعة." الأهم بالنسبة لزينب هو أن القيادة "ستفتح للنساء مجالات وظيفية أكثر."

ومن المتوقع أن يؤدي قرار قيادة المرأة الى إضافة حوالي 90 مليار دولار إلى الناتج الاقتصادي بحلول عام 2030، وهو رقم من المرجح أن يستمر في الارتفاع، كما يشير زياد داود، الخبير الاقتصادي لشؤون الشرق الأوسط في بلومبرج. ولكن الأمر سيستغرق وقتا من قبل تحقق هذه المكاسب مع تكيف الاقتصاد مع نمو عدد النساء اللواتي يبحثن عن عمل. وأشار داود بأن مشاركة المرأة في سوق العمل السعودي ضئيل جداً حيث أن 20٪ فقط من الإناث في المملكة العربية السعودية يُعتبرن نشطاء اقتصادياً، ومشاركة الإناث بالمملكة هي الأقل بالنسبة لجيرانها في الخليج، حيث بلغ متوسط المشاركة 42٪ في عام 2016. وإدراكا لذلك، المملكة تولي أهمية لرفع نسبة مشاركة الإناث وهي تعتبر إحدى الأهداف الرئيسية في برنامج الرؤية الوطنية 2030.