FYI.

This story is over 5 years old.

تحقيقات

القنب الهندي: ما هي استخداماته الطبية؟

يساعد زيت القنب على تخفيف الألم وعلاج القلق والاكتئاب وتعزيز الشهية
Weed Uses

إذا سُئل اللبنانيون عن أكثر المواضيع إثارةً للجدل في لبنان، لعل الجميع سيتفق على كون نبتة الحشيش اللبنانية أو القنب، الموضوع الأكثر تداولاً سنةً بعد سنة لما يحمله الأمر من تحديات سياسية واقتصادية ومعيشية ووجودية ومؤخراً: طِبية. ومع انتشار ظاهرة العلاجات الطبيعية الطبية واتجاه عدد كبير من الأشخاص إلى الاستعانة بالأدوية الطبيعة أو المكونة من مواد غير مصنّعة، عاد القنب، بنسخته اللبنانية، (وإمكانية استخدامه الطبية) إلى الواجهة ولكن هذه المرة بعد دراسة أجرتها شركة ماكينزي تكاد تُثبت أن "سر نهضة الاقتصاد والطب اللبناني يكمن في زيوت تلك النبتة العجيبة."

إعلان

وعلى الرغم من استخدام القنب لأغراض طبية منذ ما يقارب الـ 5,000 سنة في العديد من الدول، إلا أن موضوع تشريعه للاستخدامات الطبية لا يزال مثيراً للجدل ويختلف في نقاشه عدد كبير من الخبراء وحتى الأطباء وتحديداً في العالم العربي. ولكن لنعود للبداية قليلاً ونحاول أن نفهم ما هي نبتة القنب وما هي تلك المواد "السحرية" الطبية التي يأمل كثر أن تكون سرّ شفاء البعض.

وقبل أن نتكلم أكثر عن تلك المواد، لنفهم سبب تسمية القنب أو الحشيش. يقال أن القنب كلمة لاتينية معناها ضوضاء، وقد سمي بهذا الاسم لأن متعاطيه كان يحدث ضوضاء -كما لك أن تتوقع. أما الحشيش (بمعنى العشب) فيرى بعض الباحثين أن الكلمة مشتقة من الكلمة العبرية "شيش" التي تعني الفرح. ويقال أنه في القرن السابع قبل الميلاد استعمل الآشوريون القنب في حفلاتهم الدينية وسموه نبتة "كونوبو" وهو الاسم الذي اشتق العالم النباتي ليناوس في القرن السابع عشر تسمية كلمة "كنابيس" Cannabis. أما ماريجوانا، فهذه الكلمة لم تكن موجودة في أي مكان، قبل أن يقرر عملاء المخدرات في الولايات المتدحة في الثلاثينيات استخدام هذه الكلمة عند صياغة قوانين المخدرات. ماريجوانا التي هي من أصل مكسيكي-إسباني بدت أكثر غرابة وأكثر شراً مقارنة بكلمة كنابيس. وهكذا تم ربط الكلمة بالمهاجرين، ولهذا يرى البعض أن استخدام كلمة ماريجوانا عنصريًا.

أما عن المواد الموجودة في نبتة القنب الهندي (الماريجوانا أو الحشيش) فهناك 85 مادة مخدرة (Cannabinoids) مختلفة عزلت من نبات القنب الأم يتم استخدامها لأغراض ترفيهية أو دينية أو روحية، والأهم طبية. ويحتوي القنب الهندي على مواد كيميائية تؤثر على الجهاز العصبي المركزي بشكل مباشر، وتتواجد هذه المركبات بأعلى تركيز في الأوراق والزهور، وهي الأجزاء التي تُستخدم في الصناعات الدوائية. المادتان الأشهر أو المكوّنان الأشهر والتي ارتبط منذ سنوات اسمهما بإمكانية استخدام القنب طبياً فهما: الكانابيديول (Cannabidiol (CBD والتتراهيدروكانابينول (Tetrahydrocannabinol (THC. يسارع كثر إلى الربط بينهما وبين تأثيرهما كونهما مستخرجتان من النبتة عينها، إلا أن ترابطهما لا يعني أن تأثيرهما على الجسم هو نفسه، فمقارنة بسيطة لمكونات كلّ منها تكشف مدى الاختلاف على الرغم من أن استخراجهما يتم من النبتة نفسها.

إعلان

ما هو الفرق بين CBD وTHC؟
كيميائياً، تتكون المادتان من التركيب الجزيئي نفسه (21 ذرة كربون، و30 ذرة هيدروجين، و 2 ذرة أكسجين) يصح إذاً تشبيههما بالتوأم، إلا أن الاختلاف الأساسي يكمن في تركيبة وترتيب الذرات- الذرة أو الآتوم، هي وحدة غير مرئية أصغر من شعرة الإنسان بمليون مرة، لذا عندما يتكلم العلماء عن اختلاف أساسي فهم يقصدون اختلافا مجهرياً غير مرئي ولكن بالتأكيد موجود، ويؤثر بطريقة مختلفة على الجسم.

CBD vs. THC

المادة الأكثر إثارة للجدل هي مادة THC والسبب هو تركيبتها الجزيئية التي تصل إلى الدماغ البشري بشكل سريع جداً وهو ما يؤدي إلى شعور الشخص بنشوة الإرتقاء الناتجة شبه الفورية عند تدخين القنب – إلا أن أثر وبقايا هذه النشوة مختلفة عن أثر وبقايا نشوة مادة الـ CBD Cannabidiol. وعلى الرغم من أن مادة THC تقدم فوائد صحية، إلا أن تأثيرها على حالة الشخص الذهنية/النفسية هو أمر غير محبب من كُثر، لأن التأثير قد يكون مضاعفاً مقارنة بتأثير مادة CBD التي يمكن أن تقدم الفوائد نفسها، دون إحداث أي مضاعفات أو تأثيرات نفسية إضافية، هذا هو الاختلاف الأساسي المثير للجدل.

ونظرًا لما تسببه مادة THC تحديداً، وإمكانية انعكاس ذلك على الوضع النفسي للمستخدم (خوف، قلق) تعدّ تلك المادة غير محببة طبياً، لذا تم تصنيف THC على أنه مادة غير قانونية في معظم البلدان حول العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة. مادة CBD وضعها مختلف -ويمكننا أن نقول أكثر إيجابية- على الرغم من الجدل المحيط بها مع تحيّز العديد من العلماء إلى ضرورة الاستثمار طبياً بمادة CBD واستمرار علماء آخرين بإجراء تجارب مخبرية للتأكد من صحة تلك الفوائد.

ببساطة، الفرق بين المادتين هو أن "THC قد يجعلك تشعر بالغضب، أما CBD فتقوم بالعكس،" وفقًا لصحيفة الغارديان البريطانية. ولكن عندما تستخدم المادتان معًا، يمكن أن تخفف CBD من التأثيرات السلبية لـ THC. ويقول فيليب ماكغواير، أستاذ الطب النفسي وعلم الأعصاب الإدراكي في كلية كينغز كوليدغ في لندن للصحيفة: "إن الكانابيديول هو أهم دواء جديد في مجال الصحة العقلية بحسب التجارب السريرية. إنه العلاج الجديد رقم 1 الذي نهتم به. وعلى الرغم من وجود الكثير من الجدل حول هذا الموضوع، إلا أنه لا يوجد الكثير من الأدلة على الآثار السلبية -لاستخدامه لأغراض طبية."

إعلان

ما هي استخدامات القنب طبياً؟
هناك العديد من المنظمات الطبية والمعاهد التي تقوم بدراسة نبات القنب وكيف يمكن استخدامه بشكل أوسع في المجال الطبي دون وجود الكثير من الآثار السلبية على المريض. وكما أشار ماكغواير، أستاذ الطب النفسي، فأن مادة CBD تعتبر الأهم في هذا الحقل، فقد أثبتت عدة دراسات أهمية مادة CBD في علاج بعض العوارض مثل الصداع النصفي وغثيان ما بعد العلاج الكيميائي، حيث أنه مضاد للغثيان والقيء، خاصة عند المرضى الذين يتناولون أدوية مضادة للسرطان. كما وُجد أن للقنب فائدة في تصنيع أدوية معالجة للاضطرابات الحركية مثل مرض باركنسون وهنتنغتون. كما ينصح باستخدام أدوية مرتكزة على مادة الـ "الكانابيديول" في تسكين الآلام في داء الصرع والتصلب اللوحي (Multiple sclerosis)، فوفقاً لدراسات يمكن للدواء الذي يتم فيه دمج CBD وTHC تقليل نوبات الصرع بنسبة أكثر من 40٪. وفي عام 2017، أصبح بإمكان المصابين بالتصلب اللويحي في بلاد معينة استخدام علكة الماريجوانا لعلاج آلام مرضهم المزمن، وهي تحتوي على 5 ملغم من CBD- و5 ملغم من THC. أما زيت القنب الهندي المصنع عن طريق مزج الزيت المستخلص من نبات القنب فيساعد على تخفيف الألم وعلاج القلق والاكتئاب وتحسين نوعية النوم وتعزيز الشهية.

إذاً هذا الاختلاف -الصغير- بين المادتين والذي يؤدي إلى تفاعل الدماغ البشري مع تلك المواد بطرق مختلفة، بعضها إيجابي بشكل كبير، وبعضها مقلق، أطلق تلك النقاشات، لأن جهاز الانسان العصبي لا يستقبل ويمتص تلك المواد بالطريقة نفسها ومن هنا تختلف ردود الفعل: فقد برز قلق عدد من العلماء فيما خص الآثار المترتبة على ذلك الاستخدام، فيما ربط كُثر -ممن لا يحبون القراءة ويفضلون التعميم- اختلاف تأثير تلك المادتين بأثر القنب بشكل عام لتذهب بعض الدراسات إلى محاولة إثبات أنه نبتة "تقتل الدماغ." ومع استمرار النقاش والتابو المحيط بالقنب وفوائده/ أضراره، تجدر الإشارة إلى منظمة الصحة العالمية لا توصي باستعمال الكانابيديول طبياً ولكنها لا تنفي أن هناك حالات مرضية تثبت أنه قد يكون لاستعمال الكانابيديول بعض الفوائد العلاجية.

فوائد

لم يتم تقديم إثبات قاطع أن القنب يستطيع علاج بعض الحالات أعلاه، ولكن المواد الكيميائية الفعالة الموجودة في الماريجوانا تشبه المواد الكيميائية التي يصنعها الجسم، والتي لها صلة بالشهية والذاكرة والحركة والألم. وتشير الأبحاث إلى أن تلك المواد قد:

  • تقلل من القلق.
  • تسكن الآلام وتساعد العضلات على الاسترخاء.
  • تسيطر عن الغثيان والتقيء الناجم عن العلاج الكيميائي للسرطان.
  • تحفز الشهية وتساعد على زيادة الوزن عند مرضى السرطان أو الإيدز.