"الدنيا حبة ديكور" تغني مريم صالح بمرافقة تامر أبوغزالة في أغنية "متحف فنون الغش" واحدة من عشر أغان ضمن ألبومهم الجديد نسبياً "الإخفاء" والذي يتعاونان به مع الموسيقي موريس لوقا. في هذا الألبوم، الذي كتب أغانيه الشاعر المصري ميدو زهير، يجمع مريم وتامر وموريس ما بين الموسيقى الشعبية والعبثية، ما بين الواقعي والعدمي، وما بين اليأس من التغيير وحالة من التصالح مع هذا اللا-تغيير. ببساطة، انت لست نفسك قبل وبعد سماع هذا الألبوم. هذا الثلاثي الغنائي معروف بموسيقاه المختلفة في ساحة المزيكا المستقلة بمصر. مريم، هي فنانة مصرية مستقلة، أسست وشاركت في العديد من الفرق الموسيقية وتعتبر من أهم من غنوا أغاني الشيخ إمام على طريقة المزيكا الإلكترونية، أما الموسيقي والملحن المصري موريس لوقا، فيُعتبر من رائدي الإلكترونيك ميوزيك في مصر، شارك في تأسيس عدد من الفرق ايضاً حقق انتشارًا واسعًا مع إطلاق ألبومه الموسيقي المنفرد "بنحيي البغبغان." في هذه المقابلة نتحدث مع تامر، مغني وملحن وعازف عود ومنتج موسيقي فلسطيني وضع بصمته في عدد من التجارب الموسيقية واحتفل مؤخرًا بإطلاق ألبومه الجديد "ثلث،" ونسأله عن ألبوم "الإخفاء" والمشهد الموسيقى في الوطن العربي.

VICE عربية: كيف تصف العلاقة ما بينك وما بين مريم وموريس. هل هناك قليل من التنافسية والغيرة؟
تامر أبو غزالة: التقيت كل من مريم وموريس في سياق مختلف، ولكن كليهما من خلال أصدقاء مشتركين، وبعد أن أعجبت بأعمال كل منهم على حدا. يمكنني أن أقول بكل ثقة أنه لا وجود لمفهوم الغيرة بيننا على أي مستوى، أعتقد أن هذا المفهوم بطبعه يسري على المنتجات التنافسية، والموسيقى ليست واحدة منها، لأنها فردية، وأعتقد أن كل من مريم وموريس يفكران في الأمر بنفس الطريقة. الروح في هذه المجموعة مليئة بالحب والاحترام والجدية، وذلك أجمل ما في تجربة ألبوم الإخفاء وحفلاته.
كيف تصف موسيقى ألبوم الإخفاء؟
موسيقى ألبوم الإخفاء الذي يجمعني مع مريم وموريس هي موسيقى صاخبة وداكنة في نفس الوقت، آلاتها خليط من الآلات الاكوستية (الجيتار الصوتي الأكوستيك) والالكترونية، وتعبر (بالنسبة لي) عن المشاعر الخفية في المدن الصاخبة، من زخم وصخب ويأس ولا جدوى وجنون، وغيرها الكثير من المشاعر التي تختلط فتولد حالة. أعتقد أن كل أغنية من أغاني ألبوم الإخفاء بالتحديد تعطي حالة من الصخب والشجن في نفس الوقت، وربما هذا ما يميز حالة هذا المشروع بالنسبة لمن يحبه من جمهور.
أربع سنوات لإطلاق ألبوم الاخفاء، لماذا؟
وقت تحضير ألبوم الإخفاء مرتبط بانشغال كل منا بمشاريع أخرى، ففي نفس فترة تحضير الإخفاء أطلقت ألبومي بعنوان ثلث، وأطلقت مريم ألبومها مع زيد حمدان بعنوان حلاويلا، وأطلق موريس ألبومه "بنحيي البغبغان" ثم أطلقت وموريس ألبوم فرقة مشتركة لنا اسمها "الألف." لذلك كان العمل على مشروع الإخفاء متقطعاً، ولكن في رأيي، أن ذلك ساعدنا في الإبتعاد عن المشروع والعودة إليه برؤية أوضح كل مرة، فساعدنا هذا الوقت على أن نكون أكثر موضوعية (تجاه أنفسنا) في تقييم العمل والبناء عليه كلما ابتعدنا عنه وعدنا إليه.
الاخفاء يحمل الكثير من السخرية والقليل من القسوة من كل شيء الحب، السياسة، الحقيقة؟ هل ترى العالم العربي من خلال كلمات ميدو زهير؟
أكيد. العالم العربي يرقص ويتألم في نفس الوقت. فيه عبثية عالية تثير السخرية، وتثير الحزن في نفس الوقت، ولا شك أن فيه كثير من القسوة. عملت مع مريم صالح مطولاً مع كاتب أغاني الألبوم ميدو زهير، وعرفته من خلال أغانيها، ولطالما رأيت أنه أفضل شاعر عربي في جيله، ولذلك كنت في غاية الحماس أن أعمل مع كلماته في مشروع الإخفاء عندما اقترحت مريم ذلك.
من أين جاء التأثير الأكبر على موسيقاك وأغانيك؟ أشعر أن صوتك يتغير في كل ألبوم؟ هل هذه فقط خيالاتي الشخصية أم أن صوتك يتبدل -ارادياً؟هاهاها.. ذكرني هذا السؤال بأول ألبوم لي، اسمه "جناين الغنا" وهو ألبوم يحتوي على أغاني لحنتها أو غنيتها من سن الخمس سنوات حتى 15 سنة،، وطبعاً خلال هذه الفترة تغير صوتي في كل أغنية تماماً بسبب تغير السن، وكان أمراً مضحكاً. أما الآن لا أعرف السبب، هو بالتأكيد لا إرادي، وربما يتغير صوتي بتغير حالة كل ألبوم. أما بخصوص التأثير، فأنا أستمع إلى كل أنواع الموسيقى وكل منها له تأثير لا شك فيه، بدءاً من موسيقى الطرب والتجويد والتقاسيم إلى موسيقى البوب الأمريكي والفرنسي إلى جانب الكلاسيك الغربي والراجا الهندي والجوسبل وغيرها. وهناك أيضاً تأثير كبير عليّ من أستاذي الموسيقى والملحن الفلسطيني خالد جبران ومن شقيقته المغنية كميليا جبران.
ما الذي يفتقده المشهد الموسيقي العربي حالياً؟ هل توافق أن هناك عدم فهم من قبل الفرق الموسيقية المستقلة للفرق بين أن تكون ناقداً للمجتمع وبين السطحية؟
أعتقد أن المشهد لا يزال في حالة نمو ونضج، وأن هناك تنوع كبير في أساليب الطرح الفني لدى كل فنان وآخر، أو فرقة وأخرى، ويكاد يكون هذا التنوع بين نقيضين أحياناً. وذلك بالنسبة لي أمر صحيّ، بحلوه ومره، هو تنوع يثري المشهد - ومع الوقت، تصبح هذه التجارب الموسيقية أنضج فأنضج. أنا شخصياً، أحب الكثير من الأغاني المتداولة حتى وإن كانت كلماتها عادية أو مكررة، وهذا هو الجميل في الموسيقى، هي ليست كلمات، هي حالة، وهي جمال، ونجد ذلك في الكثير من الأعمال المتداولة أو الشائعة، كما نجده وعكسه في المشهد المستقل. كلها موسيقى، فيها العادي والاستثنائي، في رأيي.
نفسي في عقلي، شعرت انها مكتوبة لي؟ ما هي الاغنية التي تشعر أنها تشبهك؟
كُلهم، وحياتك.
سؤال أخير، عن جانبك الآخر، عن ما قدمته شركة ايقاع للموسيقيين العرب؟ والمستقبل الذي تراه أيضا لموقع معازف.
أسستُ شركة إيقاع في وقتٍ لم يكن يعرف فيه معنى "موسيقى بديلة" أو "مستقلة" إلا القليل من الناس، وكنا نبذل جهد كبير لمجرد توضيح هذا المفهوم، ومحاولة إقناع الناس بالاستماع إلى هذه التجارب الجديدة، سواء الجمهور أو العاملين في مجال الإدارة الموسيقية (كالمهرجانات التقليدية والصحافة وغيرها). أطلقنا عشرات الألبومات لعدد من المغنيين (مثل عزيز مرقة، جدل، نزار روحانا، كميليا جبران، يعقوب أبوغوش، جويل خوري، مريم صالح، وغيرهم) ونظمنا حفلات وجولات فنية للعديد من الفنانين والفرق الفنية في لبنان والأردن ومصر وفلسطين وتونس وأوروبا (مثل مشروع ليلى، جدل، أدونيس، خيام اللامي، زيد حمدان، دنيا مسعود، وغيرهم) ونشرنا مفاهيم جديدة تخص عملية الإدارة الموسيقية في المنطقة لم تكن موجودة، مثل المفهوم المهني لحجز الحفلات والنشر الموسيقي. والآن، أصبحت إيقاع شركة حاضنة للعديد من الشركات العاملة في مجال الإدارة الموسيقية، ومنها مجلة معازف. وبالطبع هناك الكثير من الموسيقيين والفرق والمؤسسات التي ساهمت في تطوير المشهد عبر السنين. واليوم، بوجود مهرجانات في المنطقة مثل مهرجان وصلة في دبي، أشعر بالفخر لحجم تطور هذا المشهد، وأشعر بمزيد من الأمل في تطوره ونضجه في السنين المقبلة.