FYI.

This story is over 5 years old.

عمل

لماذا ينبغي حظر المكاتب ذات التصميم المفتوح على الفور

من فضلك، دعني أعمل بسلام
Hannah Ewens
إعداد Hannah Ewens
London, GB
مكتب مفتوح
Photo: Arcaid Images / Alamy Stock Photo

أكتب هذا المقال في الوقت الحالي وأنا في مكتب ذي تصميم مفتوح، حيث يمكنني سماع صوت أصابع زميلي الضخمة وهي تنقر على لوحة المفاتيح، وصوت ارتطام ملعقة صغيرة صلبة على أرضية المكان، صرير كراسي المكتب المريحة مثل صوت الضفادع في بركة ماء. في زاوية ما، تقوم امرأة بالعطس بصوت عالي يجعلني أقفز من مكاني، وهناك رجل لا يتوقف عن الصفير والغناء، كما لو أنه يعلم أن غناءه سيؤدي بي في يوم من الأيام إلى التعرض لنوبة قلبية، وهو يريد بشدة أن يُنهي تلك المهمة. في العادة، أستخدم السماعات العازلة للصوت، ولكن لا يزال بإمكاني سماعهم جميعًا. لست الوحيدة التي تشعر بذلك، الجميع يرتدون سماعات الرأس للهروب من الضجيج ولصرف انتباههم عن "خطيئة" المكاتب ذات التصميم المفتوح.

إعلان

وفقا لدراسة حديثة، فإن 80% من أماكن العمل الأمريكية يتم تصميمها بشكل مفتوح، ويفيد تقرير لصحيفة الجارديان أن المملكة المتحدة لديها ضعف عدد المكاتب ذات التصميم المفتوح بالنسبة إلى المتوسط العالمي. شركة WeWork التي تواصل مهمتها في ملء مباني المكاتب الشاغرة بالنباتات المقاومة للجفاف، والأثاث الكلاسيكي، هي واحدة من الشركات ذات المكاتب المفتوحة وتؤمن في فكرة أن هذه المكاتب تعمل على تحسين الإنتاجية وزيادة التعاون بين الفريق. لكن المكاتب المفتوحة تؤدي إلى عكس ذلك، في الواقع، فأي محاولة للعمل في واحدة من تلك المكاتب تشبه إلى حد كبير محاولة مشاهدة برنامج تلفزيوني كنت تتمنى مشاهدته، في الوقت الذي يجلس فيه أشقاءك على بعد قدم منك يقومون بلكم وجوه بعضهم البعض، صحيح إنك لا تريد أن تنظر إليهم، ولكنك لا تملك خياراً آخر.

1539845613620-

Photo: Peter Bennets/CC By 3.0

تشير العديد من الدراسات إلى معاناة العاملين بالمكاتب المفتوحة، وزيادة معدلات الإجهاد والتوتر لديهم

أوضح مقال في VICE الشهر الماضي فهناك أدلة قاطعة على أن العمل في واحدة من تلك المكاتب يؤدي إلى تشتت الانتباه، كما أنه غير مريح ويزيد من الضغوط (تشير العديد من الدراسات إلى معاناة العاملين بالمكاتب المفتوحة، وزيادة معدلات الإجهاد والتوتر لديهم، مما قد يؤدي إلى حدوث تطور في الاضطرابات العضلية الهيكلية لديهم). وأيضاً تؤدي إلى انتشار الجراثيم مما يؤدي إلى الحصول على أجازات مرضية بشكل أكبر. في ضوء هذه الحقائق، فأن تلك المكاتب لا تقوم بزيادة الإنتاجية، وقد أثبتت دراسة قام بها باحثون من جامعة هارفارد ذلك الأمر - أن المكاتب ذات التصميم المفتوح تعرقل الإنتاجية بدلاً من أن تشجيعها. إنا لست انطوائية - لن ينجح الانطوائيين في المكاتب ذات التصميم المفتوح - لكنني حساسة تجاه المُنبهات، وطبقات الصوت، والحركة المستمرة، ودرجة حرارة المكيف الخاطئة والمزعجة باستمرار، وهو ما يصرف انتباهي عن العمل الذي من المفترض القيام به، خاصة في الأيام التي أشعر فيها بالتوتر، لا يوجد أمل.

إعلان

لقد تغيرت الطريقة التي يعمل بها كثيرون منّا بشكل كبير في العقد الماضي، توجد الحواسيب المحمولة، وعقود العمل الحر، والعمل عن بعد، ومع ذلك نحن هنا، لا نزال نعمل بجانب بعضنا البعض كما لو أننا نقوم بتعبئة علبة بسكويت. أنشأ الجيل الذي سبقنا المكاتب ذات التصميم المفتوح، كردة فعل على المكاتب الصغيرة التي كانت قبلهم (cubicle offices) ولكن ما لم يتوقعوه أنه ضمن محاولة فتح آفاق الموظفين تغيرت الظروف والمستجدات الحديثة، فمن المستحيل تقريبًا الاستغراق في التركيز عندما يأتي إليك أشخاص عبر جوجل شات، سلاك، والإيميل، وواتساب، وماسنجر وأي تكنولوجيا أخرى تستخدمها شركتك لتجعل حياتك جحيماً.

الفكرة التي تقول إن المكاتب ذات التصميم المفتوح ملهمة للتعاون بين أعضاء الفريق هي لطيفة ومثالية، وفي كتاب "Deep Work" اقتبس مؤلفه البروفيسور كال نيوبورت من جاك دورسي، أحد مؤسسي موقع تويتر قوله: "إننا نشجع الناس على البقاء في مكان مفتوح لأننا نؤمن بالصدف السعيدة، والناس الذين يسيرون بجانب بعضهم البعض يقومون بتعلم أشياء جديدة."

في كل المكاتب ذات التصميم المفتوح التي عملت بها، لم أشاهد شخصًا يقترب من شخص آخر في مكتبه ليعلمه شيئًا جديدًا

في كل المكاتب ذات التصميم المفتوح التي عملت بها، لم أشاهد شخصًا يقترب من شخص آخر في مكتبه ليعلمه شيئًا جديدًا، ولمزيد من الأدلة: وجد الباحثون بجامعة هارفارد أنه بدلاً من الدفع المتزايد نحو نشاط التعاون وجها لوجه، فإن البنية الهندسية المفتوحة [تبدو] وكأنها تحفز استجابة الإنسان الطبيعية للانسحاب اجتماعياً من زملائه بالمكتب، والتفاعل بدلاً من ذلك عبر البريد الإلكتروني والمراسلة الفورية.

وبالمثل، تشير بيانات من باحث في جامعة أوكلاند للتكنولوجيا، مأخوذة من 1،000 من المبحوثين، إلى أن العاملين في المكاتب ذات التصميم المفتوح لديهم صداقات ذات نوعية أسوأ من تلك الموجودة في المكاتب الخاصة أو المشتركة، وحتى بشكل أكثر من العاملين الذين قضوا معظم وقتهم في العمل عن بعد. وهو أمر غير مفاجئ تمامًا؛ لأنه عملياً نادرًا ما توفر هذه المساحات إمكانية للحدود والتحكم والاحترام. في كثير من الأحيان، هناك العديد من الإدارات في نفس الغرفة، بعضها يتطلب الهدوء والتركيز، والجزء الآخر يتناقشون مع العملاء عبر الهاتف، وسينتهي بك الأمر إلى الامتعاض من دان في قسم المبيعات الذي يصرخ باستمرار ومباشرة خلف رأسك، قائلا: "أرسل لي مرة أخرى ذلك البريد الإلكتروني" على الرغم من أن هذا عمله في الأساس.

على أي حال، هذه المكاتب هي ليست ما نريد، ووفقًا لدراسة حديثة أجرتها مؤسسة Oxford Economics، فإن ما يريده جيل الألفية هو "ضجيج أقل في مكان العمل" و"القدرة على التركيز والعمل بدون مقاطعات." ولكننا عالقون مع هذه المكاتب في الوقت الحالي، فمن غير المرجح أن تسمح لك معظم الشركات بالعمل عن بُعد حتى لو كان بوسعك أن تعمل بشكل جيد، والتحديث المقترح الوحيد هو فكرة غبية في الواقع تتعلق بمكتب ذا تصميم مفتوح بدون مكاتب، ربما، على الرغم من ذلك، سيوفر لك ذلك بعض الراحة لمعرفة أنك لست الشخص الوحيد الذي يجد صعوبة في العمل في هذه البيئة.

ما أقوله هو: احبسني في زنزانة فارغة وجدران بيضاء تحت الأرض مع بعض القهوة والوجبات الخفيفة ، لا أريد أكثر من ذلك. أنا متلهفة إلى عهد المكاتب القديم، أعطني مكتباً أبيضا مُغلقاً، وبعض الاستقلالية الشخصية لتصميمه كما أريد. نعم أنا أفُضل أن يكون لدي مكتب مغلق كمصيدة فأر. دعني أقرر المساحة الأفضل التي تمكنني من استكمال العمل الذي أقوم به في ذلك اليوم، وثق بي أنني سوف أقوم بهذا العمل في ذلك المكان.

في الوقت الحالي، أنا مُستلقية على الأرض عند مخرج الطوارئ، هذه الزاوية الصغيرة من المكتب هي الملاذ الوحيد الذي يمكن أن أجد فيه بعض السلام والهدوء. وإذا كنت تعتقد أن هذه المقالة كانت غير مترابطة ومن إنتاج عقل مُشتت، فلا تلومني، ولكن اللوم على من بنى هذا المكتب.

ظهذ هذا المقال بالأصل على VICE بريطانيا.