FYI.

This story is over 5 years old.

علاقات

الفيلم الوثائقي "بالعربي": الحُب في زمن الحَرب

كيف تَمكن أزواج سوريون من حماية حُبهم من حرب خسروا بها كل شيء
حب
سارة وعمار في حمص

ما الذي يعنيه الحب لك؟ وهل أنت واقع بالحب، سألنا هذا السؤال على عدد من الشباب العرب خلال الفيلم الوثائقي "بالعربي" وفي حين اختلفت تعريفات الحب بين شخص وآخر بين من يرى الحب كأفعال وليس كلام "الحب إنك عمرك ما تتنازل عنها" وبين من يرى الحب هو حب الذات "الحب هو إنك تحب نفسك" وبين من يرى أن لا أحد يفهم معنى الحب "الحب كلمة صغيرة لكن معناها كبير" اتفق الجميع على أهميته في حياتهم. ولكن لا أحد ربما يفهم معنى الحب أكثر من الذي يفهم معنى أن تخسر من تحب. في هذا المقال المرتبط بالفيلم الوثائقي "بالعربي" التقينا أزواج سوريين من مدن مختلفة عاشوا تفاصيل الحرب، وسألناهم إذا تسببت الحرب في توطيد علاقتهم.

إعلان

سارة وعمار (تصوير عمار الشماع)

أعتقد بأن الكثير -وعلى رأسهم هوليوود- سيوافقونني إن قلت بأن الأفلام الرومانسية الأكثر شعبيةً هي تلك التي تدور أحداثها في فترات الحروب. نحن كمشاهدين نتلهف دوماً لها حتى أصبح بإمكان أي منتج المراهنة على مدى نجاح قصة حب خيالية تدور أحداثها في الحرب العالمية الثانية في شباك التذاكر. حين بحثتُ عن مبرر منطقي لانجذابي إلى هذه القصص دون الشعور بالذنب تجاه البطلين اللذين يعانيان الأمرين أمامي على الشاشة قررت أن الحب الحقيقي هو ألا نستسلم، أن نكون أقوى من الظروف الأمنية والسياسية أقوى من المسافات وآراء الآخرين والفواتير الشهرية، ولكن هذا حينها كان مجرد رأي صادر عن تجربة مراهقة انتهت لتوها من مشاهدة Atonement أو Pearl Harbor. أما اليوم، بعد سبع سنوات تقريباً على الحرب السورية كان من المذهل أن أشهد قصصاً تثبت، بعيداً عن تكلف هوليوود وبهرجتها ومبالغتها أن كثيرين كانوا يبحثون وسط الفوضى عن إعادة اكتشاف ومشاركة مشاعرهم وأحاسيسهم بما يروّض الوحشية والقسوة المحيطة. هذه قصص أزواج سوريين عاشوا الحرب ولم يخسروا الحب.

سارة درغام 24 وعَمار جعفر 29 من اللاذقية

VICE عربية: كيف كان لقائكما؟
سارة: التقينا عام 2015 في نادي لرقص التانغو، كلانا كان مهووساً بهذا النوع من الرقص. ولكن بعد فترة قصيرة جداً كان على عَمار أن يؤدي خدمته العسكرية في حِمص، وكنا نلتقي فقط في الأيام التي يعود بها إلى اللاذقية.

هل أنتما متزوجان؟
ليس بعد.

ما هو الحدث الأكثر تأثيراً الذي اختبرتمانه سوياً خلال الحرب؟ هل يمكنكما إخباري عنه؟
سارة: أذكر أن عمار كان في الخدمة العسكرية في مدينة حمص لفترة طويلة جداً دون أن أراه، ولم أتحمل غيابه فقررت أن أذهب إلى حمص للمرة الأولى في حياتي. تركت هذه الزيارة أثراً كبيراً علي لأنني زرت معه خلالها جميع مناطق الاشتباكات السابقة التي شهدها. من المستحيل أن أنسى ذلك اليوم، فكل ما كنت أتابعه على الشاشات ووسائل الإعلام من أخبار هذه الاشتباكات كان مختلفاً تماماً عن اختبار مشاهدة أثرها على أرض الواقع ومع شخص شهدها في أوجها. عمار: زيارة سارة لي في حمص حيث أمضيت أغلب فترة الحرب كان مهماً بالنسبة لي، أن نحظى بذكرى سوياً هناك في حين أن كل ذكرياتي السابقة في تلك المدينة كانت بشعة وصعبة. لقد استطاعت سارة خلال زيارتها لي في حمص محو الكثير من الصور البشعة لما اختبرته في ذلك المكان.

إعلان

هل شعرتما بمرحلة معينة أن ظروف الحرب والخدمة العسكرية قد تكون سبباً في انفصالكما؟
عمار: مررنا بالكثير من الظروف التي كان من الممكن أن ننفصل بسببها، كون هذه الحرب خلقت كماً هائلاً من الضغوط، خاصة فيما يتعلق بالمستقبل إذ بقي ضبابياً. ربما لولا الحرب لكننا اجتمعنا بظروف أفضل وأكثر طبيعية، ولكن ربما أيضاً لم نكن لنجتمع لولاها. سارة: بالنسبة لي لم أشعر في أي لحظة أن الحرب قد تكون سبب بانفصالنا. بالطبع بسبب وجود عمار في معظم الوقت في حِمص لم أستطع في أي مرحلة التفكير بمستقبل هذه العلاقة، فأنا أعيشها يوماً بيوم بحكم الظروف التي جعلتنا لا ندرك ما الذي يخبئه الغد لنا، ولكن كان كل ما مررنا به أشبه بتحدي لكي نبقى سوياً. لم أشعر ولو لمرة أن ما نمر به قد يجعلني في يوم من الأيام أفكر بالانفصال.

عبد الرحمن نجار 26 وشهد عبدو 24 من حلب

VICE عربية: كيف كان اللقاء الاول؟
شهد: أعرف عبد الرحمن منذ الطفولة إذ كان والدانا أصدقاء قدامى، إلا أن معرفتنا توطدت بعد أن أصبحنا نرتاد الكلية ذاتها في جامعة حلب عام 2012. تخرج عبد الرحمن منذ عامين وسأتخرج أنا هذا العام.

هل أنتما متزوجان؟
مخطوبان.

إلى أي درجة تحكمت الحرب بظروف علاقتكما؟
لقد تحكمت بنا بالكامل (تضحك) أذكر مثلاً أنه تم احتجازنا مرة سوياً في الجامعة لساعات طويلة بسبب انفجار خارج الكلية، ثم بعدها بشهر لم نستطع أن نلتقي لأكثر من أسبوع إذ تم تعطيل الدوام بسبب ظروف الاشتباكات، وهكذا كانت الحال طوال أكثر من خمس سنوات، كان كل شيء قابلاً للتغير وكانت أصغر التفاصيل تؤثر على وجودنا وبقائنا أحياءً (حرفياً). ولكنني حتماً أستطيع القول أننا مَحظوظين لوجود هذا الحب في حياتنا فقد جعل وطأة الأعوام الماضية أخف وساعدنا على الصمود.

إعلان

أتتخيلان أن هناك مستقبل لعلاقتكم في سوريا أم تفكران بالسفر؟
عبد الرحمن: لا بد أن هذا أكثر أمر فكرنا به طوال فترة علاقتنا، خاصة أننا في مرحلة تأسيس حياتنا. وأعتقد أننا حتى هذا اليوم على الأقل متفقان على البقاء في حلب ومحاولة البحث عن فرصة للحياة هنا. لا أدري إلى أي درجة سيكون السفر أفضل لمستقبلنا ولكننا نشعر أننا صَمدنا في حلب في فترة كانت الأصعب في تاريخ المدينة على الإطلاق لذا ما من مغزى من مغادرتها حالياً وترك أهلنا هنا.

مارلا شاوي 24 وجورج قبرصلي 28 - دمشق / كندا

مارلا وجورج

VICE عربية: كيف بدأت علاقتكم؟
مارلا: التقينا في كلية الفنون الجميلة في مدينة دمشق عام 2013 أثناء مناقشة مشروع تخرج جورج، وكان هذا اللقاء الأول. من بعده أصبحت ظروف العلاقة أكثر تعقيداً نتيجة تنقل جورج المستمر هرباً من خدمة العلم، وبالنهاية تَمكن من السفر إلى لبنان ومن ثم تركيا وثم كندا، وبقيت أنا في دمشق. كان تواصلنا ولقاءاتنا متقطعين ولكن المسافة لم تُبعدنا عن بعض. بعد استقرار جورج في كندا أصبح بالإمكان رؤية مستقبل العلاقة بشكل أوضح. خلال الصيف الماضي اتخذنا قرار الزواج، وأتممنا المراسم في لبنان لعدم قدرته على دخول سوريا. جورج حالياً يتابع دراسة الماجستير في كندا ويفترض أن أنضم إليه قريباً بعد استكمال الأوراق.

ما الذي كان ليختلف لولا وجود الحرب؟
مارلا: الأمر الذي كان ليختلف هو هذا السيناريو الدرامي للعلاقة الذي كان بالتأكيد صعباً وجميلاً في الوقت نفسه. كان لدينا دوماً هذا التوق والشوق لعلاقة طبيعية. كانت الحرب عائقاً بالتأكيد ولكنها كانت سبب اتخاذنا قرار البقاء سوياً بثقة. ربما لولا الحرب لما كنا سنتزوج بهذه السرعة وبهذه الطريقة، إلا أن الظروف جعلتنا نختبر مشاعرنا إلى النهاية بحيث كنا متأكدين وواثقين من هذه الخطوة.

إعلان

هيثم مسوح 29 وأليسار إلياس 35 من دمشق

هيثم واليسار

VICE عربية: متى التقيتم؟
أليسار: التقينا عن طريق أصدقاء مشتركين في مدينة دمشق. ربطتنا علاقة حب عام 2013 إلى أن تزوجنا في عام 2016. أي أننا سوياً منذ حوالي أربع سنوات. ولنا اليوم فتاة عمرها شهرين.

ألم تهدد الحرب مستقبل هذا المشروع الأسري؟
أليسار: نحن حالياً في خضم إنهاء إجراءات سفرنا إلى الولايات المتحدة الأمريكية لنستقر هناك على نحو دائم. نحن مجبرين على ترك سوريا لظروف عديدة مرتبطة بعدم الاستقرار والطمأنينة والذعر الدائم من وقوع أي مكروه بأي لحظة، خاصة أننا في دمشق نقيم في مكان قريب من جبهة الاشتباك، بالإضافة للضغوط المعيشية. ربما عائلتي تحظى بالاستقرار المادي إلى حد ما مقارنة بكثيرين آخرين ولكن يبقى المناخ العام مؤثر خاصة بوجود طفل في العائلة. هيثم: وجود طفل يدفعنا حتماً للتفكير أكثر بالمستقبل، بمستقبل طفلتنا من الناحية التعليمية مثلاً، فالحرب كان لها تأثيرها على تدهور المناهج الدراسية والنظام التعليمي والمدارس، لذا أصبحنا بحاجة لتأمين معيشة أفضل في بلد آخر كي تحظى طفلتنا بتعليم أفضل، وإن لم أكن مؤمناً كلياً بجودة النظام التعليمي في أمريكا، ولكنه حتماً خيار أفضل من المحلي.

هل شعرت في مرحلة ما أن الحرب استطاعت التقريب بينكما؟
هيثم: بالتأكيد مجموعة العواطف التي نختبرها سوياً كردود فعل على الأوقات الصعبة هي التي تربطنا بالآخر. أحد هذه المواقف الصعبة ربما كان استشهاد عدد من أصدقائي بفترات متقطعة، وللأسف موتهم لم يكن في ظروف مألوفة وإنما ذبحاً. التأثير النفسي لهذه الأحداث لم يكن سهلاً علي أبداً، ولكن أليسار احتضنت هذا الظرف مما زاد الرابط بيننا وقواه. ربما نعرف الآخر أكثر حين نشهد لحظات ضعفه وتلك كانت لحظات ضعفي، أليسار وقفت إلى جانبي خلالها.

جود 21 وسبأ 25 حلب / ألمانيا

جود وسبأ

VICE عربية: كيف أثرت الحرب على علاقتكما؟
جود: التقينا أثناء دراستنا في جامعة حلب منذ ثلاث سنوات عن طريق بعض الأصدقاء المشتركين. بسبب الحرب والدمار وخصوصاً في مدينة حلب اضطر سبأ للسفر إلى ألمانيا بعد أشهر من بداية العلاقة التي جمعتنا فبقينا في علاقة long distance (حب عن بعد)، وكانت هذا الفترة من أصعب ما مررنا به. بعد عام قررت أنا أيضاً أن أسافر في ظرف منفصل نسبياً فتمكننا من لم شملنا مجدداً. سفرنا في هذا السن الصغير كان أحد الآثار الناتجة عن الحرب، ولكن لحسن الحظ أننا على الأقل لم نتعرض لأذى مباشر.

ما الذي كان ليختلف في علاقتكم لولا وجود الحرب؟
سبأ: الكثير من الأشياء كان بإمكانها أن تكون أفضل ليس فقط فيما يتعلق بعلاقتنا وإنما حياتنا بشكل عام ولكن الحرب واقع مفروض أمام أعيننا وفي أذهاننا أيضاً لذا من الصعب أن نعرف كيف كان يمكن لمسار الأشياء أن يكون بعيداً عن تأثير الحرب. أعتقد أننا بعد السفر بتنا أقدر على التفكير بمستقبلنا. نحن كشباب كنا بحاجة لهذا الاستقرار لكي نبدأ ببناء حياتنا المقبلة، فهنا الأمر أكثر قابلية للتحقيق.