image_6483441 (9)
علاقات

سألنا شباب عن أسوأ عادة ورثوها عن والديهم

عدم التعبير عن الحب. المقارنات المستمرة. الطيبة لدرجة الهبل

نميل عامةً خلال طفولتنا لتمجيد أهالينا، أو الكبار المسؤولين عنّا، نعتقد أنهم معصومون عن الخطأ، نثق بآرائهم، تزعجنا قراراتهم أحياناً، خصوصاً إن كانت عكس ما نريد، إلا أننا في النهاية، نثق بحكمتهم. 

مع تقدّمنا في العمر، نُجبر في معظم الحالات على ابتلاع الحقيقة الصعبة، وهي أن أهالينا هم بشر مثلنا، وليسوا معصومين عن الخطأ، وظلمونا في نواح مختلفة، غالباً دون دراية أو قص -ولعل جزء من التعافي مما قد يكونوا سببوه لنا من آلام في بعض الحالات، قد يُداوى بهذه الحقيقة. ومع ذلك، فنحن بناتهم وأبناؤهم، وبحكم العِشرة، كان لا مفر من التقاط كثير من معتقداتهم وعاداتهم، دون فلترة، وأيضاً دون قصد. سألت بعض أصدقائي عن أسوأ العادات التي ورثوها من أهاليهم، ليس بهدف شيطنة الأهالي، وإنما أنسنتهم. ※ جميع الأسماء مستعارة.

إعلان

عدم التعبير عن الحب
"عدم التعبير عن الحب، هذا أسوأ عادة تعلمتها من أهلي، أي تعبير عن الحب مرفوض في عائلتي، ولا أتذكر أنني سمعت بحبك أو اشتقتلك من أمي أبداً. جدتي والدة أمي كانت كذلك. الحب هو شعور لا يجب التصريح به، ولكن من المفترض أن تشعر به، أجد صعوبة كبيرة في التعبير عن الحب أو التعامل مع الأشخاص الذين لا يجدون مشكلة في التعبير عن الحب، أشعر أنني كـ روبوت بجانبهم وأكره ذلك." -عهد، ١٩، طالبة، رام الله

المقارنات
"كنت أكره ميل أهلي لمقارنة وضعي بمن هم "أسوأ" مني لإشعاري أن كل شيء على ما يرام في حياتي. كنت أرى في ذلك تضييق لأفقي وتطلعاتي، وكأن حياتي مكتملة ولا أستطيع أن أحلم بواقع أفضل. لا زلت حتى اليوم أكره أن يقارني أحد ما بغيري، وأرى أن تجاربنا كلنا مختلفة جداً، ولا يصح ومن غير المنطقي أساساً أن أقارن نفسي بأي شخص آخر. ومع ذلك، أجد نفسي أحياناً أقارن نفسي بالآخرين بشكل يكاد يكون مؤذٍ." -كمال، ٢٦، مترجم، عمّان

الطيبة
"الطيبة، الطيبة لدرجة الهبل أحيانًا، والدي طيب جداً وهو أمر غريب وغير متناسق أبداً مع تربيته الصعبة ولا عمله كموظف حكومي، دائما يرى الخير في الآخرين وهذا عرضه لمواقف صعبة جداً وخسارات كبيرة سواء أموال أو أملاك أو صداقات. والدتي حاولت معي كل شيء كي لا أكون مثله، ووالدي نفسه كان ينبهني إلى الأخطاء التي نتجت عن طبيته، ولكن لا أعلم كيف حصل ذلك، لدي نفس الطيبة والثقة بالآخرين، وأقع طوال الوقت في خير أعمالي." -منية، ٣٤، فنية مختبر، دبي

عادات الأكل
"أخذت عادة أكل غير صحية من أمي. أمضيت معظم وقتي معها، ورأيت طريقة استهلاكها للطعام، كانت تجوّع نفسها لساعات طويلة ثم تتناول وجبة واحدة وكبيرة، وأعتقد أن زيادة وزني كانت بسبب هذه العادة التي نشأت عليها. وما زاد الأمر سوءاً هو تعليقات أبي، الذي كانت لديه مشكلة مع وزني، مما أدى لخلق علاقة متذبذبة مع جسمي، تتأرجح ما بين الكره والتقبّل، وأدى لشعوري أن شكل ووزن الشخص يحدد من هو وماذا يستحق بالحياة، وهي فكرة خاطئة تماماً."  -فرح، ١٨، طالبة، عمّان

إرضاء الآخرين
"لطالما سعى أبي لإرضاء الناس من حوله، ويتجلى ذلك في ضحكة مزيفة هنا وتعليق لا داع له هناك. وأجد نفسي أتبع خطاه في هذه الناحية أحياناً، فألجأ للمواضيع السهلة و"الآمنة" لفتح المواضيع وتزييف الضحكات لإخفاء توتري من فكرة التواصل مع الآخرين. أعتقد أن ذلك يقف في طريق التواصل الحقيقي، وإيجاد علاقات صحية، لأنني أحمّل نفسي مسؤولية إسعاد الشخص الآخر وإشعاره أن كل شيء على ما يرام، وهو ليس أمر سيءٌ بذاته، لكنه يصبح مؤذياً لي حين أصرّ على فعل ذلك على حساب نفسي وعلى الرغم من مشاعري السلبية في بعض الأحيان. " -شريف، ٢٧، محلل بيانات، القاهرة

إدارة المال
"لم أتعلم من والدي أي أساسيات لكيفية إدارة المال، ولا أظن أن الذنب ذنبهم وحدهم، فهذه المعرفة لم تكن متاحة ضمن مؤسسات المجتمع الأخرى كالمدرسة مثلاً، وهم أبناء هذا المجتمع وضحيته مثلي تمامًا. ومع ذلك، فقد أُتيحت لي المعرفة الكافية المتعلقة بإدارة الأموال مع تقدّمي بالسن، وهي معرفة أود إعطاءها لأولادي في المستقبل أيضاً، فقد اختبرت تأثير غياب هذا النوع من المعرفة بصورة مباشرة. لم أكن قادرة على تنظيم أموالي بطريقة جيدة، أتمايل ما بين الإنفاق والإسراف بلا مسؤولية في بعض الأحيان، والتحويش المبالغ فيه في أحيان أخرى، لدرجة أنني كنت أحرم نفسي من أشياء تكاد تكون أساسية في بعض الأحيان." -مرح، ٣٢، مديرة ترويج، دبي

صعوبة في التعبير عن نفسي
"هي ليست عادات أخدتها منهم، وإنما بسببهم. مثلاً أتخيل أسوأ سيناريو دائماً، وقد أنفجر غضباً فجأة لأن التعبير عن الغضب أو المشاعر السلبية لم يكن أمراً مقبولاً في العائلة، فأحبس مشاعري السلبية إلى أن تنفجر، وهذا يسبب حلقة أخرى من المشاكل. أجد صعوبة في التعبير عن نفسي خوفاً من ردة فعل الطرف الآخر. والدتي تحديداً ترد على غضبي بتعليقات مثل "لن تجدي من يقبل بكِ إن استمررت في الغضب هكذا." ولكن حين أحاول أن أعبّر عن استيائي أولاً بأول لأتجنب الانفجار، يقول رد والدتي بأني نكدة ولا يعجبني العجب."  -سارة، ٢١، طالبة، عمّان

النظر للجانب المظلم
"عندما كنت مراهقاً، كنت ألجأ لحل المشاكل بالعنف، بسبب العنف الذي نشأت في ظّله. كنت (ولا زلت) بقلق دائم تجاه كل شيء بسبب عدم الثقة بالآخرين والقلق الذي ورثته عن والدي، حتى أن أصدقائي اليوم يعلّقون على ميلي للنظر للجانب المظلم في كل شيء، عدم قدرتي على التفاؤل، أو الإحساس بأي شيء بشكل عام. أتوقع أنها عادة اضطررت لإيجادها للبقاء، فكان قلق أبي وتربصّه حاضران طوال نشأتي، وبقيا معي حتى اليوم."  -أحمد، ٣٢، مهندس برمجيات، برلين

تم تغيير أسماء الأشخاص الواردة اقتباساتهم في هذا المقال. على الرغم من أن الموضوع ليس بهذه الحساسية، إلا أن استعراض الطرق المختلفة التي تسبب بها والدينا بأذيتنا ليست بهذه السهولة للكثيرين منّا.