IMG_2327
صحة

الحمل التعاطفي -حينما يشعر الرجل ببعض أعراض زوجته الحامل

كنت أشعر في الصباح ببعض الغثيان وتعب شديد وتكسير في كل عظام جسدي

"أثناء حمل زوجتي في ابنتنا الأولى، بدأت أشعر بآلام شديدة في منطقة الثدي، في ذات الوقت الذي كانت زوجتي تشعر بآلام بثديها كذلك،" يقول عزت، 45 عامًا، مصور من مصر. ويضيف: "استشرت وقتها طبيب نسائي بشكل سري، وأخبرني عن حالة طبية تحدث لبعض الأزواج أثناء حمل زوجاتهم، حيث يشعر بعض الرجال بنفس الأوجاع. نصحني بعدم القلق والتوتر وأن الأمر سيمر، ولكن حصل العكس. بدأت ألاحظ أنني أشعر تقريبًا بكل أعراض حملها مثل آلام الظهر والتبول بكثرة. توقفت جميع هذه الأعراض بعد ولادة زوجتي."

إعلان

ما شعر به عزت (اسم مستعار) قد يقع تحت حالة الحمل التعاطفي أو "متلازمة كوفاد" وهي حالة صحية يمر بها الشريك الرجل أثناء حمل زوجته فيشعر ببعض أعراض الحمل النفسية والجسدية. وظهر مصطلح couvade لأول مرة في كتاب لعالم الأنثروبولوجيا البريطاني إدوارد بورنيت تايلور، في عام 1865. وهو مشتق من الكلمة الفرنسية couver والتي تعني احتضان. في أول توثيق لها في الأدبيات العلمية، كان يُنظر إلى أعراض الحمل عند الذكور على أنها حالة نفسية بحتة. آرثر برينان، المحاضر الأول في التمريض في جامعة كينجستون، والذي كتب العديد من الأوراق البحثية حول هذه الحالة يرى أن "هذا الاضطراب هو على الحد بين الاضطراب العقلي والاضطراب الجسدي، ولا يتناسب بشكل واضح مع فئة أو أخرى."

وقد ذكر الدكتور البريطاني مارك جريفيث أستاذ الأبحاث بجامعة نوتنغهام بالمملكة المتحدة في مقال له عن المتلازمات المرتبطة بالثقافة نشر عام 2012، أن الأعراض الخاصة بالحمل التعاطفي للرجل قد تكون بدنية أو نفسية. الأعراض البدنية تشمل الغثيان، حرقة في المعدة، ألم في البطن والظهر، الانتفاخ، فقدان الشهية أو زيادة الوزن. الأعراض النفسية قد تتضمن تغيرات في أنماط النوم والقلق والاكتئاب وانخفاض الرغبة الجنسية. وقال مارك إن الدراسات حول هذه المتلازمة حتى الآن قليلة جدًا وأننا في حاجة إلى المزيد لنعرف إن كان الموضوع نفسي تمامًا أم أن ظهور هذه الأعراض له سبب آخر.

إعلان

يقول جريفيث في مقاله، أن هذه الأعراض تظهر على الرجل في الشهور الثلاثة الأولى من حمل زوجته ثم تختفي بعد ذلك لثلاث شهور وتعاود للظهور مرة أخرى في الشهور الثلاثة الأخيرة من الحمل. وظهرت هذه الحالات بشكل أكبر في دول أوروبا وتم رصد حدوث حالات تتراوح بين 25 - 52٪ من جميع الرجال الذين لديهم شريكة حامل في الولايات المتحدة، 20٪ في السويد، ونسبة تقدر بـ61٪ في تايلاند.

داوود، 38 عامًا، الذي طلب تغيير اسمه كذلك، محامي من سوريا بدا مترددًا وهو يقص علي كيف أن شقيقه منعه من أن يتحدث عن حالته لأي شخص حتى لوالدتهما، وقال إنه أثناء حمل زوجته بطفلهما شعر بتعب شديد، ويعاني صباح كل يوم في الصباح من الدوار، وكان ألم البطن ينغص عليه حياته، في الوقت الذي كانت زوجته تعاني من وجع البطن أيضًا. ويضيف: "كنت أشعر بألم بطن وفقدان شهية، خلال حمل زوجتي، بدون أن يكون لدي أن أمراض أو مشاكل جسدية. شرحت لأخي يعمل الذي يعمل بالتمريض ما كان يحدث لي، ومنعني من أن أخبر أحدًا لأن الأمر غريب، ثم جاء لي بدواء لا أعرف ما هو، ولكنه لم يكن فعالاً، واستمرت الأعراض عندي حتى الولادة."

يقول آموس جرونيباوم، طبيب نسائي من نيويورك في مقال له منشور بمجلة بيبي ميد المهتمة بالأم والطفل، أنه لم يتم التعرف على متلازمة نفاس الزوج كمتلازمة حقيقية من قبل الأطباء، ولا يعترف بها العديد من المهنيين الطبيين حول العالم واعتبر "أن هذا شيء محبط جدًا، وخاصة أن الأعراض تكون ظاهرة وبقوة."

إعلان

من بين التفسيرات حول سبب ظهور هذه الأعراض على الرجل خلال حمل شريكته، تشير دراسات إلى أن الأمر قد يعود لخلل هرموني ووجود زيادة كبيرة في مستويات هرمون البرولاكتين، وهرمون الاستروجين عند الرجال خلال الثلث الأول والأخير من شهور الحمل التسعة، وانخفاض مستويات هرمون التستوستيرون.
من منظور التحليل النفسي والاجتماعي، فهناك نظرية تقول أن الرجل عندما يشعر بالتهميش له ولدوره أثناء حمل المرأة فإنه يشعر بهذه الأعراض حتى يشعر أنه أصبح في الصدارة من جديد. فيما تجادل النظريات الديناميكية النفسية بأن الأمر مرتبط بالغيرة أو الحسد الذي يشعره الرجال بسبب قدرة شريكتهم على الإنجاب.

محمد، ٤١ عاماً، الذي رفض ذكر اسمه الكامل، من اليمن والذي يعمل كمدرس، يخبرني أنه عاش هذه الأعراض أثناء حمل زوجته بابنهما الأول ويقول: "كانت زوجتي مريضة جدًا وتشعر بالغثيان باستمرار. كنت أشعر بالحزن على حالتها، ومع الوقت تحول هذا التعاطف والحزن لأحاسيس مشابهة لما تشعر به. أقسم أنني كنت أشعر في الصباح ببعض الغثيان، وكنت أشعر بتعب شديد وتكسير في كل عظام جسدي. وفي الشهور الثلاثة الأخيرة من الحمل عندما كانت زوجتي تأكل بشراهة ازداد وزني ما لا يقل عن 5 كيلوغرام- حسناً ربما لأنني كنت أتناول الطعام بكثرة معها." ويضيف: "ربما تكون كل هذه الأعراض نفسية، ولكني لا أرفض فكرة الحمل التعاطفي، رغم أنني تعرضت للسخرية من عائلتي والأصدقاء عندما تحدثت أمامهم عن ذلك."

المعالج النفسي الدكتور محمود غلاب الذي لديه عيادة خاصة في القاهرة، يفسر لـ VICE عربية يرى أن الحمل التعاطفي هي حالة نفسية فقط، ولكنه يعترف بأن كثير من الرجال قد لا يشاركون هذه الأعراض مع أطبائهم: "قد يعاني بعض الرجال من أعراض تشبه الحمل، كما ما يحدث مع النساء الحوامل، مثل انتفاخ البطن، اشتهاء نوع من الطعام أو عدم الإقبال على أنواع أخرى (الوحم) بالإضافة إلى الشعور بالتعب والإرهاق والقلق وضعف التركيز والنسيان. وبعض أعراض الحمل الأخرى. أرى أن هذه الحالة نفسية تمامًا، وهي تظهر لدى بعض الرجال نتيجة تعاطفهم مع زوجاتهم أو في حالات أخرى لجذب الاهتمام نتيجة لتركز اهتمام الجميع مع الزوجة الحامل."

ولكن هناك تفسيرات جسدية محتملة لهذه المتلازمة. ما نعرفه من الدراسات القليلة جدًا التي تم إجراؤها حتى الآن هو أن مستويات الهرمونات لدى الرجال تتغير بشكل كبير خلال فترة ما قبل الولادة. واكتشف فريق من الباحثين الكنديين من خلال دراسة عينة من الآباء المنتظرين أن لديهم مستويات أعلى من هرمون الاستراديول (هرمون أنثوي) ومستويات أقل من هرمون التستوستيرون (هرمون الذكورة) في دمائهم ولعابهم مقارنة بمجموعة أخرى من الرجال الذين ليس لديهم أطفال. وتشير أبحاث أنه كلما زاد الوقت الذي يقضيه الآباء في المشاركة في رعاية الأطفال، انخفضت مستويات هرمون التستوستيرون لديهم.

"صارحت زوجتي بما شعرت به من أعراض حمل بعد ولادتها فقط. لم أرد أن يصبح الموضوع عني، فهي الحامل وليس أنا. أظن أن الأمر سيظل في مجتمعاتنا على هذا النحو، فلو شعر رجل بما شعرت به، فأتوقع أنه لن يصارح أحدًا. ما أود قوله في النهاية، هو أن الحمل والولادة ليس بالسهولة والسطحية التي يتعامل معها بعض الرجال الذين يستخفون بأوجاع زوجاتهن ويتهمونهن بالدلع والتهويل،" يقول عزت.