bad boy illo2
علاقات

لماذا ننجذب للرجل السيء أو الباد بوي؟

نحنُ لا نُلاحق الرجُل السيء لأننا مدفوعات بالهرمونات بل لأننا نتوّق للشعور بالإنجاز والأحقيّة فيما نرغبه

لكل امرأة مُغايرة تفضيلاتها العاطفية والجنسية. هناك مَن تنجذب للرجُل الهادئ وهناك مَن تجد نفس الرجُل مُمل. هناك مَن تنجذب للرجُل الجاد المُتحقق عمليًا وترى فيه مستقبل لعلاقة مستقرة. وهناك مَن تنجذب للرجُل إن كان معروف عنه أنه زير نساء (Womenizer)، أو دنجوان، مُتمنيّة أن يختارها دونًا عن الجميع. لكل رجُل منهم أسلوبه في الترويج لنفسه. فالنساء لا ينجذبنّ من طرف واحد. بعض الرجال ماهرين في إيصال طاقات (Vibes) عمّا يكونون وما يُريدون منّا. لكنّ بعضهم يُغيرون الخطة بعدما ننجذب لهم. كلما اقتربتِ، ابتعد. وكلما فقدتِ الأمل، أنعشك واختفى؟ يُعرّف هذا النوع من الرجال باسم الرجل السيء (Bad Boy) لنتعرف عليه.

إعلان

مَن هو الباد بوي؟
هو مُراد (رشدي أباظة) من فيلم الزوجة الـ١٣. وهو مُنير (فؤاد المهندس) من فيلم مُطاردة غرامية. هو عُمر (تامر حسني) من فيلم عُمر وسلمى. وهو حازم (هاني سلامة) أشهر باد بوي لأجيال الثمانينات والتسعينات.

بكلماتٍ بسيطة، هو رجل يبدو ذو ثقة عالية بالنفس، ساحر، جذّاب، ناجح، لطيف. نظريًا هو رجل أحلام معظم النساء مغايرات الجنس. عمليًا، هو رجُل متلاعب، غالبًا نرجسي، متعدد في علاقاته بالنساء سواء أفصح عن ذلك أو لجأ للخيانة، غامض لدرجة الريبة، لا تستطيعين فهم ما يدور في رأسه. في أول علاقتك به، يبدو الرجل المثالي: يتواصل باستمرار، يهتم بالتفاصيل، يرغب في رؤيتك، يمدحك- حتى يتأكد من أنكِ أعجبتِ به. حينها يُمارس لعبته المفضلة في الاختفاء والتعامل بسخافة والتقليل منكِ. هذا الرجل بارع في اقناعك أنكِ امرأته المفضلة. وبارع كذلك في زرع الشك بداخلك إن كان حتى يتذكرك. لا يستمر تعامله اللطيف أكثر من أيام أو أسابيع وبهدف واحد: اهتمامك. يحصل عليه ثم ُيضيفك لقائمة طويلة من النساء. إن واجهته، سيُنكر ويوصمك بالإلحاح وبأنكِ لا تحترمي مساحته الشخصية، وأنك شكاءة، وشكاكة.

بشكل أكثر تفصيلًا: يقع الرجل السيء فيمّا يُسمى بالثالوث المظلم (Dark Triad Personality) وهو المنطقة المشتركة بين أشهر ثلاثة اضطرابات شخصية: الاعتلال الاجتماعي، والنرجسية، والميكافيلية (Psychopathy, Narcissism, Machiavellism). هناك سلوكيات يتبعها الأشخاص الذين يتم تشخصيهم بأي اضطراب من الثلاث، ويُمكن أن يُشخص البعض بأكثر من اضطراب واحد. الرجُل السيء يشترك في سلوكياته مع هؤلاء، وأغلب الظن هو واحد منهم. بعض صفات مثل الأنانية، الاستحقاق، عدم وجود معايير أخلاقية، التلاعب، التشويش الإدراكي، الشبحيّة، الأذى النفسي للآخرين/الأخريات، الاستمتاع بألم الغير، التمحور حول الذات، عدم القدرة على التعاطف والتعبير عن المشاعر، الاستغلال والعنف. يعتاد الرجال من هذا النوع على بناء ثقتهم في أنفسهم من العلاقات العاطفية والجنسية المتوازية وقصيرة الأمد لأنها تُمثل امدادات مُتجددة لشعورهم بالذات والأنا العُليا (Ego).

إعلان

كيف نعرف أن الرجل الذي نواعده باد بوي؟
في بداية العلاقات يكون الأشخاص ألطف وأكثر إقبالًا على الأطراف الأخرى. ما يجعل من تحديد إن كان هذا الرجُل لطيف بالفعل أم أنه رجُل سيء مهمة صعبة. هناك علامات حمراء إن ظهرت في بداية العلاقة، اهربي.

-   أحاديثكما متمحورة حوله.

-   يُقاطعك أثناء الحديث غير مُبالي بوجهة نظرك، ويتعامل مع المشاعر بسطحيّة: مثلًا يعتبرها دراما، أو أفورة. 

-   لا يحترم حدودك الشخصية، رغباتك، مواعيدك، اهتماماتك.

-   كثير الحديث عن علاقاته بالنساء ويتحدث بشكل غير لائق عن صديقاته/زوجاته السابقات.

-  لا يُفصح عن رغبته من العلاقة بوضوح، مثلًا: لا يقول أنه يبحث عن الجنس فقط، أو أنه لا يبحث عن علاقة عاطفية في هذه المرحلة من حياته. إنما يُضمن في حديثه دائمًا أنه لم يجد المرأة المنشودة، فيجعلك تتمنين أن تكوني هي وتبذلين مجهودًا خرافيًا في ذلك. والعلامة الأهم هو تغيره في حال ممارستكما الجنس. لا يتواصل بعدها كما كان قبلها، ويتهرّب إن أردتِ تحديد وتسمية علاقتكما.

هل للهرمونات دور في الانجذاب للباد بوي؟
هناك عدة نظريات عن سبب انجذاب معظم النساء المغايرات للرجل السيء. أشهرها نظرية الهرمونات: وهي أن النساء تنجذب للرجل الناجح جنسيًا خلال فترة التبويض للتكاثر فقط، كما في عالم الحيوان. بمراقبة دورة التبويض، شهدت العديد من النساء أنهنّ لا ينجذبنّ للرجل السيء في غير أوقات الإباضة. وهناك مَن يقولون أن الانجذاب للتستوستيرون متوارث من أسلافنا، ويفسّرون بذلك ملاحقة النساء للرجل السيء الذي يبدو تنافسيًا وسط عشرات النساء الأخريات اللاتي يردنّ ذرية صالحة للبقاء أيضًا. وهناك من يزعمون كذلك أن بعض النساء ينجذبن للرجُل السيء فقط فيما يتعلق بالجنس. لكنهنّ يفضّلن الرجل العادي لأنه أكثر قابلية للاستقرار في العلاقة.

إعلان

هناك عدة نقاط ضعف في هذه النظريات، من بينها مثلاً ما الذي يجعل من الملاحقة والرغبة في التواصل مع الباد بوي تمتد لفترات غير فترة التبويض؟ ولماذا هناك الكثير من النساء اللواتي ينجذبن للرجل الذي لا تظهر عليه أي صفات عدوانية أو تنافسية أو تسلطية. كما أن هناك انجذابات جنسية من أشخاص كويرين/ات للرجُل السيء. وهذه النظرية تتجاهلهن/م تمامًا وتُرجعنا لنقطة الصفر حول الهويات والأدوار الاجتماعية- كأن العالم كله رجال ونساء مغايرين/ات فقط.

الهوية الاجتماعية وتأثيرها على انجذاب النساء للباد بوي
من عملي كباحثة متخصصة في دراسات النساء والنوع الاجتماعي، ولأنني واحدة من اللواتي ينجذبنّ للرجل السيء، أعتقد أن هذا الانجذاب مرتبط بالهوية الاجتماعية أكبر من ارتباطه بالهرمونات. فالنساء مُطالبات بإثبات جدارتهنّ للمجتمع ولأنفسهنّ وأمام القانون طوال الوقت وعلى مر التاريخ. أسباب الاحتفاء بأي إنجاز لأي امرأة راجع في الأصل لحرمانها من حقها في شيء ما. نحن نحتفي بوصول النساء للمناصب لأننا نعرف أن طريقهنّ للوصول امتلأ عن آخره بوصمات اجتماعية وتقليل من شأنهنّ ونفي قدرتهنّ على النجاح. على مستوى حياتنا الشخصية، نحنُ مُستهلكات ومُستنزَفات في معارك فُرضت علينا لأننا نساء. اعتدنا أن كل شيء نحصل عليه، يسبقه معركة. حربٌ على كل تفصيلة، ومحاولات مستمرة لإثبات أننا جديرات بكل شيء. نحصل على كل شيء بشق الأنفُس؛ لأننا ببساطة اعتدنا ذلك. وقتها تتسلل إلينا نشوّة الجدارة والنصر.

ما يفعله الرجُل السيء هو أنه يضع نفسه في منزلة التحدي والإنجاز. تحدي ممتع وسيجعلنا نشعر بالإنجاز وسط معارك نخسر غالبيتها. نحنُ لا نُلاحق الرجُل السيء لأننا مدفوعات بالهرمونات بل لأننا نتوّق للشعور بالإنجاز والأحقيّة فيما نرغبه؛ لأننا نُريد أن نكسب هذا التحدي بالذات؛ لأننا لم نعتد أن نحصل على أي شيء بسهولة. الرجُل السيء هو تحدّي الرفض الذي لم نُشفى منه كنساء. كل واحدةٍ منّا مرفوضة بشكلٍ ما، وعندما يرفضها ذلك الرجل تُستثار مشاعر الغضب لديها. وفجأة يصبح كل الرفض الذي اختبرته في حياتها، مُمثلًا في شخص واحد. وهي تُريد- وبشدة- أن تتخلص من شعور الرفض وتستبدله بالقبول. تُريد أن تفتح كل المساحات المغلقة بوجهها وأن تُثبت جدارتها بالوجود في هذه المساحات. فتُلاحقه مرة بعد مرة بعد مرة، ربما استطاعت تغيير النهاية. فالملاحقة ليست عن الرجُل السيء بشخصه. إنما عن النساء أنفسهنّ وعن تجاربهنّ الحياتية التي كوّنت شخصياتهنّ وعلاقتهنّ بأنفسهنّ ومحيطهنّ الاجتماعي. يُعرف ذلك برد الفعل تجاه الصدمة أو (Trauma Response).

إعلان

هل هناك نهايات سعيدة؟
نادرًا. إن أردتِ خوض علاقتك بهذا الرجُل كتحدي، افعلي ذلك. لكن كوني حذرة لأن العلاقات مع هؤلاء غالبًا ما تكون سامة ومؤذية. وجود هذا الرجُل في حياتك لن يتجاوز المَرح وبعض الألعاب الذهنية التي ترفع مستوى الأدرينالين. أما إن تورطتِ عاطفيًا معه وتُريدين التجاوز، فقد يُفيدك الآتي:

أولًا: على مستوى علاقتك بنفسك:

-   المشاعر السلبية التي اختبرتيها معه (أنكِ غير محبوبة مثلًا) ليست حقيقية.

-   لا تشعري بالسذاجة أو أنكِ خُدعتِ. أنتِ كنتِ على طبيعتك وهو الذي أخفى طبيعته ورغباته.

-   الإنجاز ليس رجُلًا نحصل عليه. لن نُعيد انتاج المفاهيم الذكورية التي تقول أن مهما كانت النساء مُتحققات، فلن يُكلل تحققهنّ إلا حصولهنّ على رجُل صعب.

-   ابحثي دائمًا في تاريخك عن سبب تعلقُك به: مثلًا تُريدين تعويض حبيب سابق/ تُريدين تجاوز الشعور بالرفض/ كبرتِ في منزل يتعامل فيه والدك بهذه الطريقة، فتعتقدين بشكل لا واعي أن هذا هو الحب/ تبحثين باستمرار عن التحدي وتشعرين بالانتصار من خلاله.

ثانيًا: على مستوى علاقتك به:

-   قطع التواصل معه تدريجيًا.

-   لا تستجيبي لدعواته أو الطرق التي يجذبك بها مرة أخرى للعلاقة (Hoovering).

-   لأن الرجال السيئين غالبًا نرجسيون، تجدين في هذا المقال طرقًا أكثر تفصيلًا للتجاوز.