ترفيه

مارينا لينتي تتحدث عن أسرار سيرة مؤلفة هاري بوتر

يبدو لي أن هاري بوتر يملك حياة خاصة به، كأنه مغناطيس عملاق وُضع في الوقت المناسب وفي الأماكن المناسبة أثناء المناسبات الحاسمة
harry-potter-movies-on-netflix
warner brothers

تخيل معي بومةً تطير حول بيتك، لا تبحث عن طعام مثلاً، بل لترمي رسالة باسمك عبر النافذة! لحظة.. هل البومة توصل الخطابات؟ أكيد! فهي قادمة من هوجوورتس، مدرسة السحر البريطانية، حيث يطلقون التعاويذ ويطيرون على المقشات، كما يعرف قراء ومشاهدي سلسلة هاري بوتر، المتربعة على عرش الأكثر مبيعًا في تاريخ النشر بلا منازع، مع تجاوز مبيعاتها النصف مليار نسخة، فضلاً عن إيرادات مليارية للأفلام. البعض يكتفي بالقراءة أو المشاهدة فقط، والبعض الآخر يتعمق أكثر في كواليس الملحمة، خاصة التفاصيل المُلهمة لمؤلفتها جوان كاثلين رولينج (ج. ك. رولينج)، أغنى كاتبة في وقتنا الحالي.

إعلان

مارينا لينتي، كاتبة إيطالية تُعدّ الأكثر اهتمامًا بهاري بوتر في بلدها، لديها 4 كتب عنه، كما أشرفت على الترجمة الإيطالية لأهم موسوعة عن عالمه، بخلاف مئات المقالات لمنصة Fantacy Magazine الإيطالية المعنية بالفانتازيا، وأخيرًا جاء كتابها عن مؤلفة هذا العالم باسم "ج. ك. رولينج" مع عنوان فرعي طويل "ساحرة عقول 450 مليون قارئ، أسرار سيرة مؤلفة هاري بوتر" التي ترجمها للعربية ربيع محمد سلامة.

3 (1).jpg

تتناول مارينا في الكتاب رحلة رولينج كاملة، بداية من لقاء والديها ومرورًا بمشوارها الدراسي والأكاديمي، ثم محطات شقائها من زواج لم ينجح ووظائف غير ثابتة، لدرجة أنها عملت سكرتيرة ذات مرة وفُصلت مع ضبطها تكتب قصصًا في دوام العمل، حتى أصابها الاكتئاب والرغبة في الانتحار. كل هذا تغير بلمسة ساحر صغير ابتكرته رولينج وأسمته هاري بوتر، حيث حققت نجاحًا لم يخطر على بال مخلوق، ومع كل فصل نعرف كيف استوحت أفكارها، ونستكشف حياتها المثيرة بعد الشهرة أيضًا، من صراعات قضائية وجولات خيرية وتصريحات غريبة. أحداث شيقة حقًا تشبه قصة مستقلة عن كاتبة حققت المستحيل، تحكيها مارينا لينتي بقلم رشيق.

حول كتابها السميك الممتع، الذي استغرق إعداده 3 سنوات، وتخصصها المثير للاهتمام، كان لنا هذا الحوار مع مارينا لينتي:

VICE عربية: كتابك عن رولينج قد يكون الأكبر عنها، فهل قصدت ذكر كل تفصيلة ممكنة؟
مارينا لينتي:
على عكس كتب السيرة الأخرى، والتي تركز بشكل أساسي على جزء هاري بوتر من حياتها، أردت أن أتحدث عن قصتها بأكملها، وأعتقد أن سنواتها قبل بوتر ممتعة للغاية، لأنها مهد التجارب التي ستجلبها لاحقًا لتطوير فكرتها وجميع الابتكارات الرائعة فيها.  أيضًا، لم أرغب في سرد ​​قصة حياتها فقط، أحببت أن أظهر مدى انعكاس تجربتها الحياتية في هاري بوتر، لهذا أسميها "مقال عن السيرة الذاتية" بدلاً من "سيرة ذاتية" بسيطة. أعتقد أن التركيز على قصة حقيقية - بمعنى قصة الكاتب وليس قصة شخصيته الرئيسية - كان تحديًا مثيرًا للاهتمام. 

إعلان

هل جمعك لقاء برولينج مع غزارة صفحات كتابك عنها؟
لم أقابلها ولم أكن على اتصال بها قط، فهي كاتبة منعزلة للغاية، لذا كان اعتمادي الأكبر على الحوارات المبكرة لها قبل الشهرة، والتي بدأت تقل مع الكتاب الثالث "هاري بوتر وسجين أزكابان" كما احتفظت بالكثير من المواد الخام المتبقية من كتبي السابقة، مما ساعدني في الكتابة بشكل أسرع، فالراوبط على الإنترنت تموت مع الوقت وأنا أحرص على طبع بعض المقابلات والمواد التي قد تضيع من الشبكة.

استخدمت كذلك "تسلسل الأفكار" لإضافة بعض التعليقات على جوانب معينة، لأن كاتب المقالات لا يسرد الحقائق فقط، بل يحاول التعمق في فحصها، واستخدمت أيضًا تلميحاتها للكتب والأفلام التي قرأتها وشاهدتها. بالطبع وجدت مقالات وحتى مقابلات كانت تناقض بعضها، وقتها أفضّل النسخة الأكثر تكرارًا، ولكن في نفس الوقت، أبلغ القارئ أن هناك أيضًا رواية بديلة عن ذلك.

هل تظنين أن رولينج تستحق كل هذا المجد والثراء؟ أم أنه مجرد حظ؟
أعتقد أنها تستحق نجاحها، لأنها تمتلك خيالًا رائعًا وعملت بجد، ولكن - بطبيعة الحال - كان لبعض الحظ دور أيضًا في ذلك. أولاً لأنها تتحدث اللغة "الصحيحة". لنكن صادقين: إذا كانت الإنجليزية لغتك الأم، فمن الأسهل لفت الانتباه إلى كتاباتك، أيضًا عندما ألقي نظرة على تاريخ النشر الخاص بها، يبدو لي أن هاري بوتر يملك حياة خاصة به، كأنه مغناطيس عملاق وُضع في الوقت المناسب وفي الأماكن المناسبة أثناء المناسبات الحاسمة، لأن رولينج كانت كاتبة هاوية، وبالتالي لم تكن تعرف كيف تتحرك في هذا المجال، فقط لأنها لم تنشر من قبل.

1 (3).jpg

ما رأيك في تصريحات رولينج الأخيرة عن الأشخاص العابرين جنسياً والتي أدّت لانخفاض مبيعاتها؟
الحقيقة أن رولينج لم تقل سوى الواقع، وهو أننا - تشريحيًا - إما أن نولد ذكرًا أو أنثى، إما XX أو XY. هذا القصد، وبصراحة، لم أصدق أن الناس يمكن أن يفهوا رولينج بشكل خاطئ، لحسن الحظ هناك بعض العابرين جنسياً الذين دافعوا عنها. بالإضافة لذلك، فإن القول بأنها تمارس العنصرية ضدهم أمر سخيف، لكل من يعرف حتى جزءًا ضئيلًا من تاريخ حياتها وتصريحاتها حول ذلك.

إعلان

بما أن تخصصك الأهم هو الفانتازيا، هل تقابلين تعليقات من نوعية: انظروا إلى مارينا، إنها تصحو كل يوم وتشرب قهوتها ثم تذهب لمكتبها وتكتب عن هاري بوتر والتنانين والسحر كي تقبض راتبها.
أوه! أتمنى، لكن الأمر ليس كذلك على الاطلاق! كتابتي هي مجرد هواية، يجب أن أعمل من أجل لقمة العيش مثل أي شخص آخر، وحتى خارج النوع الخيالي، هناك عدد قليل جدًا من الكتاب الإيطاليين القادرين على كسب عيشهم من كتبهم، حتى أنني لدي بعض المؤلفات في درجي، لكن القراء في إيطاليا يعتبرون الأدباء الإنجليز والأمريكيين أعلى شأنًا من أبناء البلاد. أنا في الأساس خرّيجة قانون وأعمل بشهادتي مع الهواية، وإن كان تركيزي على الكتابة أكثر منذ 15 سنة، نعم أنا عجوز! وأكتب منذ أواخر الثمانينيات عن السينما والموسيقى في المجلات الورقية قبل عصر الإنترنت.

تكتبين كثيرًا عن عالم السحر، هل يختلط مع العالم الواقعي في ذهنك أحيانًا؟ أم بالعكس تملين منه؟
حقيقةً لا أشعر بتداخل العالمين، أستمتع بانغماسي في معارض الرسوم الهزلية أو في عروض الكتب والمؤتمرات، لكن لحسن الحظ، أستمتع أيضًا بحياتي في العالم الحقيقي. بالنسبة للملل، يبقى عالم هاري بوتر شديد الثراء، لكن يبدو أنني قلت كل ما أريد قوله، موقفي أصبح كالممثلين المعتادين على لعب نفس النوع من الأدوار، وبعد فترة يحتاجون إلى شيء جديد. ومهما كان هاري عظيمًا، فأنت بحاجة في وقت ما إلى بعض الهواء النقي. لهذا السبب، في كتابي الحالي عن التنانين مع عدد من المؤلفين، ستكون مقالتي عن التنين المحظوظ في رواية "حكاية بلا نهاية" لمايكل أندي، فهو كتاب أعشقه، وكان أول كتاب خيالي قرأته، بالطبع سيكون هناك مقال عن تنانين هاري بوتر، لكنني لن أكون المُكلفة بكتابته.

هل لك أعمال أخرى عن الفانتازيا؟ مثل سيد الخواتم أو لعبة العروش؟
اشتركتُ في كتاب هوبيتولجيا Hobbitologia عن رواية الهوبيت لتولكين، اعتقدت أن سيد الخواتم نالت الكثير من التحليلات، بينما لا يوجد شيء تقريبًا حول الهوبيت، لذلك كتبتُ مع زملائي عدة مقالات تدرس الرواية من خلال 10 جوانب مختلفة. لقد تناولتُ دور الطعام فيه، تمامًا كما فعلت مع هاري بوتر في أحد كتبي. بالنسبة للعبة العروش لجورج مارتن، فهي ليست النوع المفضل لي صراحة، أحب الفانتازيا الملحمية أو الخرافية (أعتقد أن هاري بوتر ينتمي إلى الأخيرة)، ولعبة العروش بدت لي عنيفة على الشاشة، برغم ما سمعته عن اختلاف السيناريو عن الأصل الروائي.

هل تواجهين بعض المتاعب بصفتك خبيرة في عالم خيالي مثل هاري بوتر؟ كتحدي بعض القراء مثلا لك؟
ليس لهذه الدرجة، فأي قارئ بذاكرة أفضل مني قد يهزمني، وقد أنسى رقم طابق حمام ميرتل الباكية مثلاً، معرفتي بالسلسلة ليست بهذه الأمور قدر ما تعنى بما وراء العمل نفسه، تاريخ نشره وتفاصيل الحبكة وما إلى ذلك. بالنسبة للمواقف الغريبة والمتاعب فأخشى أنني لم أواجهها، معظم الأوقات تكون الطلبات التي أتلقاها طبيعية جدًا: مقال في مجلة، أو مقابلة، أو طالب يحتاج إلى بعض المساعدة في الببليوغرافيا لأطروحة التخرج الخاصة به حول هذا الموضوع.

لماذا وصل إلينا آخر كتبك أولاً؟ هل سنجد ترجمات أخرى حول الفانتازيا؟
هذا فقط لأن الناشر الإيطالي لهذا الكتاب لديه مدير حقوق أجنبي، في حين أن الناشرين الآخرين، كونهم أصغر، لا يفعلون ذلك. لذا أعتقد أن الكتب الأخرى كانت غير مرئية للناشرين العرب، بالطبع أود أن أترجمهم جميعًا، لذا إذا هناك ناشر مهتم، فالحقوق متاحة.