FYI.

This story is over 5 years old.

صحة

كيف يمكن أن تعيش بانتصاب مستمر لأسبوعين؟‎

شاب مغربي أصيب بهذه الحالة الطبية النادرة يحدثنا كيف أنقذ التدخل الجراحي حياته
انتصاب

يتوجّس الرجال في العادة من الوقوع في مشكل الضعف أو العجز الجنسي، لكن كيف ستتصرّف إذا استيقظت ذات صباح ووجدت أن قضيبك منتصب ومتصلب ولا يقوى على الارتخاء، تبقى على هذا الحال ساعات طويلة وربما لعدد لا محدود من الأيام؟ لا تتعجب، فهذه حالة طبية غير شائعة تُدعى "القساح" أو Priapism تعرّض لها مواطن مغربي يُدعى عبد الحق كامون، 31 عاماً، وصار حديث الساعة لأيام طويلة في البلاد.

"الانتصاب المستمر" أو "القساح" لا شكّ أن معظمكم لم يسمع بالاسمين من قبل، وكذلك كان حال الكثير من المغاربة قبل أسابيع قليلة، حينما انتشرت أخبار ومقاطع فيديو تتحدّث عن شاب ثلاثيني بقي ذكره منتصباً لأسبوعين متواصلين. عبد الحق وطبيبه قبِلا التصوير مع منبر إعلامي وحيد بعد خروجهما من غرفة العمليات، حيث روى الأول تفاصيل إصابته بهذا المرض، فيما تحدّث الثاني عن تطورات الحالة الصحية لمريضه. على الجانب الآخر، تلقّى المغاربة هذا الخبر بنوع من الاستغراب، الانتقاد الجارح والسخرية من "فحولته الزائدة" ومنهم من اتهمه بالإكثار من "الحبوب الزرقاء" أي الفياغرا، ومنهم من لامه على خروجه إلى الإعلام و"الفضيحة" التي تسبب بها لنفسه، قائلين "لماذا لم يُخفي وجهه؟ سيواجه مشاكل كبيرة في الشارع، وأن الظهور في الإعلام أكبر خطأ ارتكبه، الستر أولى في مثل هذه الأمور."

إعلان

كان الألم يشتدّ يوما بعد يوم، ويمنعني من ممارسة حياتي بشكل طبيعي. كنت أشعر بالحرج الشديد من التحرّك بحرية وسط أسرتي أو في الشارع

ولكن القضية ليست "فضيحة" بل حالة مرضية "نادرة ومؤلمة" تتطلّب تدخلاً جراحياً فورياً، حسب البروفيسور فتحي مزيان، رئيس قسم جراحة المسالك البولية بـ المركز الاستشفائي ابن رشد بالدار البيضاء، الذي تحدّث لموقع VICE عربية، وأكّد أن أي رجل معرّض للإصابة به، وأضاف: "يحدث القساح نتيجة التدفق غير الطبيعي للدم، واحتباسه داخل أوردة عضوه التناسلي، ليبقى الأخير منتصباً بشكل لا إرادي أكثر من 6 ساعات، في ظل غياب أي إثارة جنسية."

ولأن أغلب ما يغري الرجال عادة هو البحث عن وسيلة لتحسين أدائهم الجنسي، كان طبيعياً أن يرجح الكثيرون احتمال إفراط عبد الحق في تناول أعشاب أو عقاقير مهيجة جنسياً "أكثر من اللازم" وهو ما ينفيه عبد الحق جملة وتفصيلاً خلال مقابلتي له، مشدّدا على أنه كان يعاني فقط من مشكل متعلّق بصفائحه الدموية أدى إلى تخثّر الدم داخل إحدى قنوات عضوه الذكري. هذا الكلام زكّاه لنا البروفيسور ربيع رضوان، أخصائي المسالك البولية، الذي أشرف على عملية عبد الحق.

"أحسست بألم مفاجئ باغَت رأسي.. انتقل إلى عمودي الفقري ثم إلى فخذي، وانتهى بتصلب عضوي التناسلي وانتفاخه." هكذا يصف عبد الحق أولى لحظات "القُساح" الذي فاجأه في وقت متأخر من إحدى ليالي شهر فبراير الماضي، وفضّل ألا يخبر عنه أحداً في البداية، معتقداً أن الأمر لن يطول. ثم أردف قائلاً: "كنت أعاني قبلها من إرهاق نفسي وجسدي شديدين جراء ضغوط العمل والحياة، لذلك ربطت الأمر ببعضه ولم أُعره اهتماماً كبيراً. لكن عندما طال الوضع قليلاً، فكّرت جدياً في زيارة مستوصف الحي، واخبار زوجتي ثم أسرتي الذين وقفوا إلى جانبي طوال هذه المدة."

إعلان

عبد الحق، الذي يتحدّر من قرية سيدي عابد التابعة لمدينة "الجديدة" جنوب مدينة الدار البيضاء، هو واحد من الحالات القليلة التي تعرّضت للانتصاب الدائم أي ذلك الذي يفوق الست ساعات، حيث تشير الأرقام والتقارير الطبية إنه يصيب في العادة 1,5 حالة من بين كلّ 100 ألف شخص في العالم سنوياً، وتزداد هذه النسبة إلى 2,9 حالة في صفوف الرجال الذين تفوق أعمارهم الأربعين.

يعود عبد الحق بذاكرته بضع أسابيع إلى الوراء، مستحضرا لنا "الجحيم" الذي عاشه على حد تعبيره، ويقول: "كان الألم يشتدّ يوما بعد يوم، ويمنعني من ممارسة حياتي بشكل طبيعي. كنت أشعر بالحرج الشديد من التحرّك بحرية وسط أسرتي أو في الشارع، من النوم أو من قضاء حاجتي البيولوجية، كما دفعني ذلك لأن أترك عملي وأتفرغ للزيارات والاستشارات الطبية في المدن الكبرى، فالأمور كانت تسير بسرعة نحو الأسوء."

استمرار الانتصاب يستدعي الخضوع لجراحة عاجلة، من أجل تفادي وقوع خلل في وظائف القضيب كعجزه عن الانتصاب مجدداً، أو تعفنه وبالتالي الاضطرار الى بتره

وعند سؤالنا له عن أسوأ ما فكّر فيه وشعر به حينها، قال عبد الحق بصوت متهدّج: "لا شيء أسوء من أن تظل أياماً لا تقوى فيها على التحكم بانتصابك ولا تعلم بماذا سينتهي الأمر، من أن تراقب الناس إلى أين تتجه عيونهم، تنهال عليك أسئلتهم دون أن تجد لهم جوابًا، أن تطوف بين عيادات الأطباء لأيام بحثاً عن منقذ خوفاً من أن تُعدم حياتك الجنسية إلى الأبد،" يتوقّف قليلا ثم يضيف: "رغم تطمينات الطبيب، لا يزال الخوف يسكنني من أن يتكرّر الأمر مجددا، وأعيش هذه المحنة مرة أخرى."

استمرار الانتصاب وتخوّف بعض الأطباء من دقة وحساسية وضعه، جعل هذا الشاب يدرك حجم الخطر الذي يتربّص به والذي قد يعصف بقدراته الجنسية إلى الأبد، غير أنه في المقابل، لم يتردّد أبدا في الخضوع لعملية جراحية مستعجلة رغم علمه باحتمال فشلها، يقول عبد الحق: "لم أفكّر طويلا في هذا القرار، كنت أرغب في إنهاء هذا الكابوس والعودة إلى حياتي الطبيعية بأسرع ما يمكن، مهما ترتّب عن ذلك من أضرار.. كنت أريد إنهاء الأمر بسرعة وكفى."

إعلان

ويشير الدكتور رضوان أن معظم الناس يتعافون تماماً عند الحصول على العلاج بسرعة، إلا أنه ينبّه في الوقت نفسه من أن الوضع يصبح خطيراً بمجرّد استمراره لأزيد من ست ساعات، وأن عدم تلقي العلاج قد يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه، ويضيف: "استمرار الانتصاب عن طريق الدم المحتبس داخل الأوردة، من شأنه أن يُحدث تآكلا على مستوى النسيج الكهفي والشعور بآلام شديدة، ما يستدعي الخضوع لجراحة عاجلة، من أجل تفادي وقوع خلل في وظائف القضيب كعجزه عن الانتصاب مجدداً، أو تعفنه وبالتالي الاضطرار الى بتره."

ويشرح البروفيسور رضوان أن الأسباب المسبّبة للقُساح مرتبطة أساساً بأمراض أو اختلالات في الدم، من بينها فقر الدم المنجلي، واللوكيميا، التلاسيميا وغيرهم، أو باضطرابات عصبية لها ارتباط بالنخاع الشوكي، أو بالسرطان، أو قد يحدث أيضا نتيجة للأعراض الجانبية للأدوية التي توصف لعلاج بعض الأمراض النفسية كالترازودون، الكلوربرومازين، وديازيبام، أو بسبب تعاطي بعض المخدرات القوية، كالكوكايين والماريخوانا. كما يلفت المتحدّث إلى أن الإكثار من تناول مادة sildenafil، التي تدخل في تركيب المهيجات الجنسية، من شأنه أن يُسبّب القساح أيضاً، ويُسفر عن نتائج عكسية على مُتناوِلها، كتدمير وظائف عضوه التناسلي بشكل دائم.

لا أكترث لمن انتقدوا ظهوري في الإعلام، أو حديثي عمّا يعتبرونه أمراً مسكوتاً عنه.. أرغب فقط في توعية وتثقيف الرجال للاهتمام أكثر بصحتهم الجنسية

وعلى الرغم من أن الإفراط في تناول الفياغرا يبقى من أكثر الأمور المجنونة التي قد يُفكّر فيها أحدهم، إلا أن المواطن البريطاني دانييل ميدفورث، ذو الـ36 عاماً، أقدم بالفعل على ذلك وتناول 35 حبة فياغرا في ساعة واحدة بغرض المزاح. هذا الأمر جعله يعاني من انتصاب لخمسة أيام، وشعور بالدوار، نهم جنسي وهلاوس بصرية، كما نقلت صحيفة "ذا ميرور" البريطانية، مشيراً إلى أن كلّ شيء كان يبدو له باللون الأخضر حينها. وفي هذا الإطار، يحذّر الأطباء من خطر الإكثار من المنشطات الجنسية لأنها قد تسبّب مشاكل في القلب، ارتفاع ضغط الدم، فقدان الوعي، نزيف المخ أو حتى الوفاة.

في ظل مجتمع أكثر ما يخشاه ذكوره الوقوع في مشاكل جنسية تهدّد فحولتهم، خرق عبد الحق القاعدة وأبى إلا أن يتحدّث بوجه مكشوف، مؤكداً أن هدفه هو تسليط الضوء على هذه الحالة التي يجهلها الكثيرون. "لا أكترث لمن انتقدوا ظهوري في الإعلام، أو حديثي عمّا يعتبرونه أمراً مسكوتاً عنه.. أرغب فقط في توعية وتثقيف الرجال للاهتمام أكثر بصحتهم الجنسية واستشارة الطبيب عند حدوث أي طارئ، وعدم تجاهل مثل هكذا أمور حتى لا يفوت الأوان،" ينهي عبد الحق كلامه بهذه النصيحة.