تحدثنا مع أهل الحب عن سيرة الحب في السعودية

تصوير: توماس واجنر

FYI.

This story is over 5 years old.

علاقات

تحدثنا مع أهل الحب عن سيرة الحب في السعودية

شيء حزین جداً ما يتم غرسه بنا عن معنى الحب وخاطىء تماماً

يقول نزار قباني: "الحب للشجعان. الجبناء تزوجهم أمهاتهم." إما أن قباني أخطأ التعبير، أو أن غالبية العرب "جبناء" على حد وصف قباني. لا يزال عدد كبير من الشباب العربي يعتمدون على أمهاتهم أو أقاربهم عند اختيار شريك الحياة، ولكن هناك من يتجرأ على الخروج من العادات والتقاليد ويعزم على اختيار شريك حياته بنفسه. التقينا مع عدد من هؤلاء "الشجعان" و"الشجاعات" الذين أحبّوا فتزوجوا. نشرنا قبل فترة قصة فهد البتيري ولجين الهذلول، واليوم سنتحدث إلى آلاء بلخي وعصام حميد الدين. آلاء مدونة ومصممة ورائدة أعمال، أسست ماركة فيونكة للأزياء والإكسسوارات في 2011 وانتقلت إلى نيويورك في 2012 حيث حصلت على ماجستير دراسات مهنية، تخصص إدارة التصميم. أما عصام فهو خبير مالي يعمل في نيويورك.

إعلان

VICE عربية: كيف كان اللقاء الاول؟
آلاء: حدث ذلك بعد وصولي لنيويورك للدراسة بفترة قصيرة؛ كان أسبوعي الثاني. ابنة عمّ عصام كانت صدیقة مقرّبة لي، فقد درسنا في نفس الجامعة في جدة، وكانت تقضي إجازة الصیف في نیویورك. فلما وصلت نیویورك قبل بدایة الدراسة اتصلت بها: "أين أنتِ؟ دعینا نتقابل." فقالت لي: "أنا في بیت ابن عمي، تعالي." وكان بیت ابن عمها عصام قریب جداً من سكن جامعتي. فقابلتها هناك، ومن ثم ذهبنا لتناول القهوة. بعد سفر صدیقتي، كان عصام لطیفاً معي للغایة، فتوقعت سبب ذلك هو مجرّد كوني صدیقة لابنة عمه. وأذكر أننا ذهبنا لحضور فیلم سینمائي وتناول العشاء وكنت أحّدث صدیقتي المقربة: "ذهبنا لنتعشى ونشاهد فيلماً." فقالت لي: " ذهبتما في موعد؟!" ردیت: "لا، لیس موعداً،" وبقیت هي ُمصّرة على أنه موعد. ومثل ما ذكرت، كانت أيامي الأولى في نیویورك، كان أسبوعي الثالث بالتحديد، ولم أكن أعرف ما هي المطاعم الجیدة وما هي السیئة. في إحدى الليالي صحبني عصام إلى مطعم إیطالي أمام منزله اسمه Morandi في West Village وفكرت وقتها: "هذا الولد كسلان للغایة، لا یرید أن یمشي، یأخذني لمطعم أمام بیته." ولكن ما اكتشفته لاحقًا أن Morandi من أكثر المطاعم شعبیّة في نیویورك، فهو مطعم لكیث مكنالي (مؤسس المطاعم الشهير). بعدها ذهبنا لمشاهدة فیلم، ونحن نشاهد الفیلم حدث شيء مذهل، أرحت رأسي على كتف عصام، وأتوقع من هذه اللحظة بدأت انظر إليه بطریقة مختلفة.

كنت خائفة جداً أن یُنتزع كل شيء كافحت من أجله إذا رجعت لأهلي برجل اسمه كریستوفر

ما الذي جذبك لعصام؟
بالنسبة لي عصام كان كل شيء أردته. كنت دوماً حریصة وحذرة جداً قبل اختياري لشریك المستقبل الُمحتمل. وكانت لدي قناعة أساسية، وهي أن شريك حياتي يجب أن يكون: عربي مسلم، لأن ذلك مهم بالنسبة لعائلتي. وكانت تلك هي القناعة التي كنت مستعدة للمحاربة من أجلها. لم أكن مستعدة ولم تكن لدي القوة للمحاربة من أجل رجل لا ينتمي لهذه الفئة. رغم أني الآن، لا أعتقد أن هناك مشكلة أو خطأ في الارتباط بشخص يختلف عنا. ولكن وقتها، لأنني كافحت من أجل الكثیر في حیاتي: كحریتي، وانتقالي للعیش في نیویورك، كنت خائفة جداً أن یُنتزع كل شيء كافحت من أجله إذا رجعت لأهلي برجل اسمه كریستوفر.

إعلان

هناك فرق كبير بين عصام وبين كل من عرفتهم. عصام كان رجل يجيد التصرف، يهتم بتفاصيل حياته بنفسه. ليس مدللًا، لو لم أكن موجودة الآن، ونحن متزوجون، أعلم أنه لن یموت (تبتسم) يستطيع متابعة حياته والقيام بمهامه وتلبية احتياجاته الشخصية دون مساعدتي. نفتقد لذلك في بلداننا العربية للأسف، تجد بعض الرجال لا يعرفون كيف يغسلون ملابسهم أو يعدون طعامهم أو يتصرفون عندما يتطلب الأمر ذلك. هذا منفر وليس جذاب أبداً.

لحسن الحظ، أن عصام كان ينتمي لهذه الفئة؟
صحيح. وجدت أن عصام يحقق قناعتي. ففي حين أنه كان یعیش في نیویورك ويعمل كخبیر مالي، إلا أنه يفهم الثقافة السعودیة. في بعض الأحیان كنت أقول له: "عیب" فیقول: "حسناً، لا أفهم لماذا بالضبط، ولكن حسناً." عشت في مونتریال حتى التاسعة من عمري، عندما كنت مراهقة كنت أتصور أن فارس الأحلام سیكون لدیه لكنة أمریكیة (والمضحك أن هذه اللكنة تزعجني الآن) فكنت مفتونة جدا بعصام. بطریقة كلامه، بطریقة لبسه، بعدم حبه للسیطرة والحكم على الناس. لم یقل لي ما یجب علي فعله وما لا یجب علي أن أفعله. كنت أختبره: "سأخرج مع هؤلاء الأصحاب." وهو یرد علي: "حسناً، استمتعي بوقتك." فكنت أتعجب. حتى جاءت فترة أصبحت أسأله: "أنت لا تغار." وهو یقول: "لا، یمكنك أن تفعلي ما تحبين." وأنا أرد بإستعجاب: "ما معنى ذلك، لماذا لا تملي علي ما أفعله." فكان یقول: "آلاء، أنتِ شخصك المستقل، لن أملي علیك ما یجب أن تفعلیه". فكنت أقول: "هذا عجیب. أنت لا تحبني." شيء حزین جداً ما يتم غرسه بنا عن معنى الحب وخاطئ تماماً.

لا شك أن تجربتك للمواعدة في نيويورك كانت مختلفة عن تجربتك في السعودية؟
نعم، كان التعارف في نیویورك مختلفاً تماماً عن التعارف في السعودیة. التعارف في نیویورك يعني أننا سنذهب إلى محل البقالة مع بعض سنخرج إلى السینما مع بعض، سنذهب إلى زيارة الدكتور سویاً. مثلا: أصابني تسمم غذائي أول أسبوع، وكان عصام حاضرًا لمساعدتي. فأصبحت أفكر: بما أنه رآنى في أسوأ حالاتي وبقي معي، هذا يعني أنه الرجل المناسب لي.

إعلان

ما المختلف في عصام كزوج؟
ما جذبني في عصام أنني رأیت حیاتي معه ورأيت أنه لن یتوجب علي أن أكون نسخة لما رأيته من نساء عائلتي. كنت أفكر دائماً، أنني لن أدخل في علاقة أعلم مسبقاً بأنني سأكون مسؤولة عن أعمال المنزل كلها، لن أنظف وأطبخ وأتابع شؤون المنزل وحدي، سأدخل العلاقة على علم أنها شراكة كل ما نعمل عليه فيها سيأتي بدافع الحبّ وليس بدافع الواجب. جزء من واجباتي أن أقوم بعملي وهو أن أكون موجودة وأن أحبك. واجبنا أن يكون كلانا جزء مهم من العلاقة ونتواجد بنفس الحب والاهتمام. وأحببت فكرة أنه في المستقبل عندما ننجب أطفال لن تكون مسؤولیتي أنا فقط. وهي بالفعل لیست مسؤولیتي أنا فقط. أشعر أحياناً بالانزعاج عندما أفكر بالمرات القليلة التي كنا مع أبي بمفردنا (أنا وأخوتي). أعرف أنه یحبنا ولكن كان بالإمكان أن یساعد أكثر وأن یكون أكثر تواجداً. ذلك يؤلم قلبي. ولكن لا أعلم، ربما هذا شيء یتعلق بجیله، لأني أرى الآن صدیقاتي مع أزواجهم العرب والسعودیین وهم يهتمون بالأطفال بشكل مشترك. في بعض الأحیان أتساءل: ربما حكمت على شيء یمثل جیل معین أكثر من أنه یمثل شعب بأكمله.

متى وكیف عرفتي أنك تریدین أن تكوني مع عصام؟
عرفت ذلك أثناء زیارتنا لعائلته في ڤیرجینیا بمناسبة عید الشكر (وأیضاً اضطررت للدخول في جدال مع الناس عن موضوع عید الشكر: "حرام الاحتفال بعید الشكر، فهو عید تقليدي في أمريكا تحتفل فيه العائلة وتجتمع لشكر النعم والاحتفال بحصاد العام). تعرفنا على بعض في شهر یولیو، فكنا في فترة تعارف لأربعة أشهر في ذلك الوقت. عرفت أن عصام هو الرجل الذي أرید أن أكون معه بقیة حیاتي عندما رأیت ترحيب أسرته بي وهم يعرفون جيدًا بأنني وعصام نتواعد. هذا وضّح لي الكثیر عنه وعن تربیته؛ أنهم لم ُیعّیبوا ذلك. كنت سعيدة جداً لدرجة أني قلت له: "أحب عائلتك" َفرد: "أحبك أنتِ." وكانت تلك هي المرة الأولى التي یقول فیها أحبك. خلال هذه الزيارة، أحسست بمدى أهمیة عائلته بالنسبة له، وكان انسجامي معهم مريحاً له، لأنه كان من المهم جداً بالنسبة له أن أحب عائلته. رغم أن أهلي وأهله لا یتدخلون في حیاتنا أبداً، ولكن العائلة مهمة لأنك ترى امتداد الشخص من عائلته، تعرف من هو، كيف أصبح ما هو عليه، وهناك رأيت عصام. الذي أصبح الرجل الذي أحبه بفضل هذين الشخصين الرائعين الذين اجتهدوا في تربيته.

هل كان والدیك على علم بعلاقتك بعصام؟
أمي كانت متفهمة جداً. أولاً، معرفتي لعائلته جعل الأمر أسهل بكثیر، لأن، ارتباط العوائل يأتي أولًا في أعراف الزواج العربية. من هنا جاء تفهم والدتي لعلاقتنا، وتزامن ذلك بزيارة خالتي لنیویورك، لقد أوصتها أمي بمقابلة عصام، وكانت سعادة أمي غامرة لأنني اخترت عصام، فقد كنا نعرف عائلته الرائعة جداً. بالإضافة لذلك كانت أمي تشعر بأنني نضجت بما فیه الكفاية لأتمكن من الحكم بنفسي وتحديد ما إذا كان عصام شاب جید بما فیه الكفایة لي. أما أبي، فكنت خائفة أكثر من ردة فعله، ولكن حالة عصام كانت مختلفة. أولاً، لأنني غادرت المنزل وأعيش بمفردي، فلا یمكنهم أن یملوا علي ما یجب أن أفعله وما لا یجب أن أفعله. قبل عصام، كان هناك شاب أعرفه وأتى لیخطبني وكان علي أن أحاول مع أبي ليرد عليهم ويستقبله. وكان رده: حسناً إن شاء الله. ثم أخبره وأنا أرتجف: أنا أحبه، فيردّ: حسنًا ما من مشكلة، سأقابله. وكانت لدى أبي قائمة أسئلة حول المتقدم: یصلي؟ يغضب؟ یشرب؟ كيف يتعامل مع أهله؟ وهكذا. ولكن عندما جاء عصام لخطبتي، كان أبي سعیداً للغایة ولم یسعه الانتظار: "یلا الفاتحة." ولم يطرح أسئلته المعتادة. ربما لأنه كان یعرف: أنا أعیش في نيويورك، عصام یعیش هناك، سافر الرجل لخطبتي من أمريكا. لن یأتي من أمریكا لخطبة فتاة رآها من بعید. أعتقد أن أبي استوعب ذلك وكان الأمر مريحًا بالنسبه له: هي تعرفه على حقيقته وهو یعرفها على حقيقتها.

هل واجهتما أي عقبات بسبب الضغوطات الاجتماعیة ضد العلاقات الغیر تقلیدیة؟
لا، أنا متمردة بعض الشيء وأعشق المواجهات. مثلاً عندما سُئلت من قبل خالاتي عن طريقة تعرفي إلى عصام، كنت أروي لهم الحكایة كما هي. "آها، كنت تحبينه؟" فأقول لهم: "نعم، كنت أحبه" فیسألوني: "حسناً، أكید یعني كنتم تخرجون سوية؟" أرد: "نعم، كنا نخرج." لا شك أن حديثي عن هذه التفاصيل سيكون مقبولاً أكثر بكثیر اذا كان الأهل متقبلین لقراراتك. كإمرأة سعودیة، أنتِ أقوى بكثیر عندما تكون عائلتك سند لك، خصوصاً والدك عندما يتعلق الأمر بمواضیع الحب واختیار الرجل الذي تریدین أن تقضي معه بقیة حیاتك. لقد تحدثت عن هذه المواضیع في سناب تشات من قبل، وسمعت الكثير من القصص عن الحب وعن علاقات انتهت بسبب انتمائهم لفئات مختلفة، لیس حتى دیانات مختلفة، طوائف مختلفة أو قبائل مختلفة. هذه مشكلة موجودة فعلا في المجتمع وتؤلم القلب.

نصیحة للشابات والشبان الذین یحاولون أن یجدوا شریك حياتهم؟
كونوا على سجیتكم. ولا تحاولوا أن تغيروا من أنفسكم من أجل شخص ثانٍ، لأنكم إذا تصنعتم في بداية العلاقة، سیتحتم علیكم التصنع طوال حیاتكم. كونوا شخصكم المجنون والفرید.