شباب

صانع الأفلام الأردني مهند أبو رزق يحدثنا عن قصص الناس

"الناس لما تكون مسموعة بتحس حالها موجودة"
IMG-20210522-WA0009

كنت أتصفح يوتيوب خلال الأسبوع الماضي، وجذبني فيديو يحمل عنوان "سألنا غرباء عن أصعب كلمة قيلت لهم" ولفتت نظري بعض الإجابات الحقيقية والمؤلمة والتي لا نسمعها بهذه الصراحة والحميمية بالعادة. الفيديو الذي شاهدته كان واحد من سلسلة فيديوهات تسأل أشخاص من العالم العربي أسئلة عامة عن أجمل وأغرب ما حدث معهم أو أصعب أو أجمل كلمة قيلت لهم (كلمة بحبك لا يزال لها مفعولها) وغيرها من الأسئلة التي قد تبدو عادية ولكن الأجوبة تأخذك لمكان آخر. صانع هذه الأفلام وصاحب القناة المخرج الأردني من أصل فلسطيني  مهند أبو رزق، 28 عامًا.

إعلان

بدأ مهند بالعمل على هذه الأفلام القصيرة منذ أكثر من عام بقليل، بهدف جمع قصص الناس وايصال صوتهم: "كنت أنزل الشارع يوم بيوم وأذهب للأسواق والشوارع العامة وأتحدث مع الناس، هناك الكثير من التجارب والقصص العميقة التي شعرت بضرورة مشاركتها، الكلام الذي يقال لنا يغيرنا ويؤثر فينا ويبقى في الذاكرة. أردت رواية هذه القصص لأنها تستحق أنها تنحكى لأنها مليئة بالعبر، فإذا كنا نستفاد الكثير من كتاب صغير فما بالنا بقصة حياة لكل شخض فينا."

 يضيف مهند أنه توقع أن جمع القصص سيكون صعباً، ولكنه فوجئ برغبة الناس في الحكي: "الناس لما تكون مسموعة بتحس حالها موجودة. أغلب الأشخاص لا تكون لديهم الرغبة في الإجابة على أسئلة عامة، ولكنهم يصبحون أكثر انفتاحَا عندما يتم سؤالهم عن أنفسهم وقصصهم وتجاربهم الشخصية."

يستعد مهند للعمل على هذه الفيديوهات بتجهيز الأسئلة التي سيسألها للناس، واختياره لهذه الأسئلة هي في الغالب محاكاة لـفيديوهات عالمية تم تنفيذها، ولكنه يعد ما يُشبه النسخة العربية منها ويرى كيف سيجيب العرب على نفس الاسئلة، بعض الاسئلة والاقتراحات تكون من المتابعين.

ينزل مهند الشارع ويختار أماكن مختلفة ويختار بعض الأشخاص عشوائياً بعد أن يتأكد من رغبتهم في المشاركة، وحتى بعد الموافقة والتصوير، يتأكد مهند من رغبة الشخص في نشر ذلك: "ما نشرته من قصص الأسرار لا يتعدى الـ5% من القصص الفعلية التي جمعتها، هناك عدة عوامل تقرر ما الذي يخرج للجمهور بالنهاية." ويشير مهند إلى أن النساء هن من الغالبية التي ترفض أن المشاركة خاصًة في التصوير: "السبب معروف إذ أن في ثقافتنا العربية لا تجعل مقابلة فتاة في الشارع والتحدث معها أمرًا سهلًا."

يقول مهند أن الاسئلة ليست صعبة ولكن الإجابة عليها هو الذي ربما يكون صعبًا لأننا بالعادة لا نفكر بها: "صنعت فيلمًا عن سؤال أول حب في حياتك، حدثني رجل عجوز عن قيامه في شبابه بغناء أغاني أم كلثوم بجانب بيت حبيبته بصوت عالي، ورغم أن يعلم أن صوته لم يكن جميلاً، إلا أن محبوبته كانت تقول له أن صوته جميل، وكان هذا حبه الأول. وهناك شخص سألته عن أجمل كلمة سمعها، وقال أنها "روح الله يريح بالك" كنت أمر بحالة نفسية صعبة، وهذه الكلمة كان لها أثر إيجابي كبير عَلي. الاسئلة الحساسة مثل فيديوهات سألنا غرباء عن أكثر أسرارهم المؤلمة والصعبة، وأصعب لحظة عشتها بحياتك لا تكون الإجابة عليها بسيطة وكثيرًا ما تكون الأجوبة صادمة؛ لهذا أصنع فيديوهات بمقاطع صوتية ومشاهد تمثيلية عوضًا عن الأشخاص الحقيقيين."

يدرك مهند أن التجربة ليست سهلة وأنها وعته هو وكثيرين من المتابعين بأهمية الصحة النفسية، وهو يعمل حاليًا مع بعض المبادرات التابعة للصحة النفسية في الأردن. صور مهند هذه القصص في الأردن ومصر، ولكنه يخطط لجمع قصص من الوطن العربي بأكمله، خاصًة بعد التفاعل الكبير الذي لاقاه محتواه، "بهمني أسمع كل حدا." 

لا يحدد مهند وقت لانتهاء العمل على السلسلة ويترك الأمر للظروف: "لم أشعر بالضجر بَعد، متعة التواصل الإنساني البسيط لا شيء يضاهيها بالنسبة لي، وحتى بعد جمعها، تنقيحها ونشرها أشعر بالسعادة كذلك."