كانت أصوات الموسيقى عالية داخل صالة العشاء في أحد المطاعم العائمة بمنطقة المعادي، خارج الصالة كانت هناء مصطفي أو "هنا شو" تستعد لتدخل تؤدي استعراضها كأول راقصة تنورة في مصر بالإضافة إلى عملها كمدربة لرقص التنورة في مهرجانات الرقص المحلية (داخل مصر) والدولية.تعمل هناء داخل المطعم يوميًا حتى الساعات الأولى من صباح اليوم التالي، بالإضافة إلى المشاركة في الحفلات والمناسبات، ورغم تدريبها للعديد من الراقصات إلا أنها مازالت الراقصة الوحيدة لفن التنورة في مصر، لأسباب تراها هي إجتماعية. Vice عربية التقت هناء لتعرف منها كيف احترفت المهنة؟ ولماذا لا تقبل النساء على احتراف هذا الفن؟
إعلان
VICE عربية: كيف دخلتي إلى عالم التنورة؟ هناء: دخلت إلى عالم التنورة من خلال الفنون الشعبية، إذ كانت والدتي كانت تعمل في قطاع الملابس بمسرح البالون، وكنت أذهب معها للمسرح، فأحببت فن الاستعراض، وانضممت لفرقة الفنون الاستعراضية وأنا في عمر السادسة، وشاركت في العديد من المهرجانات الدولية كراقصة فنون شعبية". لاحقًا تعرفت على زوجي "محمود شيكو"، وهو راقص تنورة محترف، وقام بتدريبي وكان الحافز الأساسي لي، في المقابل كانت هناك فكرة أن قيام فتاة برقص التنورة أمر مستبعد ومستغرب في مجال الاستعراض، وهو ما استفزني لأحترف هذا الفن.كم استغرق تدريبك على رقص التنورة خاصة وأنها فن صعب؟
تدربت على يد محمود لمدة شهر واحد، وكان يؤدي استعراضات مع الفرقة التى أعمل بها، وبعد الاسبوع لم أكن قد تجرأت على رقص التنورة على المسرح بعد، وكان هو يؤدي استعراضه على المسرح، بينما أقف أنا في الكواليس وأرتدي الزي الصعيدي، فقام بجذبي من الكواليس أثناء الاستعراض وألقي لي التنورة ليكسر حاجز الرهبة من المسرح، فكانت رقصتي الأولى.هل تدربتي أثناء زواجك أم بعده؟
تدربت قبل زواجي بمحمود، وكانت التنورة هي السبب في حبنا لبعضنا البعض، ولكن أول رقصة لي كمحترفة كانت أثناء حملي بابني الأكبر، واستمر عملي كراقصة تنورة محترفة بعدها لمدة 13 عامًا.كيف كان استقبال من حولك للفكرة؟
أعتقد أنهم استهجنوا الأمر، فزملائي في فرقة الفنون الشعبية رفضوا تمامًا أن أرقص التنورة، وكان ردهم "إزاي بنت ترقص التنورة؟!"، ولكن رددت عليهم بأن أي رقصة يستطيع الرجل أدائها تستطيع المرأة أدائها أيضًا، فالفن ليس حكراً على جنس بعينه ومدربي الرقص الشرقي أغلبهم من الرجال.
إعلان
كيف تختارين الموسيقى/ الأغاني التي تؤدين الاستعراضات عليها؟
أرقص التنورة على أي نوع من الاغاني، شعبي أو صوفي، ولكن لكل مكان أغانيه، فإذا كنت أقدم استعراضي في مطعم أرقص على تواشيح وأناشيد صوفية، ولكن إذا كان الاستعراض في حفل زفاف فاستخدم أغاني شعبية، ولكن في كل الحالات فأنا أتفاعل مع الأغنية التى أرقص عليها، وتستحوذ على مشاعري بالكامل أثناء الاستعراض.كيف ينظر الجمهور لراقصة التنورة؟
البعض يشعر بالغرابة في البداية، ولكن في النهاية يعجبون بأدائي، خاصة وأنني أحاول طوال الوقت الحفاظ على الطابع الصوفي للتنورة خاصة في الاستعراضات في الفنادق أو غيرها، ويتحول الاستغراب والاستهجان إلى إعجاب بأدائي في النهاية، وتكون الجملة الشهيرة على لسان من يراني من الجمهور "بتعمليها إزاي أنا دوخت؟!"بالحديث عن الدوار، هل لراقص التنورة طقوس معينة يجب أن يقوم بها ليقاومه؟
التنورة رقصة مُتعبة، ولكن أصعب ما فيها هو الدوار المصاحب لها، وبسبب ذلك يمارس راقصي التنورة تمرين يسمي "كسر دوخة"، وهو تمرين يقوم فيه راقص التنورة بالدوران حول نفسه لمدة زمنية يوميًا ممكن أن تكون ساعة أو اثنين، ولكني لم أحتاج لهذه التمارين قبل ذلك، لأنني لا أشعر بالدوار من الأساس، كنت فقط أعاني من ضعف التركيز مع الحضور أثناء الاستعراض ولكن هذا انتهي مع الممارسة الطويلة للرقصة."هل يقتصر عملك فقط على المطاعم والحفلات؟
لا أنا المدربة الوحيدة لرقص التنورة في مصر، وشاركت في عدد من المهرجانات الدولية وسافرت عدد من الدول منها تركيا وقطر وسنغافورة وهونج كونج والامارات، ورغم أن تركيا هي أصل فن التنورة لكنني قدمت استعراضي هناك وحاز على رضا الجمهور، كما شاركت في الدورة الماضية من محكي القلعة.
إعلان
هل بين اللاتي دربتهن من احترفت رقص التنورة؟
للأسف احترفت فتاة واحدة فقط ممن دربتهن وكانت يابانية، أما البقية فلم يحترفن الفن.من وجهة نظرك، لماذا لم يحترف غيرك من المصريات التنورة؟
أعتقد أن السبب في صعوبة الفن، واستهجان أن تمارسه امرأة، ففي حالتي وجدت الدعم من زوجي وأسرتي، فأخي راقص فنون شعبية ويشارك باستعراضات في نفس المطعم العائم الذي أعمل به، ولذلك فهو يتفهم حبي لهذا الفن، خاصة وأن الصورة الذهنية للفنون الاستعراضية عموماً مازالت تحتاج إلى المزيد من العمل لتحسينها، فما بالك إذا كان الفن له أصل صوفي.هذا بالنسبة للمصريات، وماذا عن غير المصريات؟
للأسف فن التنورة الاستعراضية غير مشهور كفن مصري، ولكن المشهور التنورة المولوية التركية، والفن الاستعراضي المصري الأشهر في الخارج هو الرقص الشرقي، وهو ما يظهر في الإقبال على تعلمه بل واحترافه، والدليل على ذلك العدد الضخم من الراقصات الأجنبيات في مصر، ولذلك فالإقبال أكثر على تعلمه وليس تعلم أو احتراف التنورة.يتضمن زِي التنورة على العديد من القطع التى تستخدم في الرقصة، هل يمكن أن تستعرضيها لنا؟
التنورة أصلها "المولوية"، وزي التنورة في المولوية معروف وهو التنورة البيضاء والقميص والسروال، وكلهم باللون الابيض بالإضافة إلى الطربوش، ولكن في مصر تطورت التنورة من رقصة روحية إلى استعراضية ولذلك تغير زيها ليواكب الاستعراض؛ حيث يتكون الزي من جلباب طويل بأكمام، ويجب أن يكون له ذيل واسع، ثم الأرضية وهي قطعة كالتنورة النسائية من القماش المزخرف وتكون طبقة واحدة وواسعة من الذيل ليتم فردها أثناء الدوران، ثم الفانوس وهو مثل الأرضية ولكن من طبقتين، والثابتة وهي الجزء العلوي من الملابس بحمالات يتم تثبيت الفانوس والأرضية عليها، ثم العنتري وهو "الجاكيت" الذي يتم ارتداءه فوق الثابتة ثم غطاء الرأس المكون من طاقية وشال، بالإضافة إلى الدفوف.كيف تستخدمي الزي في الرقصة؟
في بداية الرقصة اعتمد على عمل أشكال بالدفوف ثم القيها للمساعد، بعدها أقوم بخلع "العنتري" وأقوم بطيه علي شكل مثلث أثناء الرقصة، ثم بعد ذلك أقوم باستخدام الفانوس، واقوم بعمل العديد من الاشكال منه، واستخدمه كشال للرأس كما ترتديه النساء في الارياف، ثم اقوم بخلعه أثناء الدوران، وأقوم بطيه على شكل طفل رضيع وألقيه للمساعد، وفي نهاية الاستعراض أقوم بخلع الشال والطاقية واستخدم شعري في الرقص على الطريقة الخليجية.هل هناك طقوس خاصة لتنفيذها قبل إنهاء الرقصة؟
رقصة التنورة كالسيارة بالضبط، لا يمكن أن ابدأ بسرعة عالية، وإنما بسرعة بطيئة تتصاعد تدريجيًا بعدها حتى تبلغ الذروة أثناء استخدام شعري في الرقص، ثم أقوم بجمع شعري أثناء الرقص وإبطاء سرعتي حتى لا أصاب بدوار إذا ما توقفت فجأة.هل تختارين الاغاني الخاصة بالرقصة لتناسب هذا الترتيب؟
بالطبع ففي بداية الرقصة أقوم باختيار الابتهالات ذات الايقاع البطيء، وفي المنتصف أقوم باستخدام الأغاني الشعبية ذات الكلمات الدينية كأغنية "مدد يا دسوقي" للمطرب محمود الليثي، لأن هذه الأغاني لها إيقاع سريع، ثم اختتم بابتهالات لها ايقاع بطئ مرة أخرى.حياة الفنان في الأغلب صعبة خاصة إذا كانت امرأة متزوجة ولها أبناء، كيف توفقين بين عملك وأبنائك؟
بالطبع أتلقي العديد من المساعدات في هذا الشأن مثل أي أم عاملة، فأمي تقوم برعاية الأبناء، خاصة في فترات السفر أو الانشغال بالعمل، ولكون زوجي مدربي فهو يتفهم طبيعة عملي ويساعدني على ترتيب وقتي مع أبنائي.