تلفزيون

آخر أولاد آل ستارك.. الحلقة الأكثر إحباطًا من "جيم أوف ثرونز"

قتل غير مبرر لأبطال رئيسيين، وخطأ إنتاجي قاتل وغير مسبوق منذ بدء "صراع العروش"
Screen Shot 2019-05-07 at 3
الصورة من HBO

حلقة جديدة أذاعتها شبكة HBO بالأمس من الموسم الثامن لمسلسل جيم أوف ثرونز، وبهذا يتبقى فقط حلقتان من الموسم النهائي للمسلسل الذي بدأت إذاعته منذ تسع سنوات.

هجوم شديد انطلق على الحلقة الرابعة التي وجد المشاهدين أنها مثل بقية حلقات الموسم الثامن، لا ترقى لمستوى كتابة المواسم الأولى من المسلسل، جراء بسذاجة وسطحية مستوى إدارة الأحداث، وأيضًا على مستوى المفاجآت التي ينتظرها المشاهدون من صناع المسلسل الملحمي طوال الوقت.

إعلان

البداية أقوى المشاهد
جاءت بداية الحلقة عبر أفضل مشاهدها، إذ تضمنت حرق من ماتوا في معركة الليل الطويل، فنرى دينيريس تودع جورا مورمونت بقبلة باكية، ونرى سانسا تودع ثيون وتشبك له دبوس يحمل شارة الذئب المميزة لعائلة ستارك في واحد من أفضل مشاهدها التمثيلية منذ البداية، وفي إشارة واضحة أن على الرغم من أخطاء ثيون السابقة؛ إلا أنه لا يظل ينتمي الى عائلة آل ستارك، نرى أيضًا جون سنو وهو يودع ليانا مورمونت أول من أعطته لقب ملك الشمال وأول من دعمته بفرسان جزيرة الدببة. نرى آريا وهي تودع بيريك الذي قام - حقًا قام - 19 مرة من موته كي يموت للمرة الأخيرة وهو ينقذها مصلوبًا بطريقته الخاصة، وأخيرًا نرى جريوورم وهو يودع جنود الآنساليد والدوثراكي كي يواجه مصيره في المعركة القادمة بنصف الجيوش التي فُقدت في الليل الطويل.

وعلى الرغم من قوة هذا المشهد، إلا أننا لم نحصل أبدًا على تفسير لعدم تكسير جثث الأموات الذين أحياهم النايت كينج مثل التنين مثلًا الذي تكسرت جثته عندما وضعت آريا خنجرها في قلب النايت كينج، ومثل باقي الوايت ووكرز الذين رأينا أجسادهم تنهار في لحظات. هل السبب أن الجثث المتكسرة هي تلك التي أحياها النايت كينج قبل أن يموتوا؟ ماذا عن فيسيريون الذي تحول بعد موته؟ لماذا لا يخبرنا كتاب المسلسل عن هذه التفاصيل ويتركوننا نتكهن بأشياء غير موجودة حتى في النص الأصلي؟ هل هم لا يعرفون الأسباب ويتأملون في عدم سؤال المشاهدين من الأساس أم أنهم يرون أننا لا نستحق هذه المعرفة؟

لم يحدث الكثير في هذه الحلقة التي بدأت باحتفالات الشمال بالخلاص من النايت كينج الذي استطاعت آريا ستارك أن تقتله في نهاية الحلقة الماضية وذكرتنا الأجواء الاحتفالية بالحلقات الأولى التي وصل فيها روبرت باراثيون الي وينترفيل كي يطلب مساعدة نيد ستارك بعد وفاة جون آرين. هذه المرة نرى الاحتفال ينقسم الى مجموعات، فهناك جون سنو الذي يحتفل مع سانسا وتورموند ورجال الوايلدلينجز، ونرى على طاولة أخرى بريان وتيريون وجيمي وبودريك يحتسيان الشراب في جلسة حميمية تشي بصداقات جديدة أقوى من ما سبق، نرى أيضًا آريا بالخارج الى أن ينضم لها جيندري ونرى ساندور كليجان ووجهه لا يزال ينطق بالملل والتأفف من الأجواء الاحتفالية ولا ينفرج إلا عندما تأتي سيرة آريا. في خضم كل هذه الأجواء تظهر دينيريس وحيدة ومنفصلة عن الجميع، لا يتحدث إليها أحد ويكاد لا ينتبه لوجودها الجميع، ونرى على وجهها علامات عدم الإرتياح التي قد تصل إلى الغيرة الشديدة من اهتمام الجميع بجون سنو الذي يكبر ولاء الجميع له يوم بعد يوم.

إعلان

انحيازات مختلفة
خلال الحلقة يظهر تحول كبير في انحيازات الجميع وخاصة فاريس وتيريون اللذان يدخلان في مناقشة مهمة عن مدى استحقاق دينيريس لحكم السبع ممالك، وفي حين يبدو تيريون مترددًا وكأنه يحاول إقناع نفسه بأحقية دينيريس كملكة تجلس على العرش الحديدي، يأتي فاريس متيقنًا أن جون سنو هو أولى بالحكم واللقب. تنبئ هذه المحادثة ربما بخيانة قادمة أو حتى بقتل دينيريس لأحدهما بتهمة الخيانة.

جاءت الحلقة متوقعة بدرجة كبيرة، وكان التمهيد للحالة العقلية غير المستقرة لدينيريس مبتذلًا بعض الشيء عندما يشير فاريس لها قائلًا أنه يشعر بالقلق إزاء استقرارها العقلي والنفسي، في إشارة ربما لأبيها الملك المجنون الذي كاد أن يحرق المدينة بما فيها عندما قتل روبرت باراثيون ابنه، ريجار تارجاريون، خلال الثورة المشهورة. ويأتي كل ذلك بشكل يتنافى مع تأكيد دينيريس طوال الوقت أنها تختلف عن أبيها، وأنها تريد أن تجعل العالم مكان أفضل. أما إذا كانت الإشارة هنا لحرقها لعائلة تارلي في الموسم الماضي وإصرارها على أنها أولى من الحكم من جون سنو الذي يمتلك أحقية أكبر للحكم بصفته ابن ريجار تارجاريان وبصفته أيضًا يأتي قبلها في سلسال الحكم، إلا أن هذا لا يعطي إشارات مؤكدة بجنونها المنتظر أو يبرر عدم ثقة سانسا وفاريس في كونها تستحق أن تكون ملكة السبع ممالك. هذه التفاصيل التي لم يبذل فيها الكتاب مجهود كاف في الكتابة هي على الأغلب ما يجعل المشاهدون في حالة من الغضب بعد كل الأحداث التي سردها جورج مارتن في كتابة وحولها الكتاب الى الملحمة التي رأينها في المواسم السابقة.

فلنقتل شخصيات أكثر
من الغريب أيضًا أن يصر الكتاب على قتل شخصية أو اثنتين في كل حلقة، ومن الأغرب أن يقوموا بالتضحية بريجال التنين الثاني من أصل ثلاثة بهذه السهولة بعد أن مرا بأحداث ربما أكثر عنفًا من مجرد سهم يأتي بشكل عارض كي يقطع رقبة أحدهما. أيضًا من أعجب ما يكون أن نرى دينيريس تطير على ظهر تنينها المفضل دروجون ولكنها لا تستطيع أن ترى سفينة يورون جريجوي في المياه على الرغم من تميزها بالموقع الأكثر استراتيجية في الجو. بالفعل هناك قدر غير عادي من السذاجة أو فلنقل "الكروتة" في هذا الإصرار على التضحية ببعض الشخصيات دون مبررات حقيقية، وكأن صناع المسلسل يحاولون السير على خطى الكاتب جورج مارتن الذي لم يلتفت أبدًا الى رغبات القراء أو المشاهدين أثناء التضحية بشخصياته التي لم تأت أبدًا ضمن رغبات المعجبين مثلما يفعل دافيد بينيوف ودي بي ويس. وبمناسبة رغبات القراء التي تضمنت الخط العاطفي بين آريا وجيندري أو مقابلة آريا لذئبتها نيميريا في الموسم الماضي أو حتى قصة الحب غير المكتملة بين بريان وجيمي لانيستر، فعلى الرغم من تحقيق الكتاب لهذه الرغبات إلا أن هذا أصاب المشاهدين بكثير من الإحباط عندما لم تخدم الكتابة هذه الخطوط الدرامية وظهرت فقط بشكل سطحي وممل وغير مؤثر.

إعلان

جوست وإنكار الجميل
أصيب القراء بغضب شديد عندما قرر جون أن يترك ذئبه في الشمال كعلامة لأنه يتخلص من انتمائه الى آل ستارك – حتى وإن كانت أمه هي ليانا ستارك على الرغم من كل شيء – دون أن يعطيه ما يستحق من وداع وظهرت عشرات المنشورات الغاضبة التي تلوم جون وصناع المسلسل لعدم اهتمامهم بالقدر الكافي بشخصية أساسية ظهرت منذ الموسم الأول، بل وأهملوها بشكل ملحوظ وسيء دراميًا في الحلقات الأولى من الموسم الثامن، إلى أن ظهر الوداع فاترًا وباردًا ولا يليق أبدًا بدور جوست طوال أحداث المسلسل. وإن كان بينيوف وويس وجون سنو لم يهتموا بالذئب الأبيض العملاق الاهتمام الكافي ربما لارتفاع تكلفة الجرافيكس في المسلسل، فله منا تحية عريضة، هذا الذي حارب مع جون سنو معظم معاركه ولم يفارق مرقده عندما خانه الجميع الى أن قام من موته ليستكمل خطه الدرامي.

جيمي لانيستر – خيانة جديدة أم تحول في الأحداث؟
مزيد من الإحباط يأتي على يد جيمي لانيستر الذي يقرر فجأة أن ينضم الى سيرسي من جديد ويترك بريان والشمال بأكمله ممتطيًا حصانه الى العاصمة. وفي الحقيقة لا أعرف إن كانت الكتابة ضعيفة لدرجة لا تجعل المشاهد متيقنًا من ضعفه المفاجئ تجاه سيرسي، أم أن الحوار جاء مبهم وغامض كي نتوقع أنه سيقوم بقتلها في اللحظة المناسبة. المهم أن التطور الشديد في شخصية جيمي لانيستر الذي بدأت به أحداث المسلسل وهو حائز على جائزة أكثر شخصية مكروهة في العالم وتطورت وتغيرت موسم بعد الآخر الى أن أصبح الشخصية المفضلة للكثيرين، يمر اليوم بوعكة شديدة ونحن لا نستطيع التيقن إن كان كل هذا المجهود في الكتابة قد ذهب هباءًا أم أنها خدعة جديدة من الكتاب. وفي الحقيقة في الحالتين، جاء مشهد رحيل جيمي محبطًا وضعيفًا ولا يليق بالشخصية الأكثر تعقيدًا في المسلسل بأكمله.

إعلان

كوارث إنتاجية
وعلى نفس القدر من الإحباطات المتوالية، ظهر جليًا للمشاهدين كوب ورقي من أكواب قهوة ستاربكس المشهورة أمام دينيريس على الطاولة وداخل قلعة وينترفيل بالشمال في ويستيروس، العالم الذي بالتأكيد لا يحتوي على ستاربكس والذي أصاب الجميع بصدمة كبيرة في صناع المسلسل. ليس من المعقول أن ننتظر سنتين لمشاهدة الموسم النهائي من لعبة العروض لنجده ليس فقط على قدر ليس قليل من الكتابة الضعيفة، بل أيضًا كي تظهر لنا أخطاء إنتاجية لا تغتفر على الشاشة. ولكن في نفس الوقت، وفي محاولة لتجاوز الموقف المحرج، قام أصحاب الحساب الرسمي للعبة العروش على تويتر بالمزاح على هذا الخطأ قائلين "ظهور كوب القهوة في وينترفيل كان خطأ، فدينيريس كانت قد طلبت من ستاربكس كوب من الشاي بالأعشاب". لم يُنهي رد فعل صناع المسلسل موجة الغضب التي جاءت من المشاهدين الذين إن قرروا أن يتسامحوا مع الخطأ الإنتاجي، إلا أنهم بالتأكيد لم يتسامحوا مع أخطاء الكتابة التي جاءت ساذجة ومحبطة في أوقات أخرى. يقول جندري لآريا "لم أعد جندري ريفرز وأصبحت لورد جندري باراثيون"، دون أن ينتبه الكتاب أن لقب "ريفرز" يحصل عليه اللقطاء من منطقة ريفرلاندز الخاصة بعائلة التاليز، وأن الصواب هنا أن يكون لقب جندري هو "ووترز" بصفته كبر في كراونزلاندز ولا يعرف نسبه الحقيقي، أما إن كان يعرف أنه ابن روبرت باراثيون فلقبه الصحيح هو "جندري ستورم" نسبة إلى ستورملاندز، ولكن يبدو أن صناع المسلسل قد نسوا كل ما كتبه جورج مارتن منذ البداية ولم يراجعوا دروسهم جيدًا قبل أن يبدأوا في كتابة الموسم النهائي للمسلسل.

كليشيهات
تضمنت الحلقة الكثير والكثير من الكليشيهات، فنجد جيمي يطرق باب غرفة بريان وهو يحمل زجاجة من النبيذ ثم يتحجج بحرارة الجو كي يخلع قميصه في لقطة ساذجة للغاية قبل أن يمارسا الجنس، أما آريا فقامت بمشهد أكثر سذاجة وهي تخبر جندري عن رفضها لعرض الزواج الذي قدمه لها في لقطة رأينا الكثير مثلها في أفلامنا العربية، قائلة أن أي فتاة تتمنى الزواج منه ولكن المشكلة منها وليست منه.

إعلان

هذه جمل نسمعها في أفلامنا العربية الرديئة ومن العيب – كل العيب أن تكون جزء من حوار في لعبة العروش الذي كان أهم ما يميزه هو ذكاء الحوار واختلافه وابتعاده عن التقليدية التي غرق فيها في الموسم الأخير. جاء الحوار بين جون ودينيريس منبطح وسخيف أيضًا، فنراها تتطلب منه بكل بجاحة أن ينسى ما قاله عن حقيقة مولده وأن يعدها ألا يخبر أي شخص بهذه الحقيقة التي تهدد سعيها وراء الحكم. هذا السعي الذي أصبح فجأة رغبة مجنونة في الحكم تظهر في أكثر من موقف. أما السر الذي أصبح مجرد معلومات مثل ما قال فاريس، فقررت سانسا في لحظات أن تخبر به تيريون الذي أخبر به فاريس لتصبح المعلومة التي أخفاها نيد ستارك عشرات السنين مشاعا في غمضة عين.

وداعًا ميساندي، وداعًا ريجال
أتى مشهد نهاية الحلقة في نظر الكثيرين جيدًا وصادمًا بعض الشيء، فقد أعطت سيرسي الأمر للماونتين بقطع رأس ميساندي أحد أهم الشخصيات في حياة دينيريس في لقطة ظن البعض أنها لن تحدث، بعد أن قام تيريون بمنتهى السذاجة بمخاطبة الجانب الإنساني غير الموجود في سيرسي والذي ردت عليه بقطع رأس الفتاة الحسناء بعد أن كانت كلماتها الأخيرة "دراكاريس" والتي ربما تكون المقابل للكلمات الأخيرة للملك المجنون "احرقهم جميعا" أو Burn them all. ربما يكون هذا المشهد هو الخط الأخير الذي يفصل بين عقلانية دينيريس التي نراها على المحك ويجعلها تفقد الشعرة الفاصلة بين التعقل والجنون وهذا ما سنراه في الحلقة القادمة، هل تنتقم لموت تنينها المفقود والذي يتركها فقط مع دروجون؟ هل تنتقم لكل من رحلوا من ناصحيها ومحبيها وآخرهم ميساندي التي ماتت دون مقدمات وبسهولة قاسية وتقوم بحرق الأخضر واليابس كي تحصل على رأس سيرسي أم تتعقل وتختار جانب الصواب الذي يوفر الكثير من دماء الأبرياء وتسيطر على غضبها الجامح الذي ظهر جليًا في الحلقة الماضية؟

إعلان

التقييم الأسوأ
وبجملة الإحباطات حصلت هذه الحلقة على التقييم الأسوأ في الموسم الثامن، وربما منذ بداية مسلسل جيم أوف ثرونز على موقع IMDB الذي أعطاها 7.1 الأمر الذي لم يحدث في تاريخ المسلسل منذ بداية عرضه. ربما يأت التقييم بهذا السوء بسبب الكتابة الساذجة أو الخطأ الإنتاجي المشين الخاص بكوب ستاربكس أو ببطء الأحداث أو حتى بسطحية الحوار بين الأبطال، مما يجعل المشاهدين ينتظرون بسقف توقعات أقل الحلقتين القادمتين الذين سيسطرون نهاية هذه الملحمة الطويلة وفقط ببسيط من الأمل ألا يفسد الكتاب الحاليين للمسلسل ما تبقى من ذكريات طيبة تراكمت لديهم منذ الموسم الأول. ننتظر أيضًا وصول آريا – البطلة الأولى لهذا الموسم وقاتلة النايت كينج والشخصية الأكثر إثارة للإعجاب – الى العاصمة في صحبة ساندور كليجان لنرى معركتين طال انتظارهما منذ البداية، فقط نأمل في كليشيهات أقل وحوار أذكى وبعضًا من بقايا الكتابة الجيدة.

يمكنكم الاطلاع على مراجعات الحلقات السابقة:

الحلقة الأولى:

الحلقة الثانية:

الحلقة الثالثة:

تابعوا دنيا كمال على تويتر DoniaKamal@