Saudi Freedom

Ahmed Carter on Unsplash

مجتمع

نساء سعوديات يتحدثن عن التغيير الذي سيطرأ على حياتهن في حال إلغاء نظام الولاية

أريد قانوناً يحميني ويحمي كرامتي كإنسانة قادرة على التحكم بحياتي وخياراتي

"مجرد القول أنني ذاهبة إلى السينما بسيارتي، هذه الجملة لوحدها قد تختصر حجم التغييرات التي شهدتها السعودية في الفترة الأخيرة،" تقول لي واحدة من صديقاتي عندما سألتها عن كيف تغيرت حياتها كمرأة سعودية. شهدت المملكة العربية السعودية خلال السنوات الماضية الكثير من التغييرات ضمن رؤية 2030 التي أطلقها ولي العهد محمد بن سلمان، بدأت بتقييد عمل "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" ورفع الحظر عن قيادة المرأة للسيارة، وإعادة فتح دور السينما والسماح للعديد من التظاهرات الفنية والموسيقية لأول مرة منذ عقود.

إعلان

على الرغم من أهمية هذه القرارات الأخيرة، لا تزال المرأة السعودية في انتظار الكثير من الحقوق أهمها ربما إنهاء نظام ولاية الرجل على المرأة والذي يحتم على هذه الأخيرة أخذ تصريح من ولي أمرها إذا أرادت السفر أو الزواج أو الدراسة في الجامعة أو حتى الحصول على رعاية صحية وفتح حساب بنكي. ولكن يبدو أن هذا النظام في طريقه أيضاً للزوال بعد نشر صحيفة عكاظ خبرًا جاء فيه إنه يجري دراسة مشروع قانون يشير بأنه "لا ولاية على القاصرين في الـ 18 قريبًا."

صدور هذا الخبر تتأمل النساء السعوديات أن يكون البداية لإلغاء نظام الولاية ككل. "إسقاط الولاية لي معناه الأمان والحرية. كفتاة بالغة بشهادة جامعية يمكنني أن أسعى لتحقيق أحلامي وطموحاتي وأنا أعلم أنني محمية، لأن القانون سيكون بجانبي،" تقول مشاعل، 25 عامًا، خريجة جامعية، عاطلة عن العمل: "نحن كنساء سعوديات قادرات على التحكم بحياتنا بكافة تفاصيلها، ولا نحتاج إلى ولي أمر".

في الكثير من الحالات، سيتسبب إلغاء نظام الولاية في حماية الفتيات والنساء السعوديات من العنف والظلم الواقع عليهن من قبل العائلة وأولياء الأمر، حيث يشير مراقبون أن إسقاط ولاية الرجل عن المرأة أصبحت أولوية للحكومة بعد لجوء بعض السعوديات إلى الهروب من ذويهم كما الحال مع الفتاة رهف القنون، التي فرت من المملكة حصلت على لجوء في كندا، وأخريات غيرها.

الفكرة لوحدها من قانون الولاية يجعلني أشعر أنني أقل، ولا أستحق، وانني غير قادرة على اتخاذ أي قرار مصيري

"أؤمن أن حياتي ستتغير كليًا في حال تم إسقاط نظام الولاية،" تضيف مشاعل: "في حالتي، لدي أب مسيء وعنيف ولديه السيطرة التامة على كل تفصيل في حياتي تقريبًا. بإمكانه تهديدي وابتزازي والتلاعب بي، وكل هذا لأن لديه الحرية والضوء الأخضر قانونيًا وإجتماعيًا. حينما يتغير هذا كله، سأكون قادرة على حماية نفسي وكرامتي ومستقبلي. سأتمكن من السير إلى الأمام وأنتج وأضيف شيئًا إلى هذا العالم الذي أعيش فيه."

إعلان

تتفق مها، 27 عامًا، التي تعمل في شركة تستورد منتجات طبية، مع مشاعل على أن إسقاط الولاية سيغير حياة النساء السعوديات للأفضل: "هناك كثير من الفتيات اللواتي يعشن في بيئة منزلية غير منصفة، ولا أحد يستطيع مساعدتهن، وهذا أمر سيء وغير عادل"، تقول مها وتروي لي تجربتها مع ولي أمرها: "مثال بسيط على ذلك، أردت مرة أن استلم جواز سفري بعد تجديده، لكنهم أخبروني أنه لابد من ولي الأمر لتوكيل استلام جوازك وهذا يعني أن علي أطلب من والدي الذهاب معي والتعامل مع عصبيته، لكن عندما صدر خبر لا ولاية على القاصرين شعرت أن الأمور في طريقها للتغير".

سألت مشاعل عن التغييرات التي ستطرأ على حياتها في حال تم إلغاء أو تعديل نظام الولاية، وأجابت بكل ثقة: "أريد قانوناً يحميني ويحمي كرامتي كإنسانة قادرة على التحكم بحياتي وخياراتي. ببساطة، ما أريده هو أن يُعترف بي القانون كمواطنة لها حقوق وواجبات. الإعلان عن أنه لا ولاية على القاصرات في الـ 18 وما سيتبعه من قرارت خاصة بنظام الولاية، حسب ما أتوقع، سينقذ الملايين من النساء، ولا يوجد شيء في العالم سيسعدني أكثر من معرفة أن الكثير من النساء سيشعرن بالأمان والكرامة".

رغم اختلاف الظروف العائلية والاجتماعية للفتيات اللواتي تحدثت معهن، إلا أن جميعهن يتفقن على أن الحياة تحت ولي الأمر ليست ممكنة. كوثر، 24 عامًا، طالبة في مجال إعادة تأهيل الحياة البرية، تقول أنها تزوجت من رجل "لا يطيق فكرة الوصاية" بعد عيشها تحت ولاية والدها: "والدي كان متحكمًا بي بطريقة لا تصدق، الوصاية أعطته الحرية الكاملة للتحكم بحياتي."

أستطيع أن أقول أن المستقبل يبدو ورديًا، حياتي ستسير بشكل طبيعي أقرره أنا، بدلاً من أن تكون في يد شخص/رجل آخر

إعلان

كوثر، أو "كوثر بنت نفسها" كما تقول، تدرك أنها محظوظة بالامتياز حيث أنها تعيش "كأن ليس لديها وصي" إلا أن عليها وزوجها التعامل مع الواقع: "في نهاية اليوم، أكره أن القانون يسمح للزوج أن يلغي سفر زوجته في أي وقت مثلاً. الفكرة لوحدها من قانون الولاية يجعلني أشعر أنني أقل، ولا أستحق، وانني غير قادرة على اتخاذ أي قرار مصيري."

"في حال تم إسقاط الولاية، فهذا سيعني كل شي للكثير من النساء. لانهن سيدركن أن يستحقن أن يكون لديهن الحق في تحكم تام بحياتهن في كل النواحي إذا أردن ذلك. أؤمن أن كل امرأة تستحق ذلك عندما تبلغ عمر الثامنة عشر أو 21،" تضيف كوثر: "أتمنى أن يساعد القرار الجديد النساء السعوديات على أن يكن مستقلات، وأن يكون لديهن الخيار أن يعيشن مع أهلهن أو أن يعيشن لوحدهن، أن يتزوجن من يريدن. أعتقد أن هذا القرار سوف يجعل الأهل متفهمين أكثر، لأن المسؤولية ليست عليهم لوحدهم. وسيقلل من حالات الاكتئاب لدى الفتيات ومحاولات الانتحار والهروب.“

المستقبل يبدو أجمل ومليء بالفرص، كما تقول مها: "لا أستطيع أن أصف فرحتي في حال تم إلغاء نظام الولاية، وأعتقد أنه شعور تشاركني فيه الكثير من النساء. أستطيع أن أقول أن المستقبل يبدو ورديًا، حياتي ستسير بشكل طبيعي أقرره أنا، بدلاً من أن تكون في يد شخص/رجل آخر."

رفال، 25 عاماً، التي تعمل موظفة في عيادة، تقول أن قرار إلغاء الولاية على القاصرين سيعني المزيد من الفرص للنساء لإتباع أحلامهن وشغفهن. "أعتقد أيضًا أن تغيير هذا النظام سيجعل كمجتمع أكثر احتراماً للاستقلالية. أنا شخصيًا، عائلتي منفتحة جدًا، لن يتغير الكثير بالنسبة لي، سوى أنني لن أضطر قانونيًا أن أطلب من أبي أو أخي أن يكون وصيًا علي في التفاصيل اليومية. ما أريده هو أن يكون القانون داعماً للمرأة وأن يلهم الفتيات والنساء لاتباع طريقهن الخاص وأن لا يفكرن مرتين في حال أردن الحصول على جواز للسفر للدراسة بالخارج أو حتى فقط السفر لتجربة شيء جديد".

وتنهي كوثر كلامها بالحديث عن شكل المستقبل الذي تتخيله بدون وصاية: "سيكون المستقبل أجمل بدون رجل يخبرنا برأيه في كل شيء ويحدد لنا ما هو "الصح" فيما يتعلق في أمور الحياة. المستقبل سيكون مليئًا بالنساء المستقلات القويات اللواتي سوف يغيرن من طريقة تعامل الرجال معهن، حيث سيضطر الرجال أن يعملوا جاهدين لكسب إحترام و قلب المرأة. لن يوجد نساء محبوسات بزواج غير مناسب، بل سيكون بإمكانهن ترك أزواجهن وطلب الطلاق عندما تصبح العلاقة الزوجية عنيفة مثلاً".