نزار مقبل: لطالما سُمي بلدي باليمن السعيد. نشأت وترعرعت وهذا الاسم محفور في عقلي وظلت هذه التسمية ترافقني في جميع تفاصيل حياتي، إلى أن جاءت الحرب، ولم يعد بلدي ينام إلا على أصوات المدافع وفوهات البنادق، فتلاشى الاسم الذي كان يعكس الصورة الجميلة في مخيلتي، واشتركت وسائل الإعلام في تهشيم هذا الاسم وأخذت عدساتها تسارع لنقل أبشع الصور تاركة وراءها صورة حرب فقط عن هذا البلد. لهذا قررت التوجه للتصوير؟
لقد شعرت أنني طيلة أربع سنواتٍ من الحرب، كنت كالمتفرج الذي إعتاد على مشهد الحرب. الدمار والبشاعة قتلت الجمال. ولكن في شهر فبراير 2019 قررت عمل شيء آخر عدى أن أبقى متفرجاً، وبدأت بممارسة التصوير في محاولةٍ مني لنقل كل تلك التفاصيل اليومية والأحداث التي نعيشها كيمنيين، وأن أحيي من جديد مسمى اليمن السعيد في البلد الذي إعتاد الناس فيه على الحرب. نعم، الحرب هي التي جعلتني أدخل عالم التصوير.لماذا اخترت التصوير بالهاتف؟
في ظل الوضع السياسي، حمل كاميرا وتصوير الناس هو أمر خطير نوعاً ما، لأنه من الممكن أن يتم احتجازك ومصادرة كاميرتك لأسباب أمنية، ولكن لم أجعل هذا الأمر يعيقني، ودائماً ما أغامر بالتقاط صور بواسطة كاميرا الهاتف. نحن كفنانين ومصورين يمنيين لا نجد الكثير من الفرص لعرض الواقع ومشاركة أعمالنا، ولكننا نسعى دائماً إلى خلق الفرص، لقد وجدت بكاميرا الهاتف طريقاً لاظهار ما يمثله اليمن من قصص وصور لم تخرج بعد إلى النور، وطريقة لإخبار العالم أننا مازلنا نحاول أن نبقى بخير.
ابتسامة مشرقة لأحد البائعين الصغار في السوق. صنعاء القديمة، نوفمبر 2020.
إمرأة تجلس مع احفادها. صنعاء القديمة. مايو 2019.
لكل مصور رؤيته ونظرته الخاصة في اختيار الأماكن أو الأشخاص لالتقاط صور لهم بزوايا تُعبر عن منظورهم الفني. بالنسبة لي، الموضوع تلقائي، ألتقط اللحظات التي اتصلت تفاصيلها بجزء مني، لاسيما في تصوير "حياة الشارع" التي من الصعب فيها تكرار اللحظات والأحداث التي تتشكل في ثوان. في الحقيقة عندما أصور حياة الشارع، كل ما أريده هو أن أنقل القصة التي لامستني ورأيتها بمنظور مختلف.واحدة من الصور التي إلتقطتها خلال شهر رمضان الماضي في صنعاء القديمة، كانت صورة تجمع عدد من الأطفال في أحد الأحياء التي يعملون بها لأخذ قسطٍ من الراحة. هؤلاء الأطفال يعملون يومياً بعد من الساعةِ الثانيةِ عشرة ظهرًا حتى السادسة مساءًا، يقومون بتحميل ونقل بضائع المتسوقين من السوق إلى خط السير العام. ويجني كل واحد منهم مئة ريال (أقل من نصف دولار) من كل زبون جزاء ذلك. وعلى الرغم من الوضع الصعب، تجدهم تبادلون النكات والضحكات، كأي أطفال في عمرهم، في أي مكان في العالم. روحي هي التي ترشدني لالتقاط هذه القصص.
أطفال يأخذون إجازة قصيرة من العمل. صنعاء القديمة. مايو 2019.
هناك كل شيء، السعيد والمأساوي، هناك صور تعكس الشعور المتبلد الذي ألقت الحرب ظلالهِ على حياة الناس، وأخرى تنقل تفاصيل الحياة اليومية الممزوجة بمحاولات التعايش مع الوضع والتكيف معه، وصور أخرى تعكس نظرة مستقبلية لما ستبدو عليه اليمن عندما تنتهي الحرب.يمكنك مشاهدة المزيد من صور نزار هنا.
جزء من عادات الاعراس في اليمن، إقامة "الزفة" في الشارع، أمام بيت العريس بالتحديد، وكان هذا الزفاف في أحد شوارع العاصمة. صنعاء. أكتوبر 2019.
هكذا قضى هذا الرجل عيد الأضحى الماضي. صنعاء، أغسطس 2020.
صورة لأحد الأطفال من بائعي الثوم. صنعاء القديمة. نوفمبر 2020.
هكذا حاول صاحب الالعاب أن يُحيي الشارع الذي دُمر تماما في أحد أحياء محافظة تعز. يناير 2021.
رجل ينام على رصيف أحد البنوك في اليمن. بسبب الدمار الذي سببته الحرب لمنازلهم وأعمالهم، لم يعد لدى كثيرين مأوى سوى أرصفة الشوارع. ديسمبر 2019.
صورة لصديقين في إحدى أزقة صنعاء القديمة. يوليو 2019.
كنت أتجول في أزقة صنعاء القديمة التاريخية وشدني هذا الرجل الذي يحاول الثبات في كل خطوة بسبب ثقل ما يحمله على ظهره. يوليو 2020.