سياسة

ماذا نعرف عن خطة إخلاء عائلات فلسطينية قسراً من حي الشيخ جراح في القدس

بموجب القانون الدولي، لا يمكن لدولة محتلة أن تطرد قسرًا سكان الأراضي المحتلة
silwan-1615885070

منى الكرد، من سكان الشيخ جراح، ومن العائلات المهددة بالإخلاء القسري. الحق

يواجه العشرات من الفلسطينيين مصادرة وشيكة لمنازلهم في حي الشيخ جراح بالقدس الشرقية المحتلة، حيث أمرت إسرائيل ست عائلات فلسطينية بمغادرة منازلها في الشيخ جراح في 2 مايو لإفساح المجال للمستوطنين اليهود استنادًا لما أقرت به المحكمة المركزية في القدس. بعد التماس قدمته عائلات مقدسية ضد إخلائها من منازلها يوم الأحد، قررت المحكمة إعطاء العائلات المقدسية أصحاب البيوت، والمستوطنين "مهلة" للتوصل إلى اتفاق في ما بينهم بخصوص أوامر إخلاء البيوت، حتى يوم الخميس المقبل.

إعلان

يقع حي الشيخ جراح على منحدرات جبل المشارف شمال البلدة القديمة، ويقطنه أكثر من خمسة الآف فلسطيني، وجميعهم هجروا من بيوتهم بعد حرب عام ١٩٤٨. ويواجه 500 من السكان خطر التهجير من بيوتهم للمرة الثانية.

وقد أطلق نشطاء حملة على الانترنت تحت هاشتاغ أنقذوا حي الشيخ جراح، وذلك للمساعدة في إنقاذ السكان الذين يعيشون في الحي منذ عقود من" التهجير القسري" وتوليد ضغوط سياسية دولية.

كيف بدأت القضية؟
انتقلت عدد من العائلات المهجرة إلى الشيخ جراح في عام 1956 بعد أن قامت الأردن التي كان لها تفويض على الجزء الشرقي من القدس ببناء مشاريع سكنية لهم هناك بهدف إيواء 27 عائلة مهجرة في "كرم الجاعوني" وقد تم الإتفاق بين الأردن ووكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) على حصول العائلات على المنازل مقابل التنازل عن صفة اللاجئ لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وبعد ثلاث سنوات ستنقل الحكومة الأردنية صكوك الملكية إلى العائلات بحيث تصبح ملكية العقار ملكهم بشكل تلقائي. ولكن بعد حرب عام 1967 وسيطرة إسرائيل على الجزء الشرقي من المدينة لم يتم تُسجّيل ملكية البيوت والأرض بأسماء هذه العائلات.

بعد احتلال القدس، قامت جمعيات إستيطانية بتقديم طلبات للمحاكم الإسرائيلية لإخلاء بعض الأهالي من بيوتهم بادعاء ملكيتهم للأرض (حوالي 18 دونماً)، ومنذ ذلك العام توالت جلسات المحاكم الإسرائيلية، والتي جاءت قراراتها لصالح المستوطنين ولم يتم النظر في طلبات السّكان الفلسطينيّين لإثبات الملكيّة.

ويرى خبراء قانونيون أن هناك تمييزاً قانونياً ومؤسساتياً في التعامل مع أصحاب الأرض من الفلسطينيين. في عام 1972 سنت إسرائيل قانوناً ينص على أن اليهود الذين فقدوا ممتلكاتهم في القدس الشرقية عام 1948 يمكنهم استرداد ملكيتها، في المقابل سنت إسرائيل عام 1950 قانون أملاك الغائبين الذي يحظر على الفلسطينيين الذين تم تهجيرهم من إسرائيل عام 1948 استعادة أي من بيوتهم وأراضيهم وممتلكاتهم.

إعلان

ما هي الادعاءات الإسرائيلية؟
تدعي جمعيات استيطانية أن بعض الأراضي في حي الشيخ جراح يملكها يهود منذ عام 1875 خلال العهد العثماني، وادعت هده الجمعيات أن بحوزتها وثائق تثبت ذلك. ولكن خليل توفكجي-رسام خرائط فلسطيني وخبير في شؤون القدس- قال أن هذه الوثائق مزورة، وأشار إلى أنه سافر إلى أنقرة عام 2010 للبحث في أرشيفات العهد العثماني وعثر على وثائق تنفي أي ملكية يهودية لكرم الجاعوني، وعرضه على المحكمة الإسرائيلية ولكنها رفضتها على الفور. كما اكتشف أيضًا أن الكنيست الإسرائيلي أصدر مرسومًا في عام 1968 موقعًا من قبل وزير المالية آنذاك، ينص على التزام إسرائيل بالاتفاق المبرم بينها وبين الأردن والأونروا، وقام بتقديمها للمحكمة العليا في القدس نيابة عن العائلات الفلسطينية.

وكانت جمعية "نحلات شمعون" الاستيطانية قد عرضت على المحكمة "صفقة" لأصحاب المنازل المهددة بالاخلاء في الشيخ جراح، تقضي بأن توافق على تسجيل البيوت لأصحابها كـ"مستأجر محمي" لكن شريطة أن يعترف أهالي الشيخ جراح بملكية الأرض للمستوطنين، وهو ما ترفضه العائلات المقدسية.

ماذا عن الموقف الفلسطيني والقانوني؟
بموجب القانون الدولي، لا يمكن لدولة محتلة أن تطرد قسرًا سكان الأراضي المحتلة، لأنها ملزمة بالحفاظ على التركيبة الديموغرافية للسكان، كما وبموجب القانون الدولي أيضًا لا يتمتع النظام القضائي الإسرائيلي بأي سلطة قانونية على السكان الذين تحتلهم. على الرغم من ذلك، وخلال السنوات الماضية أصدرت المحاكم الإسرائيلية قرارات تقضي بإخلاء عدة عائلات من منازلهم "بحجة أنها مقامة على أراضٍ يهودية."

إعلان

ولدعم الموقف الفلسطيني، أعلنت وزارة الخارجية الأردنية عن مصادقتها لـ 14 وثيقة جديدة تضاف إلى مجموعة من وثائق سابقة كانت قد سلمتها أيضا للجانب الفلسطيني، تؤكد حقوق أهالي الحي لأراضيهم وممتلكاتهم. وتظهر الوثائق عقود إيجار وكشوفات بأسماء المستفيدين ومراسلات، إضافة إلى نسخة من الاتفاقية التي عُقدت مع الأونروا عام 1954.

هل عمليات التهجير في حي الشيخ جراح مستمرة؟
لم تتوقف عمليات التهجير طوال السنوات الماضية، تم تهجير 43 فلسطينيًا في عام 2002 من بينهم عائلات حنون وغاوي في عام 2008 وعائلة شماسنة في عام 2017. ويعيش في هذه المنازل مستوطنين. وبين عامي 2008 و2009 تم إخلاء ثلاث عائلات فلسطينية من منازلهم في الحي الذي يقع فيه قصر المفتي أمين الحسيني، وحولته إسرائيل إلى كنيس يهودي، وتعمل على الاستيلاء على محيطه. وفي مطلع عام 2021، أصدرت محكمة اسرائيلية قراراً جديداً لاخلاء 4 عائلات من الحيّ هذا الشهر (الكرد، قاسم، جاعوني، سكافي)، و3 عائلات أخرى حتى أغسطس القادم (حماد، ديجاني، داودي).

قد تكون تجربة عائلة الكرد إحدى النماذج على معاناة الفلسطينيين في القدس، ففي عام 2001 قاموا ببناء منزل آخر مجاور لمنزلهم، ولكن السلطات الإسرائيلية صادرت مفاتيح المنزل الجديد وجاء مستوطنون واحتلوا المنزل الجديد عام 2009. حينها لم يكن أمام العائلة سوى نصب خيمة عند مدخل المنزل. وعندما أبدى نشطاء الدعم للعائلة، قام المستوطنون بمضايقتهم ورمي الفضلات عليهم، وبعدها قاموا بإضرام النيران في خيمة العائلة وحرقها.

وقال محمد الكرد -إبن هذه العائلة والذي يدرس حاليًا في نيويورك- في تصريحات صحفية "إن عائلته لا تستطيع تحمل تكاليف استئجار مكان آخر في القدس، وأن الخيار الوحيد أمامهم هو الانتقال إلى الضفة الغربية المحتلة، وبذلك سيفقدون إقامتهم في القدس ولن يسمح لهم بالعودة إلى المدينة أبدًا."

وطالبت البلدية الإسرائيلية في القدس المحاكم الإسرائيلية بإعادة تفعيل أوامر الهدم المتعلقة ب 119 مبنى يعيش فيه 1،550 فلسطينيًا في حي البستان في سلوان بالقدس الشرقية المحتلة، وإذا تمت الموافقة فإن سبعة من أصل 119 منزلًا سيتعرض للهدم الفوري، بالإضافة إلى وادي ياصول، حيث يوجد 84 منزلًا مهدد بالهدم لإفساح المجال لتوسيع حديقة وطنية إسرائيلية، وفي بطن الهوى من المقرر تهجير 700 شخص، لأن جمعية "عطيرت كوهانيم الاستيطانية" قالت إن يهوداً كانوا يعيشون هناك من قبل.